دخل الملوك والملكات وأمراء وأميرات البيت الملكي الفرعوني دائرة الكشف العلمي عن أصولهم وأسمائهم لنعرف من هم.. من خلال المشروع المصري لدراسة المومياوات الملكية باستخدام تقنيات البحث العلمي. متمثلة في تحليل الحمض النووي للمومياوات بعد أن نجحنا في الحصول علي عينات من الحمض النووي الأصلي لمومياوات الفراعنة والتي مات أصحابها منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام.. وكصدي طيب لما نشرناه من المقالات وجدت العديد من القراء يسألون: ما هو المقصود بتحليل الDNA أو الحمض النووي, ويطلبون مزيد من المعلومات عن هذا الموضوع؟ وأنا نفسي قبل سنوات وبالتحديد قبل البدء في المشروع المصري لدراسة المومياوات الملكية كانت معلوماتي محدودة جدا عن الحمض النووي, بل وكنت شخصيا من المعارضين لإجراء مثل هذه التحاليل علي المومياوات المصرية, وذلك لأن العينات التي كانت تؤخذ من المومياوات كانت تذهب الي معامل يجري فيها هذا التحليل علي الآدميين سواء الأحياء أو الأموات. بالإضافة الي إجرائه علي المومياوات. ولذلك كنت أقول أن هذه الدراسات قد تؤدي الي أخطاء بالغة.. بمعني لو كان العالم الذي يقوم بالتحليل ياباني الجنسية وحدث خطأ معملي ما, قد نري النتيجة تشير الي أن المومياء الملكية أصلها ياباني.. كذلك كنت أخاف من عمل الأجانب في المومياوات, لأنه يمكن أن يعلنوا نتائج مقصودة بعينها نتيجة وجود شخص أو هيئة ما تريد أن تثبت ما ليس بحقيقة, ونكون في ذلك الوقت عرضة أن نواجه حملات تنسب حضارتنا المصرية القديمة لشعوب وأجناس معينة, والخطورة هنا أن يأتي هذا بدعوة اكتشافات علمية لا يمكن التشكيك فيها! وعندما قررنا أن نبدأ المشروع المصري لدراسة المومياوات الملكية وجدت أن هناك علماء مصريين علي أعلي مستوي في استخدام تقنية الDNA يعملون بالمركز القومي للبحوث وجهات علمية أخري, كذلك هناك علماء متخصصين في الأشعة المقطعية بكلية الطب جامعة القاهرة, واستطعنا أن نعقد اتفاقا مع علماء من ألمانيا وايطاليا في التخصصين السابقين لمراجعة نتائج العلماء المصريين لتكون هناك شرعية وصدق لأعمالنا في الخارج. علي أي حال لقد بدأنا دراسة مومياء الملك توت عنخ آمون بالأشعة المقطعية, ووجدنا أن الملك مات وعمره تسعة عشر عاما, ولم يضرب ببلطة علي رأسه كما أشيع من خلال الصحف والكتب والأفلام, ووجدنا أن الفتحة الموجودة في الرأس ليست من آثار بلطة أو سهم, لكنها حدثت أثناء إجراء التحنيط لمومياء الملك, ونفس أثار هذه الفتحة وجدت في مومياء الملك حمس الأول المعروضة حاليا بمتحف الأقصر. وكان المشروع الثاني يخص الكشف عن مومياء الملكة حتشبسوت, حيث عثرنا بالمصادفة البحتة علي ضرس داخل صندوق الأحشاء الخاص بالملكة والذي عثر عليه داخل خبيئة المومياوات بالدير البحري المكتشفة عام1881, ويوجد هذا الصندوق في المتحف المصري بالقاهرة ومسجل عليه اسم وألقاب الملكة حتشبسوت, وكانت المفاجأة عندما عثر الدكتور أشرف سليم من كلية طب الأسنان جامعة القاهرة أثناء فحصه للمومياوات المرشحة لكون إحداها مومياء الملكة حتشبسوت أن المومياء التي عثر عليها هيوارد كارتر عام1903 داخل المقبرة رقم60 بوادي الملوك, وأعتقد أنها مومياء مرضعة الملكة حتشبسوت هي نفسها مومياء الملكة حتشبسوت, ووجدنا مكان الضرس الذي عثر عليها داخل صندوق الأحشاء بفم الملكة.. وعرفنا أن حتشبسوت ماتت في عمر يناهز ال50 عاما, وأن أسنانها كانت في حالة سيئة, وكانت الملكة تعاني من مرض السكر وماتت بعد اصابتها بالسرطان. وبلاشك فإن هذه المعلومات قد تغير تاريخ الملكة حتشبسوت حيث تؤكد أن الملك تحتمس الثالث لم يقتلها كما أعتقد العديد من العلماء, بل وأنه أيضا لم يدمر أثارها حيث حدث هذا التدمير في آخر أيامه وأوائل عهد ابنه الملك أمنحتب الثاني من خلال المصريين الذين لم يرضوا أن تحكم امرأة مصر, لأن الدين والحكم الإلهي المقدس يشير الي ضرورة أن يكون خليفة الإله علي مصر ملكا ذكرا وليس أنثي. ولضرورة التأكيد علي النتائج المستخلصة من خلال الفحص باستخدام الأشعة المقطعية قمنا بعمل تحليل الDNA لمومياء الملكة أحمس نفرتاري وهي جدة الملكة حتشبسوت ووضح التوافق بينهما.. والمفاجأة كانت عدم وجود توافق بين الملكة حتشبسوت وبين المومياء التي نسبت الي الملك تحتمس الأول المفروض أنها مومياء أبي الملكة حتشبسوت. وأكد عدم التوافق أن هذه المومياء ليست مومياء تحتمس الأول وذلك بناء علي دراسة قمنا بها أكدت أن هذه المومياء لشخص مات في سن الثلاثين, بينما تحتمس الأول مات بعد أن بلغ الخمسين عاما.. ووجدنا أيضا أن اليدين ليسا في الوضع الملكي مثل باقي مومياوات ملوك الدولة الحديثة, وتم الكشف عن وجود سهم داخل منطقة القفص الصدري الأمر الذي يؤكد أن هذا الرجل قد مات أثناء إحدي المعارك الحربية.. وبناء علي ذلك تكون المومياء الموجودة بالمتحف المصري ليست مومياء الملك تحتمس الأول, بل هي مومياء قائد عسكري علينا معرفة اسمه والكشف عن حياته. وقد شرح لي الفريق العلمي لدراسة الحمض النووي أن عملية استخراج الDNA من المومياوات وهي عملية شاقة للغاية, تتم باستخدام تقنيات جديدة غير مألوفة تتوافق وطبيعة المومياوات, وقد أخذت عينات الحمض النووي من العظام عن طريق وضع العينات في سلسلة من المحاليل الكيميائية مصممة لاستخلاص كافة العناصر الغريبة التي يمكن أن تعيق عملية التحليل.. وبمجرد انفصال الحمض النووي عن بقية عناصر العينة فإنه يتم عمل نسخ من الجزيئات من خلال استخدام تقنية بيولوجيا الجزيئات المطورة خصيصا لشظايا الحمض النووي. وكانت المادة الأساسية لتحليل الحمض النووي هي0.1% من السلسلة الكرموزمية التي تميز شخصا عن الآخر. وكما ذكر الدكتور يحيي جاد فإنه من خلال نسبة0.1% يوجد عدد من التسلسلات القصيرة التي يمكن تكرارها30 40 مرة للصف الواحد مكونة تسلسلات ذات أطوال مختلفة. وتلك التسلسلات تسمي التكرارات المتراصة ذات الأعمدة المتغيرةVNTR. وهناك عدد من تلك التسلسلات المتغيرة قد تم التعرف عليها ولكل منها مكان أو موضع مختلف بطول الكروموزمات.. وكان أكثر شخصين متقاربين هما اللذان تتعامل الVNTR الخاصة بهما, وتلك التسلسلات يتم العثور عليها وقراءتها بواسطة آلة تسمي تتابع الحمض النوويDNASequence. وقد قام العلماء بدراسة نوعين وثلاثة أنواع من الحمض النووي.. الحمض النووي المستخرج من نوايا الخلايا, والحمض النووي المستخرج من الكروموزمY, والحمض النووي المستخرج من الميتوكوندريا وهو حمض نووي خاص بتحديد نسب الأم علي الطفل مباشرة. وقد حدد بعض العلماء أن الحمض النووي المستمد من الأم والأخر المستمد من الأب والثالث المعروف ببصمة الأصبع الجينية من الحمض النووي والذي يحتوي علي مادة من نسب الأب والأم, وقد أجري العلماء كل تحليل بنحو30 مرة واعتمدوا فقط النتيجة التي تكررت أكثر من80%. وكانت النتائج مذهلة وأكثر مما كنا نتوقع وعرفنا أن البصمة الجينية والتي تعد أصعب أنواع التحاليل كانت أكثر نجاحا بين عمليات التحليل كما كانت التحاليل الأساسية التي اعتمدت عليها نتائجها وكانت المعايير التي تعتمد عليها المباحث الفيدرالية الأمريكية هي أن يربط تسلسلVNTR نحو8 10 مواضع من التسلسل وذلك لتقديم أدلة قوية عن نسب الأبوة أو الأمومة. وأود أن أعلن أن نتائجها قد وصلت الي تلك المعايير العالمية..وهناك ضوء جديد قد سلط علي تحديد المومياوات غير المعروفة من قبل التي قمنا بفحصها ولدينا حاليا معلومات جديدة أضفناها في ظل فهمنا لعائلة الملك توت عنخ آمون والشخصيات الأساسية لعالم العمارنة وما بعد العمارنة.