انتشرت في الفترة الاخيرة جرائم خطيرة باستخدام الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة, وهو ما استدعي صياغة مشروع قانون بحثه مجلس الوزراء أمس الأول لتغليظ العقوبات التي ينص عليها قانون العقوبات في مثل هذه الجرائم. وتأتي هذه الخطوة استجابة لمطالب المواطنين الذين يتعرضون لهذه الجريمة ويصبحون ضحايا لمرتكبيها, وكذلك لمطالب خبراء القانون, والمسئولين عن المصنفات الفنية بعد أن عجزت العقوبات الحالية عن ردع من تسول له نفسه ارتكاب هذه الجرائم. وفي محاولة لرصد آراء الخبراء بهذا الشأن توضح د. فوزية عبدالستار أستاذ القانون الجنائي ورئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب سابقا أنه ليس لدينا قانون يجرم جرائم الإنترنت بصفة خاصة, ولكن في كثير من الأحوال تدخل هذه الجرائم تحت نطاق قانون العقوبات, فأغلب التشريعات تعتمد علي قانون العقوبات في الأصل, وكذلك في الجرائم التي تصلح في التطبيق علي جرائم الإنترنت, مثلما لو قام شخص بالتشهير بالآخر علي الإنترنت فهذه الوسيلة تعتبر وسيلة شديدة العلانية وبالتالي يعتبر السب والقذف سبا وقذفا علنيا وتطبق فيه قواعد قانون العقوبات حسب التكييف القانوني للجريمة وتلك الجريمة يمكن ان تقع عبر الإنترنت لأنها تعتبر من وسائل العلانية وهي شرط لجريمتي القذف والسب ولمن لايعرف فإنه يعتبر من يرتكب جريمة القذف هو من أسند لغيره بواسطة إحدي طرق العلانية أمورا لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه, ويعاقب بالقذف بغرامة لاتقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد علي عشرة آلاف جنيها, وتشدد العقوبة إذا وقعت في حق موظف عام او شخص له صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة وكان القذف بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة لتصبح العقوبة من10 آلاف جنيه كحد أدني الي20 ألف جنيه كحد أقصي.. أما السب فمعناه الفعل الذي لايشتمل علي إسناد واقعة معينة انما يتضمن خدشا للشرف أو الاعتبار, وعقوبته إذا تم عن طريق إحدي وسائل العلانية هي غرامة لاتقل عن2000 جنيه ولا تزيد علي عشرة آلاف جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين. وتري د. فوزية عبدالستار أن هذه العقوبات لاتكفي للجرائم التي ترتكب عن طريق الإنترنت الآن لصعوبة الوصول للجاني واتساع انتشار الجريمة اتساعا شديدا حيث إن نطاق العلانية أوسع بكثير, فأي جريمة قذف أو سب تتم في الطريق العام أو إحدي وسائل الإعلام أمرها هين لكن الإنترنت تمثل الجريمة فيها خطورة علي السمعة والأعراض فضلا عن أن انتشارها الواسع يهدر كرامة المجني عليه وربما شرفه, لذا لابد من تدخل المشرع لتشديد العقوبة ولو اقتصر التشديد علي السب والقذف عن طريق الإنترنت, فيعتبر ظرفا مشددا للعقوبة في هذه الحالة, كما يجب نشر الحكم الصادر بالإدانة علي الإنترنت كرد اعتبار وردع للآخرين, كعقوبة تكميلية معروفة في قانون العقوبات, فكما تمت الجريمة علي النت يتم نشر العقوبة علي النت أيضا, كما يجب أن يكون هناك تعاون بين الدول في ملاحقة مثل هذه الجرائم لأنها جرائم لم تكن ترتكب في الماضي بهذا الشيوع وهذا الانتشار, بحيث يكون علي الدولة التي تعلم بارتكاب هذه الجريمة أن تلاحق الجاني وتوقع عليه العقوبة وفقا لمبدأ عالمية النص الجنائي, ودون هذا التعاون تنتشر الجرائم وتشيع الفاحشة. بوابة سهلة د. حسام لطفي أستاذ القانون المدني جامعة القاهرةبني سويف يري أن الانترنت ساحة بلا قواعد ولا قوانين, مثل سوق الثلاثاء حيث يأتي كل ببضاعته ويجلس في مكان محدد أكثر من مرة ليعرفه الناس وتعتاد عليه وتذهب إليه, كذلك المواقع الثابتة علي الإنترنت في أي دولة, لا توجد قيود من أي نوع تنظمها, وبالتالي أصبح الإنترنت بوابة سهلة لطرح اي خبر سواء كان حقيقيا أو كاذبا, أو الهجوم اللا أخلاقي علي بعض الأشخاص من خلال تعديل صورة فوتوغرافية أو فيديو لتغيير وتزييف الحقيقة, ويمكن من خلال الإنترنت أيضا السب دون أن يكون هناك دليل علي من قام بهذا, وهو ما يلجأ إليه البعض لأن السب من خلال التليفون أصبح من السهل إثباته والوصول للمتصل لكن الإنترنت يصعب فيه هذا الأمر. ونحن الأن في فترة مخاض نمر بها, لأن الناس كانوا في الماضي منغلقين وفجأة جاء انفتاح علي العالم بأكمله دون أن يعلموا أن هناك قيودا, وهو ما سوف يأخذ وقتا للتطور مابين الفوضي الي التنظيم ثم احترام الذات والأخرين, خاصة أن نوعية المتعامل علي الإنترنت في هذه الحالات قد يكون طفلا أو شخصا تفكيره طفولي. والقيود الحقيقية كما يري د. حسام لطفي لن تقوم إلا علي أساس من التطور الأخلاقي والحضاري والارتباط بالدين والعادات والتقاليد وهذا ليس موجودا علي شبكة الإنترنت, ولكن من الناحية القانونية فليس لدينا أي بروتوكولات تعاون دولية, وليست هناك أية قواعد قانونية, فالموجودة حاليا تعاقب أفعالا ولا تعاقب تقنيات, أمنيا فقط كل دولة تستطيع فرض قيود علي بعض المواقع فتمنع الدخول عليها وهذا أمر يستلزم تعاونا بين الوزارات والحكومات في دول العالم, والجرائم المستحدثة مثل جرائم الإنترنت تتطلب تدخل المشرع بين لحظة وأخري, لتجريم هذه الصور المستحدثة مثل تغيير معلومة أو تركيب صورة علي صورة أخري أو استخدام صوت لقول زور أو الإساءة للأطفال. مشروع قانون ويختتم كلامه قائلا تجدر الإشارة إلي أن هناك مشروع قانون وضعته هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات منذ ثلاث سنوات ولم ير النور حتي الآن وقد يكون من المفيد أن يكون له الأولوية ليعرض علي مجلس الشعب في الفترة القادمة حتي نواجه هذه المشكلات الغريبة وغير المبررة التي تستجد يوميا من خلال عقوبات مشددة وفقا للمعايير التي وضعتها دول العالم ولدينا صياغة تشريعات أوروبية وإقليمية ووطنية لردع مرتكبي هذه الجرائم, كما يجب أن يكون هناك تعاون أمني عربي في مجال مكافحة مواقع الإنترنت التي تتضمن بيانات او معلومات أو مضامين غير مشروعة أو نشر تقارير سرية خاصة بالدول تم الوصول إليها من خلال مشروع قومي مثلما حدث في حادثة ضرب برجي أمريكا فقد حصل البعض علي المعلومات من خلال صور البرجين علي النت ودرسوا نقاط الضعف فيهما وتم الهجوم, فالبعض من الناس يستغلون الجانب المظلم من التكنولوجيا دون الإستفادة من جانبها المشرق الذي وجدت أساسا من اجله. المقاومة بالتوعية ولأن المشاهير والإعلاميين والفنانيين أكثر من يعانون من الأخبار الخاطئة علي الإنترنت كان لابد من سؤال د. سيد خطاب رئيس جهاز الرقابة علي المصنفات الفنية الذي أجاب قائلا إن واحدة من آفات شبكة المعلومات الدولية حرية طرح المعلومات بشكل عام وتزييف الحقائق واختلاق المواقف وتركيب صور غير حقيقية, فمن الممكن أن يقوم البعض بإختلاف صور قد تسيء للسمعة وتشوه سيرة الناس وأعمالهم, وبالفعل المشاهير والفنانون أكثر من يعاني من الأخبار الكاذبة ونعاني من هذا معاناة شديدة لدرجة أننا قمنا بعمل خطوط اتصال مباشرة لتصحيح المعلومات لمقاومة هذا النوع من الأفكار والأخبار الكاذبة.. كذلك نجد أن الموقع الاجتماعي الشهير فيس بوك أحيانا يقوم بعمل حظر علي المكان الذي يستخدمه الناس استخداما سيئا, او يبالغ في عدد الصداقات أو يرسل رسالة مزيفة للحصول علي أموال أو الاحتيال ومعرفة أرقام الحسابات الخاصة بالبنوك لبعض المواطنين لسرقتهم أو الأموال وقد يتم الاعتداء علي مواقع البنوك أو المواقع الرسمية للدول. وأضاف أن شبكة الانترنت من خلال مؤسس الموقع, والمؤسسات بشكل عام تتحكم بالمواقع التابعة لها ويقوم المسئولون فيها بغلق الموقع في حالة التجاوز, ولكن الرقابة علي التجاوز في سوء المعاملات وليس علي التجاوز اللاخلاقي لأن الأخلاق تختلف من مكان لآخر, وليس لدينا قانون يحكم هذه المسألة بأي شكل من الأشكال, وأعتقد انه لو تم وضع قوانين ومحددات فسوف يمكن اختراقها. ويري سيد خطاب أنه لابد من حملة توعية كاملة للمواطنين مع الأخذ في الاعتبار أن أغلب مستخدمي الإنترنت من الشباب وحالات التحريض عليه والفساد الدائم معظمها منهم, لذا يجب أن تكثر التوعية في المدارس والجامعات من خلال تشكيل مجموعات من الشباب الواعين ومعاونة مؤسسات كبري للعمل في الاتجاه المضاد للمفسدين فالأفكار الخاطئة دائما تقاوم بالأفكار الصحيحة لتفقد الأولي مصداقيتها, فإذا القوانين فإن تم الإفكار والتوعية يمكن ان تحل جزءا كبيرا من المشكلة. [email protected]