لم تكن الهجرة حادثا طارئا في حياة النبي صلي الله عليه وسلم وحياة اصحابه بل امر من الله عز وجل الي نبيه صلي الله عليه وسلم فقد سبق الهجرة تمهيد مخطط لها. كالهجرة الي الحبشة وبيعة العقبة الاولي والثانية حيث نجد امامنا قول الرسول صلي الله عليه وسلم : رأيت في المنام اني أهاجر من مكة إلي ارض بها نخل فذهب ظني الي انها اليمامة فإذا هي يثرب بالتالي ترتب عليها دروس وعبر للأمة. يقول فضيلة الشيخ محمد اسماعيل بحيري امام وخطيب مسجد الزهراء بمدينة نصر: ان هجرة النبي صلي الله عليه وسلم من مكة الي المدينة لم تكن هجرة عادية بل هي نهاية مرحلة اختبر فيها المولي عز وجل النبي واصحابه قدرتهم علي الصبر والصمود خلال فترة الدعوة في مكة التي استمرت ثلاث عشرة سنة في سبيل نشر دعوة التوحيد وتبليغ الرسالة للناس جميعا ثم بداية عهد جديد به الكثير من العبر والعظات ليس للامة الاسلامية فقط بل للعالم اجمع وهي: اولا: التوكل علي الله والاخذ بالاسباب: لم يعتمد النبي صلي الله عليه وسلم علي الاسباب فقط وترك رب الاسباب بل كان يعلم ان الاسباب لا تأتي بنتائجها الا اذا اراد الله ولذلك بعد ان بذل الاسباب كلها تحلي بيقين عظيم في ان ما اراده الله سيكون وذلك ظهر في كلمته العظيمة ما ظنك باثنين الله ثالثهما وايضا قول المولي عز وجل في سورة التوبة في الآية40 الا تنصروه فقد نصره الله اذا اخرجه الذين كفروا ثاني اثنين اذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وايده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلي وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم. ثانيا: الثقة في النصر: فالنبي صلي الله عليه وسلم لم يفقد الامل في اي لحظة من لحظات حياته في هذه الرحلة الخطيرة وهو يخرج من مكة بهذه الطريقة وهو مطلوب من قريش ولا يأمن علي حياته ولا حياة اصحابه واثقا بان الله عز وجل لن يتخلي عنه فإذا به يبشر ليس فقط بظهور الاسلام علي قريش او العرب بل سقوط عرش كسري تحت اقدام المسلمين واخذ سواري كسري غنيمة له. ثالثا: حرصه علي الصحبة: يشير فضيلة الشيخ محمد اسماعيل بحيري إلي ان الرسول حرص علي الصحبة في كل مراحل حياته سواء في مكة او عندما خرج للطائف فهو دائما يبحث عن الصحبة الصالحة لذلك فقد اختار الصديق لصحبته في هذه الرحلة فعن ابي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم : المرء علي دين خليله فلينظر احدكم من يخالل .. فقد سطر لنا رسول الله قاعدة إسلامية اصيلة ان الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين ابعد. رابعا: الدعوة الي الاسلام في كل مكان وزمان: فالنبي لا يترك فرصة ولا يرتبط بظرف فيدعو كل من يستطيع واذا به يعرض الاسلام علي بريدة واصحابه من قبيلة اسلم فقد اعتبر النبي ذلك هدية من الله ساقه اليه لنشر دعوة الاسلام. خامسا: حب الصديق لرسول الله: وهذه من ضمن العبر والدروس الهامة من الهجرة فهذا الحب ليس من فضائل الاعمال بل هو من الواجبات فعن انس رضي الله عنه قال رسول الله: لا يؤمن احدكم حتي اكون احب اليه من والده وولده والناس اجمعين . فالصديق كان همه الاول هو ارضاء الرسول صلي الله عليه وسلم فلم يترك سبيلا من سبل الخير الا وسارع به بل ضحي بنفسه واهله وماله من اجل النبي فأنفق ماله في سبيل نصرة الاسلام ودافع عن الرسول حينما اراد المشركون ان يعتدوا عليه بالكعبة ليضرب اروع الامثلة والتضحية لنصرة النبي والاسلام.
