لم تكن مجرد مفاجأة تحدث أحيانا في المهرجانات الدولية, فالمشهد ككل في قاعة الأوبرا في قطر كان مدهشا بكل المقاييس, حيث تقفز مجموعة من الهواة إلي خشبة المسرح بعد إعلان فوز فيلمهم حاوي, وسط002 شخصية من كبار محترفي السينما. من بينهم روبرت دي نيرو, وعادل إمام الذي كرمه المهرجان والمعني هو أن هناك تغيرا كبيرا وحادا يحدث في عالم السينما, فها هي السينما المستقلة تزاحم وتتفوق في مناسبة المهرجان, تصنع خصيصا من أجل المحترفين! بكل تأكيد لم تكن جائزة حاوي للمخرج إبراهيم البطوط هي المفاجأة الوحيدة, فإقامة مهرجان في قطر أصلا يمثل مفاجأة بكل المقاييس أيضا, فهي لم تنتج أي فيلم روائي طويل في تاريخها إلا منذ شهرين, ومن أجل إقامة هذا المهرجان, لجأت إلي مهرجان أمريكي شهير ترايبكا ليكون لها شريكا, ويحمل المهرجان عنوانا مزدوجا الدوحة ترايبكا السينمائي, وعندما تم تنظيم المهرجان لأول مرة العام الماضي, تعامل الجميع مع الأمر علي أنه تقليدا لما حدث بجوارها في الإمارات, حيث أصبح لمهرجاني دبي وأبوظبي وجودا حقيقيا وملموسا.. وفي الدورة الثانية للمهرجان الذي اختتم أعماله السبت الماضي(62 03 أكتوبر), بدأ يكتسب بعض الملامح التي تميزه, وتم تأسيس مؤسسة الدوحة للأفلام برئاسة الشيخة المايسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني, لرعايته وتطوير تنظيمه بإقامة مركز يكون نواة لصناعة السينما, وأيضا كان الإعداد لإقامة مدينة الحي الثقافي لتكون مكانا لكل الفنون, وكان افتتاحها رغم أنها لم تكتمل بهذا المهرجان.. فكل شيء يتم بسرعة ملفتة. فاز فيلم حاوي بجائزة المسابقة العربية(001 ألف دولار), وهي المسابقة الأهم في المهرجان, وفيما يبدو أن منظمو المهرجان برئاسة أماندا بالمر تعمدوا هذا الأمر حتي لا يكون نسخة متكررة من ترايبكا الشريك الأمريكي.. وقد شارك فيها01 أفلام عربية, وكانت الأفلام متميزة بالفعل, وأربعة منها يعرض لأول مرة في المهرجان, ولكن تبقي هذه المسابقة في حاجة إلي تقنين وإعداد لائحة واضحة, فقد جمعت بين الأفلام الروائية والتسجيلية(7 أفلام روائية, وثلاثة تسجيلية), ومسألة مشاركة الروائي والتسجيلي في نفس المسابقة أصبح أمرا مقبولا بعد أن فعلها مهرجان كان, وقدم في المسابقة فيلم مايكل مور فهرنهايت11 9 منذ سنوات, ثم قدم بعد ذلك فيلما للرسوم المتحركة, وعلي أي الأحوال يظل هذا الأمر استثنائي, وهو مقبول في الأفلام القصيرة, ولكن يحتاج الأمر إلي تقنين في مجال الأفلام الطويلة, أيضا تحديد مدة الأفلام المشاركة, فقد شارك فيلم تيتا ألف مرة, الذي فاز بجائزة الجمهور, رغم أنه يعد فيلما قصيرا لأنه أقل من ساعة(84 دقيقة). وقد انحازت لجنة التحكيم للفيلم المصري حاوي برئاسة يسرا وعضوية سلمي حايك ونيك موران وبهافنا تلوار ودانيس تانوفيتس, لأن الفيلم من ناحية لم يتكلف سوي04 ألف دولار, وكل من عمل فيه كان بدون أجر, وبالتالي فهو تجربة مثيرة في السينما المستقلة, كما أن كل الذين عملوا فيه لم يسبق لهم تقديم أي أعمال سينمائية.. والناحية الأخري, أن المهرجان نفسه تعتمد فعالياته الرئيسية علي تدريس وتمويل الأفلام, فهو يتسق مع تواجهات إقامته, وفيلم حاوي نفسه قامت مؤسسة الدوحة للأفلام بتحويله من ديجيتال إلي شريط سينمائي. والحقيقة أن أفلام المسابقة العربية تضمنت أفلاما مهمة وتحتاج قراءة خاصة لتميزها.. أما مسابقة الجمهور, فهي تحتاج إلي تقنين أيضا, فقد شارك بالمهرجان15 فيلما من بينهم9 أفلام قصيرة أقيمت لها مسابقة خاصة قيمتها(01 آلاف دولار).. وفاز فيها الفيلم السوري خبرني يا طير.. فهل باقي الأفلام(14 فيلما) تشارك في هذه المسابقة بما فيها البانوراما والعروض الخاص وفيلمي الافتتاح والختام.. وأظن أن هذا هو التصور بعد أن فاز فيلم الختام الأمريكي طالب الصف الأول بهذه الجائزة. نجحت الدورة الثانية من مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي أن تكتسب بعض الملامح التي من الممكن أن تكسبه تميزا في الدورات المقبلة.. ومن خلال وجودي في هذه الدورة, أحسست أن لديهم الرغبة في أن يفعلوا ذلك.