محافظ بوسعيد يستقبل مستشار رئيس الجمهورية لمشروعات محور قناة السويس والموانئ    عبد الرحمن مجدي: مباراة الاتحاد بداية نحو تحقيق طموحات جماهيرنا    تردد قناة المسار الليبية الجديد على القمر الصناعي نايل سات بجودة عالية 2024    السيسي يضع إكليلًا من الزهور على النصب التذكاري للجندي المجهول بمناسبة عيد تحرير سيناء    وزير التجارة: حريصون على تقديم كافة أشكال الدعم لتعزيز نفاذ الصادرات للأسواق الخارجية    وزير النقل والسفير الفرنسي يتابعان مستوي الخدمات بالقطار المكهرب    الرقابة المالية تصدر قرارًا بشأن إعادة تقييم الأصول الثابتة للشركات المقيدة    تنظيم الاتصالات يقر مواعيد العمل الصيفية لشركات المحمول    تعرف على موعد الإجازة الرسمية بمناسبة عيدي العمال وشم النسيم    محافظ أسيوط يفتتح مركز معلومات شبكات المرافق والبنية التحتية    وزير الخارجية: لا بديل عن حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي    انتهاك صريح للقانون الدولي والقيم الإنسانية.. "عربية النواب" تنتقد المجازر الإسرائيلية في غزة    جامعة المنصورة تستقبل وفدا من مركز القياس والتقويم بوزارة التعليم العالي    «النواب» يبدأ الاستماع لبيان وزير المالية حول الموازنة العامة الجديدة    موعد مباراة الأهلي وبو سالم في نهائي إفريقيا للكرة الطائرة.. والقناة الناقلة    محافظ شمال سيناء يعلن بدء طرح مشروع إسكان مدينة رفح الجديدة    مفاجآت في تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي بدوري أبطال أفريقيا    أثليتك: إيمري يمدد عقده مع أستون فيلا إلى 2027    هيئة الأرصاد: ذروة ارتفاع الحرارة غدًا الأربعاء ومستمرة حتى الخميس    انتشال جثة شاب طافية بنهر النيل في أسيوط    11 معلومة مهمة من التعليم للطلاب بشأن اختبار "TOFAS".. اعرف التفاصيل    مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع بمساكن عثمان في أكتوبر    تأجيل نظر 3 قضايا قتل والبراءة لآخر بمركز بني مزار في المنيا    مي عمر تكشف عن مفاجأة في رمضان 2025 (تفاصيل)    فيلم يقفز بإيراداته إلى 51.3 مليون جنيه في 13 يوم.. تعرف على أبطاله وقصته    هل يستمر عصام زكريا رئيسًا لمهرجان الإسماعيلية بعد توليه منصبه الجديد؟    وفاة السيناريست تامر عبدالحميد بعد صراع مع مرض السرطان    احذر- الإفراط في تناول الفيتامينات يهددك بهذه الحالات المرضية    رئيس جامعة عين شمس والسفير الفرنسي بالقاهرة يبحثان سبل التعاون    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    ناتاليا: درسنا أبيدجان جيدًا وهدفنا وضع الأهلي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    رفع 40 سيارة ودراجة نارية متهالكة بمختلف المحافظات    "ضربها بمزهرية".. تفاصيل مقتل مسنة على يد سباك بالحدائق    غرق شاب في ترعة أخميم بسوهاج    عبدالرحمن مجدي: مباراة الاتحاد بداية تحقيق طموحات جماهير الإسماعيلي    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مناطق لحزب الله في جنوب لبنان    متحدث وزارة العمل: تعيين 14 ألف شخص من ذوي الهمم منذ بداية 2023    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    البرلمان يحيل 23 تقريرا من لجنة الاقتراحات والشكاوى للحكومة لتنفيذ توصياتها    وزير الصحة: التوسع في الشراكة مع القطاع الخاص يضمن خلق منظومة صحية قوية    تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية من ارتفاع درجات الحرارة ونصائح الوقاية في ظل الأجواء الحارة    إطلاق قافلة طبية مجانية في قرى مرسى مطروح.. اعرف الأماكن والتخصصات    بمناسبة اقتراب شم النسيم.. أسعار الرنجة والفسيخ اليوم الثلاثاء 23/4/2024    رئيس الأركان الإيراني: ندرس كل الاحتمالات والسيناريوهات على المستوى العملياتي    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    شعبة الأدوية: انفراجة في توفير كل أنواع ألبان الأطفال خلال أسبوع    نيللي كريم تثير فضول متابعيها حول مسلسل «ب100 وش»: «العصابة رجعت»    طلاب الجامعة الأمريكية يطالبون الإدارة بوقف التعاون مع شركات داعمة لإسرائيل    الرئيس البولندي: منفتحون على نشر أسلحة نووية على أراضينا    الدفاعات الأوكرانية: دمرنا جميع الطائرات المسيرة التي أطلقتها موسكو خلال الليل    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 23-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    بدرية طلبة تحتفل بحنة ابنتها سلمى على الطريقة الهندية    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سري صيام:‏إلغاء نظام المدعي الاشتراكي دعم استقلال القضاء
نشر في الأهرام اليومي يوم 09 - 09 - 2010

أعلن الدكتور سري صيام رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلي أنه سيتم قريبا انشاء أكاديمية خاصة بالقضاء‏,‏ تعني بإعداد الكوادر القضائية في المستويات المختلفة قبل تعيينهم في النيابة العامة وسلك القضاء‏. وستكون الدراسة فيها داخلية لمدة عام ونصف العام وسيكون التعيين في النيابة من خريجي هذه الأكاديمية التي ستخضع للرقابة لأن العمل بالقضاء يحتاج دراسة وقدرة علي التفكير وتأهيل خاص‏.‏ وأضاف الدكتور صيام أن مشروع قانون هذه الأكاديمية تم إعداده بالفعل وسيتم مناقشته في الدورة القادمة لمجلس الشعب‏.‏ أما عن محاكمة الوزراء‏,‏ فأكد د‏.‏ سري أن الوزراء شأنهم شأن المواطن العادي تتم محاكمتهم أمام المحاكم العادية والنيابة العامة‏,‏ وأنه رغم وجود قانون محاكمة الوزراء من أيام الوحدة مع سوريا‏,‏ فمن الصعب تطبيقه‏,‏ وبالتالي فالأفضل أن يحاكم الوزراء أمام القضاء العادي‏.‏
جاء ذلك في فعاليات صالون الأهرام الثقافي الفكري الثاني الذي ينظمه معهد الأهرام الإقليمي للصحافة بحضور الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس الإدارة والأستاذ أسامة سرايا رئيس تحرير الأهرام‏,‏ وعدد كبير من الرموز الفكرية والصحفية بالمؤسسة‏.‏ منهم أ‏.‏ صلاح منتصر ود‏.‏ طه عبد العليم مدير مؤسسة الأهرام‏,‏ و أ‏.‏ أفكار الخرادلي رئيس تحرير نصف الدنيا‏,‏ ود‏.‏ عبدالعاطي محمد رئيس تحرير الأهرام العربي‏,‏ ود‏.‏ حمدي حسن نائب رئيس جامعة مصر الدولية‏,‏ وأ‏.‏ عبد العظيم درويش مدير التحرير ونخبة من رجال القضاء‏,‏ منهم د‏.‏ خالد القاضي رئيس بمحكمة استئناف الإسكندرية‏,‏ والمستشار علاء مرسي نائب رئيس محكمة النقض ود‏.‏ جنات السمالوطي بكلية الاقتصاد‏.‏
وقد دار الحوار حول القضاء المصري والعدالة وتحديات العولمة‏,‏ والعلاقة بين القضاء والسياسة والاعلام‏.‏ ويشرف علي الصالون د‏.‏ حسن أبوطالب مدير المعهد الذي وصف مهمة صالون الاهرام الثقافي بأنها مهمة عصف ذهني بين أساطين الفكر والثقافة في مصر وإجراء حوار معمق حول القضايا الكبري التي تواجه المجتمع المصري في لحظة تاريخية مهمة‏,‏ من أجل طرح الاسئلة الصحيحة وإيجاد الاجابات المناسبة والأكثر صوابا وحكمة‏.‏
وفي بداية اللقاء أشار د‏.‏ عبد المنعم سعيد إلي أن القضاء يعد أحد أهم ظواهر النظام السياسي المصري خلال السنوات العشر الأخيرة‏,‏ فقد بدأ العقد الأول من القرن‏21‏ بمسألة أساسية وهي حكم المحكمة الدستورية العليا في عام‏2000‏ بأن يشرف القضاء المصري علي الانتخابات المصرية‏,‏ بما عرفناه في الصحافة باسم قاض لكل صندوق‏,‏ وبعدها بدأت مجموعة من الظواهر ذات صبغة قانونية بدأت بالتعديل الدستوري عام‏2005‏ الخاص بالمادة‏76‏ المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية‏,‏ وأعقبها في عام‏2007‏ التعديلات الدستورية التي شملت‏34‏ تعديلا دستوريا‏.‏ وتلا ذلك ما يمكن وصفه بالظهور السياسي للقضاة في الساحة السياسية‏,‏ وفي أمور بدأت تمس الفصل بين السلطات في مصر‏.‏ أما الظاهرة الجديدة فليست فقط تدخل السلطة التنفيذية في أعمال السلطة القضائية‏,‏ وإنما تدخل السلطة القضائية في أعمال واضحة تتعلق بالسلطة التنفيذية‏,‏ وأمور تتعلق باتفاقيات دولية للدولة‏,‏ وأمور تتعلق بتحديد أسعار‏,‏ وأمور تتعلق بالحد الأدني للأجور‏,‏ وهي أمور تتعلق بصميم أعمال السلطة التنفيذية وقدرتها علي الوفاء بالتزاماتها إزاء الشعب والأمة‏.‏
‏***‏
وفي البداية قال د‏.‏ سري صيام إن منزلة القضاء في مصر لها مكانة خاصة تصل إلي حد التقديس‏,‏ وهو أمر ليس وليد الأزمنة الحديثة بل يعود إلي مصر الفرعونية‏,‏ يجسد ذلك مقولة تحتمس الثالث لقضاته‏'‏ زن تصرفاتك بميزان العدل وعامل من تعرفه كمن لا تعرفه‏,‏ ومن هو قريب منك كمن هو بعيد عنك‏'.‏
وفي العصر الحديث هناك الكثير من المواقف التي أكدت تقديس القضاء والاتجاه دوما نحو مزيد من الاستقلال وتقدير رسالته وأن احترام القضاة في ضمير قادتها باستثناء محنة عام‏1969‏ المعروفة بمذبحة القضاء‏.‏ وقد عنت الدساتير المصرية ومنذ دستور‏1923‏ بالنص علي استقلال القضاء وحظر تدخل أي سلطة في أعماله وحصانة القضاة‏,‏ وقد تضمن دستور‏1956‏ تقدما بحظر التدخل ليشمل كافة السلطات وإضافة حظر التدخل في شئون العدالة‏.‏ وقال د‏.‏ صيام إن دستور‏1971‏ يعد أول دستور تضمن استقلال كل من السلطة القضائية والقضاة كل منهما علي حدة‏,‏ مشيرا إلي ان استقلال السلطة القضائية يعني الاستقلال عن السلطتين التشريعية والتنفيذية وأية سلطة اخري كالصحافة التي اعتبرها الدستور في تعديل‏1980‏ سلطة رابعة‏.‏ أما استقلال القضاة فيعني كما ورد في الدستور عدم خضوعهم لغير القانون وأن تكون شئونهم في أيدي مجلسهم المشكل من شيوخهم دون غيرهم‏,‏ فضلا عن التمتع بعدم القابلية للعزل بغير الطريق التأديبي الذي يتولاه شيوخهم‏.‏
وذكر د‏.‏ صيام أن دستور‏1971‏ تفرد بالنص لاول مرة علي إسهام الشعب في إقامة العدالة‏,‏ وهو نص منقول عن الدستور الايطالي‏,‏ وقد أثار جدلا كبيرا‏,‏ وانتهي الأمر إلي اعتبار القيام بواجب الشهادة أمام المحاكم من قبيل هذا الاسهام‏.‏ كما نص دستور‏1971‏ أيضا علي الهيئات القضائية وبين اختصاصاتها‏,‏ ونص علي المدعي العام الاشتراكي‏.‏ وفي التعديلات الدستورية عام‏2007‏ تمت معالجة اوضاع منتقدة‏,‏ فقد طلب الرئيس حسني مبارك أن يلغي نظام المدعي الاشتراكي الذي سبب ازدواجية‏,‏ وإلغاؤه كان خطوة موفقة وساعدت علي تدعيم استقلال القضاء‏,‏ وتبعه الغاء لمحكمتي القيم العليا والقيم وألغي المجلس الأعلي للهيئات القضائية بعد عودة مجلس القضاء الاعلي ومجالس الهيئات‏.‏ وقد اعاد القانون رقم‏35‏ لسنة‏1984‏ مجلس القضاء الاعلي وأضفي الحصانة علي النيابة العامة‏,‏ عدا معاون النيابة‏,‏ ومدها إلي النائب العام‏,‏ واحل مجلس القضاء الاعلي محل المجلس الاعلي للهيئات القضائية في اختصاصاته‏.‏ وأشاد الدكتور صيام بالقانون‏(35)‏ لسنة‏1984‏ قائلا إن جريدة الأهرام كان لها الفضل في صدور هذا القانون الذي أعاد مجلس القضاء الأعلي بتشكيل كامل من القضاة‏.‏ وأيضا القانون رقم‏142‏ لسنة‏2006‏ الذي يعتبر خطوة جادة وإنجازا كبيرا في مسيرة استقلال القضاء‏,‏ حيث أقر ميزانية مستقلة للقضاء‏,‏ وأقر أيضا استخدام وصف‏'‏ قاضي‏'‏ وليس‏'‏ مستشار‏',‏ وهو أمر طالب به الأستاذ صلاح منتصر في الأهرام‏.‏
وأكد د‏.‏ سري صيام أن قوانين السلطة القضائية لم تقتصر علي الحقوق بل اشتملت علي الواجبات ومنها حظر اشتغال القضاة بالعمل السياسي‏.‏ ومن الخطوات التي اكدت استقلال القضاء القانون رقم‏142‏ لسنة‏2006‏ والتي تضمن الموازنة المستقلة واستكمال تفرد مجلس القضاء الاعلي بالهيمنة علي شئون القضاة‏,‏ وإضفاء صفة القاضي علي رجال القضاء لان صفة المستشار لا تعبر عن حقيقة رسالة القضاء‏.‏
وحول العلاقة بين القضاء والتشريع والعدالة‏,‏ اكد رئيس المجلس الأعلي للقضاء علي أن العدل هو غاية القضاء ينشده المتنازعون بسلوك سبيل التراضي فإذا اخفق سعيهم لم يكن هناك بد من ولوج باب التقاضي‏,‏ فالعدالة هي رسالة القضاء‏,‏ والقواعد القانونية المتسمة بالعمومية والتجريد هي سبيل تحقيق هذه العدالة‏,‏ والقانون هو سبيل الفصل في الخصومات لتحقيق العدالة‏,‏ ولا يقبل من القاضي التراجع عن الحكم في دعوي تدخل في اختصاصه بدعوي الافتقار إلي قاعدة قانونية تنطبق علي الواقعة المطروحة‏.‏ ويعد التفسير للقواعد القانونية الذي ينهض به القضاء هو السبيل إلي تحقيق اكبر قدر كم العدالة في نطاق القواعد القانونية السارية‏,‏ ومعروف ان مبدأ البراءة هو الاصل وأن الشك يفسر لصالح المتهم‏.‏
وشدد د‏.‏ سري صيام علي التفرقة بين القانون والتشريع‏,‏ وأن القانون أوسع من التشريع‏,‏ وأن له مصادر مكتوبة ومصادر غير مكتوبة‏,‏ بينما التشريع هو القاعدة القانونية المكتوبة التي تصدر عن السلطة التي تقرر لها الدولة القيام بهذه المهمة‏,‏ والتشريع عامة هو الجانب الأعظم من القانون‏.‏
وبالنسبة للعلاقة بين القضاء والاعلام‏,‏ أشار رئيس مجلس القضاء الاعلي إلي خطورة الدور الذي يقوم به الاعلام في مجال التأثير علي القضاء‏,‏ وأن هناك مبادئ لابد أن تحكم العلاقة بين القضاء والإعلام مثل التوازن في حق النشر وحماية استقلال القضاء وصون حقوق الانسان‏,‏ وتأثيم التأثير علي جهات التحقيق والقضاء بالنشر‏.‏ وذكر د‏.‏ سري صيام ان مبدأ علانية المحاكمات لا يعني أبدا أن تبث وقائع الجلسات علي القنوات التليفزيونية أو أن يتم تسجيلها وتصويرها لبثها لاحقا‏,‏ لأن في ذلك تأثيرا ولو غير مباشر علي سير المحاكمات‏.‏ وهو أمر يضر بالعدالة‏.‏ فهذه السلوكيات تؤدي إلي اهتزاز ثقة الرأي العام في القضاء‏,‏ ومؤكدا أن علانية المحاكمات لاسيما الجنائية تعني أن يتاح للكافة حضور جلسات هذه المحاكمات وشهود الوقائع في حدود الحفاظ علي النظام والآداب العامة‏,‏ ونظام الجلسة وليس أبعد من ذلك‏.‏
وأكد د‏.‏ صيام علي أن العولمة الآن تتضمن عددا من الظواهر العالمية بعضها سلبي‏,‏ تؤثر علي القضاء وتحقيق العدالة مثل ظاهرة الارهاب وتمويله وقوانين حماية حقوق الملكية الفكرية والاتجار في الاعضاء البشرية وغسل الأموال وحماية البيئة والجرائم المنظمة العابرة للحدود الوطنية‏.‏ وكل هذه الظواهر تحتم تعاونا دوليا لمواجهتها‏.‏ وفي ظل العولمة أيضا هناك ما بات يعرف بعصر الاتفاقات الدولية الشارعة‏,‏ وبتنا نشهد قضاء جنائيا دوليا تمثله محكمة العدل الدولية بما تطرحه من قضاء دولي بديل للقضاء الوطني لاسيما في جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم العدوان‏.‏
وفي المناقشات‏,‏ اشار أ‏.‏ أسامة سرايا رئيس تحرير الأهرام‏,‏ إلي أن التداخل بين القضاء والسياسة لم يأت من المؤسسات الأساسية كمحكمة النقض او الاستئناف‏,‏ ولكن حدث من أجسام جانبية‏.‏ وهناك تصور أن القضاء الإداري توغل في مصر‏,‏ في الوقت الذي يحسب فيه المجتمع القضاء الإداري علي السلطة الإدارية وليست القضائية‏.‏ بالإضافة إلي مؤسسة أخري نجد أنها من نتاج المجتمع المصري في الستينيات وهي نادي القضاة‏,‏ وهذا النادي ليس من صميم السلطة القضائية وليس من مؤسساتها‏,‏ وتشكيله يجري بعملية الانتخاب‏,‏ ولكن يصاحبه رغبة من المجتمع لإصباغ شرعية عليه‏,‏ بحيث يكون هو الولي علي القضاة‏.‏
وقد أوضح د‏.‏ سري صيام أنه فيما يتعلق بالقضاء الإداري فهو جزء من السلطة القضائية‏,‏ وفي الدستور لاسيما الباب الخاص بالسلطة القضائية ورد النص علي مجلس الدولة ضمن جسم السلطة القضائية‏,‏ وأنه هيئة قضائية مستقلة تختص بنظر المنازعات الإدارية‏,‏ أما قضاة مجلس الدولة فشأنهم شأن القضاة العاديين‏,‏ فهو قضاء طبيعي وقضاء عادي‏,‏ ولا يتعدون اختصاصاتهم‏,‏ والفصل في المنازعات يكون طبقا للولاية التي يسندها لهم القانون‏,‏ وقد يختلف الرأي فيما يتعلق ببعض الأحكام في القضاء الإداري‏,‏ وفي المحكمة الإدارية العليا يتم الطعن أمامها في هذه الأحكام‏,‏ فلا نستطيع أن نقول أن القضاء الإداري ليس قضاء‏,‏ وعلينا أن نحترم الأحكام طالما تصدر من جهة الاختصاص‏,‏ وطالما أن القانون حدد الجهة التي يمكن أن تصوب ما يمكن أن يحدث من أخطاء‏.‏
وفيما يتعلق بمسألة السياسة والقضاء‏,‏ قال رئيس مجلس القضاء الاعلي أنه منذ قانون السلطة القضائية أو استقلال القضاء الصادر‏1946‏ وبعدها كان هناك نص يقول أنه يحظر علي المحاكم إبداء الآراء السياسية‏,‏ ويحظر علي القضاة الاشتغال بالسياسة‏,‏ وهنا كان الاختلاف‏,‏ فإذا كان القانون يريد من القاضي ألا يبدي رأيا سياسيا في شئون أمته‏,‏ فلم يكن المشرع يغاير بين المحاكم‏,‏ فالاشتغال بالسياسة يفسر علي أنه الانضمام لحزب أو لتنظيم معين له اتجاهات معينة‏.‏ ومن هنا جاءت المشكلة‏,‏ والمهم ألا يؤثر الرأي السياسي في شأن عام علي أحكام القاضي القضائية بأي صورة من الصور‏.‏ والثابت أن الأحكام خاضعة لقضاءات ومراجعات عدة‏.‏
وفيما يتعلق بنوادي القضاة فهي موجودة في كل دول العالم‏,‏ ويوجد اتحاد عام لنوادي القضاة‏,‏ المهم هو دور نادي القضاة‏,‏ هل يكون في رعاية الشئون الاجتماعية والرياضية والترفيهية والخدمية لرجال القضاء‏,‏ أم تتعدي إلي مسائل خاصة بتمثيل القضاة أو شئ من هذا القبيل‏,‏ فهو جدل‏,‏ وطبقا لأحكام قانون السلطة القضائية فالمختص بشئون القضاء والقضاة هو مجلس القضاء الأعلي‏,‏ وهذا هو حكم القانون‏.‏
‏***‏
وردا علي سؤال للاستاذة أفكار الخرادلي رئيس تحرير مجلة نصف الدنيا‏,‏ حول كيفية التوفيق بين القوانين المصرية وشريعتنا والاتفاقيات الدولية لاسيما ما يتعلق الاتفاقية الخاصة بإلغاء عقوبة الاعدام التي ترفض مصر التوقيع عليها‏,‏ قال د‏.‏ سري صيام أن مصر غير مطالبة بأن توقع اتفاقية تنص علي إلغاء عقوبة الإعدام‏,‏ وكثير من دول العالم لم تلغ عقوبة الإعدام‏,‏ وفي الولايات المتحدة الأمريكية فيها عقوبة الإعدام‏,‏ وكثير من الدول لديها عقوبة الإعدام‏,‏ والمادة‏(2)‏ من الدستور تقول أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع‏,‏ وعقوبة الإعدام من عقوبة القصاص ومنصوص عليها في القرآن بنص صريح‏,‏ ومن جانب آخر فهي ضرورية لمواجهة الكثير من الظواهر بالغة الخطورة التي لا تجدي فيها سوي عقوبة الإعدام‏.‏ ومسألة المخاطر التي تحيط بهذه العقوبة مردود عليها‏,‏ فالضمانات التي كفلها القانون كافية‏,‏ فلابد من أخذ رأي المفتي‏,‏ ولابد من إجماع آراء القضاة حتي يصدر الحكم بعقوبة الإعدام‏,‏ ولابد أيضا أن تعرض قضية الحكم بالإعدام علي محكمة النقض حتي وإن وقع المحكوم عليه علي وثيقة يقول فيها أنه يرتضي هذا الحكم‏,‏ ويريد أن يساق إلي حبل المشنقة‏,‏ ثم ترسل القضية إلي رئيس الجمهورية وتستقر لديه ثلاثين يوما‏,‏ لكي يستخدم حق العفو‏.‏ ولذلك فلا أحسب أن الغاء عقوبة الاعدام يلائم الوضع العام في مصر‏,‏ لاسيما وأننا نري عنفا مستشريا وجرائم قوية لم نكن نسمع عنها من قبل‏.‏
وردا علي تساؤل من أ‏.‏ نبيل عبد الفتاح مدير مركز التاريخ بالأهرام حول أهم المشكلات التي تواجه العملية التشريعية في مصر وتؤدي إلي مشكلات في تطبيقها القانوني‏,‏ وما هو تأثير نظام الطوارئ في مصر علي استقلال القضاء في مصر‏,‏ قال د‏.‏سري صيام بأن التشريع عملية بالغة الخطورة‏,‏ وقد أمضيت‏11‏ عاما مساعدا لوزير العدل لشئون التشريع‏,‏ وكانت هناك إنجازات كبيرة في كافة التشريعات بكل أنواعها‏,‏ والمشكلات أنه لابد أن تكون هناك منهجية واضحة في إعداد التشريعات وخطوات لابد أن تتخذ‏.‏ وكان لي بحث عن العملية الحاكمة لمعايير العملية التشريعية وكان من أهم ما ذكرته في هذه المعايير‏,‏ أن يجري استطلاع آراء فيما يتعلق بالمشروعات والقوانين‏,‏ علي أن نختار عينات عن طريق المركز القومي للبحوث الجنائية‏,‏ لأن العبرة ليست بصدور التشريع ولكن الأهم هو تفعيله‏,‏ والمخاطب لابد أن يقتنع بعدالة التشريع‏.‏ ومعروف أنه منذ الأربعينات تدخلت الدولة بين الملاك والمستأجرين‏,‏ ولكن في‏1994‏ ظهرت مذكرة إيضاحية تقول‏'‏ ترتب علي تدخل الدولة في العلاقة بين الملاك والمستأجرين تفاقم أزمة الإسكان‏',‏ فالمسألة لابد أن تكون هناك معايير حاكمة واستطلاع لتوجهات الناس فيما يتعلق بهذه المسألة‏.‏ ونفي د‏.‏ سري صيام ما يقال بأن في مصر غابة من التشريعات وهو كلام غير حقيقي‏.‏ فمثلا قانون العقوبات تم تعديله أكثر من سبعين مرة‏,‏ ويظهر في الإحصائية أكثر من سبعين قانون‏,‏ وقانون الإجراءات تم تعديله أكثر من خمسين مرة‏,‏ ويظهر أيضا في الإحصائية أكثر من خمسين قانونا‏.‏ وفي الخارج لا يعطون للتعديلات أرقاما جديدة‏,‏ وهذه ميزة لمعرفة عدد التعديلات التي تمت علي القانون‏.‏
أما فيما يتعلق بموضوع الطوارئ‏,‏ فهو اختصاص رئيس الجمهورية ومجلس الشعب‏,‏ ولا صلة للقضاء والسلطة القضائية بمثل هذه الأمور‏,‏ ومحاكم أمن الدولة طوارئ لا تمنع اختصاص المحاكم العادية‏,.‏ وفيما يتعلق بالمعوقات في محكمة النقض‏,‏ فيوجد أعداد من الطعون‏,‏ وهي ظاهرة موجودة في كل دول العالم وليس في مصر فقط‏,‏ ومشكلة تعاني منها الدول المتقدمة‏,‏ ومحكمة النقض لا تقدر أن تعمل أكثر من محكمة‏,‏ ولا تكثر الدوائر‏,‏ حتي لا يحدث تناقض في الأحكام‏,‏ وهو أمر غير مطلوب‏,‏ وهناك دول لا تنظر كل الطعون‏.‏
‏***‏
وقد أثار أ‏.‏ عبد العظيم درويش مدير تحرير الأهرام تساؤلا حول مدي تأثير الفتور الذي حدث في بداية الأزمة بين القضاء الواقف والقضاء الجالس‏,‏ وهل اختصم من رصيد القضاء لدي رجل الشارع؟‏.‏ وكذلك فيما يتعلق بتعيين المرأة قاضية‏,‏ إذ يرصد الرأي العام أن هناك تهربا من مجلس الدولة في مسألة التعيين‏.‏ بينما طرح أ‏.‏ عبد العظيم حماد تساؤلا حول حجم الانحرافات في السلطة القضائية‏,‏ لاسيما انه تحدث احيانا تسريبات من تحقيقات النيابة قبل الذهاب إلي المحكمة تؤدي إلي تهييح الرأي العام‏.‏ بينما تساءلت أ‏.‏ مني رجب حول توقيت صدور قرار بتعيين وكيلات للنيابة في سن مناسبة وبدون تدخلات‏.‏ كما طرح د‏.‏ عبد العاطي محمد رئيس تحرير مجلة الأهرام العربي تساؤلا حول الرقابة الدولية حول الانتخابات‏,‏ وهل هناك أساس قانوني للرقابة الدولية علي الانتخابات في أي بلد؟ وأشار صبحي عسيلة الخبير بمركز الدراسات السياسية مسألة تغير توجهات ثقة الرأي العام تجاه القضاة متسائلا عن مدي وجود إجراءات محددة لترميم هذه الثقة‏.‏
وأجاب د‏.‏ صيام بقوله إن المطروح أمام القضاء‏,‏ لا يصح أن يكون محل تعليق أو محل تدخل بأي صورة من الصور‏,‏ وعلي الجميع ان يحترم القانون الذي يؤكد علي أن تحقيقات النيابة العامة سرية‏,‏ ليس حماية للنيابة‏,‏ ولكن حماية للمواطنين‏,‏ لأن الأصل في المتهم هو البراءة‏,‏ فمن يوضع موضع الاتهام يرفض أن يتناوله الإعلام بالصور وبطريقة مشينة‏,‏ والنيابة العامة بحكم القانون والوثائق الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان‏,‏ لا يصح أن تنشر أي أخبار عن التحقيقات‏,‏ ويتم النشر بعد انتهاء النيابة من تحقيقاتها ويتم اتخاذ القرار‏,‏ سواء بالإحالة أو بإصدار قرار بعدم وجود وجه لإقامة الدعوي‏,‏ والنائب العام في كل القضايا يعلن هذا‏,‏ وبالتالي النشر هنا واجب‏.‏ وأكد د‏.‏ صيام علي أنه لا توجد أي علاقة لمواطن بقضية تنظر أمام المحكمة إلا من خلال شهود وقائع المحاكمات‏,‏ والقاعات مفتوحة ومن شاء فليدخل‏,‏ والقاضي محظور عليه أن يفشي سر المداولة‏,‏ والقانون كفل علانية الجلسات‏,‏ ومن الخطورة أن يخرج القاضي عن أسباب حكمه‏,‏ والقضاء يأخذ رجاله بالشبهات‏,‏ وما يطالب به بالقطع واليقين بالنسبة للمواطن العادي يؤخذ بالشبهة بالنسبة للقاضي‏,‏ ويتم إقصاؤه‏,‏ ومن ثم فلا توجد أي ظاهرة فساد‏.‏
وبخصوص التعيينات للنيابة قال رئيس مجلس القضاء الاعلي أنه سيكون هناك حل جذري قريبا‏,‏ عبر إنشاء أكاديمية القضاء وسيتم البحث فيها ومن سيقبل وتكون الدراسة سنة ونصف السنة ويكون التعيين من هذه الأكاديمية وليس من خريجي الحقوق‏,‏ فالقضاء يحتاج إلي قدرة خاصة وتفكير ورجل منطق‏,‏ وتكوين خاص‏,‏ وقدرة علي التعبير‏,‏ فلابد من دراسة المسألة كاملة‏,‏ والمشروع معد وسيتم مناقشته وسيكون في الدورة القادمة بمجلس الشعب‏.‏
وحول الرقابة الدولية علي الانتخابات‏,‏ أكد د‏.‏ سري صيام علي انه ليس من اختصاصه ولا من اختصاص القضاء التطرق في هذا الحديث علي الإطلاق لأنها أمور سياسية‏,‏ ولا يصح لقاضي القضاة أن يخوض فيها‏.‏ وردا علي ملاحظة أ‏.‏ صلاح منتصر بشأن الظلم الذي تتعرض له الصحافة فيما يتعلق بالتأثير علي الرأي العام بشأن القضايا التي تهم الرأي العام في حين ان التليفزيون هو الذي يقدم قضاء موازيا‏,‏ اكد د‏.‏ سري صيام علي وجوب عدم الخوض والنشر في القضايا التي تكون محل تحقيق في النيابة‏,‏ أو تكون مطروحة علي القضاء‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.