غايات الإسلام وأهدافه تكمن وراء تشريعاته وأحكامه، ومن بينها فريضة الحج التى هى عبادة العمر التى تطهر صاحبها من الرذيلة وتحليه بالفضيلة وتزوده بالتقوى والخير والبر. لأنها ليست مجرد أداء للمناسك وزيارات للأماكن فقط.. وتوضيحا لذلك يقول الدكتور أحمد شحاتة أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر إن بالحج تمام الإسلام وكمال الدين, فقد نزل علي النبي صلي الله عليه وسلم في أثناء وقوفه بعرفة في حجة الوداع قول الله تعالي: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا, وفي وأثناء الفريضة يؤدي المسلم كل أنواع العبادات الأخري لأن الحج فيه من الصلاة ومناجاة الله عز وجل والوقوف بين يديه في بيته الأول المعظم الذي قال تعالي في شأنه: إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدي للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا.. وفي الحج من الصيام والصبر علي تحمل المشاق والخروج علي المألوف من العادات والسلوكيات وتصرفات البشر المختلفة امتثالا لقول الله سبحانه:... فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج.. وفي الحج من الزكاة معني التضحية بالمال وبذله في سبيل الله لأن الحاج يترك أهله وأمواله وأعماله في بلده ولا يأخذ معه سوي ما يكفيه في رحلته وما يجود به في صدقته.. وفي الحج أيضا التقرب إلي الله بإراقة الدماء تعظيما للمناسك وتوسعة علي عباد الله وإحياء لسنة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام, وقبل هذا كله وبعده يتمثل في أداء الحج الأساس الأكبر للإسلام وهو التوحيد لله والإيمان برسوله محمد عليه السلام, فيتجرد الحاج ويتفرغ مناديا المرة تلو الأخري لبيك اللم لبيك لا شريك لك, وفي ذلك استجابة لأمر الله سبحانه في قوله تعالي: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق, ويقول قتادة عندما أمر الله عز وجل إبراهيم بأن يؤذن في الناس بالحج نادي إبراهيم يا أيها الناس إن الله عز وجل بنا بيتا فحجوا. وفي فريضة الحج يقول النبي عليه الصلاة والسلام: من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه, وقال صلي الله عليه وسلم: ما رئي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أحقر ولا أغيظ منه يوم عرفة وماذاك إلا لما يري من تنزل رحمة الله وتجاوزه عن الذنوب العظام لعباده الذين تجمعوا, ويؤيد هذا حديث عباس بن مرداس أن النبي عليه السلام عندما دعا لأمته عشية عرفة ثم في المزدلفة فأجيبت دعوته فضحك عليه السلام وقال: إن إبليس حين علم أن الله غفر لأمتي واستجاب دعائي أهوي يحثو التراب علي رأسه ويدعو بالويل والثبور فضحكت من الخبيث ومن جزعه. وفي هذا ما يؤكد أن حج بيت الله الحرام باعتباره ركنا من أركان الإسلام يعد من أعظم الأعمال ثوابا لما فيه من حكم وعظات ينهل المسلم منها حيث شاء فمن حكمة التوحيد إلي الوحدة والتضامن إلي التدبر والتفكير.