الحفاظ علي البيئة مسئولية تكاملية لمختلف الجهات الحكومية والمواطنين أيضا, وهناك جهات حكومية مسئولة عن ضبط المخالفين وتقديمهم الي القضاء لتطبيق القانون عليهم ومن هنا جاءت فكرة تخصيص دوائر بيئية في العديد من المحاكم في كثير من المحافظات خاصة ذات الحساسية لقضايا التلوث البيئي سواء التي تشهد معدلات مرتفعة في حرق قش الأزر أو تهديد الموارد الطبيعية خاصة في المحميات البيئية بالهدر والاندثار والانقراض, ومكامير الفحم, والحرائق المفتعلة وعوادم السيارات وقمائن الطوب وغير ذلك من المخالفات البيئية التي يقع مرتكبوها تحت طائلة القانون رقم4 لسنة1994 ولائحته التنفيذية ثم القانون رقم9 لسنة2009 الذي يواكب التطور الحادث في نوعية مخالفات تلويث البيئة. فقوانين حماية البيئة التي أقرتها مصر واقامة دوائر خاصة لنظر هذه المخالفات ومعاقبة مرتكبيها خطوة بادرت بها مصر في العام القضائي الماضي وجعلتها الدولة الرائدة والسباقة في هذا المجال, فعلي سبيل المثال أشادت بها إيطاليا والسعودية ولبنان, وتبنتها بعض المواثيق العربية والإقليمية, كما أوصي كل من الدليل التشريعي النموذجي الاسترشادي العربي الصادر عن جامعة الدول العربية والمنظمة الإسلامية للعلوم والثقافة( الإيسيسكو) وبرنامج الأممالمتحدة للبيئة بإنشاء دوائر قضائية بيئية متخصصة بهدف حماية البيئة من التلوث وصون الموارد الطبيعية من الهدر والاندثار والإنقراض ضمانا للإستدامة حقا للأجيال القادمة, ومن هنا يمكن أن تحذو بقية الدول حذو مصر. وعن تصدي قضاة مصر لنوعية القضايا البيئية التي تمثل نوعية خاصة من القضايا, ولم تبدأ الدوائر عملها إلا بعد تلقي هؤلاء القضاة تدريبات ودورات وورش عمل مكثفة, تمت بعد اتفاقات تعاون وبروتوكولات بين المستشار ممدوح مرعي والمهندس ماجد جورج وزير البيئة, واصبح الي جانب إلمام القضاة بالقوانين الحاكمة المامهم بقوانين البيئة خاصة القانون رقم4 لسنة1994. ولائحته التنفيذية, وكذلك القانون رقم9 لسنة2009 وهنا يلزم التوضيح أن الدوائر البيئية كانت تصدر أحكامها وفقا للقانون4, وبمجرد اقرار القانون رقم9 واكبت الدوائر علي الفور وبدأت الحكم به, وهذا يعني مواكبة أي تطور يحدث علي الساحة, وعموما قضاة البيئة أصبح في متناولهم مطالعة التقارير الفنية البيئية وفهم دلالاتها, وستشهد القضايا البيئية مستقبلا طفرة هائلة بفضل تلك الدوائر لارتباطها بالمشكلات الحيوية التي يعيشها المواطن والطبيعة مثل المياه والموارد الطبيعية والتلوث والتصحر ونحر الشواطيء والمحميات الطبيعية وغيرها من قضايا البيئة. وعن مصادر ورود القضايا للدوائر البيئية يقول الدكتور ايهاب طارق: قد يختلط الأمر علي الكثيرين عن مفهوم القضاء البيئي, فشأنه شأن كل الدوائر القضائية علي اختلاف درجاتها وتخصصاتها, فليس من اختصاصها جلب القضايا إنما نظرها والحكم فيها فقط, فالجهات المتضررة وأصحاب المصلحة والمتضررون هم اصحاب الحق في رفع القضايا, كما أن عدد ونوعية القضايا وتفاوتها بين دائرة وأخري لا يقع تحت مسئولية الدوائر القضائية, ويضيف نوعية القضايا تحكمها عدة عوامل منها الموقع الجغرافي للمنطقة التي تقع في نطاقهاالدائرة القضائية, فنجد علي سبيل المثال دوائر الدلتا والمحافظات المشهورة بزراعة الأرز يرتفع فيها مؤشر قضايا حرق قش الأرز, والدوائر التي تقع في نطاق المناطق الصناعية يرتفع فيها عدد قضايا التلوث البيئي بصفة عامة وتلوث الهواء بصفة خاصة, وهكذا نجد تنوعا بتنوع الأنشطة التي تشتهر بها المنطقة التي توجد بها الدائرة, والقضايا في مجملها تغطي كل مجالات البيئة وتشمل عادم المركبات والسيارات ومكامير الفحم ومخاطر الحريق والتعدي علي الشواطيء وقمائن الطوب واهدار المياه ومحاجر الزلط وحتي مخالفات التدخين وغير ذلك من قضايا البيئة. وبالنسبة لخلو بعض المحافظات ذات الحساسية البيئية ودوائر البيئة من المحاكم الابتدائية يجيب القاضي الدكتور ايهاب طارق بأن الانجازات التي حققتها تلك الدوائر في العام القضائي المنقضي شجع علي تضمين التقرير الخاص بالنتائج الذي تم عرضه علي المستشار ممدوح مرعي عدة توصيات بتوسيع مجال عمل الدوائر البيئية بالمحاكم الإبتدائية, وذلك من خلال تخصيص جلسة مستقلة بجنح البيئة بكل محكمة من محاكم البحر الأحمر ودمياط والفيوم وبورسعيد, وذلك للأهمية القصوي لتلك المحافظات لما لها من سياسات بيئية جديرة بالاهتمام القضائي البيئي, وهذا يرسخ قاعدة مبدأ الصون والحماية لكل ما تحتضنه من تراث طبيعي ويؤكد حماية بيئاتها. وعن تفعيل أحكام القضاء البيئي يرد رئيس الدائرة البيئية: مثلما ليس للدوائر البيئية دور في جلب القضايا انما نظرها والحكم فيها فقط, فهي ليست جهة تنفيذ الأحكام التي تصدرها, بل تيسر علي جهات التنفيذ مهمتها, مثلما يشجع وجود تلك الدوائر المواطنين والجهات المعنية علي التصدي للسلبيات البيئية والبحث عن حقوقهم برفع القضايا مادام سمح لهم القانون بذلك او اللجوء للجهات المعنية في رفع تلك القضايا, فليس من مسئولية الدوائر إطفاء الحرائق أو التصدي للمخالفات والسلبيات وردع المخالفين والمنتهكين للقانون إلا من خلال أحكامهم التي يصدرونها والتنفيذ علي الجهات المعنية بذلك. وعن اختلاف طبيعة عمل خبراء البيئة التي تتم الاستعانة بهم عن خبراء وزارة العدل يفسر الدكتور ايهاب طارق: بالطبع هناك اختلاف لاختلاف طبيعة القضايا البيئية عن القضايا الأخري المعروفة, وقد روعي في الخبير البيئي أن يكون محايدا وليس من العاملين بأي من وزارتي البيئة أو العدل, وإنما من اساتذة الجامعات المتخصصين في الفروع الدقيقة المعنية بالبيئة, بحيث ينتهي اختيار أفراد فريق الخبراء الي لجنة متكاملة في جميع التخصصات المعنية, وقد تم عقد اجتماعات وورش عمل متواصلة لهؤلاء الخبراء بالتعاون مع وزارة البيئة, وقد اثمر ذلك اختصار فترة انجاز التقارير الموكلة اليهم, وكان سابقا متوسط فترة تسلم الخبير للتقرير وحتي ايداعه سنة كاملة في العام الأول لعمل الخبراء( عام2009) واصبحت الآن ستة أشهر فقط.