معادلة الزواج صارت معقدة وتكلفة الزواج ارتفعت.. برغم ذلك تتفاخر الأسر بقيمة و عدد الذبائح و عدد المعازيم ومن العيب ألا يقوم العريس بطرق جميع أبواب القري النوبية ليعزم أهلها. من بدايات شهر يونيو وحتي شهر نوفمبر, تتوالي الأفراح لتحول صيف النوبة الي مهرجانات احتفالية يلتقي فيها القاصي و الداني للمشاركة و التهنئة و ايضا الاستمتاع. في يوم زفاف سمير ومحمد, أخوين من أبناء الجزيرة علي رشا و مروة.تحولت جزيرة هيسة, في حضن نيل أسوان, الي خلية نحل,وبدأ الضيوف يتوالون علي الجزيرة من أنحاء متفرقة من قري النوبيين, حتي وصل عددهم الي ما يقرب من ألفي شخص. وفتحت بيوت الجزيرة جميعها لاستقبال المعازيم و الاحتفاء بهم. استعدادات تتم علي قدم وساق في منزل كل عريس وعروسة. تطبخ النساء الفتة, الملوخية, المحاشي واللحوم, طعاما للغذاء و العشاء. و في الجهة المقابلة, تقوم عائلة العرسين بطهي العجائن ولحوم العجل الذي تم ذبحه بالأمس احتفالا بالمناسبة. والمشهد نفسه يتكرر علي مدار اليوم... صوان تدخل وأخري تخرج عليها أشكال متنوعة مما لذ وطاب من الأطعمة والحلوي, تحية للضيوف. عادات لا يمكن التنازل عنها, كما تقول عدنية, أحد اقارب العروس( من يشرفنا قبل الفرح بيوم أوعدة ايام, له علينا حق الضيافة, من طعام و مشروبات وحلوي, فالفرحة تكتمل بالتجمع و اللمة). ورغم الاستعداد لتغير أصناف الطعام و شكل البيت النوبي و أثاثه, الا أن عادات الزواج من المستحيل مناقشتها كما يقول حمادة عابدين, ابن عم العريس, و يضيف( قبل الفرح باسبوع, يجب أن يقوم العريس بنفسه بجولة في جميع القري النوبية من غرب سهيل الي تنجار, عزبة العسكر, الشلال, كرور وغيرها, ليطرق أبوابها واحدة تلو الاخري ليعزم اصحابها, ويعتبر عيبا الا يقوم بذلك.) و الأهم كما يقول محمد أن هو من يتحمل القدر الأكبر من أعباء و تكاليف الزواج( نحن نحتاج اليوم مالا يقل عن00008 جنية للزواج, بعد أن استبدل كثيرون البيت النوبي التقليدي بآخر من الأسمنت و الحديد, و أثاثه البسيط بأثاث عصري و أجهزة كهربائية, مما يجعل الكثيرين يستدينون اليوم لمواجهة نفقات الزواج). و بزيارة بسيطة لأحد بيوت العرائس, نجد كم صارت المعادلة شديدة التعقيد, فلا بديل عن غرفة النوم, الصالون و المطبخ بأجهزة كهربائية حديثة, بالاضافة الي بطانية علي الاقل تحسبا للزيارات. ضروريات كما تقول أسماء22 سنه, لأن البيت النوبي يجب ان يكون في وضع استعداد دائم لاستقبال الزوار. و تضيف أن الأسر النوبية تتمسك بالعادات فيما يخص تجهيزات الزواج و مراسم الاحتفالات التي تمتد لأسبوعين قبل و بعد الزواج. (هنا تتفاخر الأسر بقيمة و عدد الذبائح و عدد المعازيم أيام الحنة و الفرح. فهي منافسة شديدة في مظاهر الاحتفال و الكرم).كما تقول أسماء المخطوبة منذ عدة سنوات و تحاول كسب بعض الرزق عن طريق رسم الحنة لمساعدة خطيبها. وهي تحاول تحليل ما حدث للأسر من بعض التغيرات النوبية لترجعه الي دخول التليفزيون و الدش الي البيوت مما صبغها بكثير من مظاهر المدينة و الموضات الحديثة, لتتراجع أمامها مكونات البيت النوبي التقليدي. (فاليوم كثير من العائلات تحرص علي ان يكون بيت بنتها يحوي أثاثا حديثا, بينما لا تكتفي العروس بالحنة و لكن تذهب الي الكوافير في المدينة و ترتدي فستان فرح علي الموضة و تحرص علي اقامة زفة كبيرة و رقص حتي الصباح علي انغام احدي الفرق النوبية الشهيرة). و تتساءل:( كيف يمكن لشاب لا يكسب الا القليل ان يتحمل كل هذه التكاليف, ولا ننسي أنه يجب ايضا ان يصطحب عروسه لقضاء عدة أيام عسل في أحد فنادق المدينة, او الغردقة او شرم الشيخ.) تسأل الفتاه التي تحلم بالعمل في احد الفنادق و لكن خطيبها يرفض ذلك بسبب التقاليد. تقاليد تبدو غير قابلة للاختراق في بعض الأحيان مثل عمل المرأة خارج نطاق قريتها و عادات الزواج التي من الصعب مناقشتها