ماذا قال أنتوني بلينكن لوزير الدفاع الإسرائيلي بشأن فلسطين؟    بعد بيلوسوف.. أبرز تغييرات بوتين في القيادة العسكرية الروسية    من بينهم مصطفى عسل، رجال مصر يتألقون ببطولة العالم للإسكواش    طقس اليوم الإثنين.. الأرصاد: رياح وأمطار على هذه المناطق    اليوم، محاكمة 57 متهما بقضية اللجان النوعية للإخوان    البيضاء تواصل انخفاضها.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الإثنين 13 مايو في البورصة والأسواق    بالصور.. نائب القاهرة للمنطقة الجنوبية تكشف تفاصيل تطوير مسجد السيدة زينب    استعداد المستثمرين لدعم رؤية الحكومة في زيادة أعداد السياح وتحفيز القطاع السياحي    10 معلومات عن السيارات الكهربائية.. مقرر طرحها للاستخدام خلال ساعات    بعد تعيينها بقرار جمهوري.. تفاصيل توجيهات رئيس جامعة القاهرة لعميدة التمريض    أزهري يرد على تصريحات إسلام بحيري: أي دين يتحدثون عنه؟    وكيل «خارجية الشيوخ»: مصر داعية للسلام وعنصر متوازن في النزاعات الإقليمية    وزير التعليم: هناك آلية لدى الوزارة لتعيين المعلمين الجدد    قرار عاجل من اتحاد الكرة بسبب أزمة الشحات والشيبي    «اللاعبين كانوا مخضوضين».. أول تعليق من حسين لبيب على خسارة الزمالك أمام نهضة بركان    تدريبات خاصة للاعبي الزمالك البدلاء والمستبعدين أمام نهضة بركان    خطأين للحكم.. أول تعليق من «كاف» على ركلة جزاء نهضة بركان أمام الزمالك    مفاجأة.. نجم الزمالك يكشف مكسب الفريق في مباراة نهضة بركان    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 13 مايو بعد انخفاضه في 7 بنوك    زيادة جديدة.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 13 مايو 2024 في المصانع والأسواق    حدث ليلا| زيادة كبيرة في أراضي الاستصلاح الزراعي.. وتشغيل مترو جامعة القاهرة قبل افتتاحه    تشديد عاجل من "التعليم" بشأن امتحانات الشهادة الإعدادية (تفاصيل)    مرتديا النقاب.. سيدة تستعين بشاب للشروع لضرب صاحب سوبر ماركت في الوراق    مدحت العدل: أنا مش محتكر نيللي كريم أو يسرا    افتتاح مسجد السيدة زينب.. لحظة تاريخية تجسد التراث الديني والثقافي في مصر    لا أستطيع الوفاء بالنذر.. ماذا أفعل؟.. الإفتاء توضح الكفارة    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك أن تستجيب دعواتنا وتحقق رغباتنا وتقضي حوائجنا    «من حقك تعرف».. هل المطلقة لها الحق في نفقة العدة قبل الدخول بها؟    منها تخفيف الغازات والانتفاخ.. فوائد مذهلة لمضغ القرنفل (تعرف عليها)    سر قرمشة ولون السمك الذهبي.. «هتعمليه زي المحلات»    «الإفتاء» تستعد لإعلان موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات قريبًا    العدو يحرق جباليا بالتزامن مع اجتياج رفح .. وتصد بعمليات نوعية للمقاومة    أمير عزمي: نهضة بركان سيلجأ للدفاع بقوة أمام الزمالك في الإياب    سيرين خاص: مسلسل "مليحة" أظهر معاناة الشعب الفلسطيني والدعم المصري الكبير للقضية    مسلسل لعبة حب الحلقة 24، فريدة تعلن انتهاء اتفاقها مع سما    قصواء الخلالي تدق ناقوس الخطر: ملف اللاجئين أصبح قضية وطن    استثمار الذكاء الاصطناعي.. تحول العالم نحو المستقبل    كاميرون: نشر القوات البريطانية في غزة من أجل توزيع المساعدات ليس خطوة جيدة    المصريين الأحرار يُشيد بموقف مصر الداعم للشعب الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية    روسيا: إسقاط 14 صاروخا من طراز "أولخا" و"فامبير" فوق بيلجورود    رئيس الوزراء الإسباني يشيد بفوز الإشتراكيين في إنتخابات كتالونيا    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد مستشفى الحميات وتوجِّة باستكمال العيادات (صور)    مستقبل وطن بأشمون يكرم العمال في عيدهم | صور    طلاب آداب القاهرة يناقشون كتاب «سيمفونية الحجارة» ضمن مشروعات التخرج    أربع سيدات يطلقن أعيرة نارية على أفراد أسرة بقنا    رئيس مجلس الأعمال المصري الماليزي: مصر بها فرص واعدة للاستثمار    الكشف على 1328 شخصاً في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    وقوع حادث تصادم بين سيارتين ملاكي وأخرى ربع نقل بميدان الحصري في 6 أكتوبر    نقابة الصحفيين: قرار منع تصوير الجنازات مخالف للدستور.. والشخصية العامة ملك للمجتمع    ليس الوداع الأفضل.. مبابي يسجل ويخسر مع باريس في آخر ليلة بحديقة الأمراء    وفاة أول رجل خضع لعملية زراعة كلية من خنزير    وزيرة الهجرة تبحث استعدادات المؤتمرالخامس للمصريين بالخارج    حظك اليوم برج العذراء الاثنين 13-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. لا تعاند رئيسك    عمرو أديب يعلن مناظرة بين إسلام البحيري وعبدالله رشدي (فيديو)    رئيس جامعة المنوفية يعقد لقاءً مفتوحاً مع أعضاء هيئة التدريس    الأعلى للصوفية: اهتمام الرئيس بمساجد آل البيت رسالة بأن مصر دولة وسطية    أمين الفتوى: سيطرة الأم على بنتها يؤثر على الثقة والمحبة بينهما    منها إطلاق مبادرة المدرب الوطني.. أجندة مزدحمة على طاولة «رياضة الشيوخ» اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عميد الأثريين د‏.‏ عبد الرحمن الأنصاري‏:‏
البحر الأحمر مفتاح تاريخ العرب
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 12 - 2010

‏ربما كان السبب في إجراء هذا الحوار وفي هذا التوقيت‏..‏ ليس فقط شخصية المتحدث وهو الدكتور عبد الرحمن الطيب الانصاري عميد الأثريين في الجزيرة العربية والمسئول عن مشروع الكتاب المرجع في تاريخ الامة العربية والذي صدر حديثا في سبعة مجلدات تحت رعاية جامعة الدول العربية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم اليكسو‏,‏ وهو عمل تاريخي اعتبره د‏.‏ عبدالرحمن الانصاري مشروع عمره وكان يمكن أن نتوقف معه عند حدود الاحتفال بصدوره خاصة بعد اجتماع مائتين وخمسين مؤرخا من كل أنحاء العالم العربي تحملوا وحدهم مشقة البحث وما يفرض عليهم من نقد وتمحيص وأراء تحكم في النهاية علي هذا العمل بالفشل أو النجاح‏.‏ وأما السبب الاخر وراء إجراء هذا الحوار وفي هذا التوقيت فلا يبتعد كثيرا عن الفكرة نفسها التي حملها المرجع وهي أن العرب قد نجحوا في الاتفاق علي كتابة تاريخ صحيح وموحد للعرب والعروبة‏.‏ وإنه جهد يشعرون اليوم أنهم قدموا من خلاله صورة ثابتة تسترجعها الاجيال القادمة بعد أن نجح الاباء في الوصول إلي كلمة سواء في كتابة تاريخهم الذي يحتمل الكثير من نقاط الاتفاق والاختلاف‏.‏ فمنذ فترة والأصوات تتعالي مطالبة بإعادة كتابة التاريخ العربي وهناك تيار واضح في الثقافة المصرية يتبناه الآن مؤرخون وكتاب معنيون بفكرة إعادة قراءة الأحداث من جديد بهدف وضع الامور في نصابها الصحيح‏.‏
ولدي هؤلاء منطقهم فمن لايقرأ التاريخ لايعرف شيئا عن هويته الحقيقية‏.‏ والمشكلة وحسب رؤيتهم أن الكثير من الأحداث والتفسيرات قد قبلت كما هي دون بحث أو مناقشة حتي إنها اصبحت من المسلمات‏.‏ فقد أسسنا لقصص وحكايات ولدت في الاصل بناء علي معلومات خاطئة وصلت إلينا لم نتحر صحتها‏.‏ فخرجنا من دائرة القراءة الصحيحة لتاريخنا وتركنا لغيرنا مساحة ليرسم لنا صورا زائفة‏.‏ وهو ما دفع بالعديد من المستشرقين والكتاب الغربيين للهجوم علي تاريخنا العربي من نفس مدخل البناء علي مسلمات لم نتحر دقتها‏.‏ ربما أعتبرت هذه مقدمة طويلة ولكنها بدايات للتعارف علي هذا الحوار مع هذا العالم الكبير الذي جاء إلي مصر أخيرا فطرح أمامنا تساؤلات أكثر من كونها إجابات‏.‏
‏‏ د‏.‏ الانصاري من المعروف أن مشروع الكتاب المرجع لتاريخ الأمة العربية قد بدأ منذ أكثر من عشرين عاما ولكنه توقف ثم عادت فكرة إصداره من خلال سبعة مجلدات من جديد‏..‏ فإلي أين وصلتم؟
‏}‏ انتهينا بالفعل من هذا العمل وكنت قد اقترحت علي منظمة الاليسكوعقد مؤتمر يجتمع فيه كل العلماء الذين شاركوا في هذا المرجع‏.‏ وفي الوقت نفسه ندعوإليه أيضا مشاهير المؤرخين ليقولوا كلمتهم وليروا إذا ما كانت هناك تعديلات تضاف لنخرج في النهاية بنسخ منقحة يتفق ويرضي عنها جمهور المؤرخين‏.‏ كما أن هذا المؤتمر سيقوم بلا شك بدور تعريفي بهذه الموسوعة ولهذا أتمني أن يعقد في اقرب فرصة‏.‏
‏‏ وما هي الموضوعات والفترات الزمنية التي تناولتها المجلدات السبع كعناوين رئيسية لتاريخ العرب؟
‏}‏ الجزء الأول حرصنا علي أن يتناول تاريخ الوطن العربي قبل الإسلام منذ الألف الرابع قبل الميلاد أي عصور ما قبل الإسلام وهذه الفترة غنية بالحضارات العربية‏.‏ وأما الجزء الثاني فيتناول فترة البعثة النبوية وانتشار الإسلام وعلاقة المسلمين بغير المسلمين‏.‏ ويناقش الجزء الثالث قيام الدولة الاموية ثم الدولة العباسية في الجزء الرابع ثم فترة الانحطاط في الجزء الخامس والنهضة العربية في الجزء السادس ثم اخيرا الإنجازات الحضارية في الجزء السابع‏.‏
‏‏ وما المقصود تحديدا بفترة النهضة العربية؟
‏}‏ هي الفترة التي شهدت تعليم المرأة ودخول الطباعة ومعالم النهضة في كل دولة عربية علي حدة‏.‏
‏‏ وكيف كان يسير العمل في هذه المجلدات السبعة؟
‏}‏ كل جزء كونا له لجنة‏.‏ وهذه اللجنة هي من يضع المنهج حسب الاختصاص‏.‏ وفي النهاية يبقي علي جميع المؤرخين أن يلتزموا بشروط معينة وهي الحيادية وعدم الانفعال والابتعاد عن النقاط التي تفرق من حيث العصبية القبلية أوالعرقية أوالطائفية‏.‏ ودائما كنت أحثهم كمقرر للجنة العلمية علي أن يكتبوا باسلوب هادئ متزن بقدر الامكان‏.‏
‏‏ دائما كنت تسأل عن أصعب الاجزاء التي يمكن أن تسبب جدلا في هذا الكتاب وكان من المتصور ان يكون الجزء الخاص بالفتنة الكبري‏.‏ والان وبعد أن انتهيتم من العمل نسألك بشكل عملي؟
‏{‏ نحن نبحث عن التوازن وكنا نتحدث عن كل شخصية في ذلك الزمن بشئ يضمن القبول والموافقة عليه بين المصريين والسعوديين والمغاربة والشوام والعراقيين‏.‏ وبالنسبة للجزء الخاص بالبعثة المحمدية فقد حرصنا علي إيضاح علاقة المسلمين بغير المسلمين‏.‏ فعندما جاء الرسول صلي الله عليه وسلم إلي المدينة لم يقلل من قيمة أية قوة موجودة كالأوس والخزرج وأوضحنا أيضا المعاهدات بين الرسول واليهود ومعاهدة نجران والردة وزمن حكم عمر بن الخطاب ثم الفتنة الكبري بشكل موضوعي‏.‏ إلا انك قد لا تتصورين ان الجزء الخاص بالعصر الحديث كان من أصعب الاجزاء‏.‏ وكان في تصوري أنه من الاجدر الحديث عن منجزات الجامعة العربية ولكن الزملاء وجدوا أن هناك موضوعات أخري حضارية‏.‏
فركزنا علي المنجزات الحضارية لأن الانسان العربي متخم بالسياسة‏,‏ كما أنه يشعر بأن ما قدمه لا يمكنه التفاخر به‏,‏ ولهذا ركزنا علي المنجزات الحضارية‏,‏ لكي يشعر انه قدم شيئا ذا قيمة وأنه شارك في مسيرة الحضارة الإنسانية‏.‏
‏‏ بعض الناس لا يعرف الكثير عن فكرة الانجاز الحضاري العربي‏.‏ وأنتم عدتم بالزمن إلي حضارات قديمة كالفرعونية والآشورية والفينيقية والكلدانية وقلتم للناس هذا تاريخكم‏.‏ فما أكثر ما توقفتم عنده من حقائق اعتبرت قراءة جديدة؟
‏{‏ هناك بعض الحقائق منها أن الابجدية بدأت في سيناء ثم انتقلت إلي سوريا ومنها إلي فينيقيا وبعدها بزمن إلي الجزيرة العربية‏.‏ كما أن هناك الكثير من الحضارات للكلدانيين والآشوريين والبابليين والسومريين‏.‏ وهناك أيضا اللخميون وهؤلاء علي سبيل المثال لديهم قبيلة تسمي التنوخيين أي الذين ينيخوا الابل ولهم كتابات في شرق الجزيرة العربية وشواهد قبور ينسب فيها الانسان إلي أمه وليس أبيه‏.‏ وهذه ظاهرة لم نعهدها من قبل في الجزيرة العربية‏.‏ وهي نظام الامومة‏.‏
‏‏ العصور القديمة قبل نزول الوحي لماذا اخترتم هذه كبداية لأول الكلام ؟
‏{‏ الحقيقة انني كنت في تونس عندما تحدثت إلي الدكتور عبد العزيز الدوري الذي كان مسئولا عن هذا المشروع من قبل بوصفه رئيسا للجنة وطلبت منه أن نضيف مساحة للحديث عن العرب قبل الاسلام‏.‏ وقلت له وقتها أنه ليس من المنطقي الا يوجد شئ أوبصمات للحضارة في منطقة الجزيرة العربية وبلاد الرافدين والشام في تلك الفترة‏.‏
واقتنعوا بعد قدر من الجدل بأهمية هذا الجزء وأعتبره من الاشياء التي أضافت بعدا تاريخيا للعالم العربي‏.‏ فهناك العصر الحجري القديم والوسيط والحديث والممالك العربية المتأخرة‏.‏
فالمشكلة اننا نتحرك بعيدا عن هذه الفترة ونركز فقط علي التاريخ الاسلامي والتاريخ الحديث‏.‏ وللأسف هناك شئ من الاغراب في عملية تكون الاساطير‏.‏ فأختلطت الأسطورة بالحقيقة التاريخية‏,‏ ولذلك حاولت بقدر الامكان أن أخفف من المغالاة في تشكيل التاريخ بناء علي الاساطير التي أدخلها اليهود‏.‏
مملكة سبأ
‏‏ مثل ماذا؟
‏{‏ مثل قصة الملكة بلقيس ملكة سبأ‏.‏ فهناك محاولة لربط سيدنا سليمان عليه السلام بجنوب الجزيرة العربية‏.‏ وهناك من يقول إنه كانت توجد هناك ملكة اسمها بلقيس‏.‏ وهذه الملكة جاءت إلي سليمان عليه السلام حتي إنه قيل أن أحد ملوك الحبشة من نسل هذه الملكة‏.‏
وهذه أسطورة والهدف منها إيجاد رابط بين جنوب الجزيرة العربية وفلسطين‏.‏
ومما قيل أيضا أن هناك أسطولا بحريا كان يملكه سليمان عليه السلام وانه كان يقطع البحر الأحمر من الشمال إلي الجنوب‏.‏ وهذا كلام مختلق‏.‏
وهناك آلاف النصوص التي تتحدث عن تاريخ اليمن‏.‏ ومع ذلك لم يذكر هذا ابدا‏.‏ ومن يجد شيئا من هذا فليأت بحجته‏.‏
هذا في حين أن النصوص الاشورية جاءت لتؤكد وجود خمس ملكات في الشمال كن بالفعل يقمن بشئون الحكم بالإضافة إلي الكهانة‏.‏ وهوما يعني القيام بدور الملكة والكهانة في الوقت ذاته‏.‏
ولهذا نجد الهدهد وكما جاء في القرآن الكريم مكث غير بعيد‏.‏ وهذا معناه أن الوضع الجغرافي لهؤلاء الملكات في الشمال يجعل المسافة قريبة مكانيا‏.‏ فسبأ في الاساس كانت في الشمال في منطقة الجوف والتيماء دون تعسف مني‏.‏ وقد قال هذا من قبل د‏.‏ جواد علي المؤرخ العراقي الشهير ود‏.‏بيومي مهران العالم المصري المتميز‏.‏ ولذلك فانا اتبعت هذا المنهج ووجدت الدلائل التي تؤيد هذا الاتجاه‏.‏ ثم بعد ذلك لم يتحدث القرآن الكريم عن اسم هذه الملكة‏.‏ وهناك كثير من المؤرخين الذين لايزالون يتبعون هذه الاسطورة وخاصة في القنوات الفضائية‏.‏ ولا أريد أن أسمي أحدا منهم‏.‏
‏‏ وما هوالسبب في التمسك بهذه المرحلة والتحقق منها بل واعتبارها مهمة خاصة بك؟
‏{‏ عندما أنهيت دراستي للدكتوراة في بريطانيا عام‏1966‏ وكانت عن النقوش اللحيانية في شمال الجزيرة العربية تطبيقا علي منطقة العلا جنوب مدائن صالح ومقارنة بأسماء الإعلام من الألف الثاني قبل الميلاد حتي العصر الجاهلي وجدت الكثير من الحقائق‏.‏ وعندما عدت كنت حريصا علي أن أواجه الكثيرين بالحجة‏.‏ فكثير من الناس لا يحبذون الحديث عن الجاهلية‏.‏ ذلك لان الاسلام هوكل شئ وهذه حقيقة ولكن الاسلام بني علي حضارات متنوعة‏.‏ والرسول صلي الله عليه وسلم يقول انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق‏.‏ فهناك أخلاق جاء الاسلام لاتمامها وكثير من الحقائق والاخلاقيات أقرها الاسلام‏.‏ ولم ينف الاسلام الا كل ما يتعارض مع عقيدة التوحيد‏.‏ ولا أظن بأي حال أن المستوي الرفيع للقرآن الكريم كان يخاطب قوما يجهلون أشياء كثيرة‏.‏ فدلالة الآيات القرآنية تعني وجود مستوي رفيعا من الحضارة يعرفها العرب‏.‏ ومن هنا جابهت الكثير من المشاق‏,‏ وحاولت قدر الامكان أن آخذ الامور بالحسني وقد فتح الطريق أمامي في عهد الملك فيصل رحمه الله‏.‏ وبدأت تنقيباتي في منطقة الفاووالربع الخالي التي تبعد سبعمائة كيلومتر جنوب غرب مدينة الرياض في الطريق إلي نجران‏.‏ وأنشأت أول قسم للأثار بجامعة الملك سعود وساهم فيه الكثير من العرب ومنهم د‏.‏ جمال مختار العالم المصري القدير الذي شغل منصب رئيس هيئة الاثار المصرية‏.‏ وبعد أن تقاعدت وجدت أن واجبي يقتضي إطلاع المجتمع علي الكثير من الاشياء‏.‏ وبدأت في الكتابة عن العلا ومدائن صالح ووجدت وحسب تقديري أن الثموديين وهم قوم صالح عاشوا في ما لايقل عن الالف الثالث قبل الميلاد‏.‏ ففي سورة غافر نجد أن من يقول أقبلوا هذه الدعوة حتي لا يحدث لكم مثل ما حدث لعاد وثمود‏.‏ وهذا يعني ان البعد الزمني من وضع موسي وفرعون لا يقل عن الألف الثاني قبل الميلاد‏.‏
‏‏ أجد أنك توقفت أيضا عند عدة مدن داخل نطاق الجزيرة العربية مثل مدينة تيماء لتتحدث عنها فلماذا وقع عليها الاختيار؟
‏{‏ لأن حضارة تيماء هي المخزن أوالمكنز الثاني في الجزيرة العربية‏.‏ أما المكنز الأول فهوعدن باليمن‏.‏ والمكنز هوالمكان الذي تكنز فيه البضائع التي تأتي من شرق إفريقيا ومن غرب الهند‏,‏ ثم تشحن إلي الشمال عن طريق القوافل‏.‏
والمكنز الثاني كما قلت هوتيماء ويدل عليه الخرطوش الفرعوني الذي وجدناه هناك ويعود إلي الألف الثاني قبل الميلاد‏.‏ وهذا يدل علي وجود صلة قوية بين مصر وشمال غرب الجزيرة العربية‏.‏ وهذا الخرطوش يعود إلي فترة رمسيس الثالث ومعني هذا أن هناك طريقا كان يشمل منطقة شمال غرب الجزيرة العربية وسيناء‏.‏
ثقافة البحر الأحمر
‏‏ منذ سنوات كنت تحاضر في مكتبة الاسكندرية حول ثقافة البحر الأحمر‏..‏فهل توجد لهذه المنطقة ثقافة خاصة بها وحدها؟
‏}‏ للأسف لا يوجد اهتمام بهذا ولذلك فأنا أدعوإلي إنشاء مركز للدراسات الحضارية لمنطقة البحر الأحمر من الشمال إلي الجنوب‏.‏
ذلك لأن البحر الأحمر مر بالكثير من الحضارات القديمة التي تبدأ من الحضارة الفرعونية وقد بلغت أوج مجدها في زمن الملكة حتشبسوت ثم البطالمة والرومان والفترة الاسلامية بعمقها ثم الحروب الصليبية والبرتغاليين‏.‏ وفي الوقت الحالي نجد إسرائيل في الشمال في إيلات والصومال وارتيريا في الجنوب‏,‏ وبينهما سواحل مصر والسودان والسعودية واليمن‏.‏ فحضارة البحر الاحمر لا تقل أهمية عن حضارة البحر المتوسط والخليج ولهذين المكانين مراكز أبحاث كثيرة ولم يحدث هذا في حالة البحر الاحمر‏.‏
‏‏ ذكرت إسرائيل في الشمال ؟
‏}‏ المقصود عمل دراسات حول هذه المنطقة لنفهم ما يحدث وما يمكن أن يحدث وما يمكن أن تفعله إسرائيل‏.‏
‏‏ وبالنسبة للبطالمة ألم يكونوا أكثر ارتباطا بحوض البحر المتوسط؟
‏}‏ بالنسبة للبطالمة فقد بنوا موانئ علي البحر الاحمر وحاولوا السيطرة علي هذه المنطقة في صراعهم مع العرب الانباط‏.‏
‏‏ بالمناسبة‏..‏ يتكرر الحديث في هذه الأيام حول الانباط الذين خرجوا فجأة من كتب التاريخ في حين أننا لم نعرف عنهم الكثير من قبل ؟
‏}‏ العرب الانباط هم إحدي القبائل العربية التي تسكن جنوب الأردن وعاصمتهم البتراء وكانوا علي خلاف دائم وصراع اقتصادي بينهم وبين السلوقيين في بلاد الشام والبطالمة في مصر في سبيل السيطرة علي الطرق التجارية‏.‏ وطرق التجارة كانت تمتد من جنوب الجزيرة العربية حتي الشمال‏.‏ تيماء ومدائن صالح والجوف أودومة الجندل‏.‏
ولعلها كانت القبيلة العربية اللصيقة بالحضارة المصرية في الالف الاول قبل الميلاد‏.‏ وكانت الحجر مدائن صالح هي العاصمة الثانية للانباط‏.‏ وكان علية القوم يقيمون بالحجر لانها في منطقة واسعة كثيرة المياه صالحة للزراعة‏.‏
وما هوموجود من نقوش لا صلة له بثمود‏.‏ فكثيرا ما يحاول المؤرخون الربط بين ثمود والحجر وأذكر انه عندما صدرت الفتوي في المملكة العربية السعودية بأنه علي سكان منطقة مدائن صالح أن يهجروها لأنها منازل قوم ثمود‏,‏ فقابلت الشيخ محمد الحركان وزير العدل حينذاك‏.‏ وقلت له هل قرأت النقوش الموجودة علي المقابر‏.‏ فقال لي مستغربا‏..‏ وهل هناك من يستطيع قراءتها؟ قلت له نعم‏.‏ أنا أستطيع ولا صلة بينها وبين ثمود‏.‏ ولكن المنية عاجلته قبل أن يتحول الامر إلي غير ذلك‏.‏ سؤالي الأخير عن اقتراحاتكم كعالم في هذا المجال بالنسبة لدراسة النقوش والكتابات في منطقة البحر الاحمر؟
‏}‏ كنت أتمني ان يلحقوا بدار الكتب والوثائق المصرية قسما لدراسة النقوش والكتابات في منطقة شرق البحر الاحمر وجنوب مصر والصعيد‏.‏ لأن هذه المنطقة شهدت حركة الانباط واقترحت أيضا تكوين فريق من أقسام اللغة العربية والاجتماع ودار الوثائق ليقوموا بتصويرها وقراءتها‏.‏ فهذه كنز من الكنوز لا ينبغي إهماله‏.‏ ومازلت أطالب بهذا‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.