عدت لتوي من رحلة خاطفة إلي بيروت, حيث حضرت لقاء تحضيريا عقدته مؤسسة الفكر العربي حول القمة الثقافية العربية التي دعت إليها في مؤتمرها المنعقد في أكتوبر الماضي والتي دعا إليها كذلك الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في مؤتمره العام المنعقد في نفس الشهر في سرت بليبيا . كما دعي إليها أيضا عدد من المثقفين والمفكرين كان أولهم الدكتور مصطفي الفقي. أي أن عقد قمة للرؤساء والملوك العرب مخصصة لبحث الأزمة الثقافية العربية تتخذ فيها القرارات الهادفة إلي حماية الثقافة العربية ومساعدتها علي اجتياز تلك الأزمة قد أصبح مطلبا عاما لدي المثقفين من أدباء وكتاب وفنانين ومفكرين, مما يؤكد أهمية الدعوة لعقد قمة ثقافية عربية والتي تتفاعل مع الوسط الثقافي, وشارك في تطويرها وتمديد معالمها, فتحولت من دعوة تعبر عن أمل منشود إلي أجندة عمل تتضمن رؤية محددة وتصورات مفصلة للقرارات التي يجب أن تصدر عن تلك القمة الأولي من نوعها. ولقد سبق اجتماع بيروت الأخير لقاء عقده الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في مقره التاريخي بقلعة صلاح الدين بالقاهرة حضره رؤساء اتحادات الكتاب في مختلف الدول العربية بعد أن استطلعوا آراء المثقفين والأدباء في أقطارهم الشقيقة, كما حضرته الأمانة العامة لجامعة الدول العربية ومنظمة اليونسكو في باريس والمنظمة العربية للثقافة والعلوم في تونس والمجلس الأعلي للثقافة في مصر وعدد من كبار المثقفين والمفكرين كان في مقدمتهم الدكتور مصطفي الفقي والدكتور حسن حنفي والسيد يسين, وقد دعي إليه الأمين العام لمؤسسة الفكر العربي لكن ظروفه حالت دون مشاركته أو مشاركة من ينوب عنه. ولقد أكد من حضروا لقاء القاهرة علي أهميته( راجع مقالات للسيد يسين في الأهرام والنهار اللبنانية), باعتباره أول اجتماع تحضيري لبلورة موضوعات محددة وقضايا بعينها ينبغي أن توضع أمام القمة. ولقد حضر الاتحاد العام للأدباء والكتاب العربي اللقاء التحضيري الذي عقدته مؤسسة الفكر العربي أخيرا في بيروت بوفد مكون من الأمين العام للاتحاد والشاعر يوسف شقرة رئيس اتحاد الكتاب في الجزائر, والكاتبة جميلة الماجري رئيسة إتحاد الكتاب في تونس, وقد ساهموا جميعا في أعمال اللقاء بكل ما توصل إليه اجتماع القاهرة من مقترحات. من هنا فإن اللقاء التحضيري الذي عقدته مؤسسة الفكر العربي يعتبر خطوة تمهيدية مهمة علي طريق القمة الثقافية المرتقبة والتي تلقفتها أعداد كبيرة من المثقفين فكتبت عنها وتحدثت حولها في لقاءات علي مدار ما يقرب الآن من العام. والحقيقة أن الاهتمام الشعبي الذي حظيت به الدعوة لعقد قمة ثقافية عربية قد توازي مع اهتمام رسمي ملحوظ, فقد رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد/ عمرو موسي رسميا بتلك الدعوة في خطابات لكل من مؤسسة الفكر العربي والاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب, وأعرب في خطابه لأمين عام الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب عن تقديره لتلك الدعوة التي أكد أنه سيتبناها. وكان القائد الليبي معمر القذافي قد استقبل الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب ووفود الاتحادات العربية المشاركة في المؤتمر العام المنعقد في سرت, حيث جري الحديث حول قرارات المؤتمر وتركز اهتمام العقيد القذافي باعتباره رئيس الدورة الحالية للقمة علي دعوة الاتحاد لعقد قمة ثقافية, ووعد سيادته بأن تكون القمة الثقافية, احد موضوعات جدول أعمال القمة ال22 التي كانت ستنعقد في ليبيا بعد بضعة أشهر من مؤتمر الاتحاد. وفي نفس السياق عقد الأمين العام لجامعة الدول العربية اجتماعا في القاهرة دعي إليه رئيس مؤسسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل وأمين عام الاتحاد العام للأدباء والكتاب العربي وعدد من المثقفين لتلك الدعوة, وجرت بلورة الفكرة في عدة خطوات عملية. وفي القمة ال22 التي انعقدت في بداية هذا العام تم إقرار القمة الثقافية فتحولت الدعوة لعقد القمة إلي قرار للرؤساء والملوك العرب صادر عن اجتماع القمة. وقد تلي ذلك أن دعا رئيس القمة العقيد معمر القذافي وفدا من الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب للقائه في سرت بليبيا لبحث الموضوع, وكلف سيادته الاتحاد في نهاية الاجتماع بوضع ورقة عمل تتضمن رؤية الكتاب والأدباء العرب للقمة من حيث القضايا التي ينبغي أن تبحثها والقرارات التي يأمل الأدباء والكتاب أن تصدرها القمة, وقد أعد الاتحاد العام بناء علي هذا التكليف ملفا شاملا سيتم تقديمه لرئيس القمة خلال الأيام القليلة المقبلة. ومن ناحية أخري فقد اتفق في ختام اللقاء التحضيري الذي أقامته مؤسسة الفكر العربي في بيروت علي أن يقوم رئيس المؤسسة الأمير خالد برفع مقترحات المؤتمر إلي الأمين العام لجامعة الدول العربية, وبذلك تتجمع لدي الأمانة العامة في النهاية جميع المقترحات الخاصة بالقمة. يضاف إلي ذلك ما سيتمخض عنه اجتماع وزراء الثقافة العرب الذي ينتظر عقده في خريف هذا العام والذي سيكون موضوع القمة الثقافية علي رأس جدول أعماله. فما هي الموضوعات التي اتفق علي أن تبحثها القمة الثقافية المرتقبة؟ لهذا مقال آخر..