في الوقت الذي تراجع فيه الإنتاج السينمائي شهد رمضان هذا العام زخما شديدا في المسلسلات ووجبة دسمة جدا.. وكان ماميزها هو جودة الصورة ودخول العديد من السينمائيين. لأول مرة حلبة المنافسة في المجالات سواء التمثيل أو الإخراج أو التأليف.. وسوف نستعرض بعضا من هذه المسلسلات. *( الجماعة) تأليف وحيد حامد واخراج محمد ياسين.. نسج السينارست وحيد حامد أحداث المسلسل بمنتهي الحرفية والوعي وتحرك دراميا مابين الماضي والحاضر بمنتهي الرشاقة والسلاسة من خلال المزج مابين الجذور التاريخية لجماعة الإخوان وحاضرهم.. وتعامل المخرج محمد ياسين مع هذا السيناريو بوعي شديد واتقان ورؤية شديدة الحساسية مع ضبط دقيق لايقاع المشاهد.. بالفعل كل شيء في هذا المسلسل مصنوع باتقان شديد وجميع الممثلين في أفضل حالاتهم مع ابداع وتألق خاص للفنان القدير عزت العلايلي. *( الحارة) تأليف أحمد عبد الله وأخراج سامح عبد العزيز.. في الفترة الأخيرة كون أحمد عبد الله وسامح عبدالعزيز ثنائيا أسفر عن فيلمين متميزين هما( كباريه) و( الفرح) ثم اتجها للدراما التليفزيونية بمسلسل( الحارة) الذي يقترب في تكوينه الفني بعض الشيء من فيلم( الفرح) وإن كانت المساحة أعطت للمؤلف رحابة في طرح قضايا أكثر وشخصيات اكثر.. وبرغم جودة الصورة وتميزها وعمقها والحرص الشديد الذي تعامل به المخرج مع المسلسل فإن عدم وجود وحدة للموضوع وتفرقه بين أكثر من قضية وكآبة معظم القضايا أفقدت العمل رونقة.. وإن كانت محاولة جيدة لتقديم عمل درامي مختلف. *( مملكة الجبل) تأليف سلامة حمودة واخراج مجدي أحمد علي.. المسلسل دراما صعيدية قام ببطولته عمرو سعد في أول بطولة تليفزيونية له.. وبرغم تألق عمرو سعد في أفلام خالد يوسف( حين ميسرة ودكان شحاتة) فإن التليفزيذون له مواصفات أخري.. فلم يستطع عمرو سعد أن يقنع المشاهد بأنه ذلك الصعيدي كبير العائلة برغم محاولته أن يكون طبيعيا. ولكن هناك شعرة مابين أن تكون طبيعيا وأن يفلت منك الدور والاحساس.. ومحاولة اقتراب عمرو سعد من أداء العملاق الراحل أحمد زكي في فيلم( الهروب) باءت بالفشل.. أما سيناريو سلامة حمودة فقد تميز بالرتابة والمط والتطويل لتأكيد نفس المعاني والأحداث.. وإن كان المخرج المتمكن مجدي أحمد علي حاول الخروج بالعمل إلي بر الأمان بمساعدة مدير التصوير المبدع رمسيس مرزوق الذي كانت بصماته الابداعية واضحة علي اضاءة العمل وجودة الصورة. *( بالشمع الأحمر) تأليف ورشة سيناريو.. واخراج سمير سيف.. المسلسل عمل لايليق بأسم صانعيه.. فبطلته نجمة كبيرة لها جمهور كبير ينتظرها كل عام وهي الفنانة يسرا.. ومخرجه سمير سيف ذو باع طويل في الاخراج السينمائي والتليفزيوني وله العديد من الأعمال المتميزة.. ولكن بالطبع وجود سيناريو هزيل غير محكم بلا أحداث أو ترابط جعل الجميع ينصرف عن العمل ولم يشفع ليسرا أو سمير سيف تاريخهما الطويل من الأعمال المتميزة.. وبرغم الصورة الجيدة التي صنعها سمير سيف والتلمساني فإن المضمون لم يكن علي المستوي فخرج المسلسل من السباق مبكرا.. وأهمس في أذن يسرا وأقول لها لابد من الاجتهاد وفي البحث عن سيناريو متميز للعودة به لمصالحة جمهورك. *( زهرة وأزواجها الخمسة) تأليف مصطفي محرم واخراج محمد النقلي.. سبق عرض هذا المسلسل دعاية ضخمة وبعد عرضه ثبت انها جعجعة بلا معني.. فالكاتب مصطفي محرم فتش في دفاتره القديمة وأعاد صياغة مسلسله( الحاج متولي) ليناسب بطلة سيدة يقع في هواها كل من يراها بلا سبب أو مبرر حتي تحو ل العمل لمصلحة أحوال مدنية زواج وطلاق ونفذ ذلك المخرج محمد النقلي حرفيا, مما جعل المسلسل مملا وسخيفا ولا أعرف لماذا قبلت غادة عبد الرازق بهذا العمل وقد أثبتت في السنوات الأخيرة أنها ممثلة موهوبة وقامت بعدة أدوار متميزة في السينما والتليفزيون وأصبح لها جمهور وأصبحت تملك القدر ة علي الاختيار ونتمني ألا تملك القدرة علي الاختيار فقط ولكن تملك الوعي أيضا. *( الكبير قوي) أحمد مكي جوكر السينما والحصان الأسود خلال ثلاثة مواسم بأفلامه الثلاثة( دبور طير انت لاتراجع ولااستسلام) وقد كون مكي خلال هذه السنوات الثلاثة شعبية طاغية بين الجمهور خصوصا الشباب.. يطل علينا مكي هذا العام بمسلسل( الكبير قوي) ويقوم بعمل اكثر من شخصية وكلها شخصيات قد قام بها من قبل في أفلامه وان كانت جرعات الضحك في الأفلام أعلي بكثير منها في المسلسل فأن مكي مقبول وذو حضور وجاذبية خاصة وكان ضيفا خفيف الظل علي التليفزيون. ورب ضارة نافعة فعدم استكمال المسلسل وتوقفه عند خمس عشرة حلقة في مصلحته تماما حتي لايصاب الجمهور بالملل لتكرار نفس المشاهد والمواقف.. وأقول لمكي ان نقطة قوته الحقيقية هي أنه يأخذ كل شيء بجدية. *( العار) تأليف أحمد محمود أبو زيد واخراج شيرين عادل.. من منا لايذكر الفيلم المتميز( العار) للكاتب المبدع محمود أبو زيد والمخرج المبدع أيضا علي عبد الخالق وبطولة نخبة من أفضل النجوم( نور الشريف وحسين فهمي ومحمود عبد العزيز والهام شاهين ونورا) ولكن للأسف عندما نذكر المسلسل فلن نستطيع ان نقول إلا أنه مسخ من الفيلم لم يقدم أي جديد ولم يستطع ايجاد أحداث ومواقف وشخصيات تجعلنا نقبل تحويل فيلم مهم مثل( العار) إلي مسلسل تليفزيوني, وجاء أداء الممثلين باهتا غير مقنع خصوصا أن الجمهور وضعهم في مقارنة مع نجوم الفيلم وبالطبع شيء بديهي أن المقارنة لن تكون في مصلحتهم فشتان مابين أداء مصطفي شعبان وأداء المتمكن نور الشريف, وأداء أحمد رزق وأداء العملاق محمود عبد العزيز.. ان تحويل فيلم ناجح إلي مسلسل عمل دقيق جدا يحتاج إلي وعي وحرفية خاصة.. وتحضير لفترات طويلة لايجاد إضافات وشخصيات وأحداث تقنع المشاهد.. ان المسلسل مختلف وله مذاق خاص وليس مسخا من الفيلم ولأننا لانفعل هذا فقد فشلت تجاربنا في تحويل أفلام مهمة لمسلسلات, وعلي سبيل المثال( رد قلبي اللص والكلاب وأخيرا العار).