25 فنانا شاركوا في أعمال الدورة الثالثة لملتقي الأقصر الدولي للتصوير الذي استمر14 يوما وأثمر عن50 لوحة بعضها عبر عن الأقصر من خلال عيون الفنانين الذين اعتبروا أن الفترة التي أقيم فيها الملتقي كانت أقصر مما ينبغي وهو ما يعكس مطلبا نتقدم به للمهندس محمد أبوسعده مدير صندوق التنمية الثقافية بأن تطول الفترة في الدورات القادمة, علما بأن الفترة التي كانت محددة مسبقا ثلاثة أسابيع تقلصت إلي أسبوعين فقط. ويضيف الفنان إبراهيم غزالة قومسير عام الملتقي شارك فيه11 فنانا من مصر و4 فنانين من تونس والأردن والسعودية وسوريا, و10 فنانين من بعض دول آسيا وأوروبا وأمريكا واستراليا, وعقدت خلال الملتقي9 ندوات عرض فيها الفنانون المشاركون انجازهم الفني لتحقيق التواصل بينهم, كما علق بعض النقاد التشكيليين خلال الندوات علي الأعمال والمستوي التنظيمي والإمكانات, وطالب بعضهم بأن تمتد دورة الملتقي إلي شهر علي أن يخصص الأسبوع الأول ليتعرف الفنانون علي الأقصر وأهلها وآثارها ويتفاعلوا معها ويقتربوا منها أكثر ويلتحموا بالمكان والناس فيحدث التواصل, والبعض الآخر طالب بتمثيل الأجيال الشابة ضمن المشاركين من الفنانين, وأن تزيد مشاركة الفنانين العرب, وتأكيد أهمية دور الناقد المصاحب للملتقي في الإعداد للدورة والكتاب التوثيقي للفنانين المشاركين وأعمالهم علي أن يتم اختياره وفق معايير موضوعية وليست عشوائية قبل الدورة بأيام.. الملتقي واجه مشاكل مالية رغم أن ميزانيته بلغت مليون جنيه, لكن هذا الرقم ينبغي أن يتضاعف في الدورات القادمة خاصة وأن صندوق التنمية الثقافية خصص ميزانية أولية تبلغ10 ملايين جنيه لبدء بناء مراسم القرنة الجديدة تمهيدا لعقد فعاليات الدورة الرابعة فيها بالبر الغربي لخلق تأثير أقوي علي الفنانين لأنها تحمل روح الأقصر.. وهو ما يستلزم أيضا زيادة الميزانية المخصصة للفعاليات والخامات مع تشجيع الفنانين علي استخدام خامات من البيئة بالأقصر كما فعلت الفنانة الإيرلندية كاترين بولند التي استهلمت من بيئة الأقصر خاصة الحجر الجيري في أعمالها. الدورة الثالثة للملتقي شهدت تكريم ثلاث شخصيات أولها شيخ التشكيليين العرب الفنان الدكتور محمد طه حسين, والثاني رجل الاقتصاد نجيب ساويرس بإدراكه لمسئوليته الثقافية والتنويرية, والثالث الناقد الفنان د. صبحي الشاروني صاحب المدرسة الجديدة في النقد الفني الصحفي. أما الدكتور محمد طه حسين فهو من الرواد حتي أننا نجده الأول دائما.. فهذا لقب يسبقه في عدة مجالات: أنه أول من طبق مبادئ الجماليات البيئية في كلية الفنون التطبيقية عندما كان عميدا لها.. وهو صاحب أول تطوير شامل علي المستوي الجامعي, وهو أول من نقل البارهاوس أو بيت العمارة إلي مصر, وكان أول فنان مصري يتخصص في دراسة تاريخ الفن المقارن في جامعة كولونيا وهو أول نقيب لمصممي الفنون التطبيقية ومؤسس النقابة, ومن مؤسسي أولي المحاولات والتجارب المصرية للكتابات العربية في الفن بأكاديمية دوسلدورف, وله الفضل في أولي تجارب الجرافيك الملون بمصر, وصاحب أولي تجارب الخزف الحائطي الأسود بالإسكندرية, وله أول أعمال الخزف الإنشائي( المركب) بمصر, ومؤسس أول مجلة عن الفن التطبيقي في مصر, ومؤسس وأول رئيس عام لمؤتمر التصميم والبيئة بجامعة حلوان, وأول من قام بعمل نظام الإشراف الأكاديمي المشترك بين مصر وألمانيا, وهو صاحب مشروع( التفكير بالفن). وقد كان لنشأة د. محمد طه حسين بحي الجمالية الذي يعد متحفا مفتوحا تأثيرا كبيرا في شخصيته الفنية, كما تعرف في هذا الحي العريق علي شخصيات فنية وفكرية رائدة أمثال جمال السجيني وسيد عبد الرسول وأديب مصر العالمي نجيب محفوظ والمفكر محمود أمين العالم وغيرهم, كما تأثر بالفنان الشعبي الذي كان يرسم علي الجدران وأبواب المحلات والبيوت, وأصقل موهبته وحبه للفن بدراسته بقسم الزخرفة والخزف بكلية الفنون التطبيقية( الكلية الملكية) عام1946, وهناك تعرف علي نخبة من كبار أساتذة الفن مثل سعيد الصدر ومنصور فرج وصالح الشيتي وانطون حجار وأحمد راغب وحسن محمد حسن وعزت مصطفي. ومع أنه كان الأول علي دفعته بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف إلا أنه لم يعين معيدا بالكلية نظرا لقيام الثورة وقرار وزير المعارف الدكتور طه حسين غلق باب التعيينات في هذا العام, فالتحق بالمعهد العالي للتربية الفنية ودرس علي يد عمالقة فلسفة الفن وعلم النفس والتربية ومنهم يوسف العفيفي وحامد سعيد وحسين أمين فكانت هذه إضافة قوية لدراسته الأكاديمية بكلية الفنون التطبيقية سمحت له بالاحتكاك بالمفكرين والمثقفين وأساتذة التربية وعلم النفس والتربية الفنية, ثم درس فلسفة الفنون وعلومها علي يد أصدقائه العائدين من بعثة بالخارج أو الأساتذة بالداخل ومنهم سعيد خطاب ومصطفي الارنؤوطي وكمال عبيد وغيرهم من مجموعة المبشرين بالثورة الفكرية والفنية بمصر, وفي تلك الفترة استأجر أول مرسم له بالقاهرة ليمارس إبداعه فحصل علي أول جائزة وأغلاها في تقديره وهي جائزة مختار للنحت عام1952 فهي أهم جائزة تشكيلية في مصر آنذاك وكانت بداية لحصاده العديد من الجوائز فيما بعد, وعمل مدرسا للرسم ثم حصل علي بعثة لدراسة الفن في ألمانيا وكانت تلك أول بعثة مصرية لدراسة الفن في بافاريا بجنوب ألمانيا وهناك حصل علي الماجستير ثم الدكتوراه, وكان لصداقته مع الفنان أحمد ماهر رائف الذي التقاه بألمانيا أثر كبير علي الكتابات الرائعة في الفن التشكيلي حيث وجد أن الكتابات الحروفية العربية مصدر ثري بالجماليات فاقتحم ذلك المجال منذ عام.1958 أما تكريم الملتقي لرجل الاقتصاد نجيب ساويرس فهو أقرب ما يكون إلي دعوة لكل رجال الأعمال والمال والاقتصاد الوطنيين للقيام بمسئوليتهم الثقافية ودورهم في التنوير وأن يشاركوا في الأعمال التي تخدم وطنهم ومجتمعهم حتي يلقوا التقدير والتكريم ويؤدوا واجبهم الوطني.. وأن يكون من رجال الأعمال المستنيرين الذين يعملون علي النهوض بالتراث الثقافي والفكري لوطنهم والدفاع عنه ضد محاولات النيل منه, وأن يشجعوا المبدعين في مجالات الفن والثقافة والأدب والابتكار. أما الناقد الفنان الدكتور صبحي الشاروني فقد قدم عصارة فكره وروح موهبته لمحبي الفنون التشكيلية وتتلمذ علي يديه جيل كامل من النقاد والباحثين والمؤرخين للحركة الفنية بمصر والوطن العربي ويعتبره الكثيرون بمثابة المرجع الأساسي المتكامل الذي يمشي علي قدمين للحركة الفنية بمصر, وله السبق في وضع صورة محددة للنقد الفني بالصحف والمجلات العربية بأسلوب مبسط سهل علي القارئ العادي والمتخصص أيضا فأصبحت له مدرسته الصحفية للكتابة النقدية التشكيلية التي انتشر خريجوها الذين ساروا علي دربه في معظم الصحف والمجلات العربية. أيضا هو صاحب الفضل في التوثيق والكتابة عن دقائق حياة وأعمال المبدعين التشكيليين بالكلمة والصورة وأرشفتها والربط بين المؤثرات المحيطة بالفنان وبين التغيرات التي تحدث في إنتاجه الفني, وله العشرات من الكتب الفنية المتخصصة والصفحات النقدية في الصحف والدوريات بجانب إسهاماته الأدبية, مع تميزه أيضا في فن التقاط الصورة التي تعتمد علي التوثيق والجمال, فلوحاته المصورة تكشف عن معلومات يمكن الاستعانة بها في البحث العلمي دون أن تسقط من الحساب الزاوية الجمالية التعبيرية للمشهد المراد تصويره.. ومؤلفاته لها تأثير عميق وواسع علي الحياة الفنية بمصر والوطن العربي.