التعليم فى المستقبل القريب والبعيد أيضاً مختلف تماماً عما نعيشه الآن من أساليب ونظم وأدوات يعود معظمها إلى ايام محمد على صاحب النهضة التعليمية الأولى والرئيسية فى تاريخ مصر المعاصر. إن الأسس التي قامت عليها هذه النهضة هي نفسها المعوقات التي تمنع التعليم المصري من الانطلاق خارج الصندوق, فالتعليم حينذاك كان قوامه النمطية والمعيارية والاعتماد علي التلقين والحفظ وتقديس النصوص والاجابات النموذجية حيث تعليم واحد يصلح للجميع واختبار واحد يناسب كل المحافظات وموعد متفق عليه مسبقا للتقدم للامتحان والمناهج تأتي موحدة وهي نفسها المطابع الاميرية المسئولة عن طباعة الكتب المدرسية سنويا بملايين الجنيهات ولعل اسمها الاميرية يدل علي تاريخها البعيد ويدل كذلك علي عدم التغيير. وان كانت النمطية هي العائق الأول لتغيير التعليم فإن غياب المنافسة هي العائق الثاني حيث لامجال في ظل هذه النمطية للمنافسة فكل شيء محدد سلفا المنهج المعلم, الجدول الدراسي, وطريقة الاختبار, حتي المشاكل التعليمية نفسها اصبحت كذلك معروفة مسبقا وهي الدروس الخصوصية الغش الجماعي, اخطاء ورقة الاسئلة والصراخ والبكاء بلجان الامتحان. ان النمطية وغياب المنافسة والتركيز علي التعليم المعرفي لا التعليم المهاري قاد التعليم برمته إلي هذا المأزق الذي نعيشه جميعا الآن. التطوير التعليمي في مصر يحتاج إلي اداء متكامل يجمع بين النظم التعليمية المختلفة: نظم التعليم نظم الادارة المدرسية نظم قياس مخرجات التعليم) ويحتاج ايضا إلي اعادة النظر بالكامل في دور المتعلم بالعملية التعليمية ونظريات التعلم القديمة التي صارت غير صالحة للمتعلم الحديث وكذلك توجيه الاستثمارات الكافية لتكنولوجيا التعلم واعتماد الطالب والمعلم علي التعلم اللاورقي وشبكات الانترنت ذات السرعة الهائلة والتواصل التفاعلي والفورية في التعليم والاستمرارية في الاتصالonline والاختبار والتعلم عن بعدe-education وتزويد الطلاب باجهزة نت بوكbooknet وهي اجهزة خفيفة الوزن شديدة التحمل قليلة السعر بدأ انتشارها الآن بين مدارس الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث متوسط الجهاز مائة وخمسون دولارا اي ما يعادل الف جنيه مصري كبديل للكتب والحقائب المدرسية. إن تطوير التعليم لايعني فقط الارتقاء بجودة العملية التعليمية ولكن يتجاوزه إلي تفعيل دور شركاء العملية التعليمية وشركاء انتاج العينات التعليمية, النقابات المهنية المعلمين والموردين والمتعهدين للمساعدات التعليمية, مشغلي برامج الحاسب الآلي ومصممي المواقع والشبكات وأولياء الامور والاعلام.. الخ. إن الاسئلة الرئيسية التي يجب الاجابة عليها عند التفكير في مستقبل التعليم هنا هو كيف سيكون شكل التعليم بالمستقبل, وما هي آلة الانتقال من الوضع الحالي إلي الوضع المستهدف, ومتي سنصل إلي ما سيتم التخطيط به بالمستقبل, اما ما يجب الانتباه إليه ونحن نجيب عن هذه الاسئلة فهو عدة اعتبارات وتوجهات أو قوي محركة تدفع باتجاه تغيير التعليم باتجاه مستقبل شديد الاختلاف والتباين عما نحن فيه وهذه الاعتبارات هي: ان التعليم يجب ان يعد المتعلم لوظائف واعمال جديدة تختلف عما صممت له مناهج التعليم الحالية. ان ما نسعي إليه من مستقل هو بمثابة الحاضر بالنسبة لبعض دول العالم المتقدم وكل ما علينا هو ان نتعرف علي ما يوجد لديهم ونحن نستشرف مستقبل التعليم لدينا, فالواقع يؤكد ان الفجوة كبيرة بين ما نعرفه عن أنفسنا وبين ما نعرفه عن الدول المتقدمة في مجال التعليم كالنمسا سويسرا الولاياتالمتحدةالأمريكية فالتغيير يبدأ بالمعرفة فلا تغيير بلا معرفة. ضرورة تحرير التعليم من قيود التعليم المجاني, الحكومة, والدروس الخصوصية, واطلاق المنافسة بين المنشآت التعليمية الخاصة لتسهم بدورها في تطوير العملية التعليمية وزيادة فاعلية الابداع بكل مجالات التعليم. ان الطريقة الحالية التي يتم بها اعداد المعلم والمهارات الواجب توافرها في المعلم تكاد تكون بعيدة كل البعد عن المهارات اللازمة للمعلم, مثل مهارات ادارة المشروعات التنظيمية, والتيسيرfacilitation وفن الحوار والتواصل التعامل مع التكنولوجيا التكامل. بعض المناهج التقليدية للتعليم وكذلك مناهج دار العلوم وكليات التربية لابد من اعادة صياغتها وكتابتها من جديد بما يتلاءم مع فلسفة مدارس بلا أوراق وطلاب بلا حقائب. إن المبادئ والنظريات القديمة للتعلم مثل( مدرج بلوم) التي أرست قواعد التعليم القديمة قد تغيرت باتجاه مفاهيم عصرية حديثة تخاطب مهارات جديدة مثل التعليم بالحواس, المعلوماتية التقييم والقياس. الربط بين التعليم ومشكلات المجتمع يعد اهم آليات انتماء الطالب للمجتمع العالمي والمحلي الذي يعيش فيه, فمثلا تجد شركةtjinkQuest نظمت مسابقة ممتعة لطلاب من سبع دول مختلفة لاعداد مشروع لتأسيس وانشاء موقع التدريب عن مرض سارس أو انفلونزا الطيور وشاركت به مصر فاز فيه الشاب المصري بالمركز الأول, كما طلبت بعض المدارس الأمريكية من طلابها الاعداد للحملة الرئاسية لانتخابات امريكا السابقة بجميع جوانبها كمشروع يتعلم فيه الطالب فن المنافسة الراقية والتفاوض والاختلاف. ان نظرة ثاقبة لما يحدث بالتعليم الآن تدفعنا إلي نظرة اكثر دقة إلي مستقبل التعليم في مصر عندما تصبح مدارسنا بلا اوراق وابناؤنا يذهبون إلي مدارسهم بلا حقائب.