ايام ويغادر السفير الياباني كاوارو ايشيكاوا مصر بعد3 سنوات حافلة بالانجازات التي تصب في خانة دعم العلاقات بين مصر واليابان. وسوف تظل المشاريع التي ساهم ايشيكاوا في تأسيسها أو تشييدها.. والمؤسسات التي مد اليها يد العطاء شاهدة علي ان الرجل بذل اقصي جهده لخدمة مصالح الشعبين.. حتي وان غادر إلي كندا كسفير لليابان او عاد الي طوكيو.. فقد آمن السفير ايشيكاوا, باهمية الوقوف الي جانب البسطاء ودعم ومساندة المحتاجين من المصريين.. وقد التقت الأهرام السفير ايشيكاوا قبل مغادرته وكان هذا الحوار. * أدرك أن اليابانيين يكنون تقديرا كبيرا للحضارة المصرية ولاسم مصر ويبادلهم المصريون التقدير نفسه للحضارة اليابانية والاعجاب بالتقدم الذي أحرزته اليابان خلال ال50 عاما الماضية من وجهة نظرك كيف يمكن ترجمة هذا التقدير والإعجاب المتبادل لمصلحة الشعبين؟ { هذا سؤال جيد ومهم.. فاليابان ومصر يمكن أن يكونا حليفين استراتيجيين لدولتين معتدلتين.. تحالف دولتين مسئولتين وتحالف لدولتين محبتين للسلام. ولذلك فإنه بتشكيل تحالف ما بين مثل هاتين الدولتين فإنه سيكون بمقدورنا أن نعثر علي طريق لتحقيق التوازن الجيد بين تلك الموجات العاتية من العولمة والحفاظ علي ثقافتنا وحضارتنا.. واذا لم نبذل مجهودا ونحقق تلك الخطوة فإنه من الممكن جدا أن تبتلعنا تلك الموجات القوية من العولمة. ومن ناحية أخري, فإنه اذا لم تقبل العولمة.. ربما يكون هذا هو اختيارك لكن تلك حقائق الحياة.. لن يكون بمقدورك مواجهة الواقع العالمي.. ولذلك فإن من المهم أن يكون هناك توازن جيد. * هل واجهت صعوبة في إقناع بعض الوزراء في الحكومة المصرية بأسلوب اليابان في التعاون.. خاصة أن اليابان تدقق في كل شيء ويستغرق اتخاذ القرار وقتا أطول في حين يري البعض أن التعاون مع أوروبا وأمريكا أسهل ؟. { شكرا علي سؤالك.. فخلال عملي هنا لمدة ثلاث سنوات تقريبا.. أقابل بعض الوزراء كل أسبوع. لم أواجه أي صعوبة في الاجتماع بهم والبحث معهم للتوصل إلي نقاط التقاء في العديد من القضايا المشتركة.. وأستمتع بالمناقشة معهم...ولابد أن أقول هنا بوضوح إن البعض ردد مقولات مثل أن اليابان لديها أجندة سياسية وعلي سبيل المثال عندما نتحدث عن التعاون الاقتصادي.. فإن اليابان تتوجه مباشرة نحو تحقيق احتياجات الناس البسطاء.. وتقدم المساعدات المالية ليس لأنها تريد أن تحقق أهدافا معينة أو توجها نحو سياسات محددة أو أنها تريد أن تفرض قيما محددة. لقد تعلمت اليابان من تاريخها أن محاولة فرض القيم علي الآخرين لن تنفع أو تفيد, فضلا عن أنها لن تساعد. وهؤلاء الذين لا يعرفون اليابان يوجهون أصابع النقد لها بطريق الخطأ.. قائلين إن اليابان لاتريد اتخاذ قرار.. الخ.. ولكن هذا الفهم خاطئ. نعم نحن نستغرق وقتا طويلا قبل اتخاذ القرار لأننا ندرس كل المعوقات المحتملة قبل أن نبدأ في مشروع.. ونرغب في التحدث مع كل الأطراف المتعلقة بالمشروع.. وذلك حتي نتجنب المفاجآت السيئة.. ولكن بمجرد أن يتخذ القرار فان التنفيذ يتم بسرعة كبيرة لأن جميع الأطراف وافقت بالفعل علي المشروع وخطوات التنفيذ. * ما هي أبرز ايجابيات وسلبيات المصريين من وجهة نظرك بدون دبلوماسية؟ { اجابتي بدون تردد.. وبدون دبلوماسية هي ابتسامة المصريين.. وبشاشة طباعهم ودفء مشاعرهم هذا أكثر ما سوف أفتقده في مصر وأتصور أنني عندما أستقل طائرة مصر للطيران الذاهبة إلي طوكيو سوف تنساب دموعي.. أما مالا أحبه.. فهو فوضي المرور, وإصرار البعض علي قيادة السيارات بهذه الطريقة الخطيرة التي قد تقود إلي الموت فهم يندفعون من اليسار إلي اليمين.. ومن اليمين الي اليسار. بصورة مفاجئة وخطيرة, اذا كان الأمر يتعلق به وحده وانتهي به الأمر الي حادث مميت فهذا شأنه, ولكن المشكلة أن حادث السيارة غالبا ما تكون هناك أطراف أخري ويموت أبرياء آخرون بلا ذنب ارتكبوه. * الدقة والالتزام والانضباط والمسئولية من ملامح شخصية الياباني.. وساهمت هذه القيم في تقدم اليابان.. هل تعتقد أن اكتساب مثل هذه القيم صعب في مجتمع كالمجتمع المصري أو العربي أو الاسلامي.؟ ليس صعبا ولكن من خلال متابعتي الدقيقة وحضوري خطاب السيد الرئيس حسني مبارك في العام الماضي أجد أن المشكلة الرئيسية كما قال الرئيس هي: أن الزيادة السكانية تمثل أكبر المشكلات في مصر.. وأنا أعرف أن معدل النمو السكان في مصر نحو2% سنويا بما يعني1.5 مليون نسمة زيادة سنوية, هذه مشكلة واضحة.. وتحتاج إلي حل, والتعليم هو الكلمة السحرية... وأنا أدرك أن الحكومة المصرية تبذل جهودا كبيرة لاصلاح حال التعليم.. وأحد العناصر الرئيسية للمساعدات اليابانية الرسمية ليس تقديم المساعدة لمصر علي مستوي التعليم الجامعي فقط, وإنما تمتد إلي المدارس الابتدائية والتعليم الأساسي في المناطق الفقيرة, ونحن نبني في بعض المدارس في المناطق الفقيرة الحمامات ونشرف علي تنظيفها والملاعب.. ونوفر المكاتب والأدوات المدرسية وأحيانا نقدم أوتوبيسات هدية من اليابان لدعم هذه المدارس.. ولا نستورد تلك الاشياء من اليابان كما قد يتصور البعض ولكننا نصر علي ان يتم تصنيعها محليا.. حتي نوفر ايضا فرص عمل لبعض الشباب من المتعطلين عن العمل.. * أعرف ان هناك دراسات يابانية كبيرة قدمت للحكومة المصرية لحل ازمة المرور.. ما هي نصحتك لحل هذه الازمة؟ { نعم هناك العديد من الدراسات اليابانية التي قدمت الي الحكومة المصرية.. وقد تم الاخذ بالعديد منها.. وجاري العمل في تنفيذ الكثير.. مما جاءت به توصيات وخطط جهات وهيئات يابانية.. ولكن كما تعرف فإن الامور تستغرق بعض الوقت.. خاصة في المدن الكبري مثل لندن وطوكيو او القاهرة فقد تم اقامة الكثير من الجسور ومترو الانفاق وفقا لتوصيات وخطط من اليابان.. ولكن المشكلة ان هناك انفجارا في سوق السيارات في مصر وبسرعة كبيرة.. والمشكلة ليست في الطرق.. فإن لديكم طرقا مناسبة ولكن المشكلة في الركن أو الانتظار المخالف صف ثان وثالث في شوارع صغيرة وضيقة.. وانا اقترح علي الحكومة المصرية استخدام الجراح العلوي الدوارelevatedparking كما هو مستخدم في اليابان.. لانه يشغل حيزا صغيرا من الارض ويستوعب عددا كبيرا من السيارات... * الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا تعد من المشاريع المهمة.. كيف يمكن لمصر أن تستفيد من تلك الجامعة؟ { تعد مصر دولة فتية شابة, حيث ان49% من اجمالي عدد سكانها تحت سن العشرين ونحو ثلثي السكان أو65% تحت سن الثلاثين, لذلك فإن الأمر هو إذا كان كل هذا العدد من الشباب المصري شبان وفتيات الذين تلقوا تعليما جيدا ولديهم الدافع القوي, فإن ذلك سوف يساعد مصر وباقي الدول العربية كثيرا فيما يتعلق بمسألة التقدم.. لان طلبة هذه الجامعة من مصر وباقي الدول العربية.. ومن خلال جامعة العلوم التكنولوجية اليابانية في مصر, فإنه سيكون بإمكان شباب مصر والعرب اكتساب المعرفة والمهارات التكنولوجية. والنقطة المهمة في هذا الصدد اننا نريد ان تتعاون الجامعة مع الصناعة وتساعد علي تقدم الصناعات في مصر.. لأن مصر لديها امكانات كبيرة فيما يتعلق بالعلوم والتكنولوجيا.. ووفقا لكثير من اصدقائي المصريين من رجال الأعمال واساتذة الجامعات فإنهم يرددون نفس المقولة وهي انه ربما يكون هناك احتمال لتحقيق التقدم من خلال التطبيقات التكنولوجية.. ومن هنا فإن الجامعة التكنولوجية اليابانية المصرية خطوة ايجابية في هذا الاتجاه... ليس فقط لدعم وتطوير حالة العلوم والتكنولوجيا في مصر والبحث العلمي, ولكن ايضا تطبيق العلوم والتكنولوجيا بالتعاون مع رجال الصناعة.. ولذلك فإن هناك لجنة يابانية مشتركة تجمع بين رجال الصناعة والاكاديميين بهدف دعم أهداف هذه الجامعة. وهناك لجنة من ثماني أفضل جامعات في مصر لدعم الجامعة التكنولوجية المصرية اليابانية, وهناك لجنة مناظرة من أفضل12 جامعة يابانية لذات الهدف.. ولذلك فإنها ليست مساعدة من اليابان إلي مصر.. انها تعاون مشترك.. ولذلك فإنني اعتبر الجامعة فرصة ذهبية للطلبة المصريين ولشباب مصر وللصناعة المصرية.