القانون فوق الجميع شعار يبث الطمأنينة والأمان في نفوس البسطاء وصغار المواطنين بأن سندهم في الظلم هو الاحتماء بالقانون الذي يطبق علي الجميع دون تفرقة، ولكن يبدو ان بعض الكبار يحاولون إفراغ هذا الشعار من مضمونه والاحتكام الي شعار أن السلطة والمال فوق القانون. لقد تسرب هذا الشعور لدي الرأي العام في الأونة الاخيرة بمناسبة بعض القضايا التي يحاكم فيها الكبار وكان آخرها الحكم بالسجن ثلاث سنوات ضد عضو مجلس الشعب المعروف عماد الجلدة في قضية رشوة البترول والذي لم يظهر في جلسة الحكم لتوقعه صدور العقوبة ضده وإمكانية القبض عليه لتنفيذ حكم المحكمة.. وكذلك فعل في نفس القضية التي سبق لمحكمة الجنايات نظرها للمرة الأولي وصدور الحكم بنفس العقوبة وظل النائب الشهير هاربا حتي موعد الطعن علي الحكم امام النقض والذي اعاد المحاكمة للمرة الثانية حيث سلم عضو مجلس الشعب نفسه وافرض عنه المحكمة عند نظر الدعوي للمرة الثانية ويبدو ان السيناريو سوف يتكرر في النقض للمرة الثانية. ولم تكن هذه هي السابقة الاولي بل حدث نفس السيناريو عند نظر قضية اكياس الدم المعيبة والمتهم فيها هاني سرور وآخرون والذي سلم نفسه للعدالة خلال جلسة النقض ايضا.. وصحيح انه حصل علي البراءه فيما بعد امام محكمة النقض ولكن ظلت الاحكام حبرا علي ورق.. نفس الشيء تكرر خلال محاكمة المتهمين في قضية المبيدات المسرطنة والمتهم فيها يوسف عبدالرحمن وراندا الشامي واللذان ظلا هارب.. أيضا وظهر فجأه امام محكمة النقض وتبين ان جميع هؤلاء كانوا داخل البلاد ولم يغادورها واماكن اقامتهم معروفة للجميع ورغم ذلك ظلوا مطلقي السراح مما يفقد الاحكام القضائية هيبتها وتأثيرها وفلسفة العقاب بشكل عام.. في حين تتسابق اجهزة تنفيذ القانون في تطبيقه علي البسطاء والضعفاء حتي لو كان في جنحة مخالفة مرورية علي سبيل المثال, مما يطرح السؤال المهم من المسئول عن ذلك.. وهل اصبح هروب الكبار من وجه العدالة قاعدة اجتماعية ملزمة.. ومن يساعد هؤلا علي الفرار من القانون وعدم الامتثال لاحكامه.. وحتي يطبق القانون علي الجميع.. اللواء عبدالرحيم القناوي مساعد اول وزير الداخلية الأسبق لقطاع الامن العام يري أن هذا امر طبيعيا.. ان من يمتلك اموالا كثيره لديه القدرة علي التعامل مع مستشارين من كبار رجال القانون من المحامين الذين يدافعون عنهم ويفكرون له في كيفية الهروب خارج البلاد ونوعية الدول التي يمكن الهروب إليها حتي يخرج من المأزق الذي وقع فيه وخاصة قبل صدور حكم الادانة عليه او وضع اسمه علي قوائم ترقب الوصول وبذلك يكون من السهل عليه تجنب الحبس الاحتياطي حتي تتم تسوية الأمور وان رجال الاعمال والمشاهير وأصحاب رؤوس الامول ومايطلق عليهم الكبار تكون امامهم فرصة الهروب اكبر من البسطاء من الناس الذين يحاولون الهروب داخل البلاد.. فالانسان البسيط لايمتلك الشاليهات او الفيلات والعقارات والاموال والسيارات التي تساعده علي التفكير والهروب واذا هرب أحدهم من قريته فإنه يذهب الي أحد اقاربه بالقرية المجاورة او المدينة. وحول مسئولية القبض علي كل من تصدر احكاما ضده قال اللواء القناوي إنه بعد صدور الحكم ضد اي مواطن تتولي الادارة العامة لتنفيذ الاحكام بالتنسيق مع جميع مديريات الامن واقسام تنفيذ الاحكام في البحث عن كل مواطن هارب من حكم حيث توجد اقسام لتنفيذ الاحكام في المطارات والمواني والنقل المواصلات ومن حق اي ضابط شرطة إلقاء القبض علي أي متهم طالما هناك احكام صادرة ضده. وبعض التقنيات الحديثة التي تتبعها وزارة الداخلية من وضع جميع الاحكام علي الانترنت ووجود اجهزة حديثة للكشف عليها في كل ادارات المصالح والاقسام والمديريات والأكمنة الشرطية لضبط أعداد كبيرة من المطلوب تنفيذ الاحكام عليهم. وأوضح اللواء عبدالرحيم القناوي قائلا انا لا أخفيك سرا بأن الكبار لهم علاقات وبعضهم أصحاب شركات تجارية خارج البلاد كما ان هناك من يحمل جنسيات دول أخري يهرب قبل صدور احكام ضده فيذهب الي الدولة التي يحمل جنسيتها ومعظم القوانيين الدولية تؤكد حماية الدولة من يحمل جنسيتها وقال القناوي اذا ثبت بان هناك هاربا بعد صدور قرار النائب العام بوضع اسمه علي قوائم ترقب السفر او الوصول وتم ضبطه او ثبت هروبه من احدي المطارات أو المواني يتم التحقيق فورا في الواقعة ويتم توجيه الاتهامات بالتواطؤ لكل من ساعد متهما علي الهرب. ويؤكد المستشار محمد عيد سالم امين مجلس القضاء الاعلي ونائب رئيس محكمة النقض ان القانون جعل العقوبة لاتسقط بمضي المدة لهروب المتهم المحكوم عليه في الخارج وان كل مدة الهروب لاتحسب له ويتم تسجيله في وحدات تنفيذ الاحكام بوزارة الداخلية لادراج اسمه علي قوائم ترقب الوصول بالموانيء والمطارات. وان جميع الاحكام اليومية التي تصدر في جميع محاكم مصر يتم تسليمها الي وحدات تنفيذ الاحكام بالمديريات لضبط المتهم بطريقة آلية.. ولها اجراءات قانونية, حيث تتم المعارضة في الحكم أو تنفيذه. وقال نائب رئيس محكمة النقض إن حكم من يتستر علي هارب له عقاب يحدده القانون, وحول سقوط العقوبة قال ان الاصل ان عقوبة الاعدام لاتسقط إلا بعد مضي03 عاما والجنايات02 عاما والجنح تسقط عقوبتها بعد مضي5 سنوات فقط اذا كان داخل البلاد ولم يغادرها وإذا هرب خارج البلاد أصبحت هذه المدة لاتحسب فيها مدة سقوط العقوبة وكأنه بداخل البلاد. والاصل اذا صدر حكم يجب احترامه وتنفيذه ولكن في النهاية يد العدالة تطول الجميع وان الذي يهرب خارج البلاد سوف يعود الي وطنه ولوطال سفره فيجب ان يتخذ الاجراءات القانونية التي تساعده علي تنفيذ الحكم فيقوم بتسليم نفسه لان الهروب لايفيد وان الاحكام لابد من احترامها. ويري حمدي خليفة نقيب المحامين ان سبب هروب الكبار والمشاهير لانهم من اصحاب رؤس الاموال عندما يهربون فإنهم يهربون بجرائم كبيرة تستحق الهرب ولذا اطلق عليهم الكبار. اما الصغار وهم من الطبقة الفقيرة والبسطاء فان تجاوزاتهم تكون عادة بقدر حجمهم وليس لديه الامكانات التي يهرب بها ومن اجلها, وعلي قدر مايملك يتصرف وأضاف انهم يظهرون في الوقت المناسب حتي لايتم تنفيذ الحبس الاحتياطي عليهم. ولكن البسطاء لايجدون المكان الذين يهربون اليه ويتم الفاء القبض عليهم بسهولة..!!