حكاية طريفة رواها الفنان الكوميدي إبراهيم نصر في أحد البرامج التليفزيونية حيث كان عائدا من التصوير وعرض عليه الفنان الكبير توفيق الدقن أن يوصله بسيارته من موقع التصوير النائي إلي أقرب مكان من بيته وفي داخل السيارة تحدث إبراهيم نصر عن ضيقه واعتراضه علي كثير من سلوكيات الناس في مصر وربما تفوه بكلمة غاضبة من شاب متحمس فأوقف الفنان توفيق الدقن السيارة وأصر علي أن يهبط الشاب علي الفور ليقبل تراب مصر ويعتذر للتراب العظيم الذي خرج منه ويعلن بأعلي صوته أنه يحب الوطن ويشرف بالانتماء إليه وتصور إبراهيم نصر أن أستاذه يمزح.. أو سيكتفي بكلمة اعتذار من داخل السيارة خاصة أن السماء تمطر بشدة ومن الصعب أن يقوم فعلا بتقبيل الأرض في هذه اللحظة.. لكن الأستاذ توفيق كان شديد الجدية والإصرار علي موقفه.. ولم يتحرك إلا بعد أن هبط إبراهيم نصر وقبل الأرض وأعلن بأعلي صوته أنه يحب مصر ويشرف بالانتماء إليها.. والحكاية برغم غرابتها تدلنا علي وطنية ورومانسية ذلك الفنان القدير توفيق الدقن الذي لم يشتهر إلا بأداء أدوار الشر والفساد بمختلف صوره علي شاشة السينما..ولعل السينما المصرية التي أعطته النجاح والشهرة وحب الناس قد ظلمته كثيرا بترشيحه في أدوار نمطية مكررة تعتمد علي نجاحه السابق ولا تحاول اكتشاف كنوز الموهبة في داخله. علي عكس خشبة المسرح التي قدمت توفيق الدقن في أدوار منوعة عديدة ولم تتأثر بالصورة السائدة التي انطبعت في أذهان الناس من شاشة السينما,ويقرر قاموس المسرح الذي حررته وأشرفت عليه الدكتورة فاطمة موسي أن بداية توفيق الدقن مع المسرح كانت في عام1946 حيث أسند إليه تمثيل دور في حفل لفرقة زائرة بالمنيا نظرا لغياب أحد الممثلين من الفرقة فجأة. واجتذبته هواية التمثيل فالتحق بفريق التمثيل التابع لمصلحة السكك الحديدية التي كان يعمل بها.. ثم التحق بمعهد التمثيل وتخرج فيه في عام1950, وانضم لفرقة المسرح الحر في عام1952 ثم التحق بالمسرح القومي في عام1958 ليقدم فيه أروع أعماله المسرحية ومنها المحروسة التي أدي فيها دور المأمور وكفر البطيخ التي لعب فيها دور العمدة والسبنسة حيث كان يؤدي شخصية الصاغ أمين خبير المفرقعات وعائلة الدوغري حيث قدم شخصية فريدة عليه وهي الشقيق الأكبر المتصوف الزاهد في الحياة الذي يراقب تصرفات إخوته بصبر وإيمان ونظرة متسامحة ثم الرجل المزواج في كوبري الناموس والريجسير الفهلوي في سكة السلامة, وحداية الأعرج في سليمان الحلبي وغيرها من أدوار ستظل خالدة شاهدة علي حجم موهبته وقدرته علي التجدد والابهار.