إطلاق مبادرة "اعرف معاملاتك وانت في مكانك" لخدمة المواطنين بسفاجا    جامعة حلوان تستقبل وفدًا من الجامعة الأمريكية بالقاهرة لبحث سبل التعاون    "تعليم الفيوم" تحصد مركز أول وتاسع جمهورية في مسابقة "التصميم الفني"    طائرات مسيّرة إسرائيلية تطلق النار في حي الجنينة شرقي رفح    وزير الصحة يبحث مع نظيرته الأرمينية التعاون في مجال الصيدلة وصناعة الدواء    رئيس جامعة القاهرة: زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بنسبة 25%    تعرف على ترتيب هدافي دوري روشن السعودي قبل الجولة 32    تجديد حبس عنصر إجرامي ضبط بحوزته مخدرات بمدينة بدر    أسعار الزيت كام النهاردة الثلاثاء 14-5-2024 في الأسواق    أسعار الدولار اليوم الثلاثاء 14 مايو 2024    تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    سلوى محمد علي: كل مصري بيحب بلده مع المقاومة النبيلة الجميلة    الأمم المتحدة: نحو 360 ألف شخص فروا من رفح منذ صدور أوامر الإخلاء    المستشار الألماني يثبط التوقعات بشأن مؤتمر السلام لأوكرانيا    للأطفال الرضع.. الصيادلة: سحب تشغيلتين من هذا الدواء تمهيدا لإعدامهما    طلاب الصف الثاني الثانوي بالقاهرة يؤدون امتحان اللغة الأجنبية الأولى    حفل عشاء لجنة تحكيم الدورة 77 لمهرجان كان السينمائي (صور)    خبيرة أبراج تحذر من ظاهرة «رأس الغول» في شهر مايو.. قد تدمر حياة هؤلاء    ما مواقيت الحج الزمانية؟.. «البحوث الإسلامية» يوضح    كندا تفتح أبوابها للعمال المصريين.. التأشيرة مجانا والتقديم ينتهي خلال أيام.. عاجل    «يهدد بحرب أوسع».. ضابط استخبارات أمريكي يستقيل احتجاجا على دعم بلاده لإسرائيل.. عاجل    نائب وزير الخارجية الأمريكي: نؤمن بحل سياسي في غزة يحترم حقوق الفلسطينيين    ما سبب الشعور بالصداع بعد تناول الأسماك؟.. ليس مصادفة    عمرو أديب ل عالم أزهري: هل ينفع نأخد ديننا من إبراهيم عيسى؟    طريقة التقديم في معهد معاوني الأمن 2024.. الموعد والشروط اللازمة ومزايا المقبولين    طقس اليوم.. حار نهارا مائل للبرودة ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 29    حكم الشرع في زيارة الأضرحة وهل الأمر بدعة.. أزهري يجيب    غرفة صناعة الدواء: نقص الأدوية بالسوق سينتهي خلال 3 أسابيع    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. دار الإفتاء تجيب    الأوبرا تختتم عروض «الجمال النائم» على المسرح الكبير    انتقاما ل سلمى أبو ضيف.. كواليس قتل إياد نصار ب«إلا الطلاق» (فيديو)    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 14-5-2024 في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    وزير الإسكان العماني يلتقى هشام طلعت مصطفى    هل يجوز للزوجة الحج حتى لو زوجها رافض؟ الإفتاء تجيب    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر بعد ضم وقفة عرفات    سيات ليون تنطلق بتجهيزات إضافية ومنظومة هجينة جديدة    "الناس مرعوبة".. عمرو أديب عن محاولة إعتداء سائق أوبر على سيدة التجمع    في عيد استشهادهم .. تعرف علي سيرة الأم دولاجي وأولادها الأربعة    الأمم المتحدة: مقتل أول موظف دولي أممي في غزة    وزارة العمل توضح أبرز نتائج الجلسة الأولى لمناقشة مشروع القانون    لطفي لبيب: عادل إمام لن يتكرر مرة أخرى    ميدو: هذا الشخص يستطيع حل أزمة الشحات والشيبي    إبراهيم حسن يكشف حقيقة تصريحات شقيقه بأن الدوري لايوجد به لاعب يصلح للمنتخب    «محبطة وغير مقبولة».. نجم الأهلي السابق ينتقد تصريحات حسام حسن    «يحتاج لجراحة عاجلة».. مدحت شلبي يفجر مفاجأة مدوية بشأن لاعب كبير بالمنتخب والمحترفين    سلوى محمد علي تكشف نتائج تقديمها شخصية الخالة خيرية ب«عالم سمسم»    سعر البصل والطماطم والخضروات في الأسواق اليوم الثلاثاء 14 مايو 2024    أحمد موسى: مشروع مستقبل مصر سيحقق الاكتفاء الذاتي من السكر    لجان البرلمان تناقش موازنة وزارتي الزراعة والتعليم العالي وهيئات الطرق اليوم    عيار 21 يفاجئ الجميع.. انخفاض كبير في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 14 مايو بالصاغة    أول تعليق من " أوبر " على تعدي أحد سائقيها على سيدة بالقاهرة    تفحم 4 سيارات فى حريق جراج محرم بك وسط الإسكندرية    حبس والدة طالب تعدت على آخر وكسرت أسنانه بالمنوفية 4 أيام    برشلونة يسترد المركز الثاني بالفوز على سوسيداد.. ورقم تاريخي ل تير شتيجن    عاجل.. حسام حسن يفجر مفاجأة ل "الشناوي" ويورط صلاح أمام الجماهير    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    فرنسا: الادعاء يطالب بتوقيع عقوبات بالسجن في حادث سكة حديد مميت عام 2015    «أخي جاوز الظالمون المدى».. غنوا من أجل فلسطين وساندوا القضية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشكلات إصلاح جهاز الخدمة المدنية
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 08 - 2010

يعد جهازالخدمة المدنية أداة الحكومة الرئيسية في الحكم والادارة‏,‏ والتي تستطيع من خلالها أن تصل للمجتمع‏,‏ كما تتوقف عليه درجة النجاح من خلال ما يلقاه من دعم وتأييد من المواطنين‏,‏ وعندما لايعبر النظام الإداري عن الأوضاع القائمة فإنه يكون في هذه الحالة بحاجة إلي إصلاح‏.‏ إن الحديث عن موضوع الإصلاح الإداري ليس جديدا‏,‏ فقد ارتبط بالمحاولات المستمرة لتطوير الجهاز الإداري‏.‏ ويمكن إرجاع المحاولات الأولي لإصلاح الجهاز البيروقراطي إلي الخمسينيات من القرن العشرين‏,‏ ممثلة في تقرير الخبير الأمريكي بول سنكر الذي استعانت به الحكومة المصرية عالم‏1951.‏ وقد اشتمل التقرير علي مجموعة من التوصيات والتي تضمنت محاور تشريعية وتنظيمية لإصلاح الجهاز الحكومي المصري‏.‏ وتوالت محاولات الإصلاح والتي جاءت مركزة في أغلبها علي الجانب التشريعي للجهاز البيروقراطي‏,‏ بالإضافة إلي الجانب المؤسسي الذي تمثل في إنشاء كيانات مهمتها الإشراف علي تطوير مستوي الخدمة المدنية ورفع الكفاية الإنتاجية‏,‏ مثل إنشاء الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة عام‏1964.‏
وبنظرة سريعة علي برامج الإصلاح الاداري خلال القرن العشرين يتضح أن فترة الخمسينيات تمثل فترة الاستشارات الإدارية‏,‏ وتمت فيها الاستعانة بمجموعة من الخبراء الأجانب لتقديم مقترحاتهم لتطوير الخدمة العامة من خلال تحسين أوضاع العاملين‏,‏ وتوفير التدريب الملائم لهم‏,‏ وبالتالي كان توجه الإصلاح قاصرا نوعا ما خلال تلك الفترة‏.‏
وتمثل فترة الستينيات مرحلة التوسع في الجهاز الإداري للدولة نتيجة التوسع في الأنشطة التي تقوم بها الحكومة‏,‏ وكان التركيز فيها علي القيادات الإدارية‏,‏ وأساليب الرقابة وتقييم الأداء‏.‏ واتسمت فترة السبعينيات بحدوث مجموعة من التحولات السياسية والاقتصادية‏,‏ حيث شملت الخطة الخمسية للتنمية الإدارية والإصلاح الإداري والتي صاغها الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة عام‏1975‏ ستة عناصر‏:‏ المحور التنظيمي‏,‏ وإدارة الأفراد‏,‏ وتنمية القيادات وتطوير إجراءات العمل والقوانين واللوائح‏.‏ ويؤخذ علي هذه الخطة عدم اتساقها مع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة ككل‏.‏
وفي الثمانينيات تم الربط بين إصلاح الجهاز الحكومي وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة‏.‏ كما تم التركيز علي عدة محاور‏,‏ أهمها‏:‏ تطوير الخدمات ذات الصلة بالجمهور‏,‏ وتبسيط الإجراءات‏,‏ وتطوير نظام اختيار القيادات‏,‏ وتعديل نظم الحوافز والمكافآت ونظم ترتيب الوظائف‏.‏
وبالنسبة لخطط الإصلاح الإداري في فترة التسعينيات فقد احتوت علي عدد كبير من عناصر الإصلاح سواء البشرية أو المادية لضمان أسلوب أفضل في تقديم الخدمة العامة‏.‏ وتمثلت آليات الإصلاح في‏:‏ هيكل حكومي أصغر‏,‏ وتحجيم الهيكل البيروقراطي‏,‏ وتحسين الخدمات العامة المقدمة‏,‏ وتحسين بيئة العمل وأحوال الموظفين‏,‏ ونشر وتطوير الاستخدام التقني في مجال أداء الأعمال الحكومية‏,‏ وتحديد معايير واضحة للأداء والمساءلة‏.‏
ورغم المحاولات المستمرة لإصلاح وتطوير الجهاز البيروقراطي فإنه يمكن الزعم أن المشاكل التي عاني منها الجهاز الإداري منذ خمسينيات القرن العشرين هي ذاتها ما يعاني منها في الوقت الحالي‏,‏ بل أصبحت بشكل أكثر حدة وانتشارا ممثلة في‏:‏ التقديس الزائد للسلطة‏,‏ وسيادة القيم المقيدة للإبداع‏,‏ ومقاومة التغيير‏,‏ بالإضافة إلي انتشار الرشوة والمحسوبية واللامبالاة في خدمة المواطن والتغاضي عن الأخطاء‏.‏ مثل هذه الاستمرارية في المشكلات تقودنا إلي نتيجة منطقية ممثلة في محدودية تأثير سياسات وبرامج الإصلاح في تحقيق المستهدف منها‏.‏
ويمكن إرجاع ذلك إلي مجموعة من العناصر سواء علي مستوي التصميم أو التنفيذ أو حتي المتابعة والتقييم التي تعمل متضافرة للحد من تأثيرها‏,‏ وتتمثل هذه العوامل فيما يلي‏:‏ غياب المنظور التكاملي لسياسات وبرامج الإصلاح الإداري‏,‏ وعدم وجود برامج فعالة لإدارة التغيير‏,‏ والاعتماد علي قيادات إدارية غير مؤهلة لتبني النسق الفكري والسلوكي الذي تتضمنه برامج الإصلاح‏,‏ فضلا عن عدم كفاية الموارد المادية أو البشرية لتنفيذ ومتابعة برامج الإصلاح‏,‏ وغياب استخدام آليات فعالة لتقويم نتائج الإصلاح بشكل كمي وكيفي‏.‏
كما أن محاولات الإصلاح الإداري لم تتبلور في ضوء أهداف واستراتيجيات محددة ولكنها كانت في الغالب ردود فعل لمشاكل يعاني منها الجهاز الإداري أو محاولات لنقل تجربة أو مدخل جديد لم يعد له جيدا أو يدرس‏,‏ ومحاولة تعميمه علي كل الجهات‏.‏ كذلك فإن محاولات الإصلاح الإداري لم تتبلور في صورة خطة عامة للدولة محددة الملامح والمراحل وبشكل يتكامل مع الخطط الأخري للدولة مثل الخطة الخمسية أو مع خطة الإصلاح الاقتصادي‏.‏ أيضا اتسمت جهود الإصلاح المتتالية بالتضارب وعدم الاستمرارية‏,‏ فما إن يبدأ مسئول في وضع أسس لسياسة أو استراتيجية للإصلاح حتي يقوم المسئول الذي يخلفه بتغيير السياسات السابقة تماما دون عناء تقييم التجربة السابقة والاستفادة من الخبرات المكتسبة واستكمال المناسب منها‏,‏ مما أدي في كثير من الأحيان إلي صعوبة التوصل إلي حلول جذرية والنظرة الجزئية للمشاكل وعدم الأخذ في الاعتبار البعد الزمني لها‏,‏ واللجوء إلي الحلول الوسط لإرضاء جماعات الضغط المختلفة‏,‏ والتطبيق المبتسر لعملية الإصلاح‏.‏
إذن يمكن القول إن جهود التطوير والإصلاح لابد أن تعيد هيكلة المنظومة الإدارية الحكومية ككل‏,‏ وتحسن أحوال العاملين بالدولة ماديا ومهنيا‏,‏ وتيسر علي المواطنين تعاملاتهم اليومية مع مؤسسات الدولة‏,‏ وتقضي علي الفساد الإداري والذي يعد السبب الرئيسي للتعقيدات البيروقراطية‏.‏ فإذا كان هدف الإصلاح تطوير العمالة فلا يعني هذا أن التطوير سيتم منفردا دون الارتباط بالعوامل الأخري كالتنظيم وأساليب العمل والإجراءات والعادات المستمدة من المجتمع‏.‏ وكلما اتسعت قاعدة التأييد لجهود الإصلاح كلما زادت مقومات نجاحها في تحقيقها للأهداف‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.