هذا السويسري, الذي يبدو وجهه الدائري المبتسم دائما تماما مثل كرة القدم التي يدير شئونها وإمبراطوريتها التي تقدر بمليارات الدولارات, كان أحد أبرز الشخصيات التي صنعت الأحداث في عام.2010 ففي هذا العام, تعرض جوزيف بلاتر 74 عاما رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم لأسوأ اختبار له ولمصداقيته الشخصية وسمعة مؤسسة الفيفا بصفة عامة, بسبب فضيحة الفساد الهائلة التي هزت أركانها عقب الكشف عن تورط عدد غير قليل من أعضاء المكتب التنفيذي لتلك الجمهورية في فضائح فساد مرتبطة بالصراع علي كعكة تنظيم بطولة كأس العالم. فبعد أن نجا مونديال2010 في جنوب إفريقيا من السقوط في فخ الأخطاء التنظيمية, ومرت الأمور بسلام, وبعد معاناة مماثلة مع القصور التنظيمي لمونديال2014 في البرازيل, لم يتعظ بلاتر خريج كلية الاقتصاد بجامعة لوزان ورجاله ال24 في المكتب التنفيذي, وأصروا علي مواصلة المجاملات, وأعطوا أنفسهم الحق في تحويل صراع تنظيم المونديال إلي ساحة لتغليب الأمزجة والأهواء الشخصية, وأحيانا المصالح, في اختيار الدولة التي تصلح لنيل هذا الشرف, لدرجة أنهم حولوا بأساليبهم هذه ذلك الشرف إلي مهمة ثقيلة تتطلب لجوء الدول الراغبة في التنظيم إلي مختلف الوسائل المتاحة, بما فيها تلك التي تحدث عنها ميكيافللي في كتابه الأمير, من أجل الحصول علي رضا24 فردا, ومن فوقهم بلاتر الذي يشغل هذا المنصب منذ.1998 وكان من الطبيعي أن يسفر هذا النظام المزاجي جدا عن فضيحة الفساد التي لوثت سمعة الفيفا, وكادت تطول بلاتر نفسه, وهو في ولايته الثالثة حاليا, لولا أنه ارتدي ثوب الرجل المحارب للفساد, وتعامل بحزم مع المخطئين, ثم جاء قراره المثير للجدل بإسناد تنظيم مونديالي2018 و2022 إلي روسيا وقطر علي التوالي, ليفتح عليه مجددا نار جهنم, خاصة من جانب مسئولي الملفين الإنجليزي والأمريكي, وإن كان هذا القرار صادف هوي في نفوسنا كمصريين وعرب, بينما اعتبره كثير من المحللين أنه حل ذكي من الداهية بلاتر لإبعاد نفسه من أي اتهامات بالفساد والمجاملات, باختياره دولتين لم يسبق لهما تنظيم البطولة. والآن, فإن التحدي الجديد أمام هذا الرجل- بعد تخطيه عاصفة فضيحة الفساد- هو ضرورة مواجهة هذا الكم الهائل من الغش الكروي والعنف والشغب والمجاملات والتحايل علي القوانين في ملاعب الكرة في العالم, خاصة في دول العالم الثالث, وهو ما يهدد مصداقية اللعبة كلها ويقوض شعار اللعب النظيف الذي يرفعه الفيفا منذ سنوات, وهي مشكلات تكاد تكون أوضحها الأخطاء التحكيمية, وأسوؤها العنصرية, ولكن أصعبها وأكثرها تعقيدا هي ظاهرة تجنيس اللاعبين وفتح باب الارتزاق في عالم الكرة, بموافقة الفيفا!