في 31 أكتوبر العام الماضي رحل عن عالمنا د.مصطفي محمود، بعد رحلة طويلة من الشك إلى اليقين، ومن الإلحاد إلى العلم والإيمان، وفي ذكري رحيله الاولي، احتفلت بعض القنوات العربية علي طريقتها الخاصة. وكان احتفال قناة الجزيرة به مختلفا، بعرض فيلم وثائقي طويل عن حياته فيما لم تبادر أي قناة مصرية أخري بذلك. في يوم رحيله العام الماضي، فكر مجموعة من الشباب في تتويج مشوار هذا الرجل في فيلم يروي حياته كلها حلوها ومرها، وفي رحلة بحثهم عمن يشاركوهم حلمهم في إنتاجه وخروجه بالصورة التي تليق به، لم يجدوا أمامهم سوي قناة الجزيرة الوثائقية تشاركهم الحلم وتوافق علي المساهمة في الإنتاج من أجل خروجه إلي النور خلال 6 شهور باسم (مصطفي محمود.. العلم والايمان). إياد صالح مخرج الفيلم تمني أن يكون للفيلم مكان علي أي شاشة مصرية، صحيح أن معه فريق الفيلم لم يسع طويلا لذلك، لأنهم وجدوا اغلب الطرق مسدودة، فالتليفزيون المصري مثلا لا ينتج سوي أعماله الخاصة، وبالتالي لن يشتري عملا ليس له، والقنوات الفضائية المصرية، يهمها في المقام الأول الربح المادي ولا شيء قبله ، مهما كانت قيمة العمل المطروح، لذا كانت قناة الجزيزة الوثائقية هي الوسيط العربي الأيسر والمتاح بالنسبة لهم ، وعن توتر العلاقات المعروفة بين قناة الجزيزة ومصر، أكد أياد أن الفيلم ما هو إلا تكريم لرمز من رموز مصر العلماء والمفكرين. ينطلق الفيلم الوثائقي من سرير د.مصطفى قبيل لحظات من وفاته لنسمع صوته يحكي قصة حياته فنبحر في طفولة وشباب وشيخوخة العالم الراحل من خلال مذكرات صوتية سجلها قبيل وفاته، بالإضافة إلي الاستعانة ببرنامج (خواطر مصطفي محمود) وهو تسجيل نادر لم يعرض من قبل، يرصد الفيلم رحلة 88 عاما عاشها د.محمود مع كلماته ومقالاته وشهادات من عايشوه من أصدقاء وأقارب لقيموا لنا إبداعاته المختلفة. ويحكي الفيلم أيضا تفاصيل جديدة عن طفولته وشبابه عن طريق مشاهد إعادة التمثيل، قام بأداء بعضها "البراء أشرف" الذي ساهم في الإخراج أيضا، كما يعرض لقطات من أهم ما جاء في 400 حلقة من حلقات (العلم والإيمان)، مستضيفا عدداً من الذين رافقوه خلال حياته مثل زوجته والأديبة الدكتورة لوتس عبد الكريم ومخرج العلم والإيمان وآخرون.. يذكر أن الفيلم الذي أخرجه البراء أشرف وإياد صالح، وأعده علي عبد المنعم، وقسمته الجزيرة إلي جزئين مدة كل جزء 50 دقيقة، يحاول تتبع الطرق التي مشى فيها مصطفي محمود، بدءا من اللوح الخشبي الذي خط عليه أهم كتبه، مرورا بشقته التي عاش فيها أعلى المسجد الذي أسسه، وجمعية "محمود" الخيرية والمتحف الذي أسسه كنادي للعلماء ، ولمن لم تسوقه الصدفه إلي رؤيته فقد تم تنفيذه بشكل درامي ، ينتهي الجزء الأول منه عند مرحلة الشك والإلحاد عند مصطفي محمود بعد تأليفه كتابه الأول "الله والإنسان"، ويبدأ الجزء الثاني برحلته إلى الإيمان وتأسيسه لجمعية مصطفي محمود الخيرية الشهيرة، وهي التجربة التي تحكي عنها زوجته وأقاربه وأصدقاؤه، وكذلك عن برنامجه الشهير وعن أيامه الأخيرة حتى رحيله.