موسم الأضاحي.. سعر خروف العيد والعجول البقري والجاموسي في الأسواق    «الإسكان» تتابع الموقف التنفيذي لمشروعات المرافق والطرق في العبور الجديدة    وزير الزراعة يبحث مع نظيره بغينيا الاستوائية التعاون في مجال البحوث التطبيقية والصادرات    الثانوية العامة.. حجازى: التأكيد على الطلاب قبل بدء كل امتحان على كتابة البيانات بدقة    بعد بدء عرضه.. ماذا نعرف عن النص المسرحي المُستوحى منه فيلم أهل الكهف؟    طفرة تعليمية بمعايير عالمية    الحكومة الجديدة فى مهمة اقتصادية من الدرجة الأولى.. ماذا في انتظارها؟    .. وتأمين المخزون من اللحوم    البورصة المصرية تطلق مؤشر الشريعة EGX33 Shariah Index    تعرف على التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات اليوم بالسكة الحديد    وزير الإسكان يصطحب نائب رئيس غينيا الاستوائية في جولة بمشروعات العاصمة الإدارية    بنك مصر يوقع بروتوكول تعاون مع صندوق التنمية الحضرية    امتحانات الثانوية العامة 2024.. هدوء بمحيط لجان امتحان الاقتصاد والإحصاء بأسيوط    حكومة هونج كونج تلغى جوازات سفر 6 نشطاء    أكبر هجوم منذ أكتوبر.. إطلاق 100 صاروخ على طبريا بشمال إسرائيل    الآليات الإسرائيلية تتوغل داخل حي الزيتون بمدينة غزة    وزير الدفاع الألماني يعتزم إعادة نظام تسجيل المؤهلين للخدمة العسكرية    كيف ستغير نتائج انتخابات الاتحاد الأوروبي الملامح السياسية للقارة العجوز؟    تريزيجية: "كل يوم الصبح اقرأ ورد قرآن.. وأصعب محطاتي وفاة والدي"    رئيس إنبي: لم نحصل على أموال إعادة بيع حمدي فتحي.. وسعر زياد كمال 60 مليون جنيه    انتظام لاعبي الأهلي الدوليين في مران اليوم    النصر السعودي يستهدف التعاقد مع صخرة برشلونة.. ليس أراوخو    رئيس جامعة المنيا يتفقد لجان امتحانات كلية الهندسة    طالب بالثانوية العامة فى بورسعيد بالكوفية الفلسطيني: "بتفائل بها" (صور)    حجاج بيت الله الحرام يتوجهون إلى مشعر منى الجمعة لبدء مناسكهم    امتحانات الثانوية العامة 2024، بدء امتحان الاقتصاد    بعد قليل.. أولى جلسات محاكمة سفاح التجمع الخامس    تفاصيل مشاجرة شقيق كهربا مع رضا البحراوي    رئيس الوزراء يهنئ شيخ الأزهر بعيد الأضحى المبارك    بطل ولاد رزق 3.. ماذا قال أحمد عز عن الأفلام المتنافسة معه في موسم عيد الأضحى؟    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك    دار الإفتاء: يجوز للحاج التوجه إلى عرفات فى الثامن من ذى الحجة يوم التروية    "مقام إبراهيم"... آيةٌ بينة ومُصَلًّى للطائفين والعاكفين والركع السجود    مصر خالية من أى أوبئة    احذري تعرض طفلك لأشعة الشمس أكثر من 20 دقيقة.. تهدد بسرطان الجلد    وزير الصحة: تقديم كافة سبل الدعم إلى غينيا للتصدي لالتهاب الكبد الفيروسي C    أفضل الأدعية والأعمال المستحبة في يوم عرفة    موعد مباراة سبورتنج والترسانة في دورة الترقي للممتاز والقنوات الناقلة    نقيب الصحفيين الفلسطينيين: موقف السيسي التاريخي من العدوان على غزة أفشل مخطط التهجير    ماذا يحدث داخل للجسم عند تناول كمية كبيرة من الكافيين ؟    تحويلات مرورية جديدة.. غلق كلي لكوبري تقاطع محور "محمد نجيب والعين السخنة"    دون إصابات.. إخماد حريق عقار سكني بالعياط    استشهاد 6 فلسطينيين برصاص إسرائيلي في جنين بالضفة الغربية    هيئة الدواء: هناك أدوية ستشهد انخفاضا في الأسعار خلال الفترة المقبلة    «الزمالك بيبص ورا».. تعليق ناري من حازم إمام على أزمة لقب نادي القرن    رئيس الأساقفة جاستين بادي نشكر مصر بلد الحضارة والتاريخ على استضافتها    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    عاجل.. تريزيجيه يكشف كواليس حديثه مع ساديو ماني في نهائي كأس الأمم الإفريقية 2021    عصام عبد الفتاح يحسم موقفه من رئاسة لجنة الحكام    خلال 3 أشهر.. إجراء عاجل ينتظر المنصات التي تعمل بدون ترخيص    الكويت: ملتزمون بتعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتنفيذ الدمج الشامل لتمكينهم في المجتمع    رسميًا.. تنسيق الثانوية العامة 2024 في 5 محافظات    الفرق بين الأضحية والعقيقة والهدي.. ومتى لا يجوز الأكل منها؟    عصام السيد يروى ل"الشاهد" كواليس مسيرة المثقفين ب"القباقيب" ضد الإخوان    يوسف الحسيني: القاهرة تبذل جهودا متواصلة لوقف العدوان على غزة    بالفيديو.. عمرو دياب يطرح برومو أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل قصواء الخلالى: موقف الرئيس السيسي تاريخى    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الميزان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسرح العبث‏..‏ سبعون عاما من الجدل
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 10 - 2010

رغم نشأته منذ أكثر من سبعين عاما ظل مسرح العبث أكثر الأشكال الدرامية إثارة للجدل‏,‏ فالتجربة فريدة حقا بل إنها مع تطورها وميلادها الفعلي في خمسينيات القرن الماضي قد أذهلت العالم لما تمثله من ثورة علي كل القوالب التقليدية للمسرح‏. ودراما العبث ألهمت بحق عشرات الأدباء وكتاب المسرح في دول العالم المختلفة ومنها مصر‏,‏ حيث أسهمت في تغيير تقنيات كتاباتهم وحفزت ذهن القاريء والمشاهد لتقبل اشكال فنية جديدة تماما تدفعه للتفكير بعمق في قضاياه المعاصرة‏.‏
ولايمكن ذكر مسرح العبث الا وتقترن به أسماء نجومه العمالقة من أمثال صمويل بيكيت ويوجين يونيسكو وهارولدبنتر وغيرهم من كتاب المسرح الذين اشتركوا في فكرة أن الانسان يقطن في هذا الكون دون أن تكون المفاتيح بحوزته‏,‏ فوجوده‏-‏ كما يرون‏-‏ بلا هدف‏,‏ وهو في نفس الوقت وجود مهدد‏.‏
وقد تأثر مسرح العبث بقوة بما مرت به الشعوب الغربية من فزع وخوف جراء الحرب العالمية الثانية حيث زرعت آلات القتل التي حصدت ملايين البشر خلال هذه الحرب داخل شعوب أوروبا موجة عاتية من زعزعة القيم واحساسا عميقا بأن الوجود الانساني عبث لا معني له‏.‏
بيكيت‏..‏الميلاد الحقيقي
واذا كان مسرح العبث قد بدأ في ثلاثينات القرن العشرين فان شهرته الواسعة قد جاءت علي يد صمويل بيكيت الفائز بجائزة نوبل عام‏1969‏ حيث يعده النقاد الرائد الحقيقي لدراما العبث‏,‏ وخاصة عقب ظهور مسرحيته الشهيرة في انتظار جودو التي قدمت لأول مرة في باريس عام‏1953,‏ وسرعان ما اجتاحت العالم وعرضت في مختلف انحائه‏.‏ وتدرس في أغلب اكاديميات وكليات الفنون كنموذج كلاكسيكي لمسرح العبث‏.‏
وقد كان بيكيت يكتب بالفرنسية والانجليزية معا اللتين اجادهما بنفس الدرجة‏.‏ وقد ألف العديد من الروايات‏,‏ إلا أن مسرحياته هي التي أكسبته شهرة عالمية‏.‏
وكانت قضيتها الأساسية تصوير اللامعقول والعبث في حياه الانسان‏,‏ وإدانة الحضارة الغربية‏,‏ ويشترك بيكيت ويونيسكو في خلط العبث بالطابع الهزلي الضاحك الذي يحمل في طياته فكرا وجوديا عميقا مؤداه أن الانسان بعيد عن الانسجام والتوافق مع نفسه ومع الآخرين ومع الكون ذاته وفاقد للقدرة علي الاتصال والتواصل‏.‏ ورغم قدم فكرة العبث في التجربة الانسانية والفلسفية إلا أن رواية سارتر الغثيان التي نشرت عام‏1938‏ كانت أول ظهور لأدب العبث‏,‏ فهو يطرح من خلالها‏,‏ بسردية غرائبية يتداخل فيها الحلم مع الواقع والواقع مع المستحيل‏,‏ اشكالية عدم قدرة العقل علي تفسير الوجود‏,‏ ويتلاقي الفكر الوجودي مع مدرسة العبث في كونهما يتفقان علي أن الانسان ضائع‏,‏ ولكنهما يختلفان في أن الوجودية تري أن الإنسان قادر علي الفعل باختيار مصيره‏,‏ وتحمل مسئولية هذا الاختيار‏,‏ بينما العبث لا يري إلا العبث‏.‏
نعود الي مسرحية بيكبت الأشهر في انتظار جودو التي تدور أحداثها في مكان محدود جدا بجوار شجرة‏,‏ التي هي الديكور الوحيد علي خشبة المسرح‏,‏ حيث ينتظر شخصان قدوم السيد جودو‏,‏ ولكنه لايأتي‏,‏ ولذلك تساءل النقاد‏..‏ من هو؟ ومتي سيصل؟ وماذا سيفعل أو يقدم؟‏..‏ وجودو لن يصل فهو كما يراه بيكبت رمزا للمطلق الذي لن يأتي أبدا‏.‏
وفي تطور فريد في دنيا المسرح جاء مسرح العبث متحررا تماما من البناء التقليدي الذي يتمثل في البداية والعقدة والحل‏,‏ ففي مسرح العبث تتعدد العقد‏,‏ لكنه لا يقدم لها حلا‏..‏ فالصراع بلا بداية ولا نهاية وسط فراغ زمني‏,‏ فلا يوجد إحساس بالزمن‏,‏ وتتسم اللغة في مسرح العبث بأنها تعطي للمشاهد حافزا للدهشة أو الاعجاب‏,‏ بل وتقوده بالفعل إلي التفكير العميق‏,‏ فالمسرح العبثي يشهد هجوما ضاريا علي اللغة التقليدية ويظهرها علي إنها آداة لا يمكن الاعتماد عليها‏,‏ وأنها غير كافية لاستخدامها كوسيلة من وسائل الاتصال‏,‏ حيث تستخدم دراما العبث لغة مشوشة‏,‏ ويقدم اللغة الاصطلاحية بوصفها تعمل كحاجز بين الذات وبين الحقيقة‏.‏
والحوار أقرب إلي المونولوج الداخلي‏,‏ وهو مبتور وغامض ومبهم‏,‏ حيث لا تواصل بين شخصياته‏,‏ ويمكن القول إن اللغة في مسرح العبث هي تأكيد علي الفشل والعجز عن التواصل الإنساني‏.‏
التجربة المصرية
ولكونها الجسر الحضاري والثقافي بين الغرب والعالم العربي لعبت مصر دورا رائدا في تعريف القارئ والمشاهد العربي بمسرح العبث من خلال الأعمال المتميزة لنخبة من الأدباء والشعراء الكبار كصلاح عبد الصبور في مسرحية مسافر ليل التي نشرت عام‏1969,‏ و تحت المظلة لنجيب محفوظ وصدرت عام‏1969‏ إلا أن مسرحية ياطالع الشجرة لتوفيق الحكيم والتي صدرت عام‏1962‏ تحتل مكانا بارزا حيث تعد بمثابة محاولة كبيرة بل وعظيمة لتقريب المسرح العبثي للقارئ العربي‏.‏
وشخصيات المسرحية الزوج والزوجة يتحاوران وكل منهما يتحدث علي هواه وفي اتجاه مخالف للآخر‏,‏ فالزوج مهتم بشجرته وسحليته المدفونة تحتها‏,‏ والزوجة تتحدث عن الإنجاب‏,‏ كما تتسم الشخصيات بالنمطية‏,‏ والشعور بالعزلة والاغتراب‏,‏ وخلو حياتهما من الهدف‏,‏ وفي النهاية فالمسرحية تعكس الفكرة الرئيسية للعبث‏,‏ فالحياة وفقا لهذا المفهوم عبثية وزائلة‏,‏ ولا يوجد شئ في الكون باق علي الاطلاق وتمثل ذلك في اختفاء جثة الزوجة بعد قتلها‏,‏ وموت السحلية بلا مبرر‏.‏
‏..‏ والآن‏..‏ وبعد مرور أكثر من‏70‏ عاما علي نشأة مسرح العبث فإننا أحوج ما نكون الي استلهام هذه التجربة المتميزة للتحفيز علي أشكال جديدة من الدراما الإنسانية تجدد الأدب بكل روافده‏,‏ وتضخ في شرايينه دماء جديدة من الابتكار والابداع الإدبي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.