قال تعالي في سورة المائدة: إذ قال الله يا عيسي ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلي والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المعهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتي بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين,110] وإذ أوحيت إلي الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون,111] تحدد الآيات السابقة خمس معجزات لعيسي. الأولي: تكليمه الناس في المهد. الثانية: تعليمه التوراة.. وكانت التوراة التي أنزلت علي موسي قد اختفت تحت ركام التحويرات والتبديلات والتفسيرات والتخريجات المتعاقبة لفقهاء اليهود. الثالثة: تصويره من الطين كهيئة الطير ثم النفخ فيه فيكون طيرا.. الرابعة: إحياؤه الموتي. الخامسة: إبراؤه الأكمه( من ولد أعمي) والأبرص وهو المريض بجلده ولا شفاء له. وكانت المعجزة السادسة هي إنزال المائدة من السماء بطلب الحواريين وهناك معجزة سابعة وردت في سورة آل عمران, وهي إخباره عليه السلام بأمور غائبة عن حسه ولم يعاينها, فقد كان ينبئ صحابته وتلاميذه بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم.. من حق القارئ أن يتساءل: لماذا جاءت معجزات عيسي من هذا النوع؟ نعرف أن المعجزة أمر خارق يؤيد به الله تعالي نبيه, ولكي يكون التأييد متكاملا ينبغي أن تجيء المعجزة مناسبة لعصرها متفقة مع زمانها بحيث تؤثر في نفوس القوم, وتهز أعماقهم, وتجعلهم يؤمنون بأن صاحب هذه المعجزة نبي أرسله الله تعالي. لقد بعث عيسي لقوم ماديين ينكرون الروح تماما.. ووسط هذا العصر المادي.. كان منطقيا أن تجيء معجزات عيسي إعلانا لعالم الروح. المزيد من أعمدة أحمد بهجت