تكشف اروقة نيابات ومحاكم الاسماعيلية والتقارير الصادرة من الجهات الرقابية عن وقائع مؤلمة في قضية محاولة للاستيلاء علي أراضي الدولة يدخل بعضها تحت بند المقولة الشهيرة صدق أو لاتصدق. فإذا كانت محاولات الاستيلاء علي الأراضي بالافدنة في بعض المحافظات فان البعض لم يكتف بذلك بل حاول الاستيلاء علي مساحات تقدر بالكيلو مترات ولعل ابرزها الواقعة التي اكتشفها رئيس محكمتي الاسماعيلية وشمال سيناء الابتدائيتين الحالي في اطار تنفيذ خطة وزارة العدل لمحاربة مافيا الاستيلاء علي املاك الدولة. وتتلخص الواقعة في محاول بعض الاشخاص تثبيت ملكية قطعة ارض علي امتداد ساحل البحر الابيض المتوسط تسمي أرض سبيكة بعد مزور يعود الي عام1914 في عقد الملك فاروق الاول ملك مصر, والمفاجأة ان الارض مساحتها60 كيلو مترا بطول10 كيلو مترات علي امتداد ساحل البحر المتوسط وبعمق6 كيلو متر الي الداخل. والاغرب ان هذه المساحة تضم احدي المحميات الطبيعية, وهي امور تكشف عن مدي الاستهانة باملاك الدولة. كما انه من الوقائع الشهيرة لمحاولة الاستيلاء علي18 فدانا بعقود مزودة في قلب مدينة الاسماعيلية يقع ضمتها مبني ديوان المحافظة الاسماعيلية الحالي ولولا حصافة رئيس محكمة الاسماعيلية الابتدائية لكان علي المحافظة ان تبحث لها عن مكان آخر بدلا من مبناها الحالي لو صدر قرار تثبيت لكل هؤلاء المزورين. كذلك حاول البعض الاستيلاء علي735 فدانا بالعريش وذلك بعقود يرجع تاريخها الي عام1932 عندما كانت العريش تقع ضمن محافظة الشرقية, والغريب ان التحقيقات في هذه القضية كشفت عن وجود15 دفترا مزورا بالشهر العقاري بالزقازيق كانت معدة لتزوير اوراق الاراضي وتسجيل العقود المزورة. وفي واقعة اخري تم افشال محاولة الاستيلاء علي650 فدانا بالعريش بعقود مزورة ومنسوبة لوزير الزراعة الاسبق الدكتور يوسف والي وكذلك محاولة الاستيلاء علي82 فدانا من الاراضي المملوكة لهيئة الاوقاف بالتل الكبير. والاغرب ان هذه الوقائع جزء من سلسلة من الحلقات المتصلة تم الكشف عنها مؤخرا ولازال البعض من الحلقات الخاصة بقضايا التزوير يجري التحقيق فيها حتي الآن. وخلال الثلاث سنوات الاخيرة اجرت نيابة استئناف الاسماعيلية التحقيقات في13 قضية كبري كشفت عن حقائق مفزعة في قضية الاستيلاء علي اراضي الدولة, وكشفت تحقيقات سامي عديلة رئيس نيابة الاستئناف باشراف المستشار مجدي ابو بكر الديب المحامي العام الاول لنيابات مدن القناة وسيناء عن قيام المتهمين بينهم عضو بلجنة السياسات بالحزب الوطني ورجال اعمال وموظفين بالشهر العقاري وهيئة المساحة بالاسماعيلية ومواطنين بالتلاعب في سجلات الحجج الشرعية القديمة بقسم الحفظ بالنيابات من خلال اختلاس حجج قديمة علي بياض وتدوين بيانات مزودة او محو بياناتها آليا او كيميائيا ثم تسجيل بيانات جديدة لإضفاء الشرعية علي هذه الحجج بهدف الاستيلاء علي مساحات شاسعة من الاراضي تجاوزت11 ألف فدان من بينها اراض تقع داخل الكتل السكنية وتقدر بمليارات الجنيهات والغريب ان هذه الحجج الشرعية تعود الي أعوام1912 و1915و1921 و1923و1925و1930و.1937 وقد حصل المتهمون علي احكام رادعة في هذه القضايا وصل مجموعها الي673 سنة سجنا وتراوحت بين السجن المؤبد والحبس لمدة6 أشهر من بينها حصول اخصائي مساحة سابق بهيئة المساحة بالاسماعيلية علي السجن المؤبد مرتين و10 سنوات و7 سنوات في4 قضايا جري اتهامه فيها. كما حصل رئيس قلم بنيابة السويس علي أحكام تصل الي57 عاما في7 قضايا جري اتهامه فيها. وكان من بين الاراضي التي حاولت مافيا الاراضي الاستيلاء عليها952 فدانا بطريق الطور بشرم الشيخ, وأراض مملوكة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بالقاهرة الجديدة, و960 فدانا ببئر العبد بسيناء تقع ضمن مساحة أكبر قدرها1400 فدان, وتتبع الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية ومخصصة لمشروع تنمية شمال سيناء ولم يسبق التعامل عليها, وكذلك محاولة الاستيلاء علي4 آلاف و750 فدانا من الاراضي المملوكة للدولة و961 فدانا أخري بالاسماعيلية, كما تضم357 فدانا بالقرب من وادي عليش ووادي التيمي بطريق الطور وثلاثة آلاف فدان بمنطقة جبل الناصوري ووادي الحلزوني و17 فدانا و8 قراريط تابعة للاصلاح الزراعي بحوض المصرف, بالاضافة الي قطع أراض أخري مملوكة للدولة بالسويس. وفي محافظة الاسماعيلية تكشف لغة الارقام عن حجم المواجهة الضارية بين المسئولين ومافيا الأراضي فخلال الفترة من أول يناير2006 وحتي الآن تم تسجيل1464 حالة للتعدي علي الاراضي الزراعية والاراضي المملوكة بالدولة وتم ازالتها بالكامل ويسجل مركز ومدينة القنطرة شرق أكبر حالات للتعدي علي الأراضي, حيث تقع48% من مساحة الاسماعيلية شرق قناة السويس من حدود محافظة بورسعيد شمالا وحتي السويس جنوبا وبعمق20 كيلو مترا داخل سيناء حتي الحدود مع محافظة شمال سيناء. ووفقا لتأكيدات المسئولين عن حماية الاراضي وأملاك الدولة بالمحافظة فإن ملكية بعض الاراضي بالقنطرة شرق تؤول لهيئة التعمير بوزارة الزراعة وليست لمحافظة الاسماعيلية وهو الامر الذي سبب مشكلة في الاختصاصات وفتح الباب أمام حالات كثيرة للتعديات وأمام مافيا الاراضي لينشطوا في هذا المكان, حيث تحصل شركات التنمية الزراعية علي موافقات بتخصيص مساحات لها في القنطرة ثم تقوم هذه الشركات بعمل جمعيات لبيع هذه الاراضي, وعندها يختلط الحابل بالنابل ويحاول البعض فرض سيطرتهم علي الاراضي بدون سند قانوني, كما يلجأ البعض لحماية أراضيه من خلال دفع اتاوات لبعض الاشخاص للحفاظ علي ممتلكاته.. وكانت آخر المواجهات بين مافيا الاراضي والمسئولين إزالة التعديات علي220 فدانا بالقنطرة شرق تابعة للهيئة العامة للتعمير وتنمية سيناء وكانت تضم زراعات ومباني للمتعدين. ويؤكد السيد عبد الجليل الفخراني محافظ الاسماعيلية ان أي نوع من التعديات علي أراضي وأملاك الدولة يتم ازالته بصورة فورية وإذا لم تتحقق صفة الفورية يتم عزل رئيس الوحدة المحلية من منصبه في الحال, وأشار إلي أنه منذ عام2006 وحتي الآن تم ازالة جميع حالات التعديات, واستطرد قائلا: هناك حالات قبل هذا التاريخ ينظرها القضاء الآن ولكنها حالات محدودة. ويشير إلي أنه مهما كانت الجهات المالكة للاراضي بشرق قناة السويس سواء كانت هيئة قناة السويس أو هيئة السكة الحديد أو وزارة الزراعة أو الجهات السيادية فإنها في النهاية مسئولية المحافظة ويتم إزالة أي تعديات عليها. وأشار المحافظ إلي انه لن يسمح بالإضرار بسهم واحد من أراضي وأملاك الدولة كما لن أسمح بأي وضع غير شرعي أو قانوني لأنها تتعلق في النهاية بهيبة الدولة. وحول ما تردد عن وجود مساحات زائدة تم اكتشافها في أراضي جمعية العاشر من رمضان أكد المحافظ ان هذا الكلام مجرد شائعات حتي الآن, لأن الجهات الرسمية والممثلة في هيئة المساحة نفت هذا الادعاء ولكن والكلام للمحافظ اذا تبين أي زيادات فإننا سنتخذ الاجراءات القانونية لتقنين هذه الزيادات باعتبارها من الحقوق المشروعة للدولة.