دينا عمارة : يبدو أن عام 2010 كان عام الأقوال لا الأفعال, فعلى الرغم من مناداة رؤساء دول العالم لشعوبهم بإستخدام سياسة " شد الحزام" فى محاولة للتصدي لشبح الأزمة المالية الذي ضرب الإقتصاد العالمي إلا أنه بمراقبة بسيطة لنفقات هؤلاء الرؤساء الخيالية خلال عام 2010 نجد أنهم قد إستثنوا أنفسهم من سياسات التقشف الجديدة وأن أموال دافعى الضرائب راحت ما بين رحلات للإستجمام وشراء طائرات فاخرة! بذخ أمريكي قديما كان يضرب المثل بزوجات المسئولين الأمريكيين في إحترامهن للمال العام, إلى ان بدأت تنتشر منذ فترة أخبار "هفوة" تبذيرية لسيدة البيت الأبيض ميشيل اوباما خلال قضائها عطلة مع إبنتها الصغيرة فى ماربيلا بالجنوب الإسباني, والأكثر إثارة فى هذه الرحلة التى إستغرقت أربعة أيام هو انها تكلفت حوالى 400 ألف دولار من دون شراء أي غال أوثمين، بل مجرد تكاليف حجوزات بالفندق وتناول لأطعمة مما لذ وطاب, وقضاء ساعة واحدة على البحر تم حجزه خصيصا لها, فميشيل لا تتحرك إلا برفقة قافلة من 14 سيارة وحوالي 40 فردا من الحرس الرئاسي الأمريكي الخاص من أصل 68 فردا أحضرتهم معها.الأمر الذي جعل بعض الصحف تلقبها ب " ماري أنطوانيت الجديدة " تلك الملكة الفرنسية التى عرف عنها البذخ الشديد والتى نُسبت إليها العبارة الشهيرة " إذا لم يجد الفقراء خبزا فليأكلوا الجاتوه"! وما أن بدأ الإعلام الأمريكي يهدأ من هذه الرحلة " المكلفة" حتي قام أوباما وزوجته بجولة آسيوية لفتح أفاق إقتصادية جديدة, وهي جولة إعتبرها البعض محاولة من أوباما للهروب من الهزيمة الثقيلة التى تكبدها الحزب الديمقراطي في إنتخابات التجديد النصفي للكونجرس. الهروب لم يفتح النار على أوباما بقدر التكاليف الباهظة للرحلة التى كانت محل إنتقاد الجمهوريين ووسائل الإعلام الذين رأوا أن الشعب الأمريكي أولى بالملياري دولار الذين تم صرفهم على الحراسات الخاصة والطائرات المصفحة وأجهزة التصوير السينمائية وأجرة الفنادق, ساخرين من ذلك بالقول إن تكلفة الرحلة الآسيوية تفوقت على تكاليف حرب أفغانستان والتى قدرت بحوالى 190 مليون دولار! سفه بريطاني ولعل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لخير دليل على أن الرؤساء يقولون ما لا يفعلون, ففى الوقت الذي يطالب فيه كاميرون شعبه الإلتزام بالإجراءات التقشفية التى إتخذتها حكومته يتحدي الجميع بمسلسل التبذير الذي تشاركه فيه البطولة زوجته سامنثا, بدءا من تعيين مصور خاص له براتب 35 ألف جنيها إسترلينيا وذلك من أجل إلتقاط صور التملق له, مرورا بتعيين منتجة أفلام لحكومته مهمتها إدارة مدونته الخاصة لأفلام الفيديو, وصولا إلى المساعدة الشخصية لسامنثا كاميرون والتى تتقاضي أجرا فلكيا عن رعايتها لأطفالهما لمدة أربعة ايام فقط في الاسبوع! الأمر الذي أثار ضجة إعلامية كبيرة من قبل منتقديه الذين طالبوا رئيسهم المهووس بالعلاقات العامة أن يخفف من قلقه على صورته ويهتم أكثر بكيفية ظهور صورته أمام العامة عندما يتم إهدار المال العام بهذه الطريقة, ساخرين من ذلك بالقول إن هناك كماً من المصورين الذين يتزاحمون فوق بعضهم بعضا ويتسلقون السلالم كي يلتقطوا صوراً لكل تفصيلة صغيرة من الوجه الجميل لكاميرون! تبذير فرنسي «لا أريد أن أرى أموال دافعي الضرائب تسدد فواتير السيجار والطائرات الخاصة والشقق السرية والمنتجعات, أريد أن أرى تقليصا في عدد المرافقين للوزراء وأراهم يستخدمون القطارات في التنقل داخل فرنسا»بإسلوب شديد اللهجة وجه الرئيس الفرنسي ساركوزي كلامه إلى رئيس وزرائه فرانسوا فيون بضرورة مراعاة الظروف الإقتصادية التى تمر بها بلاده وتنفيذ خطط الحكومة التقشفية بشكل صارم, وكما ان لكل قاعدة إستثناء فقد إستثني ساركوزي نفسه من هذه الخطط! ففى الوقت الذي أعلن عن بيعه طائرتين من الأسطول الجوي الرئاسي، اقتنى طائرة رئاسية جديدة من نوع إيرباص A-330-200 مجهزة بأحدث التكنولوجيا على غرار طائرة Air Force One التي يقلها رؤساء أمريكا. و قد بلغت الميزانية المخصصة لهذه الجوهرة 176 مليون يورو! فصل آخر لا يقل طرافة عن «الإنجازات» السابقة، هي مصاريف رحلة 24 ساعة فقط قام بها ساركوزي إلى جزيرة لارينيون أوائل عام 2010، والتي بلغت 1.6 مليون يورو شملت مصاريف التنقل وأجهزة التكييف التى تم تركيبها للمنبر الذي ألقى منه ساركوزي خطابه نظرا لسخونة الطقس بالجزيرة , فلا عجب من إستغراب الفرنسيين من رغبة ساركوزي في شد حزام التقشف مطالبا إياهم بالتضحيات، فيما لم يقدم هو على تخفيض راتبه الذي يبلغ 19500 يورو!