البيئة المكونة لهذا العالم من هواء وماء وتربة وكل ما يحيط بنا لها تأثير كبير علي أسلوب حياتنا, وعندما نتحدث ونركز علي قضايا البيئة نشير إلي أننا نتحدث عن مستقبل الوطن والعالم. ضمانا لبيئة صحية وسليمة, فالاهتمام بموضوعات البيئة وحمايتها من التلوث, والتركيز عليها كعنصر مؤثر علي الإنسان, يتعين توفيره لكل مواطن في المجتمع, حتي يتسني تحقيق التنمية المتواصلة للأجيال الحالية والقادمة. الإنسان في حياتنا المعاصرة أصاب البيئة التي يحيا فيها بكثير من التلوث والذي يعني إحداث تغير في البيئة التي تحيط بالكائنات الحية بفعل الإنسان وأنشطته اليومية, مما يؤدي إلي ظهور بعض المواد التي لا تتلاءم مع المكان الذي يعيش فيه الكائن الحي, ومن ثم يؤدي إلي اختلال عناصر البيئة المحيطة, إذن التلوث صورة من صور الإفساد والضرر, فالإنسان هنا ظالم لنفسه ولبيئته, وأصبح جانيا ومجنيا عليه في آن واحد, لأنه لا يحافظ علي بيئته وهو في نفس الوقت يتأثر سلبا نتيجة ذلك, ومن أهم المشكلات البيئية التي تواجهنا في السنوات الأخيرة التلوث الهوائي والبصري والتلوث الضوضائي والاشعاعي, ومن أخطر أنواع التلوث هو تلوث الماء, فالماء مصدر من مصادر الحياة علي سطح الأرض, وينبغي صيانته والحفاظ عليه, حيث لا يمكن لأي كائن حي أن يعيش بدون الماء, فالكائنات الحية تحتاج إليه لكي تعيش, ويشكل الماء حوالي65% من وزن الإنسان, كما يشكل70% من مساحة اليابسة علي سطح الأرض, مما دفع بعض العلماء إلي أن يطلقوا علي الكرة الأرضية اسم الكرة المائية. قضيتان جوهريتان يجب الاهتمام بهما ووضع أولوية لهما في خطط العمل البيئي في مصر, الأولي الحفاظ علي نهر النيل, نعم هناك قانون رقم48 لسنة1982 بشأن حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث, ولكن من الضروري استخدام مبدأ الشفافية والتعامل من خلال البيانات الدقيقة للتعامل مع العوامل المؤثرة علي نهر النيل وكيفية وضع منهج علمي للتغلب علي هذه المعوقات التي تهدد نهر النيل هذا النهر العظيم الذي يعتبر شريان الحياة, وأحد العناصر الأساسية لصنع الحضارة المصرية عبر التاريخ, ولا ننسي المقولة الشهيرة لليوناني هيرودوت مصر هبة النيل نهر النيل أطول أنهار الدنيا وطوله أكثر من ستة آلاف كيلو متر ويمر بتسع دول إفريقية ومنابعه في بحيرة فيكتوريا ويصب في البحر الأبيض المتوسط. ومن الضروري المحافظة علي هذا النهر العظيم من خلال الرصد الدائم لنوعية مياه النهر والوقوف علي أي متغيرات تطرأ علي نوعية المياه علي طول مجري النهر, وكذلك إقامة محطات أرضية علي ضفاف النهر لاستقبال المخلفات السائلة وضخها في شبكات بعيدة عن النهر, فضلا عن تفعيل دور التفتيش البيئي علي المصانع التي تصرف علي نهر النيل والعمل علي معالجة مخلفات المواد لكي تكون سالمة وبعيدة عن النهر. أما القضية الثانية فهي المحافظة علي هواء النطاق الحضري للقاهرة الكبري, لأن الحفاظ علي نوعية الهواء ضرورة من الضروريات المطلقة في حياة الإنسان, لأنه من المهم تنقية الهواء من الشوائب الغازية والصلبة الناتجة عن مصادر طبيعية أو أنشطة بشرية لتحسين نوعية الهواء المستنشق, نعم كانت هناك تغيرات خلال العقود الماضية أدت إلي تدهور نوعية الهواء في مختلف المناطق الحضرية والريفية مثل الزيادة السكانية, وما يؤدي إلي زيادة كبيرة في استهلاك الموارد الطبيعية وتوليد المخلفات بأنواعها والتي يتم التخلص منها عن طريق الحرق المكشوف, إن أكوام القمامة قنابل ساكنة لأنها تحتوي علي كمية كبيرة من الغازات القابلة للاشتعال نتيجة للتحليل العضوي للقمامة, وقد يتطوع البعض إلي اشعال النار في جزء من القمامة حرصا علي صحة العامة فتمتد النيران إلي ما تحت الركام فتسبب الكثير من الحوادث, هذا فضلا عن تصاعد الأدخنة الخطيرة بسبب احتراق البلاستيك والنايلون بالقمامة, والتي يتولد عنها غازات خطيرة مثل غازات حمض الهيدروكلوريك والمعادن الثقيلة مثل الزئبق والرصاص والزرنيخ والمركبات العضوية التي تسبب أمراضا خطيرة للإنسان والحيوان والنبات. مشكلة أخري تلوث الهواء وهي التوسع في الصناعات الانشائية ومواد البناء مثل مصانع الأسمنت والطوب والتي تتركز منها نسبة كبيرة في جنوبالقاهرة, ونتيجة زيادة عدد السكان زاد عدد السيارات مما زاد نسبة عادم السيارات, بالاضافة إلي زيادة عدد المصانع والمنشآت الصناعية بشكل عشوائي داخل المناطق السكنية, مما أدي إلي انبعاث الملوثات والمواد الكيماوية وانتشارها في الهواء, لذلك من المهم نقل الصناعات الملوثة للبيئة من داخل التجمعات السكانية إلي المناطق الصناعية المتخصصة في المدن الجديدة وغيرها واستخدام الغاز الطبيعي بدلا من المازوت والسولار والبنزين بالاضافة إلي الحد من التلوث الصناعي, وذلك بتوفيق الأوضاع للمصانع والشركات واستخدام تكنولوجيا نظيفة غير ملوثة للبيئة, والسيطرة علي ملوثات النقل من عوادم المركبات, وكذلك ملوثات توليد الطاقة علاوة علي زيادة المسطحات الخضراء وزراعة الغابات الخشبية باستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة. نعرف أن هناك جهودا كبيرة في مجال التخطيط البيئي وعلي رأس هذه الخطط الخطة الوطنية للعمل البيئي2..2-2017 وأيضا الخطط والبرامج والمشروعات التنفيذية لتفعيل العمل البيئي برؤي مستقبلية واضحة البرامج والمنهج, ولكن علينا أن نبذل قصاري جهدنا أفرادا ومؤسسات من أجل المحافظة علي بيئتنا والحد من التلويث لها في ظل تحديات كثيرة ومتعددة لكي نحافظ علي سلامة حياتنا. إن الحفاظ علي البيئة لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال سلوكيات المجتمع التي يجب أن نبدأ في غرسها في أنفسنا وكل من نتعامل معهم, ليس فقط من خلال النصح أو الارشاد ولكن من خلال القراءة والتعلم والتدريب, لندرك أنه بحمايتنا للبيئة فإننا نحمي أنفسنا من أخطار التلوث بما يؤكد مفهوم المشاركة لحماية البيئة, وتعتبر تجربة الركن الأخضر التي بدأت في إطار المشروع القومي للقراءة للجميع- تحت رعاية السيدة الفاضلة سوزان مبارك- هي بحق تجربة رائدة وهي بحاجة للاستمرار من خلال الكتب العلمية والندوات والمسابقات وتكثيف النشرات والأفلام التسجيلية التي توعي النشء والشباب للمحافظة علي البيئة. ومن هنا يأتي دور ضرورة غرس العادات البيئية السليمة للتوعية بقضايا البيئة, سواء في البيت والمدرسة ومركز الشباب والجامعة والمكتبات لزيادة الوعي البيئي.. هيا نحافظ علي كوكبنا.. علي وطننا العزيز مصر.