لماذا أوبرا وينفري؟ هل لأنها أحد أهم مقدمي البرامج في الولايات المتحدة؟ أو أهم مقدمة برامج ملونة علي الشاشات الأمريكية؟ ولماذا أصبحت أوبرا أهم إعلامية داخل وخارج الأراضي الأمريكية؟ لقد قررت كيتي كيلي, الكاتبة المتخصصة في نشر السير الذاتية, أن تنشر السيرة الذاتية لأوبرا وينفري, ولكن بدون أن تتعاون معها أو تدخلها, أو بمعني آخر, في استقلالية تامة منها, لذلك يعتبر كتاب كيلي عن أوبرا, أكثر صراحة, لأنها استطاعت أن تتسلل الي ما وراء الصورة العامة المصطنعة, وتقدم الأشخاص ليس فقط لأنهم مشهورون, ولكن لأنهم تركوا بصمتهم علي ثقافتنا. ولقد استطاعت أوبرا أن تترك بصمتها علي المجتمع لأنها عرفت تكسب ثقة مشاهديها, فعندما تعرض كتابا في برنامجها نادي الكتاب يصبح الكتاب بين يوم وليلة, علي قائمة الأكثر مبيعا, والكاتب المغمور الذي لم يسمع به أحد من قبل, مليونيرا, وعندما تدعو ضيوفا في برنامجها اليومي, من المشاهير في العالم, تستطيع أن تدفعهم الي التحدث عن أنفسهم والكشف عن أسرارهم, وعندما تعرض قضية تتحول الي قضية رأي عام, وعندما أعلنت تأييدها لأوباما في الحملة الانتخابية الرئاسية الأمريكية, تضاعفت الأصوات المؤيدة له, وخرج العديد من كبار السياسيين الديمقراطيين يعلنون تأييدهم هم أيضا, وهو ما جعله يفوز بالرئاسة الأمريكية ليصبح أول أسود يقطن البيت الأبيض. وصفها الصحفيون بكل أنواع الصفات, فقالوا عنها أنها: كبيرة الحجم, وقحة, عالية الصوت, عدوانية, عصبية, خفيفة الظل, سهل أن تحبها, عاطفية, واقعية, طبيعية, جائعة, ولا يهم إن كانت بكل هذا الحجم ولكنها من الأشخاص الذين لا يستطيع المرء مقاومة الإصغاء إليه, فقد أحب الناس طريقتها في تقديم برنامجها: أحبوا صراحتها التي قد تجرح أحيانا, واسئلتها التي قد تصدم أحيانا كثيرة, فقد تمكنت أوبرا أن يصبح لها أسلوب خاص يميزها عن الآخرين. ولكن أهم ما يميز أوبرا وينفري هو قدرتها علي لمس أوتار المجتمع والتحدث عن كل تلك القضايا التي ظلت طويلا تعتبر من المحاذير أو المحرمات, خاصة قضايا الاغتصاب, خاصة اغتصاب الأطفال, وزنا المحارم, ودعت كل من كان له صلة بتلك القضايا ليفتح قلبه ويكشف عن مشاعره. لم يكن من الممكن أن تكسب أوبرا وينفري كل تلك الثقة من الضيوف والمشاهدين وأن تجعلهم يفتحون قلوبهم لها, إن لم تكن قد فتحت هي قلبها للعالم وكشفت قبلهم, عن مكامن أسرارها وحكت عن مأساتها وهي طفلة لم تتجاوز التاسعة, عندما تعرضت للاغتصاب من أحد أقاربها, وكشفت أكثر عن مشاعرها وكيف كانت تعتبر ما حدث هو الطبيعي لأنها لم تكن تعرف شيئا أفضل, لقد كشفت أوبرا في البرامج العديدة التي شاركت فيها كيف أنها ولدت بلا أب, وأم في سن المراهقة, وكيف أنها لم تشتر فستانا أو حذاء من متجر حتي سن ست سنوات, ولم يكن لديها أبدا أي نوع من الألعاب, وكيف كانت جدتها التي ربتها تضربها يوميا علي كل شئ تافه صادر عن دار كراون الأمريكية.