أصبحت صناعة السياحة المحرك الأساسي لاقتصاديات العديد من دول العالم المتقدم والنامي علي حد سواء, فهي تعتبر أهم الصناعات الحيوية والمؤثرة. القادرة علي تحقيق معدل نمو اقتصادي يفوق العديد من الصناعات الأخري, كما أن صناعة السياحة تعتبر من أهم وسائل نشر السلام وتبادل الثقافات وتحقيق التفاعل بين الشعوب, أما علي الصعيد المحلي تحديدا فالسياحة لها العديد من المساهمات الفعالة في التنمية الاقتصادية مثل نمو الدخل القومي وزيادة دخل الفرد وإيجاد العديد من فرص العمل علاوة علي دورها المهم في المساهمة في تحقيق السياحة المستديمة التي هي عنصر أساسي في تحقيق التنمية المستديمة. وهناك عناصر ومعايير أساسية تعتمد عليها الدول السياحية لزيادة نصيبها من الحركة السياحية الدولية أهم هذه العناصر هي الأخلاقيات السياحية ودورها في السياحة المستديمة وبالتالي تحقيق التنمية المستديمة, إن الفهم الدقيق للعلاقة المتبادلة بين الاعتبارات الأخلاقية في المجتمعات الدولية المختلفة وصناعة السياحة أمر في غاية الأهمية لتنمية وتطوير السياحة بالدول وتعزيز دور القطاع السياحي وتذليل معوقات نموه باعتباره رافدا أساسيا من روافد الاقتصاد القومي لذا يجب أن تحكم المجتمعات السياحية منظومة من القيم الأخلاقية نحو النشاطات السياحية. تتمثل أخلاقيات القطاع السياحي بشكل عام في أخلاقيات السائح نفسه وأخلاقيات المهنة والمشتغلين بالسياحة وأيضا أخلاقيات الدول المضيفة والمستقبلة للسائح, فبادئ ذي بدء ينبغي علي السائحين قبل مغادرة بلادهم التعرف علي خصائص الدول التي يعتزمون السفر إليها بغرض السياحة مع التعرف علي التقاليد والأعراف والقوانين والعادات الاجتماعية والثقافية لتلك الشعوب, كما ينبغي المحافظة علي مواقع الجذب السياحي بالبلد المضيفة من مواقع طبيعية وتراثية ومقاصد سياحية تتعلق بالحضارات السابقة, ومن هنا أطلقت منظمة السياحة العالمية مصطلح السياحة المستديمة أي السياحة التي تسمح بالفرصة للأجيال القادمة الاستفادة منها كما استفدنا نحن منها. أما عن أخلاقيات المشتغلين بالسياحة بالدول المضيفة فيجب أن يتسم أداؤهم المهني بالقيم الأخلاقية واكتساب ثقافة حسن الاستقبال والضيافة في التعامل مع السائح مع التعرف علي أساليب حياة السائحين وأذواقهم وطباعهم والعمل علي مساعدتهم والتفاني في خدمتهم مع الأخذ في الاعتبار تنوع العقائد الدينية والفلسفية والأخلاقية, كما ينبغي علي المرشدين السياحيين علي وجه الخصوص الالتزام الكامل بتنفيذ البرنامج السياحي بمصداقية وشفافية مطلقة علي أرض الواقع السياحي. ودعنا نلقي الضوء علي مفاهيم أخلاقيات البلاد المضيفة فينبغي تطبيق ميثاق أخلاقيات السياحة والترويج لها بما يضمن التصحيح الفعلي لأخلاقيات المهنة وذلك بتدريب جميع المشتغلين بالسياحة وتنمية مهاراتهم تجاه التعامل مع السائح واحترامه والقدرة علي التحلي بالقيم الأخلاقية وفق مبادئ الدقة والأمانة والتوازن والمسئولية المهنية والاجتماعية, وهذا يمكن تنفيذه من خلال مشروع تنمية الموارد البشرية السياحية بالدول المضيفة والمنوط به تدريب جميع العاملين في المطارات والموانئ والشركات والمؤسسات السياحية وما إلي ذلك, وينبغي أيضا أن يكون هناك برنامج تدريبي خاص لشريحة نوعية من المتعاملين مع السياح مثل رجال الأمن وسائقي الحافلات وسيارات الأجرة والعاملين في الفنادق, ويتضمن البرنامج المفاهيم الأخلاقية التي تمكنهم من تحقيق رضا السائح واحترامه وعدم استغلاله, كما ينبغي أن تتضمن الحقيبة التدريبية للسائقين تحديدا الاعتناء الدائم بالمركبة ونظافتها وصلاحيتها وكفاءة تشغيلها كما يجب اختيار المرشدين السياحيين وفق معايير المهارات والكفاءات العالية مع مراعاة الجانب النفسي والتنظيمي واللغوي, كما ينبغي علي السلطات المعنية حماية السائحين وأمتعتهم وتأمين الأفواج السياحية وعدم تعرضهم للخطر مع الاهتمام بالجانب الأخلاقي في توفير الرعاية الصحية الكاملة لهم وتسهيل مهمتهم نحو توظيف الوسائل التكنولوجية للحصول علي المعلومات. يجب علي الدولة المضيفة أيضا متابعة شكاوي السياح لدي الشركات والمؤسسات السياحية والتأكيد علي أهمية تطبيق القانون علي الخارجين عن اللياقة الأخلاقية تجاه التعامل مع السائح وإذا كان هناك أي تصرف غير أخلاقي فيجب التصدي له حتي إذا بلغ حد فرض غرامات وتعويضات كبيرة أو إغلاق الشركات أو المؤسسات السياحية المتسببة في ذلك, كما ينبغي متابعة البرامج السياحية ومراقبتها لدي الشركات والمؤسسات السياحية من حيث الشفافية والمصداقية في تنفيذ البرنامج السياحي كما يجب العمل علي توفير الاستعدادات الكاملة للعناية بالسياح في حالة حدوث أزمات أو كوارث أو ظواهر طبيعية مثل البراكين والأعاصير والزلازل وما نحو ذلك, كما يجب أن تولي الدولة اهتمامها بمطالبة كليات ومعاهد السياحة والفنادق بالجامعات بتضمين مادة اخلاقيات السياحة المواد الدراسية بها لتعريف الطلاب بالمفاهيم الأساسية لأخلاقيات صناعة السياحة وتبدو أخيرا أهمية القطاع الخاص في تعزيز أخلاقيات السياحة بالتنسيق مع أجهزة الدولة السياحية المعنية والترويج لها بحيث تسير جنبا إلي جنب مع تطوير هذه الصناعة والتماشي مع متطلباتها المتغيرة ومن ثم فإن تحقيق السياحة المستديمة وصولا إلي حجم حركة سياحية ملموسة تسهم مباشرة في التنمية المستديمة مرهون بالتنسيق والتعاون بين كل أجهزة الدولة من أجل ضمان تقديم خدمة متميزة جاذبة للسياح.