حشد الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف, الآلاف من ائمتهم ودعاتهم في كل أنحاء مصر, وانطلقوا يعلنون تصديهم لأي محاولة للمساس ببيوت العبادة, وتوافدوا علي الكنائس, فتشابكت أيادي الأئمة مع القساوسة في ملحمة ايمانية رائعة, معلنة التحدي لاصابع الفتنة والإرهاب الأسود, مؤكدين حرصهم علي أن تدق اجراس الكنائس مع اصوات المؤذنين ليلة عيد الميلاد المجيد. وفي الوقت الذي تعالت فيه الإصوات لتناشد المصريين حماية الكنائس المصرية من خطر الإرهاب الأسود, ناشد الإمام الأكبر ووزير الأوقاف وعلماء الأزهر جموع المسلمين بحماية الكنائس ومشاركة الإخوة الأقباط فرحتهم بالأعياد. واستعد الأئمة والخطباء لإلقاء خطبة الجمعة حول واجب المسلم في حماية دور العبادة وتأمين المترددين عليها, وما أقره القرآن الكريم وصدقته السنة النبوية المطهرة, وإدانة الإرهاب الأسود, والتأكيد علي أخوة الأقباط والمسلمين, وحرمة النفس البشرية أيا كانت ديانتها أو لونها وحرمة دور العبادة والمقدسات الدينية. وأكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب, شيخ الأزهر, ان الدين الإسلامي أوجب حماية ورعاية دور العبادة في الدول الإسلامية وأن أمن ورعاية الآخر في المجتمع الإسلامي يعد من ثوابت الشريعة الإسلامية, مطالبا الشعب المصري بجميع طوائفه بالتكاتف وعدم التفرق بعد حادث الإعتداء علي كنيسة القديسين بالإسكندرية, كما طالب المسلمين بالالتزام بمبادئ الدين الإسلامي التي أوجبت حماية دور العبادة. وشدد الامام الأكبر علي حرمة الإعتداء علي دور العبادة لغير المسلمين مؤكدا أن الاسلام يحمي غير المسلمين ويكفل لهم الحماية وممارسة الشعائر, وان من ينتسبون خطأ للإسلام ويرتكبون تلك الجرائم يخالفون تعاليم الدين الإسلامي الذي يؤمن لهم دور العبادة, كما يؤمن لهم صلاتهم. وقال الدكتور محمود حمدي زقزوق, وزير الاوقاف, إن أي تهديد لكنائس مصر هو في الوقت نفسه تهديدا لمساجد مصر, مطالبا بأن يقف الجميع في وجهه صفا واحدا, وأن الوحدة الوطنية ستظل تحمي النسيج لأبناء مصر إلي آخر الزمان ان شاء الله, ولن يكون لأي تهديدات من أي نوع أو من أي جهة أي أثر علي صلابة الجبهة الداخلية لمصر وأضاف الدكتور زقزوق قائلا: ونحن إذ نرفض أي تهديد يوجه إلي الكنيسة القبطية فإننا نذكر من يدعون الإسلام, بأن الإسلام شاهد علي ذلك, وأن العهود التي اعطيت للمسيحيين منذ عهد النبي صلي الله عليه وسلم, وصحابته, ثابتة تحدد موقف المسلمين من اخوانهم المسيحيين, فالكنائس كالمساجد, يذكر فيها اسم الله ولا يجوز المساس بها شرعا, وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام شديد الاهتمام بالحفاظ علي حقوق المسيحيين في المجتمع الإسلامي وأكد وزير الأوقاف أن مصر بتاريخها المجيد وبشعبها الأصيل من مسلمين ومسيحيين أقوي من أي حادث ولن تسمح لأي مغامر بان يهدد أمنها واستقرارها, وستظل مصر دار أمن وأمان كما أراد الله لها ذلك وكما جاء في القرآن الكريم علي لسان يوسف عليه السلام عندما استقبل أبويه علي مشارف مصر قائلا:' ادخلوا مصر ان شاء الله آمنين'. من جانبه اوضح الدكتور أحمد عمر هاشم,عضو مجمع البحوث الإسلامية, أن الدين الإسلامي قرر حماية أهل الذمة والمستأمنين ماداموا في دار الإسلام, وفي ذلك يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم:' الا من ظلم معاهدا او كلفه فوق طاقته او اخذ شيئا بغير طيب نفس منه فأنا حجيجه يوم القيامة' ومن وصايا سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أوصيكم بذمة الله, فانه ذمة بينكم ورزق عيالكم, وإرساء لأسس التعاون والتواصل بين عنصري الأمة احل الله طعامهم, فقال:' وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم' سورة المائدة. وحول وجوب حماية دور العبادة يقول الدكتور أحمد عبد الرحيم السائح أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر, إن الدين الاسلامي أوجب حماية غير المسلمين في طقوسهم وشعائرهم ومختلف ومظاهرهم الاحتفالية, مع الإقرار لهم بأيام العطل والأعياد, والسماح لهم بإقامة أماكن العبادة, والسهر عليها بالمحافظة والصيانة والتنظيم, وإذا طلب غير المسلم من مسلم أن يؤمنه ويحميه فعليه أن يستجيب له حتي لايصيبه سوء, إلي أن يصل إلي مكان أمنه, وفي ذلك يقول تعالي,' وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتي يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه' سورة التوبة الآية(6), وانطلاقا من توجيهات الرسول صلوات الله وسلامه عليه حين قال:' من آذي ذميا فأنا خصمه ومن كنت خصمه خاصمته يوم القيامة', فان أحكام الإسلام المنزلة من الله, والمبينة بسنة رسوله, تدل علي أن من أمن غير المسلمين الذين يعيشون في المجتمع الإسلامي, علي أنفسهم ومالهم وعرضهم مضمون ومصون, لأن هذه الأحكام جانب مهم من شريعة الإسلام الكاملة, ويجب علي الدولة الإسلامية وكافة المسلمين تطبيقها والعمل بها, فهي واجب ديني قبل أن تكون مصلحة سياسية أو التزاما دوليا.