هي المرة الأولي التي أشاهد فيها أوبرا عالمية في الهواء الطلق وليس هذا ما أقصده بالمرة الأولي في الهواء الطلق فقد شاهدت عددا من الأعمال الكلاسيكية في الهواء الطلق. ومنها سواء في أوروبا أو في مصر فقط شاهدت علي سبيل المثال أوبرا عايدة في الأقصر أي معبد الأقصر ثم شاهدتها في الأقصر أيضا ولكن في البر الغربي وشاهدتها عند سفح الأهرامات لأكثر من مرة. إذن فالأوبرات كثيرا ماتقدم في الهواء الطلق. لكن ما شاهدته لك في سويسرا وفي منطقة تحمل اسم شيرنا مندورت بجوار زيورخ كانت أوبرا كارمن في الهواء الطلق حيث تم بناء ما يشبه حلبة مصارعة الثيران لتسع أكثر من2000 متفرج وبالطبع حلبة مصارعة الثيران كانت فكرة جيدة تماما باعتبار أن أوبرا كارمن تدور أحداثها في أسبانيا التي تشتهر بمصارعة الثيران. المكان إذن بالغ الروعة والحلبة تم تنفيذها في صورة تشبه تماما حلبة مصارعة الثيران التي شاهدناها في مدريد بأسبانيا. الجمهور امتلأت به الساحة ولكن وبرغم أننا مازلنا في فصل الصيف إلا فإن الجو هنا ليس مضمونا وإذا بالمطر ينهمر ومعه أيضا بعض من أصوات الرعد التي تختلط بأصوات المغنين والمغنيات والكورال وباعتبار أن الجو في سويسرا متقلب فكانت التقلبات تقضي بمنع الشماسي مع المتفرجين الذين عليهم فقط ارتداء بلاطي من البلاستيك مع جزء منها يحمي الرأس. أما الأوبرا فهي شأنها شأن معظم الأعمال الأوبرالية.. النص فيها عبارة عن قصة بسيطة تحمل معاني الحب والحقد والغدر والكراهية والمعروف بالطبع أن البطلة وهي كارمن أسبانية. المغنية الرئيسية لكارمن وهي من طبقة السوبرانو والبطل طبقة صوته تينور والحقيقة أن الأصوات كانت رائعة وكذلك الكورال وكانت متعة الفرجة ممثلة في عربات تجرها الخيول وسط الحلبة. الفقرات التي استمتعنا فيها بالغناء كانت محدودة بعدها بدأ المطر ينهمر ليصدر أصواتا علي البلاطي المصنوعة من البلاستيك. إحتملنا هذا الوضع لفترة ولكن مع زيادة هطول المطر كان أن تم إنهاء الأوبرا بعد الفصل الثاني والغاء الفصل الثالث ليخرج المتفرجون وقد غاصوا في أرض مليئة بالمياه في جو لم يكن غريبا بالنسبة لسويسرا ولكن تصادف أن تزداد حدة المطر حيث يتم إنهاء الأوبرا بعد الفصل الثاني. وأعرف أن هذه الأوبرا استمر عرضها لأكثر من10 أيام لكن تصادف بالنسبة لي أن كانت ليلة ممطرة وكان التنبيه علي المتفرجين قبلها بضرورة ارتداء البلاطي البلاستيك ومنع إستخدام الشماسي لأنها بالطبع ستحجب الرؤية عن الصفوف الخلفية. المهم أنني خرجت من هذا العمل رغم عدم إكتماله بأنه ليس أمام الأوروبي أي مستحيل, الجو هناك لا يساعد علي تقديم عروض في الهواء الطلق ومع ذلك فإنهم يحرصون علي تقديم عدد ليس بالقليل من العروض في الهواء الطلق مستغلين بعض المناطق الأثرية البسيطة كقصر مثلا أو قلعة وهكذا. ومن الغريب أن هذه العروض تجد كل مقاعدها محجوزة منذ شهور قبل بداية العمل ليأتي اليها المتفرج من مناطق مختلفة ليس فقط من يقيمون بالقرب منها. وبعض هذه العروض تستمر لمدة شهر كاملة العدد والبعض يستمر لمدة نصف شهر. لدينا في مصر.. الجو المناسب باستمرار لتقديم العروض في الهواء الطلق ولكن ربما ما ينقصنا هو ذلك العلم الذي لم ندرسه حتي الآن وهو علم التسويق. إن هذا العلم هو الذي يأتي بالمتفرج لمثل هذه العروض حيث الدعاية له قبل فترة طويلة من عرضه وتوزيع كل ما يتصل بالعمل من كتيبات وخلافه وأيضا تلك النصائح التي تقدم للمتفرج خشية سقوط المطر بضرورة ارتداء البلاطي البلاستيك. ربما كان حظي ليس جيدا لأن الجو كان ضد العمل بصورة كبيرة لأشهد فقط فصلين الأول والثاني وينتهي العرض بدون الفصل الثالث.