نائب محافظ الجيزة يتفقد مشروعات "حياة كريمة" بالصف    ممثل أمريكا في مجلس الأمن يطالب إيران بالتوقف عن تزويد الحوثي بالأسلحة    حسام حسن يكشف موقف سام مرسي والشناوي من الانضمام لمعسكر المنتخب    على أنغام السمسية، الإسماعيلية تحتفل بأعياد الربيع (فيديو)    شبورة مائية على هذه الطرق غدا    الإذاعة المصرية تعتمد 8 قراء جدد للتلاوات القرآنية الطويلة والخارجية    نقيب المهن التمثيلية يكشف تطورات الحالة الصحية للزعيم عادل إمام    فرقة الزقازيق تعرض «كيبوتس» في موسم مسرح قصور الثقافة    القومي للبحوث يُنظم ندوة حول استخدام نقل التكنولوجيا لتحقيق النمو    الكشف وتوفير العلاج ل2000 حالة مرضية فى قافلة علاجية ببنى سويف ضمن المبادرة الرئاسية حياة كريمة    وزير التعليم يحضر مناقشة رسالة دكتوراه لمدير مدرسة في جنوب سيناء لتعميم المدارس التكنولوجية    محافظ بورسعيد يبحث مع رئيس «تعمير سيناء» آخر مستجدات مشروعات التعاون المشتركة    سيارات بايك الصينية تعود إلى مصر عبر بوابة وكيل جديد    خطتان.. مصراوي يكشف أسماء الثلاثي فوق السن المنضمين للمنتخب الأولمبي في أولمبياد باريس    سفير واشنطن لدى إسرائيل ينفي تغير العلاقة بين الجانبين    حجز إعادة محاكمة المتهم بتزوير أوراق لتسفير عناصر الإرهاب للخارج للحكم    برلماني: السياسات المالية والضريبية تُسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية    بعد قليل.. انطلاق المؤتمر الجماهيري لاتحاد القبائل العربية بالمنصورية    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه الروماني    السيسي يوجه رسالة عاجلة للمصريين بشأن المياه    المفتي للحجاج: ادعو لمصر وأولياء أمر البلاد ليعم الخير    «عباس»: الهيئة تتخذ استراتيجية مستدامة لميكنة دورة العمل بالنيابة الإدارية    تعليم النواب توصي بدعم مستشفيات جامعة المنصورة ب 363 مليون جنيه    لماذا سميت الأشهر الحرم بهذا الاسم؟.. الأزهر للفتوى يوضح    «التعليم» تنبه على الطلاب المصريين في الخارج بسرعة تحميل ملفات التقييم    حكم كيني لمباراة مصر وبوركينا فاسو وسوداني لمواجهة غينيا بيساو    تعليم البحيرة: 196 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية وأولى وثانية ثانوي    ما هو موعد عيد الاضحى 2024 في الجزائر؟    محافظ سوهاج ورئيس هيئة النيابة الإدارية يوقعان بروتوكول تعاون    إطلاق مشروع تطوير "عواصم المحافظات" لتوفير وحدات سكنية حضرية بالتقسيط ودون فوائد    وزير الرى: احتياجات مصر المائية تبلغ 114 مليار متر مكعب سنويا    هل ويست هام قادر على إيقاف مانشستر سيتي؟ رد ساخر من ديفيد مويس    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد كلية طب الأسنان (صور)    وزيرة التضامن تشارك في أعمال المنتدى الدولي لريادة الأعمال ومبادرة العيش باستقلالية بالبحرين    مناظرة بين إسلام بحيري وعبد الله رشدي يديرها عمرو أديب.. قريبا    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. الإفتاء توضح    موجة احتجاجات تعصف بوزراء الاحتلال في ذكرى «اليوم الوطني لضحايا معارك إسرائيل» (تفاصيل)    قمة مرتقبة بين رئيس كوريا الجنوبية ورئيس وزراء كمبوديا لبحث التعاون المشترك    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    الرئيس السيسي: الدولار كان وما زال تحديا.. وتجاوز المشكلة عبر زيادة الإنتاج    وزير الثقافة الفلسطيني السابق: موشي ديان هو أكبر سارق آثار في التاريخ    بدءا من 10 يونيو.. السكة الحديد تشغل قطارات إضافية استعدادا لعيد الأضحى    بنك التعمير والإسكان يرعى الملتقى التوظيفي 15 بجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة    ختام ناجح لبطولة كأس مصر فرق للشطرنج بعدد قياسي من المشاركين    تشمل 13 وزيرًا.. تعرف على تشكيل الحكومة الجديدة في الكويت    التحليل الفني لمؤشرات البورصة المصرية اليوم الاثنين 13 مايو 2024    خلال 12 يوم عرض بالسينمات.. فيلم السرب يتجاوز ال24 مليون جنيه    توقعات برج العقرب من يوم 13 إلى 18 مايو 2024: أرباح مالية غير متوقعة    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    إنشاء مراكز تميز لأمراض القلب والأورام ومكتبة قومية للأمراض    رئيس الغرفة التجارية: سوق ليبيا واعد ونسعى لتسهيل حركة الاستثمار    تداول 15 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و806 شاحنات بموانئ البحر الأحمر    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    فضل الأشهر الحرم في الإسلام: مواسم العبادة والتقرب إلى الله    أرتيتا يثني على لاعبي أرسنال    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    "أوتشا": مقتل 27 مدنيًا وإصابة 130 في إقليم دارفور بغربي السودان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسيح وباراباس‏..‏ في نجع حمادي
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 01 - 2010

في نجع حمادي سالت دماء عزيرة لإخوة في الوطن في يوم عيدهم‏,‏ وكأن القتلة ومن دفعوهم أو دفعوا لهم أرادوا أن يحرموا الأقباط حتي من حق الفرح في عيدهم‏,‏ وأن يحرمونا من فرحة أن نتواصل معهم ونقول عيد سعيد‏.‏ والقاتل‏,‏ كما يقولون مجرم معتاد الإجرام ومسجل خطر‏.‏ وهكذا سمحت أوضاعنا التي صنعناها بأيدينا بأن ينتصر القاتل المأجور ومحترف الإجرام علي أرواح وحياة الإخوان المسيحيين وكان التاريخ يأبي في يوم ميلاد المسيح إلا أن يعود إلي تذكيرنا بما كان بين المسيح والقاتل باراباس‏.‏
ونعود إلي ما كان‏.‏ فعندما اقتاد الكهنة المدعومون من غوغاء أورشليم يسوع المسيح إلي الحاكم الروماني بيلاطس مطالبين بصلبه وقتله‏,‏ أطل عليهم بيلاطس وبدأ يحاورهم في أمره إذ كان يعلم أنهم يريدون قتله حسدا حقدا فقال لهم‏:‏ماذا فعل؟ فأجابوا أنه يفسد الناس‏,‏ ولعل بيلاطس كان يدرك حجم الجرم الذي سيرتكبه لو خضع للغوغاء وضغوط الكهنة فقال‏:‏ إنني لا أجيد عيبا في هذا الإنسان‏,‏ فصاح الكهنة وأهاجوا من التف حولهم من الغوغاء قائلين‏:‏ إنه يهيج الرعية ويمنع الناس من أن تعطي الضريبة للقيصر وإن لم تصلبه لا تكون محبا لقيصر‏,‏ فتذكر بيلاطس قول المسيح أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله واكتشف أن هؤلاء الكهان يكذبون‏,‏ لكنه كان خائفا من صراخ الغوغاء الذين تجمعوا بكثرة وخشي انه اذا نفذ الحق والعدل فإن الغوغاء سوف تثور‏,‏ فقال محاولا أن يجد لنفسه مخرجا‏:‏ إننا في العيد وسنطلق كما هي العادة واحدا من المحكوم عليهم‏,‏ فليكن هو هذا الرجل‏,‏ لكن الغوغاء ارتفعت صيحاتهم مطالبين بإطلاق باراباس وصلب المسيح‏.‏
‏*‏ يقول انجيل يوحنا‏:‏ وكان باراباس لصا‏.‏
‏*‏ ويقول انجيل لوقا‏:‏ إن باراباس كان مطروحا في السجن لأجل فتنة وقتل‏.‏
ونعود إلي نجع حمادي‏..‏ فباراباس قاتل ولص ومطروح في السجن لأجل فتنة‏,‏ والقتل كما كان في الماضي تم يوم عيد‏.‏
وسالت دماء المسيح من جديد علي يد باراباس عصرنا‏,‏ والسبب هو شحنات البغضاء ورفض الآخر وفقا لصراخ كهان العصر الحدث الذين يصورون للعامة أن كراهية الآخر هي جزء من الإيمان وأن اقتراف الجرائم ضده ستقود صاحبها إلي الجنة‏,‏ وما هذا هو الإسلام الصحيح وإنما هو تأسلم مناف للحق وللحقيقة ومناف للدين وللقول الكريم لكم دينكم ولي دين لكننا بتهاوننا وممارستنا وبسماحنا للجهلة والمغرضين في وسائل الإعلام ومناهج التعليم والممارسات الإدارية نعود وفي يوم عيد لمنح باراباس الحق في أن يسيل مرة أخري دماء المسيح‏.‏
ويحاول البعض أن يبرر الجريمة أو يجد للمجرم منفذا فيقول إنها ثأر لجريمة أخري في فرشوط وما كنا ندافع عن أي جرم مهما يكن مرتكبه وأيا كان سببه‏,‏ لكننا نعلم أن الثأر شيء غير الذي حدث فالثأر يكون في عائلة المخطئ وليس مشاعا بل هم يختارون زينة شباب عائلة المجرم لينالوا منه‏,‏ فكيف يتحول الثأر إلي فتنة طائفة تسيل فيها دماء من لا علاقة لهم بالجرم ولا بالمجرم ولا صلة لهم به سوي صلة الدين‏.‏
لكننا نعيش في زمن ملوث بالتأسلم ومشحون بالتوتر الطائفي بحيث يكون التحريض ضد الآخر سهلا ويسيرا بل ومشروعا في اعتقاد البعض‏,‏ لكن مصر لم تكن كذلك أبدا فحتي عندما قام مسلم بقتل رئيس وزراء قبطي في مطلع القرن الماضي احتجاجا علي ممالأة رئيس الوزراء للاحتلال‏,‏ أسرع القاتل ليعلن لجميع أنه لم يقتله لأنه مسيحي‏,‏ وإنما بسبب موقفه السياسي واستطاعت مصر أن تستوعب ذلك وأن تلقي عبء القتل علي فاعله وحده‏,‏ فلماذا لم يستطع العقلاء في فرشوط إلقاء عبء الجريمة علي فاعلها وحده‏,‏ هل لأن الزمان غير الزمان؟ والناس غير الناس؟ ورجال الدين غير رجال الدين؟ وهل لأنه لم يكن هناك تأسلم يشن الحرب علي الوطن والوطنية؟ وهل لأن العقلاء قليلون وكثير من ها القليل يؤثر السلامة في زمن صار فيه التطرف الديني شريعة؟
ونعود إلي حادثة اغتيال بطرس باشا غالي‏..‏ فقد سارع العقلاء إلي احتواء الأمر‏,‏ ومنحوا العقل المصري القدرة علي حماية الوطن‏.‏ وكان علي رأس هؤلاء ابن بطرس باشا نفسه الذي لجأ إلي إسماعيل باشا صبري طالبا منه أن ينظم قصيدة تهدئ النفوس ويصيح إسماعيل باشا صبري
معشر القبط يا بني مصر
في السراء قد كنتم وفي الضراء
قد فقدنا منا ومنكم كبيرا
كان بالأمس زينة الكبراء
دين عيسي فيكم ودين أخيه
أحمد يأمرانا بالإخاء
مصر أنتم ونحن إلا إذا
قامت بتفريقنا دواعي الشقاء
مصر ملك لنا إذا تماسكنا
وإلا فمصر للغرباء
لا تطيعوا منا ومنكم أناس
بذروا بيننا بذور الجفاء
واستقبل المصريون هذه مثل الدعوة بالرضاء والتوحد‏,‏ وتقبل الأقباط ما كان كجريمة فردية لأن الزمان كان لا يعرف التفريق ولا التمييز حتي في بناء دور العبادة أو تولي الوظائف فتقبلوا الخطأ كعمل فردي وليس كباعث للفتنة‏,‏ ولهذا نقول‏:‏إنا بأيدينا جرحنا قلوبنا
وبنا إلينا جاءت الآلام
ويبقي أن نضيف أن ابن بطرس باشا غالي دعا للتهدئة واستمرار مسيرة الوطن الموحد فسئل كيف تتصالح مع من قتل أبيك؟ فأجابهم أتصالح مع من قتل أبي بدلا من أن أتصالح مع من سيقتل وطني‏.‏


المزيد من مقالات د. رفعت السعيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.