قبل إجراء التغييرات الوزارية بأيام وفي جو يسوده التوتر والانتظار أطلق دومينيك دوفيلبان رئيس وزراء فرنسا السابق في عهد الرئيس شيراك.. أو بالأحري هجماته علي الرئيس ساركوزي. مما أثار صدمة لدي الطبقة السياسية وجلب عليه ردودا لم تقتصر علي ساركوزي والمحيطين به والمقربين منه, بل شملت أيضا المقربين أو من كانوا محسوبين من المقربين من دي فيلبان نفسه. دومينيك دوفيلبان خرج يخطو خطوة جديدة في هجومه علي ساركوزي ويعلن أن ساركوزي هو إحدي مشكلات فرنسا ويقول بكل تصميم إن نيكولا ساركوزي ليس هو الرد ولا هو الحل لمشاكلنا.. بقدر ماهو المشكلة في حد ذاته وأن الوقت قد حان لاغلاق هذه الفترة الاعتراضية السياسية التي نعيشها منذ2007! ويمضي دوفيليان في انتقاداته معربا عن اعتقاده بأن ساركوزي ليست لديه أي فرصة للدفاع عن ألوان الأغلبية في انتخابات2012 مالم يتغير, وقال إن سياسة ساركوزي تحط من شأن فرنسا حيث أصبحنا منقسمين. وشاهدنا كل أشكال المهانات التي لحقت الوزراء في السباق الي الماتينيون وتساءل قائلا هل هذه هي طريقة الحكم.. أن تهين المحيطين بنا والمسئولين؟! وذلك في إشارة واضحة الي الجري واللهث الذي لاحظه المراقبون في الأسابيع الأخيرة من جانب المقربين من فرانسوا فييون الذي احتفظ برئاسة الوزراء بعد ما ترددت الشائعات علي مدي الاسابيع الماضية حول احتمال تغييره. دوفيلبان رئيس الحركة السياسية جمهورية تضامنية يبدو مؤهلا لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة وإن جاء ذلك متأخرا خمس سنوات حيث كان هو المرشح الأوفر حظا كخليفة للرئيس شيراك الي أن ضاعت هذه الفرصة أولا بسبب الاضطرابات التي شهدها في السنة الأخيرة لرئاسته للوزارة في عهد شيراك.. والتي تشكك البعض من المراقبين في أن أصابع وزير الداخلية آنذاك نيكولا ساركوزي لم تكن ببعيدة عنها.. وثانيا بسبب سيطرة ساركوزي رئيس حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية في ذلك الوقت الكاملة علي الحزب الذي اتخذ قرارا بأن يتم الترشيح للرئاسة من خلال انتخابات أولية تجري في داخل الحزب وهو ماتحقق بالفعل وفاز بها ساركوزي ثم كذلك بسبب فضيحة كليرستريم التي أثارها ساركوزي واتهم فيها دوفيلبان بأنه وراء تسريب كشف مزيف بأسماء ضمنها ساركوزي وهي قضية يصر ساركوزي علي أن تظل تلاحق الخصم دوفيلبان حتي بعد أن أبرأت المحكمة ذمته منها ولكن تم الاستئناف لكي يظل دوفيلبان في قفص الاتهام. فكل استطلاعات الرأي التي جرت في الأسابيع وفي الشهور الأخيرة الماضية ترشح لفوز زعيم أو زعيمة اشتراكية بمقعد الرئاسة خلفا لساركوزي ويأتي في المقدمة المدير الحالي لصندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس كأهمهم في حالة إذا ماقرر خوض انتخابات.2012 وان كانت الاستطلاعات لا تري فيه الخليفة الأفضل للرئاسة بل يرون أن زعيمة الحزب الاشتراكي الحالية مارتين أوبري هي الأكثر التزاما وهي أيضا القادرة وفق الاستطلاعات علي هزيمة ساركوزي. اما دومينيك دوفيليان فيأتي في مرتبة تالية لهؤلاء وإن كان استطلاع أخير للرأي أجراه المعهد الفرنسي للرأي العام لمجلة باري ماتسن يظهر أن47% من الفرنسيين يفضلون دوفيلبان بعد أن كانوا30% فقط قبل عامين في اكتوبر2007 بينما يفضل44% نيكولا ساركوزي بعد أن كانوا67% قبل عامين. ولكن مسألة الانتخابات ليست بهذه السهولة كاستطلاعات الرأي وساركوزي المعروف بنضاليته ليس هو الشخص الذي يستسلم بهذه السهولة.. وهاهو قد فاز بمعركة قانون إصلاح المعاشات التي فشل آخرون من قبل فيها والتي لم تكن بالمعركة السهلة وصدر القانون وأصبح نافذا رغم الاحتجاجات والاعتراضات والصدامات التي جرت.. ولم تهز إرادته وتصميمه.. استعدادا لمعارك الانتخابات القادمة وفي هذا المجال ايضا تندرج التغييرات الوزارية والحزبية التي جرت امس الأول.. وهي تغييرات جعلت الكل يهب للرد علي دوفيلبان وهجومه علي ساركوزي عله يحظي بالرضي الرئاسي.. وكان أعنف الردود هو ذلك الذي جاء علي لسان رئيس الوزراء المعني بالفعل في مكانه فرانسوا فيون, فقد شبه دوفيلبان ب كلب الصيد المجنون! إلزافييه برتران سكرتير عام الحزب قال أعتقد أن مايسعي إليه دوفيلبان هو أن يدفعنا للرد علي تصريحاته وهو يريد إحداث ضجة.. جان فرانسوا كوبيه الشيراكي مثل دوفيلبان رئيس المجموعة البرلمانية لحزب الاتحاد من أجل حركة شعبية وصف تصريحات دوفيلبان بأنها صادمة. ويعلق دوفيلبان علي احتمال ترشح ساركوزي لفترة رئاسة ثانية ويقول ان الشيء المؤكد هو أنه هناك شعورا اليوم بالظلم وبالاحباط وباللافهم في كل مكان في بلادنا والسؤال هو: هل يمكن انطلاقا من هذا الواقع أن تحمل آمال عائلة سياسية؟ تحرك نشط لدوفيلبان تنقل خلاله علي مختلف أجهزة الميديا الفرنسية التي تتابع نشاطاته وتحركاته.. في نفس الوقت الذي يعمل فيه ساركوزي من أجل تحجيم خصمه فقد تقارب من ناحية مع الرئيس جاك شيراك المعلم الحقيقي لدوفيلبان من خلال عقد اتفاق بين الحزب الحاكم حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية وبلدية باريس يقوم علي أن يدفع الحزب ثلاثة أرباع الغرامات المفروضة علي شيراك بسبب قضية الموظفين الوهميين التي تلاحق الرئيس السابق منذ أن كان عمدة لباريس وصرف من بلدية العاصمة رواتب لأشخاص يعملون في حزبه وفي حملته الانتخابية.. وقد تم في شهر اكتوبر التوقيع علي اتفاق بين الحزب وبلدية باريس.. تنتهي من خلاله ملاحقة القضاء لشيراك.. من حيث المبدأ.. بالاضافة إلي تعيين آلان جوبيه رئيس وزراء شيراك السابق, وزيرا للدفاع وجعله الرجل الثاني بالحكومة الجديدة التي تضم30 عضوا اي اقل من الحكومة السابقة بسبعة اعضاء في الوقت الذي انخفض فيه عدد السيدات من13 إلي11 سيدة كما شهدت التغييرات خروج وزير العمل بسبب فضيحة سيدة الاعمال الفرنسية الشهيرة بونتكور في محاولة لتهدئة الرأي العام الفرنسي.