رغم نجاح الدمايطة في معاركهم لحماية البيئة بعد أن خاضوا معركة إزالة الأقفاص السمكية التي كانت تلوث مياه النيل وتؤثر علي نوعية وجودة مياه الشرب. وأيضا نجاحهم في التصدي لمشكلة مصنع أجريوم لحماية مصيف رأس البر المورد السياحي العام بالمحافظة من التلوث البيئي, إلا أنهم ومنذ عام1998 يقفون عاجزين أمام أخطر مشكلة بيئية تواجههم حتي الآن وتؤثر علي الصحة العامة للمواطنين, كما تشكل خطرا مدمرا علي صحة صناع الأثاث والذي يعد العامل الأساسي في تميز الدمياطة في هذه الصناعة التي تمثل العمود الفقري لاقتصاد المحافظة وهي استخدام المواد النارية( البوليستر والبوريتان) في دهان الأثاث مسايرة للاتجاهات العالمية في عمليات الدهان ولكن دون الالتزام بالاحتياطات البيئية التي تمنع تطاير الانبعاثات من هذه المواد وتلويث الهواء. في البداية تقول أحلام مصطفي الضويني ربة منزل أصبت بعدة أمراض صدرية بسبب تعرضي المستمر للرش الموجود بجوار منزلي بقرية الشعراء والتي تحتوي علي أكبر ورش للدهانات بالمحافظة ونصحني طبيبي المعالج بضرورة البحث عن مكان آخر أسكن فيه بعيدا عن هذا الرش اللعين, وبالفعل قمت بشراء منزل آخر بمدينة دمياطالجديدة حتي أرتاح من هذا الوباء الذي اقترب من القضاء علينا. ويري مصطفي عبداللطيف يوسف استرجي أن هناك شروطا صعبة وضعها المسئولون من أجل عمل كبائن للرش أهمها وجود شارع بعرض ستة أمتار أمام الورشة وهو شرط صعب جدا لأن معظم القري التي تعمل في تلك المهنة لا يوجد بها إلا عدد قليل جدا من الشوارع بهذا العرض. ويشير د. أحمد علي الشناوي إلي أن عيادته بإحدي القري التي تنتشر فيها ظاهرة الرش بالمواد النارية( البوليستر والبريتان) وأنه فوجيء بانتشار ظاهرة كبيرة بين أطفال القرية بداية من عمر يوم واحد وهو انتشار أمراض حساسية الصدر والربو الشعبي وهو أمر يثير الدهشة أن تنتشر تلك الأمراض بين الأطفال الرضع, كما أن الأشعة التي نقوم بإجرائها علي صدور هؤلاء الأطفال تظهر نقطة سوداء علي الرئة, وهو مؤشر علي التصاق هذه المواد بصدور أطفالنا الصغار. ويؤكد د. عبدالسلام المغربل وكيل مستشفي الصدر بدمياط أن تلك المواد النارية( البوليستر والبوريتان) عبارة عن مواد كيماوية سامة ومحظور تداولها عالميا بسبب طبيعتها المسرطنة وبسبب الأضرار التي تلحقها بالبيئة, وسميت مواد نارية لأنها قابلة للاشتعال في أي لحظة ولها خطورتها علي من يستنشقها, وتلك المواد خطيرة علي الجسم لأن أبخرتها عبارة عن خليط متفجر وإذا تلامست تلك المواد مع الجلد فإن ذلك يسبب الحروق وتهيج الجلد والعين, كما أن استنشاقها يؤدي إلي أضرار بالغة للجهاز التنفسي, كما يؤدي إلي احتقان الأغشية المخاطية للأنف والحلق والقصبة الهوائية والشعب الهوائية, ويؤدي ذلك إلي نزلات شعبية حادة ومتكررة وتكرارها بمرور الوقت يؤدي إلي حدوث نزلات شعبية مزمنة وأمراض السدة الرئوية. كما أن الاحتقان والالتهاب المزمن للأغشية التنفسية مع مرور الوقت يؤدي في النهاية إلي أمراض الربو الشعبي المزمن نتيجة كثرة التعرض لتلك المواد الخطرة وترسب هذه المواد في الحويصلات الهوائية يؤدي إلي تحجر الرئة لأنها مواد تكون صعبة التحليل ولو تم تحليلها ستكون مادة( التلوين ثنائي الأمين) وهي مادة مسرطنة وتسبب سرطان الرئة كما تسبب صداعا مستمرا وهبوطا في ضغط الدم وزيادة في ضربات القلب والميل للقيء ولعل أبلغ مثال علي زيادة نسبة الأمراض الصدرية بسبب تلك المواد أن العيادة الخارجية في مستشفي الصدر بدمياط قد دخلها في شهر أغسطس الماضي أكثر من سبعة آلاف مريض بأمراض تنفسية مختلفة وهي نسبة كبيرة إذا عرفنا أن بينهم أكثر من1850 طفلا صغيرا. وعن دور الغرفة التجارية في مواجهة هذه الظاهرة البيئية الخطيرة أوضح أحمد والي أمين عام الغرفة التجارية بدمياط أن الغرفة قامت منذ أيام قليلة بعقد اجتماع مع الصندوق الاجتماعي بدمياط ومركز تحديث الصناعة من أجل توفير كبائن الرش المعتمد بيئيا لمواجهة ظاهرة الرش في الشوارع, وتم اختيار قرية الشعراء كبداية لهذا المشروع نظرا لتكدس هذه القرية بالورش التي تستخدم تلك المواد النارية.