كتب:محمد فؤاد: لغز اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري إلي متي يظل بلا إجابة أو حل فأصابع الاتهام التي كانت مصوبة بشده نحو سوريا عقب عملية الاغتيال مباشرة وأدت لضغوط شديدة علي النظام السوري. بدأت ترتجف وربما تتراجع عن هذا الاتهام الذي ضرب بشدة سوريا في أحد مراكز عمقها الاستراتيجي الهامة ألا وهي لبنان. وأصبحت هذه الأصابع تشير إلي عناصر في حزب الله بعد المعلومات التي تحدثت عن احتمال ضلوع عناصر من الحزب في الاغتيال. والحقيقة أن زيارة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري التي قام بها لدمشق في91 ديسمبر عام9002 لينهي بها نحو خمس سنوات من القطيعة كانت بمثابة إعلان صريح أن سعدالحريري أصبح يشك في أن سوريا كانت لها يد في اغتيال والده. فلو أحس سعد الحريري للحظة أن دمشق كانت لها يدفي اغتيال والده فلماذا يقبل علي زيارتها ؟. وبنظرة تحليلية لما حدث خلال الآونة الأخيرة سنجد أن تصريحات كثيرة من مصادر لها صلة بقضية الاغتيال جعلت بالفعل الأمور تتغير. وقبل أن نتحدث عن تصريحات خرجت في الآونة الأخيرة دعونا نتساءل لماذا تقدم سوريا علي اغتيال الحريري رغم أنه كان من أكثر الشخصيات السياسية اللبنانية انفتاحا. كما أن اغتياله لم يخدم مصالحها في شئ بل ضاعف الضغوط عليها من جميع الاتجاهات. فالتصريحات التي تقول ان سوريا اغتالت الحريري لأنه زعيم سني أو لأن قوة نفوذة كانت تؤثر علي تواجد سوريا في لبنان أصبح من الصعب الإيمان بها, فالحريري لم يكن أبدا يرفع لواء انه زعيم سني كما أنه كان من أقرب الزعماء اللبنانيين قربا إلي سوريا إبان فترة حكم الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد. كما أنه كان من أكثر الزعماء اللبنانيين قدرة علي حل الأزمات مستفيدا بأنه زعيم سياسي بلا ميلشيات يخشي منها كما أنه لم تكن عليه أي استحقاقات لأحد داخل لبنان لأنه عاش معظم حياته خارج البلاد. ووسط هذه الحالة يكون اغتيال الحريري علي أيدي سوريا بمثابة غباء سياسي واضح لأنها تستفيد من هذا الرجل كما أن عملية اغتياله كانت بشعه لايمكن أن ينساها التاريخ المعاصر. ومع بروز كل هذه الحسابات جاءت دراسات وتحليلات كثيرة تقول إن إسرائيل متورطة في كل التفجيرات في لبنان مثل الدراسة التي نشرها المعهد الإسرائيلي لدراسات المشرق ووفقا لرئيس الوزراء الإسرائيلي في هذا الوقت آريئيل شارون أكد أنه باغتيال الحريري أصبح الوضع في لبنان تحت السيطرة الإسرائيلية وليست السورية. وكشفت الدراسة أن عملية الاغتيال تمت بتهريب مواد متفجرة من إسرائيل عبر الحدود الشمالية بمساعدة بعض عناصر القوات الدولية المرابطة علي الحدود وبمقابل أموال طائلة. وأضف إلي هذا أن الجريمة تمت بتقنيات عالية لا تتوفر سوي لجهاز الموساد الإسرائيلي. وكذلك أثبتت نتائج التحقيق أن أجهزة الإنذار الموجودة في سيارة الحريري ضد القنابل تم تعطيلها قبل ساعة واحدة من عملية الاغتيال حيث تعطل عمل الجهاز الإلكتروني لموكب الحريري والخاص بتعطيل واستقبال أي ذبذبات ليس فقط لأجهزة المحمول ولكن أيضا لأي أجهزة تحكم عن بعد يعرفها العالم وتستخدم للتفجير عن بعد. وهذه الخاصية حسبما بينت الاختبارات لايمكن تعطيلها إلا من خلال الشبكة المركزية للتحكم في هذه الأجهزة والتي لايتملكها إلا الشركة الموردة لها. وقد أكد الألماني يورجن كاين مؤلف كتاب اغتيال الحريري.. أدلة مخفية والخبير في الأدلة الجنائية أن الشركة الموردة لها إسرائيلية ولم يذكرها ديتلف ميليس محقق المحكمة الدولية في أي من مذكراته حول اغتيال الحريري. أضف إلي هذا أنه خلال السنوات الأربع الماضية كشفت السلطات اللبنانية عن40 خلية تجسس تعمل لصالح إسرائيل علي الأراضي اللبنانية. والحقيقة أن القرار الظني المنتظر من المحكمة الدولية في اغتيال الحريري مازال لم يطلعنا علي أدلة فعلية واقعية تشير إلي أن حزب الله ضالع في الاغتيال. فالرأي العام سواء في لبنان أو خارجه يريد أن يقتنع بالأدلة حتي يصدق الحكم. والمشكلة أن قرار كهذا من الممكن أن يفجر الوضع الداخلي اللبناني الذي هو بالفعل قابع علي بارود ساخن وتكون إسرائيل هي المستفيدة أيضا. ومن هنا يتبين أن الحرص في توجيه أصابع الاتهام أمر في بالغ الأهمية لأنه يتوقف عليه مستقبل بلد. ووسط هذا فنحن لانعفي حزب الله من أن له يد في توتير الأوضاع وإعطاء ذرائع لإسرائيل فيجب أن يضع الحزب مصلحة لبنان فوق أي مصالح يسعي إليها.