يعرف المعنيون بالنقد الأدبى المكانة العالية التى يحتلها الناقد الفرنسى رولان بارت فى حقل الدراسات النقدية، فهو أحد أبرز النقاد فى القرن العشرين. ولد بارت في 12 نوفمبر 1915 وتوفي في 25 مارس 1980, واتسعت أعماله لتشمل حقولا فكرية عديدة. كما أثر في تطور مدارس عدة كالبنيوية والماركسية وما بعد البنيوية والوجودية, بالإضافة إلي تأثيره في تطور علم الدلالة.. تتوزع أعمال رولان بارت بين البنيوية وما بعد البنيوية, فلقد انصرف عن الأولي إلي الثانية أسوة بالعديد من فلاسفة عصره ومدرسته. كما أنه يعتبر من الأعلام الكبار- إلي جانب كل من ميشيل فوكو وجاك دريدا وغيرهما في التيار الفكري المسمي ما بعد الحداثة. وترجمت غالبية أعماله إلي اللغة العربية ومنها:( لذة النص, موت المؤلف, أساطير, الدرجة صفر للكتابة) وفي اعتقادي أن نصوص بارت النقدية وجدت شعبية لم تعرفها نصوص معاصريه لاهتمامه بتناول ظواهر الحياة اليومية وتحليلها بداية من الملابس مرورا بنجوم السينما والإعلان وكرة القدم, ولذلك يعتقد البعض أن تلك النصوص كانت أساسية في حقل دراسات النقد الثقافي الذي ازدهر في العقود الثلاثة الأخيرة. ومؤخرا أصدر المركز القومي للترجمة الترجمة العربية لكتاب بارت( الغرفة المضيئة/ تأملات في الفوتوغرافيا) أنجزتها المترجمة هالة نمر وراجعها الدكتور أنور مغيث أستاذ الفلسفة بجامعة حلوان. وفي الكتاب الذي يفاجيء عشاق بارت بموضوعه المهدي اجلالا لخيال جان بول سارتر' يبدأ صاحب الأساطير من تحليل مجموعة من الصور الفوتوغرافية, مشيرا الي بداية اهتمامه بهذا النوع من النصوص منذ ان وقعت في يده صورة' جيروم' الأخ الأصغر للقائد نابليون. حيث تأمل بارت في وجه' جيروم' ثم قال:' إنني أري العينين اللتين شاهدتا الإمبراطورية'. ومنذ تلك اللحظة قرر بارت ان يحب الفوتوغرافيا أكثر من السينما وبدأ طرح تساؤلات عن ماهية هذا الفن والملامح التي تميز الصورة. التي تحمل كما يقول' مرجعها معها' كما تطمح في المكانة التي تجعلها' علامة مما يسمح لها بالوصول الي مكانة اللغة. ويناقش بارت بعض المصطلحات التي نحتها استجابة لما طرحته الصورة من تساؤلات ومنها طابع الإدراك الكلي و'تفرد اللحظة' التي تقتنصها الصورة ملاحظا ان الصورة في الفوتوغرافيا يمكن ان تكون موضوعا لثلاث ممارسات او ثلاثة انفعالات وهي أن تفعل, وان تتحمل وان تتطلع والمصور هو الفاعل والمشاهد هم نحن جميعا ويحكم بارت علي قيمة الصورة من مناهج( الفينومينيو لوجيا/ الظاهراتية), ويتعرض بارت كذلك الي تحليل صور التحقيقات الصحفية التي يعتبرها صورا فوتوغرافية أحادية تحول الواقع بواسطة التفخيم إلي صورة أخري متولدة منه ومشابهة له. معتبرا أنها صور خالية من الثنائية. وإلي جانب صور التحقيق الصحفي في الأحادية يصنف بارت صور( البرنوجرافية) التي ينعتها دائما السذاجة, بلا مقصد ولا حسابات. إنها مثل واجهة زجاجية مضاءة, لا تعرض سوي جوهرة واحدة. فهي كلها مكونة من تمثيل وعرض شيء واحد فقط: هو الجنس وليس من شيء ثان أبدا. وينتهي إلي القول بأن الصورة الفوتوغرافية مثل مسرح بدائي, مثل لوحة حية, مثل مجازية الوجه الساخن المخضب الذي نري الموتي تحته لكنه يلفت النظر الي ان السينما تشارك في تدجين الفوتوغرافيا لان الصورة في السينما لا تتميز بذلك الاكتمال بينما يكرس كل الفوتوغرافيين في العالم أنفسهم للقبض علي الراهن. * سيد محمود حسن [email protected]