رئيس النيابة الإدارية يكرم موظفي وحدة التفتيش    مدبولي يعقد جلسة مباحثات موسعة مع نائب رئيس جمهورية غينيا    أبرز 10 تصريحات لوزير المالية بالملتقى الأول لبنك التنمية الجديد    السيسي ونظيره الرواندي يبحثان تعزيز التعاون الإستراتيجي والاقتصادي بين البلدين    زيلينسكي يتوقع عودة اللاجئين الأوكرانيين لبلادهم بعد انتهاء الحرب    أغلبهم أطفال ونساء.. حصيلة جديدة لضحايا غرق قارب مهاجرين قبالة سواحل اليمن    أحمد حمدي يتوجه إلى ألمانيا لاجراء جراحة الصليبي    الأهلي يعلن إعادة هيكلة قناة النادي    مدرب البرتغال: لا يوجد قلق من رونالدو في يورو 2024    يورو 2024 – بلجيكا.. هل انتهى عصر إصدار المجلات؟    بعد إصابته أمام تركيا.. الاتحاد البولندي يكشف موقف ليفاندوفسكي من يورو 2024    تموين المنيا يضبط 135 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز البلدية والأسواق    إصابة 12 في حادث انقلاب سيارة بطريق مصر أسيوط الغربي بالفيوم    في واقعة "فتاة التجمع".. سائق أوبر أمام الجنايات 16 يوليو    التموين: ضبط 11 طن دقيق خلال يوم    محمد إمام يروج لفيلم "اللعب مع العيال"    زراعة القاهرة تنظم مسابقة أفضل مشروع تخرج بمشاركة 9 فرق طلابية    «الدفاع الروسية» تكشف أسباب تحطم طائرة "سو-34" خلال طلعة تدريبية    قبل أيام من عيد الأضحى.. تفتيش 81 منشأة غذائية وضبط 22 جهة تعمل بدون ترخيص في الإسكندرية (صور)    عيد الأضحى في المغرب.. عادات وتقاليد    بريطانيا: ارتفاع مفاجئ في معدل البطالة يصيب سوق الوظائف بالوهن مجددا    الإحصاء: 864 مليون دولار قيمة التبادل التجاري بين مصر والأردن في 2023    5 أعمال ثوابها يعادل أجر الحج والعمرة.. تعرف عليها    الأعلى للإعلام يستدعي الممثل القانوني ل أمازون مصر    بدائل الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بمدرسة الضبعة النووية بعد الإعدادية (رابط مباشر للتقديم)    «التخطيط»: 4,9 مليار جنيه لتنفيذ 311 مشروعًا تنمويًا بمحافظة المنوفية    هيئة الرعاية بالأقصر تكرم 111 فردا من قيادات الصف الثاني بالمنشآت التابعة لها    أهم النصائح والإرشادات للحاج للمحافظة علي صحته خلال تأدية المناسك    قبل العيد.. ما هي أفضل الطرق للحفاظ على اللحوم أثناء فترات انقطاع الكهرباء؟ خبير تغذية يجيب    الأسماك النافقة تغطي سطح بحيرة في المكسيك بسبب الجفاف وموجة الحر    قافلة مجمع البحوث الإسلامية بكفر الشيخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة    رئيس الضرائب: المصلحة تذلل العقبات أمام المستثمرين السنغافوريين    ندوة تثقيفية لمنتخب مصر للكرة الطائرة حول مخاطر المنشطات    رئيس هيئة الدواء: حجم النواقص في السوق المصري يصل ل7%    حكم كثرة التثاؤب أثناء الصلاة وقراءة القرآن.. أمين الفتوى يوضح    حكومة جديدة..بخريطة طريق رئاسية    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    نجم الزمالك السابق يفتح النار على حسام حسن.. «إنت جاي تعلمنا الأدب»    بالصور- محافظ القليوبية يستقبل وفدا كنسيا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    رئيس جامعة بني سويف يرأس عددا من الاجتماعات    مجد القاسم يطرح ألبوم "بشواتي" في عيد الأضحى    للمرة الأولى بالحج..السعودية تدشّن مركز التحكم والمراقبة لمتابعة حركة مركبات بمكة المكرمة    المجلس الوطني الفلسطيني: عمليات القتل والإعدامات بالضفة الغربية امتداد للإبادة الجماعية بغزة    «الصحة» إدراج 45 مستشفى ضمن البرنامج القومي لمكافحة المقاومة لمضادات الميكروبات    ما هو يوم الحج الأكبر ولماذا سمي بهذا الاسم؟.. الإفتاء تُجيب    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    رضا البحراوي يُحرر محضرًا ضد شقيق كهرباء بقسم المعادي    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    محاولات للبحث عن الخلود في "شجرة الحياة" لقومية الأقصر    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    الدولار يقترب من أعلى مستوياته في شهر أمام اليورو    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    موعد ومكان تشييع جنازة وعزاء الفنانة مها عطية    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    أحمد كريمة: لا يوجد في أيام العام ما يعادل فضل الأيام الأولى من ذي الحجة    سيد معوض يتساءل: ماذا سيفعل حسام حسن ومنتخب مصر في كأس العالم؟    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسرائيل‏..‏ واستخدام الورقة السوداء للضغط علي مصر
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 01 - 2010

برغم ردود الفعل العصبية والمحمومة التي ظهرت في وسائل الإعلام المصرية والعربية عندما زار وزير الخارجية الإسرائيلي المتطرف افيجدور ليبرمان إثيوبيا ودولا إفريقية أخري في شهر سبتمبر الماضي في خضم الحديث عن دعم إسرائيلي غير محدود لمساعي أديس أبابا لتغيير بنود اتفاقيات تقاسم مياه النيل. إلا أننا سرعان ما هدأنا ونسينا الموضوع وكأنه لم يكن ناسين أو متناسين أنه إذا لم نضع حلا جذريا لمسألة التسلل الإسرائيلي في إفريقيا فإننا سنصحو ذات يوم لنجد أنفسنا محاصرين ليس بالنفوذ الإسرائيلي فقط وإنما بالوجود المادي وربما العسكري في محيطنا الإفريقي‏.‏
فالحقيقة التي يجب أن نعرفها جميعا هي أن إسرائيل تقيم علاقات دبلوماسية مع‏64‏ دولة إفريقية من مجموع دول القارة البالغ عددها‏35‏ دولة وتصل قيمة التبادل التجاري بين الجانبين إلي ما يقرب من‏20‏ مليار دولار يتمثل معظمه في مواد خام يستوردها الإسرائيليون من القارة السمراء خاصة خامات المعادن النفيسة مثل الألماس والذهب واليورانيوم‏,‏ كما يصدر الإسرائيليون لإفريقيا كل شيء لايمكن للأفارقة الحصول عليه بسهولة من الغرب مثل السلاح فالبلدان الإفريقية التي تشهد حروبا أهلية وصراعات هي المستورد الأول للسلاح الإسرائيلي برغم أن أرقام هذه التجارة قد لاتكون معلنة كما أن إسرائيل تكسب كثيرا من علاقاتها الإفريقية‏,‏ واكبر مثال علي ذلك مكاسبها الضخمة من صقل الألماس الإفريقي وإعادة تصديره باضعاف سعره‏.‏
ويجب التأكيد هنا أن الاختراق الإسرائيلي لإفريقيا لم يكن عشوائيا أو حديثا كما يتصور البعض ولكنه نتاج مخطط استراتيجي بعيد المدي بدأ ربما قبل نكبة‏1948‏ وإقامة إسرائيل‏,‏ ففي كتابه عام‏1905‏ تحدث تيودور هيرتزل رأس المشروع الصهيوني وصاحب فكرة الدولة علي أرض فلسطين عن أهمية إقامة علاقات بين اليهود والأفارقة وكان من مخططاته إقامة وطن قومي لليهود في أوغندا وكما نعلم فان أوغندا من دول منابع النيل وبالتالي يبدو أن الفكر اليهودي الصهيوني كان ينظر دائما لمنابع النيل كوسيلة للتحكم في مصير مصر‏,‏ علي أمل أن يأتي اليوم الذي تقام فيه إسرائيل الكبري من النيل إلي الفرات‏.‏ وبعد ثورة‏1952‏ بمصر بدأ التحرك الإسرائيلي سريعا لمحاصرتها في العالمين الإسلامي والإفريقي فعقب الثورة حاولت إسرائيل إقناع الأمريكيين بعقد تحالف معها ولكن الرئيس دوايت ايزنهاور ووزير خارجيته جون فوستر دالاس رفضا هذا الطلب‏,‏ لأن مثل هذا التحالف كان من شأنه الإضرار بمساعي الولايات المتحدة آنذاك لتولي زمام قيادة العالم بدلا من الإمبراطورية البريطانية التي كانت تتهاوي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية‏,‏ وكان من الطبيعي أن تسعي الإمبراطورية الأمريكية البازغة للسيطرة علي الشرق الأوسط حيث منابع البترول من خلال استمالة الدول العربية‏,‏ ووجدت إسرائيل أن البديل للتحالف مع واشنطن يتمثل في التحالف الإقليمي مع كل من إيران وتركيا وأثيوبيا‏,‏ وبعد أن حصلت تل أبيب علي موافقة ايزنهاور علي هذه الخطة ودعمتها سياسيا وماديا كما تقول وثائق الخارجية الإسرائيلية جري تنفيذها بنجاح علي الأرض‏.‏ وتعود بوادر التعاون بين إثيوبيا وإسرائيل واستخدام الإسرائيليين للورقة الإفريقية السوداء إلي عام‏1955‏ حيث ذهب عملاء إسرائيليون سرا إلي أديس أبابا والتقوا بالإمبراطور هيلاسلاسي وبعدها جري افتتاح مصنع إسرائيلي لتعليب اللحوم في أسمرة التي كانت آنذاك خاضعة للتاج الإثيوبي قبل أن تستقل اريتريا وتتخذها عاصمة لها وجاء النجاح السريع للإسرائيليين في دخول إثيوبيا بسبب النهج البراجماتي الذي اتبعوه‏,‏ حيث قدموا المساعدة العسكرية للجيش الإثيوبي في حروبه ضد الانفصاليين‏.‏
وكان من أهم أهداف التوغل في إثيوبيا هو ضمان عدم مشاركة الإثيوبيين في إغلاق البحر الأحمر أمام السفن الإسرائيلية في حالة تفجر صراع مسلح مع مصر أو حتي للضغط علي القاهرة ثم تحول الهدف بعد فترة إلي محاولة إقناع الإثيوبيين بأن من حقهم إعادة التفاوض علي حصص مياه النيل من أجل تخفيض حصة مصر وبالتالي بيعها لإسرائيل‏.‏
وفي الوقت الذي كانت فيه بدايات علاقات إسرائيل مع إثيوبيا تتسم بالسرية كانت تقوم علاقات علنية بين تل أبيب ودولة توجو ومنها كان المنطلق للاختراق الإسرائيلي لإفريقيا‏,‏ كما افتتحت إسرائيل أول قنصلية إسرائيلية في أكرا عاصمة غانا عام‏1955‏ وفي عام‏1958‏ قامت جولدا مائير وزيرة خارجية إسرائيل ورئيسة وزرائها فيما بعد بجولة لمدة‏5‏ أسابيع في إفريقيا بعد أن بدأ الاختراق علي أيدي قيادات اتحاد نقابات العمال الإسرائيلي‏(‏ الهستدروت‏)‏ القريب من حزب المعراخ‏(‏ العمل‏)‏ الحاكم آنذاك‏.‏
ولم يكد يأتي عام‏1966‏ حتي كانت إسرائيل تحتفظ بعلاقات وثيقة مع‏10‏ دول إفريقية علي الأقل من خلال تدريب قوات تلك الدول أو تسليحها خاصة الكونجو الديمقراطية وساحل العاج‏(‏ كوت ديفوار حاليا‏).‏
ولم تعدم إسرائيل وسيلة لاختراق إفريقيا فقد استخدمت السلاح تارة والمال تارة أخري ونقل الخبرات تارة ثالثة والقيام بدور الوسيط تارة رابعة خاصة مع محاولات بعض الأنظمة القمعية الإفريقية آنذاك الحصول علي الاعتراف الدولي ومن المداخل الأخري المهمة التي تعتمدها إسرائيل في التوغل في القارة السمراء‏,‏ هو محاربة الأصولية والإرهاب خاصة في مناطق كالقرن الإفريقي‏.‏ وهنا لابد من تأكيد أن الهدف الرئيسي لإسرائيل في بداية مساعيها لدخول إفريقيا كان بسيطا وهو فك الحصار الدبلوماسي الدولي الذي كان مفروضا عليها في المنظمات الدولية‏,‏ حيث كانت إفريقيا وعدم الانحياز يصوتان بالكامل لمصلحة مصر والعرب‏,‏ وهو ما سعت إسرائيل لضربه باختراق إفريقيا قبل أن تكون لها أهداف أخري أهمها الاستفادة المادية من السوق الإفريقية واستيراد الخامات الإفريقية وتصنيعها وتصديرها‏.‏
ولذلك فإن جولة ليبرمان الأخيرة في دول حوض النيل في سبتمبر الماضي كانت مكرسة لإبرام اتفاقات مع خمس من دول منابع النيل واستخدام ذلك كورقة ضغط ضد مصر تظهر عند الحاجة خاصة مع علم الإسرائيليين بمشكلة نقص المياه بمصر‏.‏
وبالتالي فإن من أهم الأهداف التي تطمح لها‏(‏ إسرائيل‏)‏ في وجودها بإثيوبيا هو الرغبة في الحصول علي مياه النهر والضغط علي صانع القرار المصري‏;‏ نظرا لحساسية وخطورة‏'‏ ورقة المياه‏'‏ في ورقة الاستراتيجية المصرية والإسرائيلية‏.‏
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.