لا أحد ينكر أن حي المعادي بطابعه المعماري التراثي القديم يمثل طرازا معماريا فريدا, ولا نبالغ إذا قلنا إنه ينافس أرقي الأحياء الأوروبية. لكن يبدو أن لصوص التاريخ لايروق لهم دوام الحال علي ما هو عليه... فقد قرروا سرقة تاريخ هذا الحي الرائع... واستبدال فيلاته النائمة خلف الأشجار بأبراج سكنية وناطحات سحاب لا يعرف أصحابها معني التاريخ وليس لهم إلا هدف واحد ألا وهو الربح ثم الربح. تفاصيل كثيرة تكشف عنها تحقيقات الأهرام تؤكد حجم التحايل علي القوانين وتواطؤ بعض الموظفين من ضعاف النفوس وعدم صمت من جانب محافظ حلوان. تفاصيل المأساة سكان المعادي ممن يغارون علي حيهم أفزعهم هذا السلوك المخرب فحرروا العديد من الشكاوي والاستغاثات وبعثوا بها إلي مكاتب الوزراء والمسئولين والجهات المعنية الذين أصبح واجبا عليهم وضع حد لهذه المؤامرة والضرب بيد من حديد علي من تسول له نفسه أن يخرب ضاحية المعادي ويقتل فيها الجمال الذي عرفت به منذ نشأتها. تفاصيل المأساة كما يرويها المهندس حسين عبد الله أحد سكان المعادي بدأت بقيام أحد الأشخاص بشراء فيلا بالمعادي ذات حديقة خاصة ثم قيامه باستصدار قرار تقسيم الفيلا عن الحديقة وهو اختراع جديد ابتدعه بعض موظفي الحي من ضعاف النفوس, بعدها يتم تبوير الحديقة حتي تتحول إلي أرض فضاء بعد قطع جميع الأشجار الموجودة بها رغم أنها نادرة وتلك جريمة أخري. ويضيف ثم تبدأ الخطوة التالية بتخريب الفيلا وتشويه معالمها استعدادا لهدمها ثم بناء عمارة سكنية من خلال ارسال خطاب للحي للمطالبة باستخراج رخصة مبان لعمارة بارتفاع أعلي من المسموح به في المعادي والمحدد بارضي ودورين ويتم الاتفاق مع موظف الحي المختص علي إخفاء طلب استخراج الرخصة لمدة30 يوما وهي الفترة المسموح بها للرد علي الخطاب ويقوم الموظف بهذه الحيلة لتمكين طالب الرخصة من اللجوء للقضاء الإداري للمطالبة برخصة تجيز له الارتفاع إلي11 طابقا أو أكثر وذلك لأن الحي تأخر في الرد علي طلبه قبل مرور المدة المحددة للرد, وقد تكررت هذه الحيلة عدة مرات بواسطة اشخاص آخرين وهو ما حدث في عمارة ميدان نادي المعادي والعمارة الكائنة بشارع13 تقاطع شارع85 علي سبيل المثال. وتابع قائلا: الفيلا رقم33 بشارع85 قام صاحب احدي شركات المقاولات بهدمها برخصة هدم مزورة وهي واقعة نشرتها الجرائد القومية وحصل صاحبها علي البراءة ثم قام باستخراج رخصة البناء بنفس الحيلة السابقة وبالتواطؤ مع موظفي الحي, والغريب أن صاحب شركة المقاولات حريص علي ألا يظهر اسمه في الأوراق وإنما يسجلها باسم شخص آخر مستغلا اتصالاته الخاصة في إنجاز الرخصة وخير دليل علي ذلك عقد الشراكة المبرم بين صاحب الشركة وأصحاب هذه الأراضي. ضحايا المؤامرة ويضيف مهاب وهبة أحد السكان قائلا القطعة رقم26 شارع12 تكرر بها نفس السيناريو باسم شقيق صاحب شركة المقاولات. فقد تم هدم الفيلا التي كانت مقامة علي تلك الأرض بدون ترخيص وتم تحرير محضر للمالكة( س. س) ولكنها حصلت علي البراءة وبعد بيع الأرض لشقيق صاحب الشركة تم الحصول علي حكم من القضاء الاداري باقامة عقار حسب القرار الجديد للسيد المحافظ قدري أبو حسين ولجنة هيئة التنسيق الحضاري ووزارة الاسكان والذي ينص علي أن يكون الارتفاع دورين فقط ولكن كالعادة ضرب عرض الحائط بالقرار واللجوء الي القضاء الإداري وحصلوا بالفعل علي رخصة أرضي+11 طابقا وهو ماتكرر أيضا في العمارة رقم70 بشارع النهضة تم هدم الفيلا التي كانت قائمة علي الأرض قبل الحصول علي رخصة, وكذلك الحال بالنسبة للفيلا المقامة علي القطعة الكائنة بميدان القسم مع شارع14 وهي من أجمل الفيلات في حي المعادي وذات موقع متميز في مدخل الضاحية. وتساءل: هل يعقل أن يكون شخص واحد هو الذي يقف وراء كل هذه الألاعيب والقضايا ويلجأ إليه أصحاب هذه الأراضي في المعادي ليشاركهم في المباني ذات الارتفاعات الشاهقة من أجل تحقيق الأرباح دون النظر الي تخريب المعادي وتشويه صورتها ؟! أما كريم السبع أحد ساكني الحي أكد أن المقاول يقوم بأعمال الحفر علي أعماق بعيدة الأمر الذي يهدد العقارات المجاورة لأنه لم يتخذ أية احتياطات هندسية تكفل الحفاظ علي هذه العقارات وتم عمل محضر في3 أغسطس الماضي وتقديم شكوي لجهاز شئون البيئة ومحضر بقطع الأشجار وسقوط الرصيف برقم7556 إداري المعادي بتاريخ27 سبتمبر2010. وأضاف محمد صبحي أحد سكان الضاحية أنه الآن بعد صدور قرار المحافظ بالبناء فقط علي50% من مساحة الأرض والارتفاع لا يزيد عن أرضي+ دورين يقوم أصحاب المصلحة الذين تسببوا في تدمير ضاحية المعادي بالتلاعب للحصول علي التراخيص بتاريخ قديم أي قبل صدور قرار المحافظ, كما أن هناك حيلة أخري وهي أن يتم استخراج ترخيص حجرة مصعد مع رخصة المباني وبعد ذلك تنقلب حجرة المصعد الي حجرة كبيرة جدا تصبح فيما بعد شقة فاخرة بحمام سباحة ثم يتم فتح سلم داخلي من الدور العلوي وتصبح فيلا علوية. وأضاف: أرسلنا شكاوي ضد هذا التخريب المتعمد لضاحية المعادي الي كل من وزيري الاسكان والعدل والنائب العام ورئيس التفتيش القضائي ورئيس محكمة القضاء الاداري والمحافظ ومدير الرقابة الادارية ورئيس هيئة التنسيق الحضاري ورئيس جهاز التفتيش الفني علي أعمال البناء وجمعية محبي الأشجار, ومازلنا ننتظر الرد والوقوف في وجه من يريدون تغيير وجه المعادي وكشف ألاعيبهم ومعاقبة من يتواطأ معهم من الموظفين للتحايل علي القانون. لن نتهاون وبسؤال قدري أبو حسين محافظ حلوان حول رأيه في الجريمة التي تقع علي أرض المعادي, أكد أن الطبيعة الراقية التي تمتاز بها ضاحية المعادي جعلتها مطمعا لبعض المقاولين الذين يبحثون عن الأرباح الطائلة من خلال هدم فيلات المعادي بعد شرائها وتحويلها إلي أبراج سكنية يحددون فيها سعر الشقة بمبالغ كبيرة جدا. وقال المحافظ إن هناك عددا كبيرا من قرارات الإزالة صدرت للمباني المخالفة لاشتراطات البناء بالحي وكذلك تم تحرير محاضر للمخالفين مؤكدا أن المحافظة لن نتهاون في التصدي لمن يريدون تغيير الطابع الجمالي والمعماري المتميز الذي عرفت به المعادي منذ إنشائها. وأشار إلي أن المحافظة قامت بالطعن علي الأحكام التي أصدرها القضاء الإداري لصالح عدد من المقاولين الذين لجأوا إليه للحصول علي تراخيص بالهدم تمهيدا لإقامة الأبراج السكنية علي أنقاض الفيلات وذلك بعد أن يتعمد طالب الرخصة تجاوز مدة الثلاثين يوما المحدد لرد الحي علي طلبه حتي يتمكن من اللجوء الي القضاء الإداري.. وهو ماتنبهت إليه المحافظة وقامت علي أثره بالطعن علي تلك الأحكام ومن ثم اتخاذ جميع الإجراءات التي تحمي هذا الحي. ومن ناحية أخري قال أحمد الجندي رئيس جمعية محبي الأشجار انه توجد عدة قوانين وقرارات وأحكام دستورية تنظم أعمال البناء بحي المعادي أهمها القانون رقم106 لسنة1976 ولائحته التنفيذية لتطبيق أعمال البناء والمعدل بالقانون رقم101 لسنة1996 رقم268 لسنة1996 في الفصل الثاني مكرر. اشتراطات البنائية في منطقة المعادي والتي تنص علي إلا تزيد المساحة البنائية علي50% من مساحة الأرض المرخص بالبناء عليها بينما يكون الحد الأقصي للارتفاع الكلي للبناء3 أدوار متكررة فوق الدور الأرضي أو مثل عرض الطريق أيهما أقل. حسب نص القانون. وأضاف أن هناك أمرا صادرا عن السيد رئيس الجمهورية برقم(2) لسنة2004 الأمر العسكري رقم2 لسنة1998 الخاص بمنع هدم القصور والفيلات والالتزام بقيود الارتفاع والاشتراطات البنائية والتي يدخل في نطاقها ضاحية المعادي( أرضي+3 أدوار) وأوضح أن هناك حكما أصدر عن المحكمة الدستورية العليا في22 مارس1997 اعتبر الاشتراطات البنائية بالمعادي والمحددة بقرارات التقسيم ولها قوة القانون ولا يجوز مخالفتها وبالتالي فكل مايحدث من عمليات هدم وبناء في حي المعادي يمثل جرائم مخالفة للقانون واغتيال علنيا لهذا الحي الهاديء الذي تتجه الدولة الي اعتباره منطقة تراثية ومعمارية متميزة. ويتعارض مع التوجه الحالي للدولة في ضم منطقة المعادي كمنطقة تراثية ومعمارية متميزة وفقا للقانون119 لسنة2008 الذي يحدد نظم الهدم والبناء في هذه الأحياء المعمارية التراثية.