كانت طرابلس عاصمة الجماهيرية الليبية خلال يومي15,14 ديسمبر الماضي مكانا لاجتماع لجان التضامن العربية, كما عقد فيها يوم16 ديسمبر أول اجتماع للأمانة العامة لمنظمة تضامن الشعوب الإفريقية والآسيوية خارج مصر دولة المقر... وكان ذلك بدعوة من اللجنة الليبية للتضامن والسلام. ولجان التضامن العربية تشكل تجمعا إقليميا في إطار منظمة التضامن بناء علي قرار صدر في مؤتمر المنظمة الذي عقد في الجزائر عام1985, ومنذ ذلك التاريخ وهي تجتمع مرة كل عام في إحدي العواصم العربية, أو في اجتماعات طارئة تبعا للأحداث التي تتعرض لها الأمة العربية, وآخر اجتماع عقد في القاهرة في يونيو2007, ومنذ ذلك التاريخ لم يعقد اجتماع للجان التضامن العربية, ولذا اعتبرت دعوة اللجنة الليبية للتضامن والسلام بعقد الاجتماع الثالث والعشرين بادرة تبعث الحيوية في مسيرة التضامن. وقد شارك في الاجتماع لجان التضامن في مصر وسوريا ولبنان والسودان والبحرين وعمان وليبيا وتونس والمغرب وموريتانيا, ولم يصل وفد العراق نتيجة ظروف خاصة بالسفر من هناك, ولا شك أن هذا الاجتماع الشعبي يعتبر دعما للجامعة العربية التي تحمل مسئولية حشد الطاقات العربية... وقد استطاعت ليبيا أن تسهم بدور كبير أيضا في تشكيل تجمع إقليمي آخر هو الاتحاد الإفريقي الذي أعلن عن قيامه في سرت يوم9 سبتمبر1999. وقد تزامن عقد اجتماع لجان التضامن العربية في طرابلس مع احتفالات شعب ليبيا بالعيد الأربعين لثورة الفاتح التي مازالت تواصل دورها كثاني ثورة مستمرة بعد23 يوليو التي احتفلنا بعيدها السابع والخمسين العام الماضي2009. وتناول اجتماع لجان التضامن العربية بالدراسة والتحليل الأوضاع العربية والعالمية الراهنة, وكذلك التحديات التي تواجه أمتنا العربية سياسيا واقتصاديا وثقافيا والتي تعيق تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والوحدة القومية, وهو ما يسهل فرص التدخل الأجنبي في الشئون الداخلية. وكانت القضية المحورية التي جذبت الاهتمام هي قضية فلسطين باعتبارها أساس النضال العربي لتحرير شعب فلسطين من الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي القائم علي تطرف أفكار الصهيونية التوسعية, وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وكان الإجماع منعقدا علي ضرورة وحدة شعب فلسطين, ودعم جميع الجهود الشعبية والرسمية لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية التي تعتبر أساسا لانطلاق واستمرار المقاومة حتي قيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. ولم يقتصر الحوار في هذا الاجتماع علي قضية فلسطين فقط... ولكنه ناقش أيضا في جلسات خاصة الموقف في العراق والسودان واليمن والصومال... كما عقد جلسة خاصة لتوجيه الموقف العربي إزاء التغيرات المناخية... وتصادف أن تزامنت الاجتماعات مع عقد مؤتمر كوبنهاجن الذي اعترض الكثيرون علي قراراته بالنسبة لدول الجنوب النامية. وكانت الرغبة شاملة في مد نسيج التضامن ليضم دول أمريكا اللاتينية إلي جانب الدول الإفريقية والآسيوية... وتشكيل حلف خاص بها يسمي الساتو في مواجهة حلف الناتو لذي يضم أمريكا وبعض دول أوروبا والذي تحتل قواته دولا في منطقتنا مثل أفغانستان. وهذا الهدف الجديد يعتبر تطورا في أهداف مؤتمر باندونج الذي تشكل عام1955, يعتبر أيضا دعما لحركة عدم الانحياز التي تقودها مصر خلال ثلاثة أعوام بدأت في يوليو2008 في مؤتمر شرم الشيخ... كما أنه يدفع إلي ضرورة إصلاح الأممالمتحدة بما يحقق الديمقراطية والعدالة بين الدول وإلغاء الهيمنة وحق الفيتو الذي يعتمد علي مجلس الأمن بصورته الحالية التي يجب تطورها علي أساس جديد. وأكد المجتمعون أن الشعوب في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية التي كانت مستعمرة يجب لها المطالبة بالاعتذار والتعويض عن مرحلة الاستعمار وما لحق بها من الاستغلال والاستحواذ علي ثرواتها واستعباد شعوبها لقرون عدة من الزمن... وهو ما استطاعت ليبيا أن تحصل عليه أخيرا من إيطاليا باعتذارها الرسمي وتقديم تعويضات عن الحقبة الاستعمارية وأخيرا... يمكن القول أن اجتماع لجان التضامن العربية الذي عقد في طرابلس خلال ديسمبر2009 قد حمل جديدا إلي الأفكار والأهداف العربية وأن اجتماع الأمانة الدائمة للمنظمة في طرابلس قد أثمر اتفاقا علي تفعيل برنامج منظمة التضامن وتمكينها من القيام بدورها التاريخي في تنفيذ مهامها الدولية... وأثمر أيضا الاتفاق علي انضمام اللجنة العربية الليبية للتضامن والسلام إلي الأمانة العامة لمنظمة التضامن.