كم هي أوجه التشابه بين مصالح الدول والأفراد, وكما تقيس الدول مصالحها بالمنفعة, فهناك قوانين يقيس بها الأفراد مصالحهم ومنافعهم. من ذلك ما جاء في كتاب قراءات في قوانين القوة.. دليل مفصل إلي السيادة والهيمنة للأستاذ أحمد إسماعيل, حيث يقول: لا تكن واحدا من كثيرين يعتقدون خطأ, أن الشكل المطلق للقوة هو الاستقلال. فالقوة تتضمن علاقة ما بين الناس, أنك ستحتاج دائما لآخرين كحلفاء أو أدوات أو حتي سادة ضعفاء يخدمون جبهتك. الرجل المستقل بشكل كامل سيحيا في كوخ بالغابة, وستكون لديه الحرية ليذهب ويأتي كيف شاء, ولكنه لن يمتلك أي سلطة. أفضل ما يمكنك أن تأمل فيه هو أن الآخرين سيتكلون عليك بشدة حتي إنك تتمتع بنوع من الاستقلال العكسي: حاجتهم إليك تحررك! الدليل علي ذلك أن لويس الحادي عشر(1423 1483 م) وهو الملك العنكبوت العظيم لفرنسا كان موطن ضعفه التنجيم, وكان يحتفظ بمنجم للبلاط, وكان شديد الإعجاب به, حتي جاء يوم تنبأ فيه هذا الرجل بأن إحدي سيدات البلاط ستموت خلال ثمانية أيام. وعندما تحققت النبوءة, كان الملك لويس مرعوبا, مفكرا أنه إما قام هذا المنجم بقتل المرأة لإثبات دقته, أو أنه كان شديد التمكن في علمه. حتي إن قواه تهدد لويس نفسه, وأيا كانت الحالة فلابد أن يقتل! وذات مساء استدعي لويس هذا المنجم إلي غرفته, التي تقع في أعلي القلعة, وقبل وصول المنجم أمر الملك لويس خدمه بأن يمسكوا بالمنجم, ويحملوه إلي النافذة, ثم يلقونه منها إلي الأرض التي تبعد عنها100 قدم, عندما يعطي الإشارة لهم, وعندما وصل المنجم, وقبل إعطاء الإشارة, قرر لويس سؤاله السؤال الأخير, فقال له: أنت تدعي فهمك للتنجيم, وأنك تعرف مصير الآخرين, إذن أخبرني ماذا سيكون مصيرك وإلي متي ستظل حيا؟ قال المنجم: سأموت قبل ثلاثة أيام من موتك يا مولاي, وهنا لم تأت إشارة الملك قط, وأنقذت حياة المنجم, بل إن الملك العنكبوت ظل طوال حياته يقوم بحماية منجمه, وجاد عليه بالهدايا, وتولي العناية به أفضل أطباء البلاط, وعاش المنجم بعد موت لويس سنوات, مثبتا بطلان قدرته التنبؤية, ولكن مثبتا براعته الفائقة في السيطرة. د. صلاح أحمد حسن أستاذ بطب أسيوط