من الصعب أن تقدم لعمل يحمل كل هذه المشاعر و التجارب الإنسانية وتوفيه حقه كما يستحق, من الصعب أن تقدم عملا يصدمك و يدهشك من كثرة تشابهه معك حتي يجعلك تشعر بأنه كتب عنك أنت خصيصا. وعن حياتك وتجاربك ومشاعرك ببراءة و حرفية شديدة وبراعة في السرد وسلاسة في الأسلوب نجحت الكاتبة الصحفية سلوي الخطيب عبر مجموعتها القصصية غربة الأحباب في أن تجسد خليطا من المشاعر والتجارب الإنسانية التي نمر بها جميعا حتي وإن كان محورها عن الغربة أو الإغتراب كما تفضل مقدمة الكتاب نوال مصطفي أن تطلق عليه من خلال لقطات متفرقة من حياتنا تتميز بحالة من الزخم الإنساني سجلتها يد الخطيب عبر تلك القصص القصيرة التي تميزت بالتكثيف الشديد حيث لا تزيد الواحدة في كلماتها الثاقبة والمعبرة علي مائتي كلمة لتثبر غور المشاعر والأحاسيس وتنقلك لعالم آخر يشبه عالمك ويكاد يتطابق معه,فمن منا لم يكابد تلك المشاعر:الشجن,الحنين, الغربة و الشعور بالاغتراب دون أن تنتقل من مكانك أو زمانك وأنت وسط أهلك حتي و أنت مع نفسك تجلس وحيدا, من منا لم ينظر في المرآة يوما و أنكر وجهه وكأنه يحمل وجها غريبا عنه وقلبا آخر أثقلته هموم الحياة,من منا لم يحن لأيام الصبا والطفولة,من منا لم يشعريوما بأنه ينتمي لزمن غير زمنه وعالم غير عالمه فيهرب لأفلام الأبيض والأسود أو أغنية خاصة لينتقل من زمن لآخر. ففي قصة' الإرادة' قد تكتشف أن نظرتك للحياة قد تخطيء أحيانا كما جاء في الختام' اكتشف بعد فوات الآوان, وبعد أن حقق كل ما يريد لنفسه بنفسه, أنه لم يحقق شيئا!, حكم علي روحه بالنفي, ولم يستمتع مرة واحدة بجمال الحياة', أو تتأمل مشوار حياتك لتكتشف' أنك عشت كالقطار تسير علي خط مستقيم لا يستطيع الإنحدار أو المناورة... والقطار لاينتظر أحدا', وقد تجد نفسك في موقف ذلك المسافر كما قال لنفسه' لابد من السفر.. لا مكان لي هنا أو هناك.. سأتوه وسط مدن يرفضني أهلها و سأعود حين أملك ثمن تذكرة العودة ليرفضني أهلي!' ليعود و يدرك أنه' يجلس وحيدا غريبا مثل شجرة فقدت ارتباطها بالأرض وعاشت بلا جذور' و قد تشعر بلحظة' انكسار' وتتساءل' من اخترع الحلم؟ ومن سرقه؟' وان كنت قد جابهت آلام حب لم يكتمل وترغب في نسيانه ف' للنسيان موعد' لتعود وتكتشف أهمية' اللحظة التي تعيش خلالها شيئا من اثنين.. الحب أو الجنون!' إذا أردت أن تنظر لنفسك في المرآة يمكنك أن تقرأ' غربة الاحباب'. وقانا الله و إياكم آلام الغربة. يقع الكتاب في152 صفحة من القطع المتوسط. صدر ضمن سلسلة كتاب اليوم عن دار أخبار اليوم.