.. وكان ذلك حين كانت عاصمة الامبراطورية العباسية منذ أكثر من0021 سنة, وقد نشرت جريدة الأوبزرفر اللندنية مقالا بهذا العنوان بقلم أستاذ جامعة سوري, ويعود بنا الكاتب الي فترة حكم أبوجعفر المأمون الذي يصفه بأنه الحاكم المسئول عن أعظم فترات العلوم والأبحاث منذ اليونان القديمة, وفي القرن الثامن حين كانت أوروبا تعيش في ظلام العصور الوسطي, كانت الامبراطورية الإسلامية تغطي مساحة أكبر من الامبراطورية الرومانية في عز مجدها, أو الأراضي التي قام بغزوها الإسكندر الأكبر, وقد كانت الامبراطورية الإسلامية علي درجة من القوة والتأثير السياسي حتيN ن الفترة منذ007 عام كانت لغة العلوم هي اللغة العربية. ويشرح المقال أن المأمون حين كان أميرا قبل توليه الحكم, كان يعرف بغداد في أوج عزها, مدينة جميلة مشهورة بالعمارة العباسية بأقبيتها وأعمدتها, بحيث كانت أكبر مدينة في العالم بلغ عدد سكانها أكثر من مليون نسمة, ولم يكن المأمون وحده هو الذي شجع العلم والعلماء ولكنه بلاشك, علي حد قول كاتب المقال, أكثرهم ثقافة ومعرفة وحماسا وشغفا بالعلم, كان قد حفظ القرآن وهو شاب ودرس تاريخ الإسلام, وكان يحفظ الشعر ويلقيه ودرس أصول اللغة والرياضة, وبالإضافة الي ذلك درس الفلسفة دراسة متعمقة وما كان يسمي في ذلك الوقت علم الكلام مما أعطاه القدرة علي الدخول في مناقشات مستفيضة مع العلماء اليهود والمسيحيين الذين عاصروه والذين سبقوه بدراسة كتابات فلاسفة اليونان القديمة, مثل أفلاطون وأرسطو طاليس, والذين كانت أعمالهم قد ترجمت الي العربية بحلول القرن التاسع الميلادي. وتمتاز فترة حكم المأمون بروح الانفتاح علي الثقافات والحضارات الأخري, مما دعا العديد من الدارسين من جميع أنحاء العالم الي التوجه الي بغداد التي كانت تمتاز بحرية التعبير والتفاؤل, وكان المأمون يدعو الي قصره كل أسبوع الأدباء والمفكرين وينظم لهم المآدب ويبدأ معهم في مناقشات موضوعات معرفية وعلمية سواء في الدين أو الرياضيات, كما كان يرسل مبعوثين الي القسطنطينية للحصول علي مخطوطات قديمة في مختلف العلوم, وكان من أهم هؤلاء المبعوثين سلمان الذي استطاع أن يحصل علي بعض تلك المخطوطات النادرة, ومن المعروف أن المأمون كان يطلب من الملوك الذين يهزمهم أن يقدموا له الكتب بدلا من الذهب, وقد استطاع أن يكون مجموعة واسعة من الكتب المهمة أمر بترجمتها الي اللغة العربية وأمر بدراستها دراسة عميقة, وقد كون في ذلك الوقت مركز علم أطلق عليه اسم بيت الحكمة, كان مسئولا عن ذلك النشاط العلمي, وكان عهده عصرا ذهبيا للمعرفة, وللأسف, كما يذكر كاتب المقال, لا يعرف مكان ذلك المركز أو كيف كان شكله, بل ان بعض المؤرخين يشككون في المغالاة عن دوره ولكن بدون شك استطاع بيت الحكمة أن يصبح مركزا لذلك العصر الذهبي الذي لا يقل أهمية عن عصر الإسكندر الذي سبقه بألف عام. وقد نما وتطور بيت الحكمة حين أضاف مخطوطات من اليونان وفارس والهند, والتي ترجمت الي اللغة العربية, وقد زاد في هذا التطور اختراع الورق للكتابة, وقد عرف العرب الورق من أسري الحرب الصينيين, وبحلول منتصف القرن التاسع أصبحت بغداد مركز العالم المتحضر جاذبة إليها أهم الفلاسفة العرب والفارسيين والعلماء من جميع أنحاء العالم. ومن أهم مترجمي تلك الفترة حسين أبن اسحق(908 778) الذي أمضي سنوات عديدة في أسفار حول العالم بحثا عن المخطوطات الإغريقية, وكان من أهم تلك المخطوطات أعمال جالينGalen الطبية التي عرفتها أوروبا عن طريق الترجمة العربية لها, وهناك أيضا مفكر آخر ألحقه المأمون بدار الحكمة وهو الكندي(108 378) والمعروف باسم فيلسوف العرب وكان من علماء الرياضة, وكان أول منظر للموسيقي في الامبراطورية الإسلامية ولكن شهرته ترجع الي أنه أول من قدم فلسفة أرسطوطاليس الي العالم العربي واستطاع أن يربط بينها وبين الدراسات الإسلامية, ومن ثم أوجد حوارا بين الدين والفلسفة استمر لمئات من السنين. ومن الشخصيات المهمة الأخري محمد بن موسي الخوارزمي, ومن المعروف أن المؤرخ الغربي المشهور جورج سارنون في كتابه تاريخ العلوم يقسم تاريخ العالم من القرن السادس قبل الميلاد ويخصص نصف فصل لكل قرن وهو يعطي للفترة ما بين008 الي058 اسم زمن الخوارزمي, ومن المعروف أنه مع الكندي مسئول عن تعريف العرب بالنظام الرقمي الهندي الذي نستعمله الآن, وأهم أعماله كتاب الجبر الذي يعد أول ما قدم في هذا العلم. وقد عرف عصر المأمون بأعمال أخري بالإضافة الي تلك الكتابات العلمية وبيت الحكمة, فقد أمر ببناء أول مرصد في بغداد في أوائل القرن التاسع ويعد المرصد أول مشروع علمي تموله الدولة في العالم, كما أنه جمع عددا من علماء الرياضة والفلك والجغرافيا وكلفهم بإيجاد طريقة لقياس الأرض, ومن ثم يعد أول من مول العلم الكبير وقد تعرض الفيلسوف الكندي لمؤامرة علي أيدي اخوان بني موسي الذين شعروا بالحسد من مكتبته الخاصة وأقنعوا الخليفة المتوكل(748 168) بطرده من بيت الحكمة وقضي بقية حياته وحيدا مهجورا. ولكن فلسفة الكندي تم احياؤها في القرن العاشر علي يد الفيلسوف التركي الفارابي, الذي استمر في عملية أسلمة الفلسفة الإغريقية والذي سلم العملية بعد ذلك الي اثنين من العلماء الذين ذاع صيتهما في أوروبا, وكان لهما تأثير علي مفكري عصر النهضة وهما ابن سينا(089 7301) وابن رشد(6211 8911), وابن سينا معروف بكتابه عن الطب الذي أصبح المرجع في عصر النهضة في أوروبا حتي القرن السابع عشر, كما يعد ابن رشد الذي ولد في قرطبة آخر الفلاسفة المسلمين. وهناك العديد من علماء الإسلام الذين قدموا الكثير للفكر الغربي ومنهم ابن الهيثم الذي يعد من أعظم علماء الطبيعة في فترة0002 عام بين ارشميدس ونيوتن, والباروني الذي يعد دافنشي الإسلام, وابن خلدون المعروف بأنه أب علم الاجتماع الحديث والنظرية الاقتصادية. إن هؤلاء العلماء لا يقلون مكانة عن أرسطو طاليس وجاليليو ونيوتن. وينهي الكاتب المقال بأن مكتبة الاسكندرية لم تكن مجرد مجمع للكتب, بل كانت مركزا لجذب علماء العالم ومفكريه ويقول إن رعاية البطالسة المصريين للعلماء حين قدموا المعونات المادية والرحلات والاقامة لهم لا يختلف عما تقدمه الآن منح البحوث الحكومية ومراكز الجامعات ويضيف: أرجو أن نذكر المسلمين اليوم بتراثهم العلمي وأن معرفتنا الحالية بالعالم يعود الفضل فيها الي هؤلاء العلماء العظام مما يجعلنا نشعر بالفخر. مسلسل بليغ حمدي منذ أكثر من سنتين عرض علي مسلسل عن أخي بليغ قرأته بإعجاب ووافقت عليه, وتم اختيار المخرج المشهور مجدي أحمد علي لإخراجه, وأذكر أنه تم اختيار من يقوم بدور بليغ, والآن مر عامان أو أكثر وعلمت أخيرا من المخرج أن المسلسل لم يوضع ضمن خطة مدينة الإنتاج, وقرأت في نفس الوقت قرب البدء في مسلسلين لتحية كاريوكا وصباح, وهما لاشك من نجوم العالم الفني في مصر بل في العالم العربي, ولكن ألا يستحق مسلسل بليغ نفس الاهتمام, إني أعرف أن مقدم الأجور دفع فعلا وكل شيء جاهز للضوء الأخضر, ولا أعرف من الذي يعطي أمر البدء, اني لا أكتب هذا لأن بليغ أخي بل لأنه من أعمدة الموسيقي والغناء ليس في مصر وحدها بل في العالم العربي, حرام والله, لقد ظلم بليغ في حياته فهل سيظلم الآن بعد رحيله؟!