وزيرة الهجرة: «اكتشف مصر» وسيلة لربط الأجيال الجديدة بالخارج وبين بلدهم    النواب يبدأ مناقشة قانون بربط حساب ختامي الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2022/ 2023    محافظ أسيوط: التدريب العملي يُصقل مهارات الطلاب ويؤهلهم لسوق العمل    رئيس النواب: التزام المرافق العامة بشأن المنشآت الصحية لا يحتاج مشروع قانون    وزير المالية:بدأنا مرحلة تصحيحية لمسار الاقتصاد المصرى لتجاوز التحديات    المشاط: تمويلات تنموية ب10.7مليار دولار حصل عليها القطاع الخاص من شركاء التنمية    فيفا يعلن إيقاف قيد جديد للزمالك 3 فترات بسبب مستحقات أحد مساعدى البرتغالي فيريرا.. والنادى يرد: سيتم حل الأزمة في أسرع وقت    تراجع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الإثنين    لليوم ال20.. «البترول» تواصل تسجيل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر مايو 2024    إيطاليا و12 دولة أخرى تجدد رفضها للعملية العسكرية الإسرائيلية برفح الفلسطينية    إيطاليا تقدم تعازيها لإيران فى وفاة رئيسها إبراهيم رئيسى    ثنائي المصري أحمد وهب وأحمد شرف ضمن قائمة منتخب مصر للشباب    مصر تواجه بوروندي في بطولة أمم أفريقيا للساق الواحدة    الإنجليزى يرسم الفرحة على وجوه طلاب الشهادة الإعدادية بالقليوبية.. لايف    ضبط المتهمين بسرقة خزينة من مخزن في أبو النمرس    غرة شهر ذى الحجة الجمعة 7 يونيو ووقفة عرفات 15 / 6 وعيد الأضحى 16/ 6    ضبطهم الأمن العام.. كواليس جريمة التنقيب عن الذهب بأسوان    المشدد 5 سنوات لعامل بالشرقية لاتهامه بخطف طالبة وهتك عرضها    بعد قليل.. محاكمة طبيب نساء شهير لاتهامه بإجراء عمليات إجهاض بالجيزة    مصرع شابين إثر حادث تصادم في الشرقية    تحرير 142 مخالفة ضد مخابز لارتكاب مخالفات إنتاج خبز بأسوان    مهرجان المسرح المصري يفتح باب المشاركة في مسابقة العروض المسرحية بدورته ال17    فيلم شقو يحصد 291 ألف جنيه إيرادات في ليلة أمس الأحد    فتح باب التقدم لبرنامج "لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة فى العلم"    مهرجان ايزيس الدولي لمسرح المرأة يعقد ندوة تحت عنوان «كيف نفذنا من الحائط الشفاف»    عمر الشناوي: فخور بالعمل في مسلسل "الاختيار" وهذه علاقتي بالسوشيال ميديا    دار الإفتاء توضح ما يقال عند اشتداد الحر    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    محافظ كفر الشيخ: تقديم خدمات طبية ل 1528 مواطنا قافلة طبية مجانية بقلين    مجلس النواب يوافق نهائيا على مشروع قانون إدارة وتشغيل المنشآت الصحية    موجة الحر.. اعرف العلامات الشائعة لضربة الشمس وطرق الوقاية منها    عاجل.. كواليس اجتماع تشافي ولابورتا| هل يتم إقالة زرقاء اليمامة؟    مرعي: الزمالك لا يحصل على حقه إعلاميا.. والمثلوثي من أفضل المحترفين    وزير الري أمام المنتدى المياه بإندونيسيا: مصر تواجه عجزًا مائيًّا يبلغ 55% من احتياجاتها    22 مايو.. المؤتمر السنوي الثالث لطلاب الدراسات العليا فى مجال العلوم التطبيقية ببنها    باحثة سياسية: مصر تلعب دورا تاريخيا تجاه القضية الفلسطينية    أسرته أحيت الذكرى الثالثة.. ماذا قال سمير غانم عن الموت وسبب خلافه مع جورج؟(صور)    لمواليد برج العقرب والسرطان والحوت.. الأبراج المائية على الصعيد المالي والوظيفي    من هو وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الذي توفي مع الرئيس الإيراني؟    من يقف وراء حادث طائرة الرئيس الإيراني؟    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    معرض لتوزيع الملابس الجديدة مجانًا بقرى يوسف الصديق بالفيوم    قائمة البرازيل - استدعاء 3 لاعبين جدد.. واستبدال إيدرسون    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    تشاهدون اليوم.. بولونيا يستضيف يوفنتوس والمصري يواجه إنبى    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    تداول 146 ألف طن بضائع استراتيجية بميناء الإسكندرية    «الرعاية الصحية» تعلن حصول مستشفى الرمد ببورسعيد على الاعتراف الدولي    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    السوداني يؤكد تضامن العراق مع إيران بوفاة رئيسها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-5-2024    أول صورة لحطام مروحية الرئيس الإيراني    خلال أيام.. موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني (الرابط والخطوات)    روقا: وصولنا لنهائي أي بطولة يعني ضرورة.. وسأعود للمشاركة قريبا    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    سمير صبري ل قصواء الخلالي: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية منذ 2014    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستقبل الثقافة‏..‏ ما بين تحديات آنية وهموم مزمنة‏(3)‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 01 - 2010

علي مدي الأسبوعين الماضيين قام فريق العمل بدنيا الثقافة باستطلاع رأي عدد من المثقفين حول أهم التحديات التي تواجهها الحياة الثقافية في مصر‏,‏ والتي حددوها في استرداد مصر لمكانتها الثقافية وضرورة اتخاذ الخطوات اللازمة لتشجيع الابداع والمبدعين في مختلف المجالات‏. وقد أشار البعض الي حقيقة أن الثقافة باعتبارها منظومة مجتمع وأسلوب تفكير‏,‏ مهمشة وتفتقد التجديد‏,‏ وأن عددا كبيرا من المؤتمرات الثقافية والندوات لا تستحق ما تم إنفاقه عليها حيث إنها تقوم علي منافع شخصية ولا تصل للجمهور‏.‏ كما انتقد البعض غياب الثقافة العلمية وتراجع دور النقد عن مواكبة الابداع وغياب مشروع ثقافي قومي وانحسار الدور الثقافي للإعلام‏,‏ واتساع الهوة بين ثقافة النخبة والخدمات الثقافية التي تقدمها الأجهزةوالرسمية وبين معطيات الشارع المصري‏.‏ وضعف مستوي المجالات الثقافية وتدهور مستوي التعليم وغياب الرؤية الاستراتيجية التي تقوم علي جهود المفكرين القادرين علي التعبير عن جوهر شخصية الوطن وتطلعاته لتأسس مشروعه القومي‏.‏ كما أشاروا الي انحسار الدور الثقافي لإعلامنا وتدهور مستوي اللغة وغياب دور الجامعة‏,‏ وتراجع دورها وحالة الانفصال التي أدت الي تقوقع المثقف و سلبيته في كثير من المواقف وعزلته عن الشارع وما يموج به المجتمع من تيارات‏.‏ كذلك فقد أشار البعض الي إشكالية الترشيح للجوائز وشككوا في آليات تحديد الفائزين‏.‏
وفي ظني أن الرؤي التي طرحها عدد من مصادرنا في هذا الاستطلاع‏,‏ وإن كانت تكشف عن حالة عدم الرضا التي تسود الوسط الثقافي‏,‏ وعن معوقات تفعيل العمل الثقافي ليصبح جزءا من واقعنا اليومي‏,‏ إلا أن أهميتها الحقيقية تكمن في أنها تشي بالكثير من التحولات التي لحقت بالمجتمع المصري وانعكست علي نسق القيم والاخلاقيات التي باتت تحكم المجتمع والمتغيرات التي لحقت به‏,‏ من قبيل السلبية وتغليب المنفعة الفردية علي المصلحة العامة وتراجع قيم الإتقان والعمل والتعاون والعدالة والقدوة والعلم والتفكير العلمي والأسرة والإحساس بالأمن والطمأنينة‏.‏
ومن المعروف أن عددا كبيرا من الكتاب قد حاولوا في السنوات الأخيرة رصد هذه المتغيرات وتحليل ما حدث للمصريين والتساؤل عما اذا كانت هذه التحولات تمثل انحرافا في السمات المعروفة للشخصية المصرية‏.‏ كذلك فقد صدرت في نفس السياق مجموعة من الدراسات التي تناولت منظومة القيم في مصر وتستحق التأمل في ضوء ما جاء في استطلاع دنيا الثقافة‏,‏ وكان من بينها مسح علمي أجراه مركز إيماك‏(‏ اتحاد القيم العالمي‏)‏ بالاشتراك مع قسم الاجتماع بجامعة عين شمس عام‏2000‏ أظهر أن نسبة من يؤمنون بقيمة العمل الجاد في عينة البحث المكونة من‏300‏ شخص لم تتعد‏38.4%‏ بينما لم تتجاوز‏9%‏ بالنسبة لقيمة الإصرار والمثابرة‏.‏ كذلك فقد أظهرت دراسة أجراها د‏.‏ عبد الرحمن العيسوي علي عينة من الشباب في مصر في عام‏2002‏ أن‏53.5%‏ من العينة رأوا أن القيم الأخلاقية قد أصبحت أسوأ وأن‏45.5%‏ من العينة اعتبروا أن موظفي المحليات أو الأحياء يحتلون موقع الصدارة بين طوائف الموظفين الذين أصابهم الفساد‏,‏ بينما ألقي‏64.5%‏ من العينة مسئولية التدهور الأخلاقي علي الوضع الاقتصادي واعتبر‏78%‏ من العينة أن التليفزيون يؤدي الي الفساد والتدهور الأخلاقي‏,‏ وكان ذلك في مقابل‏15.7‏ من العينة ممن رأوا أن للتليفزيون تأثيرا في تحسين المستوي الأخلاقي‏.‏
وفي نفس السياق صدرت عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء دراسة بعنوان أجنحة الرؤية نحو نسق ايجابي للقيم الاجتماعية يحلق بالمصريين الي أفق الرؤية المستقبلية لمصر‏2030‏ شارك فيها عدد من رموز العمل الثقافي في مصر‏,‏ من بينهم د‏.‏ أحمد عكاشة و د‏.‏ أحمد عمر هاشم و د‏.‏ أحمد حجازي ود‏.‏ وليد عبد الناصر والأساتذة يوسف القعيد ونبيل زكي ووجدي رياض وليلي حافظ وعاطف الغمري وغيرهم‏.‏ ورغم أن الكتاب الذي ضم الدراسة قد أغفل توضيح منهج جمع البيانات وتحديد أدوات تحليلها‏,‏ إلا أنه يقدم صورة جديرة بالاهتمام‏,‏ إذ تبدأ الدراسة بتحديد ماهية القيم ومصادرها وأهميتها وتستعرض جذورها والمؤثرات التاريخية التي شكلت منظومة القيم المصرية وأسباب تغيرها خلال نصف القرن الأخير‏.‏ ولعل من أهم ما جاء في هذا الصدد أن السمات التي تشكل الشخصية القومية لأي شعب قابلة للتطور والتغيير بفعل ما يطرأ علي منظومة القيم السائدة في المجتمع في مراحل تطوره‏,‏ سواء عبر التفاعلات الذاتية أو العوامل الموضوعية‏,‏ محلية كانت أم اقليمية أو عالمية وما تفرضه من قوانينها‏.‏ ولعل في هذا ما قد يفسر التحولات التي طرأت علي المجتمع المصري مؤخرا وباتت تهدد وسطيته‏,‏ تلك القيمة المغروسة في جذوره‏,‏ وميل المصري اليوم الي الاغتراب والحذر‏,‏ حتي ليبدو الإنسان المصري المعاصر وكأنه ممزق بين منظومة الاستمرارية والاستقرار والتسامح والنزعة السليمة وقيم التكافل والتراحم الأسري وبين محاولات التأقلم مع ما يفرضه الواقع من قيم تتناقض مع كل ما استقر في وجدانه عبر العصور‏.‏ وأزعم أن هذا الطرح قد يوضح لنا أسباب حالة الالتباس والضبابية التي يواجهها الضمير المصري في مواجهة العديد من الأزمات التي عايشناها مؤخرا والتي تطلبت تحديد مفاهيم الانتماء والسيادة والكرامة الوطنية والمواطنة‏,‏ بدءا من التعامل مع أزمة سببتها مباراة كرة قدم وانتهاء بأزمة التحصينات علي الحدود المصرية وأزمة نجع حمادي‏.‏
وتشير الدراسة الي المحطات التي مثلت تحولا في منظومة قيم المجتمع المصري في التاريخ المعاصر منذ الحرب العالمية الثانية الي وقتنا الحالي وما أفرزته من تداعيات أدت لحالة من الفوضي والخواء القيمي ومحاولة اسباغ الصبغة الدينية الظاهرية علي العديد من القيم والسلوكيات والأنشطة‏,‏ مما أدي لظهور صراع بين منظومتين‏,‏ إحداهما تتبني قيم الحداثة والعقلانية والمفهوم العصري للدين والعادات‏,‏ والأخري ترفع لواء التفسير التقليدي للعادات والرؤية النصية للدين واصباغها علي جوانب الحياة في المجتمع والحياة ككل‏,‏ وتتجلي مظاهر الصراع بين المنظومتين في الصور الشكلية المتمثلة في الزي أو المظهر‏,‏ وتمتد لتطول كيانات مهمة في المجتمع مثل القطاع المصرفي والنقابات ووسائل الإعلام والثقافة ومنظمات العمل المدني وساحة العمل السياسي‏.‏
وتخلص الدراسة الي أن يمكن تجاوز هذه التباينات وزيادة حجم المشترك من القيم التي تمثل المنظومة القيمية للمجتمع المصري وإعلاء قيم الوطنية والتسامح والتعددية الفكرية والعلم والعمل والاتقان والأمانة‏,‏ من خلال التعليم والاعلام والثقافة والتوعية الدينية عبر خطاب ديني يتفق مع جوهر الدين وروح العصر‏.‏
وفي النهاية وبعد استعراض الآراء التي جاءت في استطلاع دنيا الثقافة و ما عرضته الصفحة من كتب تناولت نفس الموضوع وما قدمناه اليوم من نموذج للابحاث المعنية بهذا الشأن لا يمكننا قط أن ندعي أن مفكرينا وباحثينا قد قصروا في تشخيص الداء أو تحديد الدواء‏.‏ فقد قال مثقفو الوطن كلمتهم ولكن لا يزال السؤال متي يبدأ التعاون لنطلق شرارة العمل الوطني في كل المجالات التي سبق الإشارة اليها‏,‏ كي نعيد للثقافة المصرية وللإنسان المصري مكانتهما ونواجه تحدياتنا الآنية وهمومنا المزمنة؟‏..‏
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.