صخب وضوضاء وأصوات ماكينات تعلو وحركة بيع وشراء. صفات اختفت من مناطق الفحامين وباب الشعرية والدرب الأحمر ولم يبق منها إلا القليل لأنها كانت تضم عشرات. بل مئات ورش صناعة الحذاء المصري الذي وجد عدوا يقاتله بضراوة لا لشئ إلا لكونه يسير بشكل منظم وهو الحذاء الصيني برغم ضعف جودته ورداءة خاماته, وعمره القصير! عيد عبده أحد أصحاب ورش الأحذية يؤكد أن وجود المنتج الصيني أثر علينا بنسبة07% حيث كنت في ورشتي الصغيرة أقوم بتصنيع نحو06 زوجا من الأحذية يوميا.. أما الآن فلم يبق لنا سوي إنتاج02 زوجا فقط... لذلك يهرب العمال من الورش لأنهم يعملون بالانتاج ونحن مرتبطون بظروف العرض والطلب. ودخل العامل لن يكفيه فهو يتقاضي مصنعية عن الزوج الرجالي من الأحذية3 جنيهات وعن الأولادي جنيهين وعن زوج الشبشب جنيها واحدا.. وقد انخفض عدد الصنايعية إلي الثلث. وعن تكلفة زوج الأحذية فهي تتراوح لدينا من21 إلي02 جنيها وقد زاد المنتج بنسبة05% نظرا لارتفاع سعر الجلد فقد بلغ سعر الفرخ منه8 جنيهات بعد أن كان ب4 جنيهات فقط. غزو صيني عن أنواع الجلد يقول الأسطي عيد عبده هناك جلد طبيعي إما جمليا أو جاموسي أو بقري, أما الاسكاي فأنواعه كثيرة أهمها الاسكاي المحبب فهو أجود أنواعه. أما بهاء الدين هدية صاحب ورشة للأحذية فأكد أن مشكلة التسويق هي مشكلة أي منتج حيث إن المنتج الصيني يأتي بالخامات بأسعار زهيدة من بلده ثم يصنعها في مصر بعيدا عن أعين الرقابة في المجتمعات العمرانية الجديدة وبرغم رداءة المنتج فإنه يجد سوقا رائجة لأنه يعمل دراسة للسوق واحتياجاتها ويحل مشكلة التسويق. المشكلة الأكبر من ذلك يضيف أن منطقة الفحامين التي كانت تمتلئ بورش تصنيع الحذاء المصري الجيد بكل أنواعه أصبح جزء كبير منها ملكا للصينيين, ولكن الصيني يفضل أن يشارك المصري حتي يجد سندا له ولا تأكله عجلة السوق.. فبرغم أن خاماتنا أفضل بكثير وأسعارنا جيدة إلا أن الثقافة المصرية مقتنعة بأن الصيني أفضل وأرخص. قوانين المهنة يتابع بهاء الدين حديثه: إن لدينا مشكلة جديدة هي قوانين المهنة حيث نبعث بالبضاعة بعد تكلفتها وصناعتها إلي التاجر الذي يشتريها ولا يدفع ثمنها إلا بعد بيعها وإذا لم يبعها فعلينا استردادها بضاعة من جديد, وتظهر هنا مشكلة توفير السيولة. ويشرح أن انتاجنا تتسع له السوق المصرية في الوجهين البحري والقبلي.. وهناك فترات معينة من السنة مثل مواسم عيد الأم و7 يناير فإذا طرحنا أي كميات في السوق سنجد من يشتريها ولكن المشكلة مجددا هي نقص السيولة. ويعود بحديثه إلي المنتج الصيني الذي يقل قيمة وجودة عن المنتج المصري ولكنه يجد من يسوقه, فصعيد مصر متعطش لإنتاجنا ويتمناه لكننا لانجد الوسيط التسويقي له ولا نعرف احتياجات كل مكان لعدم وجود دراسة حقيقية للسوق.. وهذا لا يجعلنا ننكر ارتفاع أسعار خامات الانتاج.. فإذا كانت هذه مشكلة فرعية فيمكننا القول إن التسويق هو العقبة الكبري فنحن نستطيع إنتاج حذاء عالي الجودة يصدر وينافس في السوق العالمية. ويؤكد أن هناك مصانع صينية صغيرة داخل الكثير من المدن الجديدة خاصة في مدينة العاشر من رمضان أوجدت لها منافذ بيع في الفحامين والدرب الأحمر وباب الشعرية وهي معاقل إنتاج الحذاء المصري لدرجة أنها تسببت في غلق06% من الورش بسبب الغزو الصيني! ويشير إلي أن لدينا عمالا مهرة في هذا المجال خاصة لأنه قائم علي الصناعة اليدوية, إلا أن الكارثة هي تدلل العامل الماهر وهروبه من العمل.. فالعامل مادام يملك قوت يوم واحد ومزاج هذا اليوم علي حد تعبيره فلا ينزل للعمل. ويؤكد أن هناك ركودا غير مسبوق بين العيدين مما يجعل بعض العمال الآخرين يهربون لمهن أخري معاونة لسد احتياجات الحياة. ويضيف أحد التجار الآخرين( رفض ذكر اسمه) ان غرفة صناعة الجلود لاتقوم معهم بأي دور في مواجهة المنتج الصيني أو مواجهة مشكلة التسويق الجيد.. ولا ندري كيف نلتحق بالغرفة أساسا إذا كان التحاقنا بها يحتاج إلي أوراق وإجراءات عقيمة! ويتساءل لماذا لا تقوم الحكومة بعمل دراسات تسويقية لتعيد انتعاش هذه الصناعة لأن انتاجنا يكفينا ويجعلنا قادرين علي التصدير وحينها نستطيع سد الفجوة.