تهديدات القاعدة لن توقف مساعينا، ولن تغير من خططنا، ولن تطغى على أحد أهم الأحداث التى تسيطر على حياتنا السياسية هذه الأيام. اسلمي يامصر من كل حاقد خوان وجبان. اسلمي يامصر بكل أبنائك مسيحيين ومسلمين من كل متآمر لايعرف قدرك ولايدرك وزنك. اسلمي يا مصر بكل أطفالك ونسائك وشبابك ورجالك من كل خارج علي كل قيمة وكل دين, وكل منكر لقيمة الحياة الإنسانية التي عرفت الأمن والاستقرار في ربوعك منذ فجر التاريخ. اسلمي يامصر بدعوة الإسلام والمسيحية, وقد وجدتا في أرضك وبين شعبك, أمة تسعي لإعلاء قيم الحق والخير والسلام. عاد العقل المجرم يصب التهديد ويطلق الوعيد لأمن مصر ووحدة شعبها. عاد العقل المجرم هذه المرة يجر أذيال الخيبة والفشل والضياع حين استهدف المصريين المسيحيين في دور عبادتهم. سنوات مضت وذلك العقل المجرم يضرب أمن المسلمين وأمان المؤمنين بأكاذيب الجهاد ودعوات التطرف حتي انكشف للمسلمين, قبل غيرهم, زيف دعوتهم وانحراف مقصدهم, عادوا هذه المرة يهددون أمن شركاء الوطن بدعوي الدفاع المزيف عن الإسلام والمسلمين في مصر. يريدون حماية أمن المسلمين الذي اجترأوا عليه زمنا واستباحوا فيه دماء الرجال والنساء والأطفال من المسلمين في مصر وفي غيرها. فأي أمن للمسلمين في مصر يريدون, وقد هددوا شركاء التاريخ والوطن؟ أي أمن للمصريين المسلمين وإخوانهم مهددون؟ فأمن المسلمين هو أمن المسيحيين ولن ينعم فرد واحد في مصر أو يهنأ بأمن أوأمان لايشاركه فيه المصريون جميعا مسلمين أو مسيحيين أو زائرين مقيمين. الإرهاب من حولنا يخطو خطوة جديدة, ويدخل أفقا مختلفا, يعبر به عن إفلاسه وخيبة أمله, ولكنه يحمل إلي هذا العالم خطرا جديدا, ويدق أجراسا كثيرة تنذر بأخطار تهدد الجميع. قد لايعرف هؤلاء الإرهابيون حقيقة السبيكة البشرية المصرية في وقت الخطر. صرفهم جهلهم وضيق أفقهم إلي أوهام لاتدرك كيف تنتفض الشخصية المصرية الجماعية في مواجهة الأخطار الكبري التي تهدد الجميع. وتهديدات القاعدة الأخيرة لدور العبادة المسيحية هي من تلك النوعية من الأخطار التي تستنفر طاقات المصريين جميعا للدفاع عن الأمن العام للمجتمع. غرتهم أحداث تنشأ هنا أو هناك بين مسيحيين ومسلمين لأسباب اجتماعية أو بغيرها فظنوا أن أرض مصر قد أصبحت أرض فتنة يمكن أن تشعلها تهديداتهم, ويمكن أن تردد صدي دعواتهم الخرقاء, ويمكن أن تجد لها مناصرين من بين المصريين. تهديدات القاعدة سوف تجعل حماية دور العبادة المسيحية مسئولية إسلامية يقوم بها المسلمون في مصر قبل المسيحيين.لايدرك هؤلاء بأفكارهم التي جاءوا بها من عصور الفتن وأزمان الانحطاط أن مصر تستعصي علي هذا النوع من الفتن. نحن شعب علمه التاريخ طويلا, ومكنته الحكمة من أن يري زيف دعاة الفتن مهما تكن شعاراتهم. كشفت تهديدات القاعدة لدور العبادة المسيحية في مصر عن معدن المصريين في وقت الأزمات. الجميع علي اختلاف مذاهبهم وأفكارهم انتفض رافضا ومنكرا هذا العبث من فصيل خارج علي ثوابت الأمة. أصبحت دور العبادة المهددة في قلوب المصريين جميعا. ولا ينتظر أحد من هؤلاء التحية أو الشكر علي موقفه فتلك طبيعة مصرية, مكنت مصر من البقاء عبر التاريخ صامدة عزيزة وقوية. هذا الموقف الجماعي المصري درس لكل من تسول له نفسه العبث بأمن هذا البلد مهما تكن الدعاوي ومهما تكن الشعارات. وكما قيل فإن السم الذي لايقتلنا يزيدنا قوة. تهديدات القاعدة لن تنال من وحدتنا, ولكنها سوف تزيدنا قوة وإصرارا علي مواجهة كل الدعاوي التي تريد بمصر شرا. اليوم ندرك كيف يري المتربصون بنا ما ينشأ بيننا من خلاف, وكيف يريدون استثمارها. لن تنهي تهديدات القاعدة كثيرا من التفاعلات التي تنشأ وتنتج عنها خلافات في الرأي أو الفكر, ولكنها تنذر بأهمية أن نتدارك تلك الخلافات حتي لانعطي مثل هؤلاء فرص التآمر والكيد للمصريين. اليوم ندرك حقيقة سياسات وقرارات كثيرة تم اتخاذها في مصر لحماية وحدتها وأمنها دون ضجيج. منذ أيام قليلة كان هناك قرار بوقف عدد من الفضائيات التي تجاوزت كثيرا وصبرنا عليها طويلا. كثيرون منا ذهبوا في تفسير ذلك في ظل الانتخابات المقبلة, ولم يدركوا وقتها أن كثيرا من تلك الفضائيات غاصت في أعماق الفتنة, ونشرت أفكارا تهدد الأمن والاستقرار, وتوسعت كثيرا في تفسير بعض الأحداث علي خلفية فتنة طائفية تنذر أمن مصر بالخطر. واليوم ندرك كم كانت تلك الفضائيات بسمومها ونواياها الملتوية تمثل تهديدا حقيقيا للمصريين جميعا. واليوم ندرك أيضا كم كانت بعض الممارسات الإعلامية خاطئة باستغلالها مناخ الحرية في بلادنا, فانزلق البعض إلي هاوية الاختلاف غير مدرك لما يعنيه انفلات الحرية من معاييرها ومقاصدها. لقد اخترنا الحرية طريقا لإطلاق طاقاتنا وحشد قدراتنا لتحقيق حياة أفضل للجميع في هذا البلد. ولم تكن الحرية أبدا اختيارا ننشر به الفتن, ونزيد به الخلاف والاختلاف. نحن بحاجة إلي أن نتوقف قليلا لنعرف اين كنا وكيف أصبحنا وما هي وجهتنا في قادم الأيام؟ وقد عرفنا كيف يتربص بنا الحاقدون, وكيف أغروا بنا عصبة من المتطرفين الذين اتخذوا الإرهاب طريقا لفرض إرادتهم.
عودة إلى أهم الأحداث على أرض مصر تهديدات القاعدة لن توقف مساعينا، ولن تغير من خططنا، ولن تطغى على أحد أهم الأحداث التى تسيطر على حياتنا السياسية هذه الأيام. فالشعوب الكبري كتب عليها أن تواجه العديد من التهديدات الكبري في آن واحد، فالانتخابات البرلمانية تدق الأبواب, ترسم في خطوط عريضة مستقبل الحياة السياسية في بلادنا, وتعبر في وضوح عن خريطة القوي السياسية والاجتماعية كما يراها الناخبون المصريون. والانتخابات المقبلة سوف تنتهي إلي نوعين من النتائج: الأول يتعلق بطبيعة القوي السياسية التي سوف يختارها المصريون لتتولي أمر التشريع والرقابة علي السلطة التنفيذية لخمس سنوات مقبلة. وهي مهمة وإن كانت قصيرة الأمد فإنها تنطوي علي أهمية بالغة بحكم المهام التي تنتظر البرلمان المقبل في هذه المرحلة من التحول الديمقراطي في مصر. أما الثاني فهو يتعلق بالتجربة والدروس التي سوف تضيفها الانتخابات إلي الخبرة السياسية المصرية علي مستوي الناخبين والمرشحين والأحزاب, وهي خبرة يمكن أن تدفع التحول الديمقراطي خطوات واسعة في قادم الأيام. وأملنا ألا تنتهي الانتخابات المقبلة فقط إلي النوعية الأولي من النتائج فهي كما قلت قصيرة الأجل وسوف تنتهي بعد خمس سنوات. ولكنني آمل أن تنتهي الانتخابات باضافة خبرة سياسية أفضل تمكننا من تطوير البنية السياسية والفكر السياسي المصري, وهو ما نحتاجه لفترات زمنية طويلة مقبلة. والحقيقة التي تكشف عنها الساحة الانتخابية الراهنة هي أن العمل من أجل النوعية الأولي من النتائج يسيطر علي كثير من الأحزاب والقوي السياسية باستثناء الحزب الوطني الذي يعمل من أجل هاتين النوعيتين من النتائج في آن واحد. وربما كان ذلك نتاج عاملين: أولهما أنه حزب الأغلبية الأكثر انتشارا وتأثيرا في مجريات الحياة السياسية المصرية. والثاني أن الحزب الوطني ومنذ نحو سبع سنوات قد خضع لتطورات كثيرة في بنيته ورؤيته, مكنته من أن ينظر أبعد من النتائج المباشرة للانتخابات, ويتطلع إلي مستقبل الحياة السياسية المصرية بصورة عامة. فخلال تلك السنوات أدخل الحزب إلي الحياة السياسية المصرية الكثير من الممارسات التي لم تكن قائمة سواء علي مستوي البناء الداخلي للحزب أم علي مستوي العلاقة مع أطراف العملية السياسية. هذه الرؤي الجديدة والفاعلة كانت في واقع الأمر نتاج فكر جديد عصري ودءوب, استوعب جيدا معطيات التغيير في الحياة السياسية المصرية ومحيطها العالمي. استطاع هذا الفكر الجديد أن يغير كثيرا من أساليب العمل والتفكير داخل الحزب الوطني بالحوار الهادئ المنظم. وعلي مدي السنوات الماضية قاد هذا الفكر الحزب الوطني إلي موقع مختلف ومكانة متميزة. وأصبح الحزب الوطني في معاركه الانتخابية مستندا إلي فكره ورؤيته وقدراته التنظيمية وتفاعله النشيط والحيوي مع هموم المواطنين ومشكلاتهم. فكان الأسبق إلي دعوة وسائل الإعلام إلي الحياد, ورفض كل أشكال التمييز بين الأحزاب, وكان الأكثر حرصا علي ضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة تعكس حجم القوي السياسية المختلفة. يدخل الحزب الوطني الانتخابات المقبلة ولديه كشف حساب كامل عما وعد وعما أنجز. وهذا بحد ذاته يعطي الوعود الانتخابية معني ومغزي غير مسبوق. فقد اعتدنا الكثير من المزايدات في الانتخابات منذ أن بدأت في مصر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. ولكن الربط الموثق بين الوعود والإنجازات أي القدرة علي ترجمة السياسات والبرامج إلي مشروعات تسهم في نمو وتطور المجتمع وكذلك شكل الحياة علي المستوي الوطني, فهو سابقة جاء بها الحزب الوطني, وأرجو أن تحذو الأحزاب الأخري حذوه في هذا المجال. ومسألة الربط بين الوعود والإنجازات تعني أن تلك الوعود تحققت لأنها انطلقت من أسس موضوعية ودراسة متأنية بين رؤية سياسية وقدرة مالية وحكومية قادرة علي التنفيذ وتخضع لبرامج تنفيذية محددة, وبالتالي يمكن قياس الفارق بين الوعود والإنجازات. بعد قليل سوف تبدأ الدعاية الانتخابية بين الأحزاب والمرشحين, وأعتقد أنها لدي كثير من الاحزاب والمرشحين سوف ترتكز علي آمال وطموحات تفتقر إلي فقه الواقع, مما يعطي المزيد من الفرص أمام الإفراط في الوعود التي لن تتحقق. وربما كان الحزب الوطني هو الوحيد الذي يقدم للناخب المصري, تلك الوثيقة التي تقول في وضوح وبساطة هذا ما وعدنا به عام2005, وهذا ما أنجزناه طوال تلك السنوات الخمس. هذا الواقع الجديد يوجد ثقافة سياسية مختلفة لدي الناخب المصري, تقوم علي إختيار المرشحين من واقع حقائق موثقة وثابتة علي الأرض. هذا التحرك العصري المدروس من جانب الحزب الوطني سوف يعظم من تجربة الانتخابات وتأثيراتها علي الحياة السياسية المصرية في المستقبل. هذا العام يضيف الحزب الوطني الجديد إلي الانتخابات وبرامج الأحزاب في حياتنا. مشكلة الناخبين في جميع الدوائر أنهم يريدون مرشحا يعمل فقط من أجل دوائرهم وأبنائها. أما المصالح العليا للوطن فلا تحتل دوما الأولوية الأولي. هذه ثقافة لاسبيل إلي إنكارها. الحزب الوطني في برنامجه الانتخابي الجديد يريد وللمرة الأولي, أن يزاوج بين مصالح الوطن ومصالح أبناء الدوائر المختلفة. فيصبح لكل دائرة انتخابية برنامج لايلتزم به المرشح فحسب, بل يلتزم به الحزب أيضا, وهذا تعاقد جديد بين كل دائرة انتخابية والحزب وهذه رؤية جديدة سوف يكون لها تأثيرها الكبير في اختيارات المرشحين وواقعية الوعود الانتخابية. ........................................................ في عام2005 كان الحزب في برنامجه يؤكد العمل علي إرساء دعائم دولة مدنية حديثة, باعتبارها الصيغة السياسية الأكثر قدرة علي استيعاب طموحات المصريين واستقرارهم. ولذلك جاءت التعديلات الدستورية تؤكد مبدأ المواطنة, وتحقق المزيد من التوازن داخل السلطة التنفيذية وبينها وبين السلطة التشريعية وزادت من يسر إجراءات الترشح لمنصب رئيس الدولة. وعززت تلك التعديلات من استقلال القضاء وألغت المدعي الاشتراكي ومحكمة القيم, وأكدت استقلال كل هيئة قضائية في مباشرة شئونها. وأحاطت الانتخابات بكل ضمانات الحيدة والنزاهة بإنشاء هيئة عليا للانتخابات, وفرت لها كل الضمانات لممارسة أعمالها. واستجاب الحزب للتطور الاجتماعي في مصر بتفعيل المشاركة السياسية للمرأة, وتخصيص64 مقعدا لها, ضمانا لتمثيلها ومشاركتها الفاعلة في السلطة التشريعية. علي المستوي الاقتصادي استمرت جهود الإصلاح الاقتصادي التي أدت إلي توفير المزيد من فرص العمل حتي بلغت أربعة ملايين وظيفة خلال السنوات الخمس الماضية برغم الأزمة الاقتصادية العالمية. مكنت القطاع الخاص من أن يتحمل أكثر من70% من الناتج المحلي الإجمالي مما أكد رفع معدلات الإفادة من طاقات المجتمع وقدرته علي الإنتاج. قبل سنوات الأزمة العالمية حقق الاقتصاد المصري معدل نمو بلغ7% وبرغم تأثيرات الأزمة حققت مصر نموا اقتصاديا لم يقل عن4%, في الوقت الذي حققت فيه معظم اقتصادات الدول انكماشا ملحوظا. تمكن الحزب خلال تلك السنوات من إحداث تغيير في البيئة الاقتصادية بجوانبها المختلفة فزادت عائدات الضرائب والجمارك والاستثمارات الاجنبية المباشرة. في الصناعة زادت معدلات النمو إلي8% سنويا فيما قبل سنوات الأزمة, وبلغت الاستثمارات الصناعية خلال خمس سنوات أكثر من150 مليار جنيه. حرر الحزب التجارة واستطاع فتح المزيد من الأسواق أمام الصادرات المصرية حتي وصلت الصادرات غير البترولية خلال العام الماضي إلي أكثر من105 مليارات جنيه مصري. وكذلك شهد القطاعان الزراعي والسياحي تطورات هائلة, كانت جميعها تدعم قدرات الاقتصاد المصري وتؤكد حقيقة ارتفاع مستويات المعيشة في مصر. ........................................................ لم يكن هدف الحزب هو تحقيق النمو الاقتصادي, مقطوع الصله بالأبعاد الاجتماعية لوسائل التنمية. فقد زادت متوسطات الأجور وزاد عدد المستفيدين من برامج الضمان الاجتماعي, وزاد دعم محدودي الدخل في مختلف المجالات. معدلات الإنجاز كثيرة وتحتاج إلي تفصيلات يدرك بها المواطن المصري أين كنا قبل خمس سنوات, وكيف أصبحنا بعد تلك السنوات. لم نقض علي كثير من المشكلات, فليس هناك مجتمع بلا مشكلات. فالبطالة والضمان الاجتماعي والفقر وغيرها مشكلات لاتزال مطروحة علي دول الاقتصادات الكبري في عالم اليوم. ولكن مشكلاتنا أصبحت الآن أقل حدة وأصبحنا أكثر قدرة علي مواجهتها, فقد تعاظمت وسائلنا وأساليبنا علي مواجهتها. وذلك موضوع يتطلب حديثا آخر. المزيد من مقالات أسامه سرايا