نشرت الاهرام بصفحتها الاولي يوم الاحد9 يناير الحالي تصريحا لمحافظ القاهرة د. عبدالعظيم وزير يقول فيه: ان الاوبرا القديمة ستعود الي مكانها القديم خلف تمثال ابراهيم باشا في ميدان الاوبرا بمنحة من ايطاليا, بعد ازالة الجراج المتعدد الطوابق, وذلك ضمن خبر كتبه الزميلان عبدالهادي تمام ومحمد عبدالسلام عن عدد من المشاريع المهمة للعام الجديد تعود بها الحياة الي رموز ثقافية وفنية وحضارية بالعاصمة بينها ايضا حديقة الازبكية. وفيما يخص الاوبرا الجديدة.. فإنا نرحب بها.. ولكن؟ عندما اقام الخديوي اسماعيل منذ نحو051 سنة دار الاوبرا التي احترقت في اكتوبر1791 كان تعداد سكان كل مصر أيامها اقل من خمسة ملايين نسمة. وكانت اقامة تلك الاوبرا ضمن صروح وانشاءات حضارية عديدة لتتحول بها مصر الي دولة لا تقل جمالا عن الدول الاوروبية وعواصمها ولذلك فقد تم ردم بركة الازبكية التي كانت تشغل معظم منطقة العتبة وتمتد حتي قرب بولاق بطمي النيل بارتفع مترين, وانشأ حديقة الازبكية علي مساحة02 فدانا وغرس بها الاشجار النادرة المستوردة من جميع انحاء العالم. واقام بها جبلاية جلب لها الصور الملونة الجميلة واحاطها بسدود كانت له أربعة ابواب. اما باقي الارض فقد اقام عليها دار الاوبرا وميدان ابراهيم باشا الذي يتوسطه تمثاله واحاطه بشوارع من جهة الشرق ذات بوائك تتناغم وتتناسق مع البوائك بالشارع الذي تصلك عليه الاوبرا من الخلف حيث ابواب دخول فناني الاوبرا والعاملين بها. ولكن وبعد نحو قرن ونصف القرن يمران علي إقامة دار الاوبرا الخديوية حدث تغير كبير لمصر وللمنطقة التي اقيمت بها الاوبرا فبعد ان كان تعداد مصر كله5 ملايين نسمة أصبح تعداد القاهرة وحدها خلال ساعات النهار نحو52 مليون نسمة واصبح السكان والمتعاملون بمنطقة وسط القاهرة والاوبرا القديمة يزيد علي كل سكان مصر وقت تحديثها في عهد اسماعيل ولذلك تغيرت المنطقة تماما. فالحديقة الساحرة ذات الجبلاية وكشك الموسيقي انكمشت لتصبح اثارا تتخللها شوارع اسفلتيه ومحطة مترو ينزل اليها ويصعد منها الملايين يوميا. وبذلك اصبحت المنطقة من اكثر مناطق القاهرة ازدحاما وتكدسا بعد ان كانت اكثرها هدوءا وجمالا ومن اهدأ المناطق وارقاها بما في ذلك بولاق التي كانت سكنا لاثرياء مصر ومشايخها الكبار. واليوم وحتي نوقف نزيف الانفاق علي البناء ثم هدم ما نبنيه, لنبني غيره فليس من المعقول هدم جراج الاوبراالذي انفقنا عليه الكثير والكوبري الموصل الي شارع الازهر من اجل اقامة الاوبرا القديمة في موقع ما عاد يصلح لها بعد ما اوضحناه عن التغيير الكبير الذي اصاب المنطقة. ان الاوبرا الجديدة التي ستبني بمنحة ايطالية لتأخذ شكل دور الاوبرا الكلاسيكية المعروف والتي كانت دار اوبرا القاهرة التي احترقت احداها, يجب اقامتها في مكان يناسب الدور المخصصة للفنون الراقية الرفيعة وهذا المكان يجب أن يكون متميزا بالجمال والهدوء وطرق الوصول اليه متيسرة لا تمر بعشوائيات مع اهمية ان يكون حوله مكان يكفي السيارات الخاصة للقادمين لمشاهدة الاوبرا لانه ستكون مهزلة ونكته سخيفة ان تقيم دارا للاوبرا في نفس المكان القديم للاوبرا المحترقة لمجرد الارتباط العاطفي بمكان ومنطقة اصبحت شيئا متخلفا تماما عما كانت عليه في منتصف القرن التاسع عشر. ان الاوبرا الجديدة من الممكن مثلا ان تكون في إحدي مناطق مدينة نصر او المعادي الجديدة.. حيث انعدام التلوث والبيئة الصحية والفراغ الخالي من الزحام او في مدينة الاسماعيلية او في الطريق اليها خاصة وانها تنسب الي اسماعيل باشا مؤسسات ومنشآت مصر الثقافية وقصورها وحدائقها وشوارعها الكبيرة المهمة. او قريبا من المتحف المصري الكبير بالجيزة والذي سيكون اكبر المتاحف في العالم. ان متحفا اثريا كهذا يحتاج الي المزيد من المؤسسات الثقافية والفنية بالقرب منه. كما كان الحال عندما انشأ اسماعيل المتحف المصري في قلب القاهرة قريبا من الاوبرا وسائر العديد من المؤسسات الثقافية والحضارية الحديثة الاخري.