من 15 إلى 20 يونيو إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص    رئيس جامعة المنيا يترأس اجتماع مجلس كلية التربية الفنية    رئيس جامعة الأقصر يشارك في الاجتماع الدوري للمجلس الأعلى لشئون التعليم والطلاب    الري: تجربة حديثة لتحليل بيانات الأقمار الاصطناعية لتحديد التراكيب المحصولية    القراءة نبض الحياة، إطلاق مسابقة معرفية لطلاب الوادي الجديد    قافلة طبية بيطرية توعوية وقائية مجانية بقرية سنجها في الشرقية    توريد 387 ألف طن قمح لشون وصوامع المنيا منذ بدء الموسم    السياحة السعودية تشدد على مرافق الضيافة في مكة المكرمة بتطبيق تعليمات السلامة    محافظ مطروح يشدد على استمرار الجهود لمراقبة الأسواق وضبط الأسعار    «المالية»: مصر ستتحصل على قرض بقيمة مليار دولار بنهاية 2024    «الدفاع الروسية»: بدء المرحلة الثانية من مناورات القوات النووية غير الاستراتيجية    زيلينسكي: استعدنا السيطرة على البحر الأسود وأحرزنا تقدما على الأرض    تقرير يكشف مسارات الهجرة السرية من المغرب إلى أوروبا    مالاوي.. الجيش يرجح تحطم طائرة نائب الرئيس في إحدى الغابات    رونالدو يقود تشكيل البرتعال المتوقع أمام أيرلندا في البروفة الأخيرة قبل يورو 2024    عودة الدوليين لتدريبات الزمالك غدًا استعدادًا للقاء سيراميكا    زميل رونالدو السابق.. خطوة واحدة تفصل النصر السعودي من ضم حارس يوفنتوس    يورو 2024.. رونالدو يضع النصر على باب إنجاز غير مسبوق    "كنت تسأل صلاح الأول".. ميدو يوجه رسالة نارية لحسام حسن: "لازم يبقى فيه احترام"    أحمد إبراهيم: شركات السياحة ملتزمة بتعاقداتها مع الحجاج    هيئة قضايا الدولة تنعش الخزانة العامة بمبلغ 20 مليون جنيه    حج 2024| جهود متواصلة مع تفويج ضيوف الرحمن من المدينة المنورة لمكة المكرمة    التحقيق في اتهام رضا البحراوي لشقيق لاعب شهير بالتعدي عليه    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    ضبط 7 مليون جنية حصيلة الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    رضا البحراوي يُحرر محضرًا ضد شقيق كهرباء بقسم المعادي    القباج تؤكد دور الفن التشكيلي في دعم التنمية المستدامة وتمكين المرأة    «العقرب» لا يعرف كلمة آسف.. رجال هذه الأبراج الفلكية يرفضون الاعتذار    هل على الغنى الذى لا يضحى عقوبة؟.. أمين الفتوى يجيب    ما هو يوم الحج الأكبر ولماذا سمي بهذا الاسم؟.. الإفتاء تُجيب    رئيس هيئة الدواء: مصر من أرخص دول العالم في سعر الأدوية    «صحة المنيا» تقدم الخدمات العلاجية ل 1473 مواطنا في قافلة طبية مجانية    وحدة جديدة للعناية المركزة للأطفال في بني سويف    سحب عينات من القمح والدقيق بمطاحن الوادي الجديد للتأكد من صلاحيتها ومطابقة المواصفات    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 11-6-2024في المنيا    تراجع كبير في أسعار السيارات والحديد والهواتف المحمولة في السوق المصري    توقعات تنسيق مدارس الثانوية العامة بالقاهرة 2024-2025    محاولات للبحث عن الخلود في "شجرة الحياة" لقومية الأقصر    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    أدعية مستحبة فى اليوم الخامس من ذى الحجة    «الضرائب»: نتبنى فكرا جديدا لتكثيف التواصل مع مجتمع الأعمال الخارجي    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    موعد عرض الحلقة الأخيرة من مسلسل دواعي السفر على منصة WATCH IT    "الصحة" تنظم ورشة عمل على تطبيق نظام الترصد للأمراض المعدية بالمستشفيات الجامعية    لطلاب الثانوية العامة.. احذر 6 عادات قاتلة تسبب هبوط الدورة الدموية    عاجل| القلعة للاستشارات المالية: تغطية المرحلة الثانية من المشاركة في شراء الدين بنسبة 808%    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    موعد ومكان تشييع جنازة وعزاء الفنانة مها عطية    فلسطين.. إضراب شامل في محافظة رام الله والبيرة حدادا على أرواح الشهداء    ذاكرة الكتب.. كيف تخطت مصر النكسة وبدأت حرب استنزاف محت آثار الهزيمة سريعًا؟    كواليس جديدة بشأن أزمة رمضان صبحي ومدة إيقافه المتوقعة    صلاح لحسام حسن: شيلنا من دماغك.. محدش جه جنبك    عيد الأضحى في تونس..عادات وتقاليد    سيد معوض يتساءل: ماذا سيفعل حسام حسن ومنتخب مصر في كأس العالم؟    هل تحلف اليمين اليوم؟ الديهي يكشف موعد إعلان الحكومة الجديدة (فيديو)    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الرئيس الأريتري إسياسي أفورقي

تحت افق سماوي كصفاء قلوب الاريتريين‏,‏ واجواء ربيعية اضفت مزيدا من البهجة علي العاصمة الاريترية المزدانة بأعلام الاستقلال‏,‏ كانت رحلتنا القصيرة من فندق اسمرا بالاس الي مكتب الرئيس اسياسي افورقي رئيس دولة اريتريا في القصر ذي الطراز الروماني‏,‏ الذي تعاقب علي سكناه وادارة دفة البلاد منه حكام غرباء ايطاليون وبريطانيون واثيوبيون قبل ان يئول بعد الاستقلال الي ورثته الاصليين من ابناء اريتريا المحررة من ربقة استعمار مديد من هذا المكتب يدير الرئيس اسياسي افورقي شئون الحكم في بلد اغري موقعه في فم البحر الاحمر الجنوبي‏,‏ وعلي ناصية القرن الافريقي‏,‏ وقريبا من الشرق الاوسط الغارق في صراعاته والعائم علي كنوزه النفطية‏,‏ ومازال يغري اطماعا وطموحات ومصالح اجنبية من كل حدب وصوب‏.‏
واريتريا بلد صغير الحجم‏,‏ لكنه علي وعي بأن التاريخ والجغرافيا استودعاه دورا كبيرا‏,‏ يجعل منه رقما في الفضاء الاستراتيجي العربي الافريقي المشترك‏,‏ بحكم موقعه علي خطوط التماس الجنوبية لامننا القومي‏,‏ تلك الخطوط التي تتحرك حولها مخاطر وتهديدات وتبزغ في افقها ايضا فرص ووعود‏,‏ تنتظر من يقطفها ويمسك بها‏,‏ وتبدو الدولة بعد‏19‏ عاما من الاستقلال وكأنها تمتلك فائض حيوية وفتوة قابلا للتصريف ايجابيا في البيئة الاقليمية‏,‏اذا ماتكامل مع قوي اخري تقاسمه فضاءه الاستراتيجي الواحد ومن يمن الطالع ان الرعيل الذي يحكم اريتريا اليوم هو نفسه الرعيل الذي حررها‏.‏
وفي اريتريا تتعانق ثقافات وسلالات واديان شتي صهرتها في سبيكة قومية واحدة حرب تحرير وطنية طويلة اذابت التخوم الفاصلة بين القوميات التسع التي يتكون من رقائقها العرقية والثقافية واللغوية المجتمع الاريتري الحديث‏,‏ الذي اختفت فيه نعرات التمييز العرقي والديني والثقافي‏,‏ وبقيت اريتريا لوحة واحدة مبهرة للتسامح الديني والتعايش القومي والوحدة الوطنية‏,‏ تبرهن علي صحة القانون الخالد الوحدة في التنوع‏!‏
كانت اول ملاحظة اهديتها للرئيس افورقي بعد ان اتخذت مكاني في مقعد علي يمينه كانت الملاحظة قد تسللت الي قلب الرئيس‏,‏ وراقت له‏,‏ علي اسارير وجهه احساسا بالرضا‏,‏ لما لا وقد افلتت اريتريا كما قال لي الرئيس افورقي من قوانين العولمة التي ارتدت بدول كثيرة الي عصبيات ماقبل الدولة الوطنية‏,‏ العرق والقبيلة والدين والطائفة‏,‏ ووجدت الدول الكبري ومنظماتها في تلك العصبيات ذرائع للتدخل الاجنبي في الشأن الوطني‏!‏
كنا قد بلغنا المكتب الرئاسي في العاشرة تماما صباح ثاني ايام عيد الاستقلال قدمني وزير الاعلام للرئيس الاريتري واستأذن منصرفا‏,‏ وعندما خلا المكتب إلا مني بدا الرئيس بسيطا ومجاملا ومتواضعا‏,‏ اعتذر بتواضع جم ان اناديه يافخامة الرئيس كما يقتضي ادب الخطاب في مجالس الرؤساء وراح يحدثني عن ايام وليال من الجوع والبرد والغربة في كهوف اريتريا وجبالها وغاباتها يتقاسم مع رفاق الجبهة قليلا من الخبز وقليلا من الماء وكثيرامن الامل‏!‏ لذا فالرئيس ليس ديماجوجيا ويضيق بالبروباجندا‏,‏ ولايميل حتي وهو في سدة الحكم ان يكون سياسيا محترفا‏,‏ ولايجيد كالدبلوماسيين استخدام الكلمات الملونة‏,‏ رغم ان الرئيس افورقي فنان يقضي طرفا من اوقات فراغه القليلة بين الالوان والفرشاة‏,‏ وقد ازالت بساطة الرئيس الشديدة حاجز الرهبة الذي ينشأ في مقام الرؤساء والحكام‏,‏ فاسترسلت الكلمات بيننا بلا اتيكيت او بروتوكول كانت تهنئتي بعيد الاستقلال كافية لان يجتر افورقي مخزون ذكرياته عن السنوات الاولي للثورة الاريترية في احضان القاهرة‏,‏ وعن العلاقة الخاصة بين مصر واريتريا التي نجح الرئيسان مبارك وافورقي في لقائهما الاخير في تجديد شبابها‏.‏
وصراحة الرئيس افورقي ووضوحه تغريك بأن تلامس عالمه الخاص‏,‏ وتفتح بيسر صندوق افكاره السياسية فتجد الرئيس كريما يغترف لك من صندوقه ماتشاء وماترغب‏,‏ ينتقل بك من فلسفة الاديان الي فلسفة الحكم‏,‏ ومن قرار مجلس الامن الجائر ضد بلاده الي مياه النيل والقرصنة وجنوب السودان ضحك افورقي لكنه ضحك كالبكا وهو يتهكم علي المعايير المزدوجة التي ينطوي عليها قرار مجلس الامن ضد اريتريا‏.‏
وقبل ان يفتح افورقي صندوق افكاره‏,‏ راح يعبر عن قناعة راسخة لاتتزعزع بالقواسم الاستراتيجية المشتركة التي صنعتها الحتميات الجغرافية والتاريخية بين مصر واريتريا‏,‏ والحاجة المتبادلة بين البلدين للتعاون والتحرك المشترك عبر هذه القواسم‏,‏ وفي رأيه ان اعادة صياغة التوجهات الخارجية المصرية في اتجاه الجنوب‏,‏و خصوصا مع السودان‏,‏ قضية لاتقبل التأجيل‏,‏ قد تكون هناك ضرورات مرحلية معينة دفعت بنا في اتجاه الشمال‏,‏ الا ان الوقت ليس متأخرا لاعادة توجيه البوصلة الخارجية لمصر نحو الجنوب‏,‏ حيث تتجمع المصالح الحيوية الكبري لمصر في السودان والبحر الاحمر والقرن الافريقي وحوض النيل‏.‏
كانت رؤية الرئيس افورقي لمستقبل السودان تصدر عن بعد نظر استراتيجي‏,‏ يستشرف مابعد وقوع الاحداث‏,‏ ويسبر غور الدوافع التي تحرك الاطراف المختلفة في السودان‏,‏ قال الرجل بالحرف الواحد خيار الوحدة في جنوب السودان خيار لابديل عنه‏!‏
ومصالح الجنوبيين هو العنصر الحاكم في تقرير المصير‏.‏ فالجنوبيون كما رآهم افورقي في زيارة قريبة الي جوبا مهمومون الان بأولويات اخري غيرالوحدة والانفصال‏,‏ اولوياتهم فرص اوسع واكثرللعمل والتعليم والصحة والمياه و الكهرباءوالطرق‏,‏الانفصال ليس مطروحا علي اجندة سكان الجنوب‏,‏ولكنه قضية سياسية مطروحة علي اجندة اصحاب الدكاكين كما سماهم افورقي‏,‏ ويقصد بهم الساسة المتاجرون بقضية الجنوب‏.‏ ان الوحدة في السودان لمصلحة الجميع ماعدا اصحاب الدكاكين اما الانفصال فليس في مصلحة احد‏,‏ لاالسودان ولامصر ولادول الجوار السوداني‏.‏ الانفصال يطلق موجة من العنف والاقتتال والهجرة الجماعية غيرالمنظمة وحروب الاثنيات والثقافات والقوميات فوق رقعة من الفسيفساء الهشة‏,‏وسيذهب بالامن والاستقرار في القرن الافريقي وحوض النيل‏,‏ وبرؤية السياسي المجرب استبق افورقي بالاجابة سؤآلا قلقا عن مياه النيل يوشك ان يعترض تداعيات الافكار المتدفقة و هي تبلغ نهايتها‏,‏ قال قاطعا ليس بمقدور احد اياكان ان ينزل الضرر بدول المصب‏,‏ ولاان ينتقص من حقوقهم التاريخية‏,‏ ولايملك احد ان يخاطر بإعادة توزيع مورد طبيعي عابر للحدود‏,‏ او ان يقود تحالفات اقليمية ضد ارادة بعض الاطراف المتشاطئة‏!‏ او ان يدخل فيمقايضات هدفها تعظيم مصالح دولة معينة علي حساب دول اخري
قلت للرئيس افورقي وانا اشد علي يده مودعا‏,‏ سأنقل رسالتك الي بلد يعرف للرجال اقدارهم ويقدر ادوارهم‏!‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.