كتب: أحمد السماحي يبدو أن إيقاع السرعة والضجيج الذي تعاني منه ساحة الغناء حاليا- علي الأرجح قد أصابها في مقتل خلال السنوات الخمس الأخيرة- قد فرض سطوته علي القديم فطال الذائقة السليمة ووصل إلي حد العبث بذاكرة مصرالغنائية. فقد فوجئ محبو وعشاق غناء الفنانة الكبيرة ورة الجزائرية بطرح ألبومها القديم أغاني فيلم( حكايتي مع الزمن الذي قدمته عام1974) في طبعة جديدة خلال الأيام القليلة الماضية ويتضمن من الأغاني( حكايتي مع الزمن لولا الملامة بكرة ياحبيبي وحشتوني) وحذف منه الموشح الجميل ياعيوني ليه تداري والذي صاغ كلماته الشاعر الغنائي الكبير الراحل( عبد الفتاح مصطفي) برقة وعذوبة تناسب أجواء زمن الطرب الأصيل, وهو من ألحان الموسيقار الكبيرمحمد الموجي الذي ينتمي أيضا لنفس الزمن. والموشح الذي سقط بطريق السهو أو متعمدا لايدري عشاق وردة- هو التجربة الفنية الأولي لها في غناء هذا اللون الكلاسيكي البديع, وظلت من بعده سنوات طويلة لم تخض نفس التجربة إلا في نهاية الثمانينيات مع الشاعر عبد الرحمن الأبنودي والملحن عمار الشريعي في تجربة ثانية ناجحة هي موشح ياليل طول أو لا تطول لابد لي أن أسهرك. المثير للدهشة أن الشركة التي أنتجت الألبوم القديم( كاملا) هي نفسها التي أنتجت الجديد( ناقصا) بعد36 عاما بدون الموشح, والمفارقة الأكثر غرابة أنها هي أيضا الشركة التي طرحت الطبعة الجديدة- في نفس الوقت وبنفس الخطأ- من ألبوم الفنانة الكبيرة نجاة عيون القلب بعد حذف الأغنية الرومانسية العذبة قد العالم حبيتك والتي كتب كلماتها الشاعر الرحل عبد الوهاب محمد وألحان الموسيقار بليغ حمدي. كل ما فات يمكن تقبله لكن الكارثة أن هناك أغنيات لعبدالحليم حافظ طرحت مؤخرا علي سديهات ولكنها ناقصة خاصة الأغاني الوطنية التي طرحت كاملة في الألبومات القديمة. أصابع الاتهام من جانب عشاق عبدالحليم حافظ و وردة ونجاة تشير إلي مسئولية الشركة المنتجة وحدها ولسان حالهم يقول بقدر من الشفقة: ربما كل ذلك بسبب خلل فني من المرجح لم يدركه القائمين عليها, وبالتالي تدق( الإهرام) ناقوس الخطر قبل أن يزحف الإهمال والتسيب والعبث إلي باقي تراثنا القديم والأصيل وتصبح تلك ظاهرة جديدة تواكب عشوائية الأغاني الحالية.