بخصوص الرسالة التي وردت في بريد الجمعة تحت عنوان أزمة صلاة والتي يشتكي فيها الأب من ان ابنه يعاني من تكرار الصلاة والشك في نقض الوضوء ولوم الأب لنفسه من كونه تسبب في حدوث المشكلة بسبب قسوته علي الابن في الالتزام بالصلاة فهنا نشرح التالي: أولا: الموقف ككل موقف طبي نفسي وليس مشكلة دينية حيث يعاني الابن من مرض الوسواس القهري وهنا نركز علي كلمة( مرض) وليس الحالة وساوس من الشيطان الخناس لان وساوس الشيطان تتلاشي بمجرد الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم. ثانيا: يجب ان نعلم ان الدين يحثنا علي التداوي من الأمراض وعلي الانسان ان يبحث عن العلاج الدوائي فإن الله ما خلق داء إلا وجعل له دواء. ثالثا: اضطراب الوسواس القهري هو اضطراب نفسي تشير التقديرات الي انه يصيب نحو مليون انسان مصري, ويصيب واحدا من كل خمسين من البشر علي مستوي العالم. والوسواس القهري هو بتبسيط نوع من تسلط فكرة محددة وكريهة ومرفوضة علي ذهن الانسان تأتي هذه الفكرة بشكل متكرر جدا, وتقتحم علي الانسان حياته لتفسدها تماما, هذا النوع لا يمكن التحكم فيه أو السيطرة عليه مهما بذل الانسان من جهد في الاستعاذة أو محاولة صرف التركيز الذهني عنه ومحتوي هذه الأفكار أو الفكرة الواحدة المحددة البغيضة المقتحمة المتسلطة يتنوع فقد يكون محتوي دينيا أو دنيويا مثل الشك في النظافة وتكرار الاغتسال والوضوء. ولا تأتي هذه الفكرة بسبب الالتزام, وإنما هي تعبير عن المرض الذي يصيب الملتزم وغير الملتزم, المؤمن والكافر بنفس الكيفية والاعراض والمواصفات بغض النظر عن اختلاف محتوي الفكرة من شخص الي آخر, كما ان هذا المرض لا علاقة له بالجن أو اللبس أو غيره, فهذا مرض تتضافر فيه بعض العوامل الوراثية والاضطرابات البيولوجية الكيميائية الجسدية حيث يرتبط مرض الوسواس القهري بنقص في مستوي السيروتونين بالمخ وتساعد الأدوية التي ترفع من مستوي السيروتونين علي تحسن المرضي. كذلك فان الوسواس القهري هو مرض الشك, فيحس المريض بأنه لا يمكنه ان يتأكد من أن الشيء الذي يقلقه قد تم انجازه بشكل كامل. ويجب ان نشير هنا الي ان الوساوس القهرية لا تمنح صاحبها الرضا أو اللذة, بل يتم القيام بهذه الأعمال الطقوس للتخلص من عدم الارتياح الذي يصاحب الوساوس. وأخيرا ننصح والد الشاب بسرعة عرضه علي الطبيب النفسي حيث ان مرض الوسواس القهري يمكن علاجه بالعقاقير النفسية وكذلك يساعد العلاج السلوكي في سرعة تحسن الحالة ونحن علي استعداد لاستقبال هذا الشاب لمساعدته في التغلب علي المرض بإذن الله. د.محمود جمال أبو العزائم مستشار الطب النفسي رئيس تحرير مجلة النفس المطمئنة