سعدت حين قرأت عن المؤتمر الذي عقد في الفيوم لمناقشة مسرح الطفل, وكم كنت أود حضوره لولا أني لم أتلق دعوة له, المهم أن هذا المؤتمر أعادني إلي منتصف الستينيات من القرن العشرين حين كون الدكتور ثروت عكاشة, حين كان وزيرا للثقافة, المكتب الاستشاري لثقافة الأطفال واختارني رئيسا لذلك المكتب, أذكر حين قبلت الوظيفة أن انتقدني الاصدقاء في كيف بعد ما توليته من مراكز سياسية ودولية أقبل مجرد الإشراف علي ثقافة الطفل, وكان ردي علي ذلك بأن عملي في الخارج وخاصة بعد12 عاما في انجلترا جعلني أشاهد ما يقدم للطفل في تلك البلاد المتقدمة. وبسبب حبي واهتمامي بالمسرح بدأت في عملي الجديد بالاهتمام بمسرح الطفل, وشعرت بأن الدولة لابد أن يكون لها دور في رعايته, وفعلا قررت أن أبدأ عملي في هذا النطاق, فأخذنا مسرح العرائس وأدخلنا عليه بعض التعديلات ليصلح لتقديم مسرحيات يؤديها ممثلون وليس عرائس, وقدمنا أول ما قدمنا مسرحية, الأمير الطائر, للكاتب الهندي المشهور ملك راج وقام بدور الأمير النجم الشهير نور الشريف وأخرجها الفنان المعروف أحمد زكي وكان قد عاد حديثا من لندن بعد أن تخصص في مسرح الأطفال وتبعت هذه المسرحية مسرحية شقاوة كوكو التي كتبتها وقام أخي بليغ بتلحين عدد من الأغاني لها, وقامت بدور كوكو الممثلة المعروفة سهير حمدي وأخرجها الدكتور محمود الشريف عميد معهد السينما في ذلك الوقت وكان قد عاد حديثا من أمريكا بعد أن تخصص في فن الإخراج. ومازلت أذكر رد فعل الصحافة الايجابي حول بدء مسرح للأطفال, ومازلت أحتفظ بقصاصات الجرائد والمجلات التي قابلت المسرح بالترحيب والحماس. وقمت بعد ذلك بكتابة الاطفال دخلوا البرلمان وقام بإخراجها الصديق الذي رحل اخيرا صلاح السقا بعد ان حولها الي مسرحية استعراضية غنائية قدمت في المسرح الصيفي, الذي كان في ذلك الوقت موجودا عند كوبري الجامعة. وأذكر أنه بعد ذلك تحولت سينما متروبول إلي مسرح للأطفال وأصبح المسرح من ضمن أجهزة وزارة الثقافة وعين له مدير دائم. وكانت أهم مشكلة واجهتني في تجربة مسرح الأطفال الجمهور, فلكي يستطيع الطفل ان يحضر لابد ان يصحبه احد الكبار سواء الأم او الأب او الأخ الكبير وتغلبنا علي تلك المشكلة بالاتفاق مع عدد من المدارس بإحضار تلاميذها في أتوبيسات مع بعض المدرسين, وفعلا هذا هو ما حدث مما جعل المسرح دائما كامل العدد, كنا نطلب من المدرسين المصاحبين للطلبة مناقشة المسرحية في المدرسة ثم طلب رسم انطباعات الطلبة للمسرحية وكنا ننتظر في معرض عند مدخل المسرح. تلك كانت البداية التي زرعت بذور مسرح الطفل, وهي فترة مهمة لا ادري لماذا يتم تجاهلها, عن قصد أو لعدم معرفة أو لأننا نريد دائما أن نكون اول من فعل هذا او ذاك, ولابد ان اذكر هنا ان المركز القومي للبحوث الاجتماعية قام بدراسة ميدانية للمسرح عامة ولمسرح الطفل خاصة ونشرها في شكل تقارير تحت اشراف السيد يسين واعداد الدكتورة نسرين البغدادي. يوم المسنين قرأت منذ أيام عن يوم المسنين ولا أدري كيف احتفلنا به اكثر من مجرد نشر الخبر في الصحافة, وتذكرت ما قرأته في الجرائد اللندنية عن احتفال الانجليز بتلك المناسبة, فقد قام الشباب من البنات والأولاد بزيارة مراكز رعاية المسنين وقدموا الزهور لهم وجلسوا معهم يقرأون لهم من الجرائد او بعض الكتب. وقد لفت نظري مقال في جريدة الاوبزرفر اللندنية بعنوان مراقبة كبار السن من علي بعد وهو عن استعمال التكنولوجيا الحديثة في رعاية المسنين دون الحاجة الي وجود مرافق معهم. أو دون الحاجة الي اللجوء الي احد بيوت المسنين. وقد تم استعمال الانترنت لتتبع كل ما يقوم به المسن من اللحظة التي يصحو فيها ودخوله الحمام واعداد الفطور والتحرك من حجرة, إلي حجرة بل إن الانترنت استطاع معرفة ضغط دم المسن. ويسمي النظام الذي يستعمل بالرعاية الكبري, وهو يقوم بتركيب معدات تسجل وترسل كل ما يحدث في داخل البيت سواء كان فتح وغلق الأبواب أوموعد نوم صاحب البيت واستيقاظه في الصباح. ويذكر كاتب المقال ان هذا الجهاز بالاضافة إلي إرسال تحركات صاحب البيت فإنه يساعد ابنه او ابنته التي تعيش علي مسافة بعيدة منه علي ألا تشعر بالذنب لأنها ليست بجواره لترعاه, ويقول ابن احدي المسنات: ينتابني شعور بالذنب أني بعيد عنها وليس في استطاعتي رعايتها بنفسي, أو أساعدها في جز حشائش حديقتها أو ان اكون ابنا صالحا, ولكن بعد ان ادخل الجهاز اشعر بأنني معها طول الوقت, وتقول الام في بادئ الامر لم ارتح للفكرة وشعرت بأنها اختراق لخصوصيتي ولكن بعد ان بدأت في استعماله غيرت رأيها وقالت لقد كنت مخطئة ولا اشعر بأن هناك من يراقبني طوال اليوم: ويري البعض ضرورة مناقشة الفكرة مع المسن قبل استعمال الجهاز والسؤال هل هذا ما يريده الوالدان؟ وتقول استاذة علم النفس في جامعة ميرلاند ان مراقبة المسنين بهذه الطريقة يشبه ما يفعله بعض الامهات في تركيب كاميرات لمراقبة جليسات أطفالهن. أن هناك شعورا سيئا حيال هذ,ا وتقول سيدة في سن45 عاما حين كان سن والدي80 عاما أردت استعمال الجهاز لكنه رفض في بادئ الأمر ثم وافق, ومن صفات هذا الجهاز أنه يراقب اوقات تناول الشخص المسن للأدوية التي عليه استعمالها وبه طريقة لتحديد هذه الأوقات وحين يأتي الموعد يقوم الجهاز بإصدار صفارة واذا تناول المريض الدواء يدق جرس التليفون في بيت الابن أو الابنة ويخبره تسجيل أن المريض قد تناول دواءه. ولكن إذا لم يتناول المريض دواءه خلال ساعتين فإن الجهاز يتصل بالابن أو الابنة في المدينة التي يقيمان فيها مهما بعدت عن مدينة الأب أو الأم ليعلن عدم تناول المريض الدواء فيقوم الابن أو الابنة بالاتصال تليفونيا لحثه علي تناول الدواء. مصداقية الكاتب لم أتوقع رد الفعل لمقالي السابق سعادة الشعوب فقد جاءتني اتصالات تليفونية عديدة وكان كل صديق أقابله يوجه إلي أحد سؤالين: من هو سعادة السفير الذي كتبت عنه؟ والسؤال الثاني هل تخدمك عزيزة وتنوي الزواج منها ولم يصدقوني حين قلت لهم إن القصة كلها من خيالي, حقيقة إني قابلت العديد من السفراء بالطريقة التي ذكرتها, وحقيقة أني قمت بزيارات علمية عديدة في إفريقيا, وقد أعطي هذا ما كتبته طابع الواقع وقد جعلتني تلك الأسئلة أفكر هل من الصواب أن يعطي الكاتب صفة الواقع لما يكتب؟ ولماذا يري البعض أن ما يكتبه الكاتب يعكس أحداثا في حياته؟ ومازلت أذكر موقف زوجتي حين نشرت في الأهرام قصة الحب تحت أشجار الكرز عن علاقة حب بين مصري ويابانية وكتبت في ذلك الوقت أقوم بزيارات عديدة لليابان في إطار تضامن الشعوب الإفريقية الآسيوية, وكانت زوجتي تؤكد أن ما كتبته تجربة شخصية ولم ينفع شرحي لها بأنها مجرد قصة.