جاء قيام الرئيس مبارك بإطلاق خدمة تسجيل النطاقات وأسماء المواقع الإلكترونية باللغة العربية على شبكة الإنترنت على نطاق "دوت مصر" لتصبح مصر صاحبة المبادرة الأولى لاستخدام اللغة العربية بشكل كامل عند التعامل مع الإنترنت بعيداً عن استخدام أى لغة أخرى. وهذا يؤدى إلى سهولة التعامل مع شبكة المعلومات الدولية وإقرار التعامل الرسمى للغة العربية، وحول أهمية النطاقات العربية ومعناها وتأثيرها علي التقدم التكنولوجي والثقافي والمجتمعي تحدث معنا مجموعة من الخبراء في هذا التحقيق في البداية أكد الدكتور محمود أبوقريش أمين عام الجمعية العلمية المصرية لمهندسي الاتصالات أن اطلاق نطاقات باللغة العربية علي شبكة الإنترنت خطوة مهمة جدا لابد أن يستتبعها خطوات أخري مثل ضرورة تحقيق نوع من القدرة علي التواصل داخليا بين المستخدمين وكذلك تحقيق التواصل الداخلي بين الحاسبات الخادمة المخصصة للبريد الالكتروني داخل البلاد, كما أن هذه النطاقات تتيح فرصة هائلة لتطوير المحتوي الالكتروني الوطني, وانشاء المواقع لأغراض الأعمال بدلا من انشائها علي حاسبات مضافة للمواقع بالشبكة خارج البنية الأساسية للإنترنت في مصر. وكذلك فإنها تصب في تطوير البنية الأساسية بالارتباط بتطوير المحتوي, فالملاحظ أن بناء مجتمع الإنترنت يشبه في بعض الجوانب المجتمع العمراني حيث يوجد فرق بين النمو العشوائي للعمران واقامة مجتمع عمراني يتم تأسيسه طبقا لتخطيط مسبق وينمو طبقا لهذا التخطيط بحيث من يقوم بانشاء بناية جديدة لابد أن تكون بشروط معينة ونفس الحال ينطبق علي مجتمع الإنترنت, حيث لابد من التزام الشركات بأن تترابط مواقعها بروابط مباشرة داخليا طبقا لمقومات مجتمع إنترنت مخطط تكون له حساباته وخططه الجاهزة لمواجهة الأزمات وهو ما يتوافر من خلال اطلاق النطاقات العربية. وأشار إلي أن الفرصة أصبحت كبيرة لإزالة عائق مهم أمام انتشار الإنترنت في الدول العربية وهو اللغة حيث أن نسبة الأمية مرتفعة في الدول العربية بشكل عام ويكفي أنها تحديدا في مصر تصل إلي أكثر من30% من الشعب المصري وبالتالي فإن هؤلاء لا يستطيعون مطلقا التعامل مع اللغة الإنجليزية ولكن يمكنهم التعامل مع الإنترنت العربي بجهد بسيط لمحو أميتهم استقلال تقني من جهته أكد الدكتور محمد العدوي أستاذ ورئيس قسم الحاسبات بهندسة حلوان أن النطاقات العربية للإنترنت تجعلنا غير مضطرين للبحث عن جوجول أو أي محرك بحثي آخر بل يكون البحث باللغة العربية مباشرة وهو ما ييسر الأمر كثيرا خصوصا بالنسبة لعامة الشعب أو الذين لم يحصلوا علي قسط وافر من التعليم, وبالتالي فإن الدخول علي جوجول أو ياهوو سيكون صعبا بالنسبة لهم بينما تتوافر مواقع باللغة العربية ستجعل الشخص قليل التعليم يستطيع التعامل مع الإنترنت بسهولة كما أن النطاقات العربية تتيح لأي شخص انشاء موقع أو عنوان باللغة العربية لأي شخص بدون استخدام اللغة الإنجليزية علي عكس ما يحدث الآن من يرد انشاء موقع فلابد ان يستخدم اللغة الإنجليزية ويكون مضطرا لكتابة الموقع باللغة العربية ولكن بحروف لاتينية أما في النطاقات العربية فإننا نتعامل مع النت كعرب بلغتنا العربية وذلك سيؤدي إلي توسيع الآفاق بالنسبة لمستخدمي النت العرب بما يساعد علي نشر اللغة العربية وبالتالي مكافحة مسخ اللغة العربية الذي ينتشر في الإعلانات التي تملأ حياتنا سواء في وسائل الإعلام أو في الميادين والشوارع. وعن المحتوي أشار د.العدوي إلي انه يعتمد علي ما يتوافر عندنا من العلم ولابد أن نعترف بأننا لسنا في المقدمة ولكن لدينا من العلم ما يستحق أن ننشره, وكذلك لدينا من الموروث الحضاري والإمكانات السياحية العالية ما يتطلب نشره وتسويقه وترويجه وتعريف العالم به. وعن مدي توافر مقومات نجاح المشروع وتعاون الدول العربية لتحقيق النجاح المطلوب قال اتمني تعاون الدول العربية لفتح نطاقات عربية جديدة بما يفتح أبوابا جديدة للتقدم والرقي. وأشار إلي اننا نحن العرب قد خدعنا كثيرا عندما اقتنعنا بمقولة أنه لن يكون لنا مستقبل إلا إذا استخدمنا اللغة الإنجليزية فهذه القناعة أخرتنا كثيرا, لن يحدث التقدم المنشود إلا إذا كانت العلوم باللغة العربية مع العلم أن كل العلوم في الماضي البعيد كانت تصدر باللغة العربية وكان الاجانب يقومون بترجمتها إلي اللغات اللاتينية ويصدرونها لنا مرة أخري باللغة الجديدة ليصبح واجبا علينا أن نتعلمها ونترجمها للغتنا وقال إن الجامعات اليابانية والصينية والكورية يكون التعليم فيها بلغتهم واللغة الثانية وهي الإنجليزية لا يبدأ الطالب تعليمها إلا بعد الإعدادية ونحن لسنا ضد تعليم اللغة الإنجليزية ولكن أن يتم ذلك في ظل استخدام اللغة العربية لأن ذلك سيحافظ علي الهوية ويحافظ علي لغتنا العربية والتي لولا القرآن الكريم لاندثرت منذ فترة بعيدة. من جانبه أكد الدكتور محمود الحديدي عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية لمهندسي الاتصالات أن النطاق هو الاسم الذي يناظر العنوان مثل( جوجول) أي ان كل ما تغير هو اللافتة( اليافتة) التي نقوم بتعليقها أول الشارع فبدلا من أن تكتب باللغة الإنجليزية فانها ستكتب باللغة العربية مشيرا إلي أنه لا يري أن هذا التغيير سيضيف جديدا أو سيحقق فائدة معينة لأننا نستخدم اللغة العربية الآن خلال تعاملنا مع الإنترنت كما أن النطاقات الأجنبية الموجودة توجد بها كمية معلومات غير محدودة نستطيع من خلالها الوصول إلي أي معلومة نحتاجها ولذلك فلابد أن تدعم النطاقات العربية بوسائل جذب للمستخدمين مثل اختراع علوم حديثة واكتشاف حلول جديدة للمشكلات العلمية الموجودة وكذلك تقدم المجتمع في كل المجالات أما الدكتور سيد مصطفي أستاذ معالجة الاشارات والدوائر الالكترونية بهندسة حلوان فقد اشار إلي انه كلما كانت الدراسة والعلوم المختلفة باللغة الأم برزت المواهب وتفجرت الطاقات فإذا قسنا نسبة الذكاء نجد أنها في اللغة الأم أعلي كثيرا من اللغات الأخري ولذلك فان تدشين نطاقات الكترونية باللغة العربية علي شبكة الإنترنت عمل رائع سيؤدي إلي تقدم العلم وتطوير المجتمع وهو اتجاه محمود نتمني أن ينجح خاصة ان التعامل معه سيكون أكثر سهولة ويكفي أن نقول أن اللغة العربية تأخذ أقل حجم في ذاكرة الكمبيوتر فهي تعتبر أغني لغة مع أقل استخدام للذاكرة. وأضاف أنه في احدي التجارب نجح أحد طلبة كلية الهندسة في تصميم برنامج باللغة العربية وقام بإدخاله وتشغيله علي جهاز الكمبيوتر وجاءت النتائج باللغة العربية وهو ما يؤكد سهولة استخدام العربية بالكامل في مجال الكمبيوتر والإنترنت, ويبشر بنجاح التجربة إذا ما اجتهدنا وتحمسنا لتنفيذها. من جانبه أكد الدكتور سراج الدين حبيب الأستاذ بهندسة القاهرة أنه عند الحديث عن النطاقات العربية علي شبكة الإنترنت فلابد أن نجيب عن مجموعة من التساؤلات منها هل هناك ضرورة لاستعمال اللغة العربية لتسمية النطاقات أم لا؟ وهل إذات ظهرت هذه الإمكانية سنستفيد بها؟ وهل الدول العربية لديها الطموح لنظر هذه النطاقات وزيادة استخدامها؟ وأخيرا هل سيستخدمها الناس بشكل أوسع؟ والإجابة إنه بالتأكيد توجد ضرورة لاستخدام الإنترنت باللغة العربية وذلك لسهولة التعامل معه وأيضا للحفاظ علي اللغة العربية, صحيح أنه يوجد الآن إنترنت باللغة العربية ولكنه يشبه امتلاكنا لكتاب عنوانه وبعض صفحاته باللغة الإنجليزية وباقي صفحاته باللغة العربية أي أنه مقسم إلي لغتين بما يعيق استخدامه وسهولة التعامل معه للكثير من الناس الذين لا يجيدون الإنجليزية كما أن وجود بعض النطاقات باللغة الإنجليزية يخلق جوا من عدم التقدير والاحترام للغة العربية علي العكس فان كتابة الأسماء باللغة العربية يحمل نوعا من الاعتزاز والحفاظ علي التراث واللغة والقومية والهوية أيضا. ويتساءل د.حبيب: لماذا نري أنفسنا دائما في صورة دونية, ولماذا نرضي بان تكون لغتنا الأم هي اللغة الثانية وأن ابناءنا لابد أن يتعلموا اللغة الإنجليزية في حين أن أبناء المجتمعات الأخري ليس لهم أدني اهتمام باللغة العربية منوها إلي أننا تأخرنا كثيرا في هذه الخطوة وأشار إلي أنه لكي نستفيد من هذه الإمكانية أو الخدمة لابد أن نبدأ تعليم الكمبيوتر من المرحلة الابتدائية وذلك بان تقوم وزارة التربية والتعليم بإلزام المدارس بتعليم الكمبيوتر باللغة العربية في تلك المرحلة وذلك لينشأ أطفالنا علي استخدام اللغة العربية التي أصبحت مهددة بالانقراض لأنه في ظل وجود اسماء النطاقات وتصفح المواقع باللغة الإنجليزية فإن ذلك ينشر الإنجليزية ويجعلها أكثر وأيسر استخداما علي العكس من ذلك اللغة العربية فإن استخدامها في مجال الكمبيوتر يكون صعبا للكثير منا لأننا لم نعتد استخدامها وقال إن غالبية الجامعات تشترط للتخرج الحصول علي شهادةICDL ولا تشترط ضرورة استخدام المواقع باللغة العربية ولذلك تجد كثيرا من الطلبة غير قادرين علي كتابة اسمائهم والتعامل مع الحاسب الآلي باللغة العربية موضحا أن المشكلة الكبري هي عدم قدرة الكثيرين علي التواصل باللغة العربية وليس لعدم قدرتهم علي التواصل باللغة الإنجليزية. وكشف د.حبيب ان اليونسكو رشحت اللغة العربية للاندثار لأن استخدامها علي الكمبيوتر في تراجع, وهذا ناتج من تقصيرنا التعليمي في المدارس الابتدائية وهو ما يقلل من قوة الدول العربية لأن اللغة هي عنوان وترمومتر للقوة والتفوق فإذا كان ما يهم العرب هو الاستهلاك المادي فقط فانه من الطبيعي أن يقل إنتاجنا العلمي والأدبي عن إنتاج بعض الدول الأوروبية الصغيرة وذلك امركارثي موضحا أن الكثير من أصحاب اللغات الأخري قاموا بعمل نطاقات علي الإنترنت بلغاتهم مثل الألمان والفرنسيين والاسبان والصينيين والهنود إلي أن تذكرنا هذا الأمر أخيرا وأدخلنا اللغة العربية إلي هذا الفضاء الواسع. وعن مدي استخدام الناس لهذه النطاقات بشكل واسع قال إن ذلك سيرجع إلي قوة المحتوي ومدي استفادة الناس منه وهو ما يتطلب تعاون الدول العربية لإنتاج محتوي قوي ينافس النطاقات الأخري مشيرا إلي أن صفحة اللغة العربية الموجودة بموقع الويكيبديا( الموسوعة الالكترونية الحرة) مركونة بشكل لا يعبر عن قيمتها ومستواها وهذا يعود في الأساس إلي ضعف النشاط العلمي والأدبي والثقافي للعرب. من جانبها أكدت الدكتورة هادية الحناوي عميدة كلية الهندسة جامعة عين شمس ان النطاقات العربية للإنترنت ستؤدي قطعا إلي نشر اللغة العربية وكذلك زيادة الاهتمام والتطور بالتكنولوجيا والعلوم بشكل عام, لأن الجميع سيشارك وستكون له فرصة في التواصل والحصول علي المعلومات ومعرفة الجديد حيث سيكون بإمكان أي شخص انشاء بريد الكتروني أو موقع باللغة العربية وهو ما سييسر استخدام الإنترنت للكثيرين كما ان هذه النطاقات ستجعل اللغة العربية من اللغات الرسمية الموجودة علي شبكة المعلومات الالكترونية وهو مايعطي قوة ووزنا للأمة العربية واشارت إلي أن هذه النطاقات ستكون متاحة للجميع مثل النطاقات اللاتينية التي تستخدمها الآن.