لاشك عندي أن ما بدأ يوم25 يناير2011 في مصر هو ثورة وليس مجرد مظاهرات أو احتجاجات. ثورة شعبية رائعة. لاشك عندي أن ثورة25 يناير في مصر هي أروع الثورات المصرية. فبينما كان لثورة1919 ولحركة الجيش يوم 23 يوليو1952 قيادة, انفردت ثورة25 يناير بأنها ثورة عظيمة. حركها شباب مصر ولم يحركها شخص بالتحديد. لاشك عندي أنها إهانة لهذه الثورة الرائعة النبيلة أن يجعلها البعض ثمرة للفقر ومعاناة الملايين من أبناء وبنات مصر. فهي أرفع وأنبل وأعلي من أن تكون ثورة خبز. فقد كان المصريون علي نفس المستويات الاقتصادية والاجتماعية خلال الفترات الرئاسية الثلاث الأولي للرئيس مبارك. أما الجديد الذي شاع وذاع خلال فترتي الرئاسة الرابعة والخامسة(2011/1999) فهو ذلك الحلف الكريه بين السلطة والثروة. هذا الحلف هو الذي كون موجة الغضب والتي وصلت لذروتها في سنة 2010 عندما زور رموز حلف السلطة والثروة انتخابات مجلسي البرلمان واختلسوا أكثر من%90 من مقاعد البرلمان لحزب لم تكن له في الحقيقة أية شعبية. كان أداء الإعلام الرسمي عند بداية ثورة الشباب يوم 25 يناير أداء مخزيا لأبعد الحدود. كان أداء معظم رجال الأعمال وتصريحاتهم منذ بداية الثورة أداء فاضحا لأدوارهم وانتماءاتهم المؤسسة علي أسس غير شريفة( ولا قانونية) بالمرة. كان أداء وزارة الداخلية المصرية منذ الدقيقة الأولي للثورة يوم25 يناير أداءا اجراميا يستوجب محاكمة عاجلة لكافة قيادات الداخلية الذين تعاملوا مع الثورة ومع أمن مصر بمثل تلك الطريقة التي ترقي لأفق خيانة الأمانة وخيانة المهمة وخيانة الوطن. كان تنظيم الحزب الوطني وعدد من رجال الأعمال لعملية اقتحام ميدان التحرير بعد ثلاثة أيام من بداية الثورة عن طريق مجموعة من أعوان الأمن من المخبرين ومعهم عدد من أصحاب السوابق وآخرون ممن حشدتهم شرطة السياحة من أهل منطقة الأهرام حضروا لميدان التحرير علي صهوة خيولهم وجمالهم في عمل أرعن مثل عقلية الحزب الوطني وعدد من أعوانه من التجار ورجال الأعمال وهي عقلية اجرامية في الأساس. وما أكثر المصريين الذين أبكاهم منظر راكبي الخيول والجمال وهم يحاولون اختراق صفوف جحافل الثوار في ميدان التحرير. فهو منظر جسد الحقيقة: التقدم ممثلا في الثوار وأدواتهم من الكمبيوتر والإنترنت والفيسبوك والتويتر, ومؤيدي النظام من المتشردين الذين جاءوا علي صهوة الخيول والجمال بتمويل من الحزب وأعوانه من التجار. كانت الثورة فرصة رائعة لاثبات كذبة كبري رددها الكثيرون من رموز الحقبة حول أن الإخوان المسلمين هم البديل الوحيد للأمر الواقع. فالإخوان حقيقة من حقائق واقعنا. ولكنهم مجرد فصيل من فصائل المجتمع. بل فصيل لن يحصل في أي انتخابات حرة لا يديرها الحزب الوطني علي أكثر من %20 من مقاعد البرلمان. الإخوان يأخذون ضعف حجمهم الحقيقي عندما تكون المقارنة( والمفاضلة) بينهم وبين الحزب الوطني. ومعلوم أن نظما عديدة في المنطقة تعيشت وتتعيش علي هذه الكذبة( كذبة أن نظما معينة هي البديل الوحيد لدولة الخلافة الإسلامية التي ستقيمها حكومة الإخوان المسلمين). * كانت ثورة 25 يناير مفاجأة كبري لكل دارسي الشرق الأوسط. فقد كان هؤلاء( بلا استثناء) يرددون أن الثورة في مصر وغيرها من المجتمعات العربية ستأتي إما من( العشوائيات) أو من( المسجد) أي أنها ستكون ثورة المحرومين أو ثورة الإسلاميين. وإذا بالثورة تأت من أبناء وبنات الطبقة الوسطي من خريجي الجامعات ومستعملي أحدث منتجات ثورة المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات.. وهؤلاء هم الذين مكنتهم تكنولوجيا العصر من أن يدركوا أمرين: حقوقهم كمواطنين وواجبات الحكومات. كما جعلتهم التكنولوجيا يدركون الفوارق الكبيرة بين( الحكومات الحاكمة) و(الحكومات الخادمة) كانت الثورة فرصة رائعة لأن يعبر الشعب عن رفضه أن تشارك أسر الحكام في حكم الشعوب. وعندما كنت أسير وسط ميدان التحرير كنت ألمس نشوة الشباب( ونشوتي) بأغنيات الشباب المجسدة لرفض الشعب لفكرة الحكم الأسري. * كانت الثورة فرصة رائعة لأن يظهر للعالم أن الكثيرين من أفضل أبناء وبنات مصر هم مع الحرية ومع الثورة. وأذكر أنني دمعت عيناي عندما وجدت نفسي وأنا في قلب ميدان التحرير ذات يوم من أيام الثورة وجها لوجه مع شخصيات مصرية عالمية مثل الدكتور ممدوح حمزة والدكتور محمد غنيم مؤسس مركز الكلي بالمنصورة, وأستاذ الطب المعروف الدكتور محمد أبوالغار.. وعشرات غيرهم. عندما هجمت سيارات الأمن علي المواطنين( في الأيام الأولي للثورة) لدهسهم فوق جسر( كوبري) قصر النيل, فقد اذهلني( قليلا) اجرام رجال الأمن وهم يحاولون صدم أكبر عدد من أبناء وبنات مصر بسياراتهم الضخمة, وأذهلتني( كثيرا) شجاعة أبناء وبنات مصر الذين حاصروا السيارات التي قتلت بعضا منهم ولم يكن قرارهم هو الفرار والنجاة بأنفسهم. هذه الروح المقدامة روح مصرية أصيلة حاول القهر السياسي والافقار الاقتصادي اجتثاثها من جذورها ولكن ثورة52 يناير اعادت لهذه الروح شبابها ونضارتها. أخيرا, فانني أقول لكل من يحاول قص أظافر هذه الثورة وتحجيمها والالتفاف حولها أو اقتناصها انكم ستفشلون لا محالة وستدخل أسماؤكم أسود صفحات التاريخ مع أعضاء الطغمة التي كونها وأحد أسوأ ما جري في تاريخنا المعاصر, وأعني حلف السلطة والثروة.