وزير المالية للمواطنين: عايزين نعدي المرحلة الصعبة ونخرج من عنق الزجاجة (فيديو)    دبلوماسى سابق: زيارة الرئيس السيسى إلى بكين تظهر مكانة العلاقات المصرية الصينية    ماكرون يستقبل بايدن في زيارة دولة لفرنسا يونيو القادم    مدرب ليفربول الجديد يحدد أول صفقة    نقابة المهندسين بالإسكندرية تُسلم 276 تأشيرة للفائزين بقرعة الحج وتعقد ندوة لشرح المناسك    أخبار مصر اليوم: نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بالقاهرة.. إغلاق الزيارة بالمتحف المصري الكبير 10 أيام.. وموجة حارة تضرب البلاد    السكة الحديد: إيقاف بعض القطارات غدا الجمعة    أول صور من حفل زفاف ياسمين رئيس بالقلعة    جيش الاحتلال: سلاح الجو قصف مبنيين عسكريين لحزب الله جنوبى لبنان    تشعر بالاكتئاب دائمًا؟- قد تكون من مواليد هذه الأبراج    5 نصائح من هيئة الدواء لمرضى التصلب المتعدد    أستاذ اقتصاديات صحة: أزمة نقص الأدوية ستحل حينما يتم موازنة سعر الدواء    «أزهر مطروح» يعلن نتائج المرحلة الثانية لمسابقة الأزهري الصغير    وفاة ضحية ثانية.. حكم جديد من جنايات الإسكندرية ضد "طبيب العامرية"| تفاصيل    نتنياهو يعرب عن خيبة أمله من إعلان إدارة بايدن عدم دعم معاقبة الجنائية الدولية    القمح الليلة ليلة عيده.. "تعزيز الأعمال الزراعية" يحتفي بنجاحه في أسيوط    نجم مانشستر سيتي يسهل عملية رحيله إلى برشلونة    القاهرة الإخبارية.. هنا عاصمة الخبر والتميز العربي    فردوس عبد الحميد: والدي كان معارض على دخولي التمثيل وتوقع فشلي    رئيس جامعة أسيوط يستقبل مساعد وزير قطاع الأعمال العام لبحث سبل التعاون المشترك    أسعار تذاكر قطارات النوم.. في عيد الأضحى 2024    رسميا.. تحديد موعد عيد الأضحى 2024 في مصر والسعودية في هذا التوقيت    من يشعل النار في أوروبا؟.. حرائق ضخمة وأعمال تخريب تجتاح القارة العجوز    رد فعل مفاجئ من زوجة رمضان صبحي بعد أزمته الأخيرة.. ماذا فعلت؟    رئيس هيئة الدواء: نساند «سلامة الغذاء» لتوفير منتجات صحية آمنة    احتفالًا باليوم العالمي.. نقيب التمريض تشارك فى مؤتمر علمي بجامعة بدر    محلل سياسي: الصين تتفق مع مصر في ضرورة الضغط لإنهاء حرب غزة    بريطانيا: نشعر بقلق من مقترحات إسرائيل بفرض قيود على أموال الفلسطينيين    رئيس جامعة كفر الشيخ يترأس لجنة اختيار عميد «طب الفم والأسنان»    رفع 61 حالة إشغال بالسوق السياحي في أسوان (تفاصيل)    «السياحة» توافق على مقترح إقامة قاعة جديدة للتحنيط في متحف الحضارة    هل يجوز الجمع بين العقيقة والأضحية؟.. الإفتاء تحسم الجدل    «بيت الزكاة والصدقات»: صرف 500 جنيه إضافية مع الإعانة الشهرية لمستحقي الدعم الشهري لشهر يونيو    «عيوب الأضحية».. الأزهر للفتوى يوضح علامات يجب خلو الأضاحي منها    للعاملين بالخارج.. 5 مميزات لخدمة الحوالات الفورية من البنك الأهلي    رياض محرز يرد على استبعاده من قائمة الجزائر في تصفيات كأس العالم 2026    الصحة: تقدم 4 آلاف خدمة طبية مجانية في مجال طب نفس المسنين    مطروح: توقيع بروتوكول تعاون مع المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية    مصدر مقرب من حسين الشحات يكشف ل في الجول خطوة اللاعب بعد حُكم الشيبي    "مفيش ممنوع".. لطيفة تكشف تفاصيل أول 4 كليبات بنظام الذكاء الاصطناعي Ai بالعالم العربي    فيلم بنقدر ظروفك يحقق أقل إيراد يومي.. هل خسر أحمد الفيشاوي جماهيره؟    اهتمام متزايد بموعد إجازة عيد الأضحى 2024 على محرك جوجل    "هقول كلام هيزعل".. شوبير يفجر مفاجأة عن رحيل حارس الأهلي    وضع حجر أساس إنشاء مبنى جديد لهيئة قضايا الدولة ببنها    الحبس عام لنجم مسلسل «حضرة المتهم أبيّ» بتهمة تعاطي المخدرات    «التضامن»: طفرة غير مسبوقة في دعم ورعاية ذوي الإعاقة نتيجة للإرادة السياسية الداعمة (تفاصيل)    ما حكم صيام العشر الأوائل من شهر ذى الحجة؟ دار الافتاء تجيب    سول: كوريا الشمالية أطلقت نحو 10 صواريخ باليستية قصيرة المدى    منتخب كولومبيا يبدأ الاستعداد لكوبا أمريكا ب10 لاعبين    فرق الدفاع المدنى الفلسطينى تكافح للسيطرة على حريق كبير فى البيرة بالضفة الغربية    الدفاع المدني بغزة: الاحتلال دمر مئات المنازل في مخيم جباليا شمال القطاع    مع بداية امتحانات الدبلومات.. عقوبات الغش تصل للحبس    الأونروا يدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لبحث الهجمات الإسرائيلية على موظفي الوكالة    رئيس هيئة الرعاية الصحية يجري جولة تفقدية داخل مدينة الدواء.. صور    الصحة: القوافل الطبية قدمت خدماتها العلاجية ل 145 ألف مواطن بالمحافظات خلال شهر    هل يعود علي معلول قبل مباراة السوبر؟.. تطورات إصابته وتجديد عقده مع الأهلي    نقابة الأطباء البيطريين: لا مساس بإعانات الأعضاء    الإفتاء توضح حكم التأخر في توزيع التركة بخلاف رغبة بعض الورثة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة الخطر‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 06 - 2010

إذا كان فيلم بنتين من مصر قد تسلل إلي حياة حنان وداليا‏,‏ وقدم لنا عالم العوانس‏,‏ بكل ما فيه من أحلام وإحباطات‏,‏ رغبة وكبت‏,‏ وفرح وتعاسة‏,‏ فأتصور أن عالم العوانس أكثر تعقيدا في الواقع من الصور الملونة علي الشاشة الفضية‏.. لأن الفيلم قفز إلي قضايا كثيرة متشابكة‏,‏ كما لو أنه أخذ شريحة عريضة من المجتمع وراح يفسر لنا كل مشكلاته وأزماته‏,‏ ومنها العنوسة‏!‏
فالعنوسة ليست حنان وداليا‏,‏ ولا أستاذة الجامعة العانس التي انتحرت قبل أيام‏,‏ هن مجرد نماذج ل‏50%‏ من المصريين في سن الزواج‏,‏ ما بين سن الثامنة عشرة والخامسة والثلاثين‏,‏ وعدد المصريين في هذه السن يقدر بنحو عشرين مليون نسمة‏,‏ أي ما يقرب من عشرة ملايين إنسان يعانون من الوحدة‏,‏ ومحرومون من الانتماء الجميل إلي الجنس الآخر‏,‏ يمضون لياليهم في فراغ عاطفي‏,‏ لا تلهث قلوبهم من الشوق واللهفة والترقب‏,‏ لا تورق في صدورهم أوراق الحب الخضراء‏,‏ لا يلقون رؤوسهم علي الوسادة الخالية‏,‏ لا يسهرون سواد الليل‏,‏ ولا يتبادلون الرسائل علي شعاع القمر‏.‏
والإنسان الذي لا يحب كالصحراء الجرداء‏,‏ تهجرها العصافير وتسكنها الجوارح‏,‏ يخاصمها المطر وتتكاثر فيها الزواحف‏.‏
وممارسة الحب ليست مجرد تفريغ طاقة بقدر ما هي تعبير عن التوحد وخصوبة الحياة‏..‏
وقد تفسر لنا أزمة العنوسة سببا من أسباب ميلنا إلي التعصب والعنف وبعدنا عن التسامح والرحمة‏.‏
فكيف يتمتع مجتمع بالصحة النفسية وبه مايزيد علي‏6‏ ملايين امرأة وحيدة وأكثر من‏5‏ ملايين عازب حسب الاحصائيات الرسمية؟‏!‏
وبقدر ما تزيل هذه الاحصائية ورقة التوت عن نظامنا العام وفشله في الوفاء بأبسط حقوق الإنسان‏,‏ فهي تضع أيدينا علي بعض الظواهر التي يمكن رصدها بسهولة‏.‏
أولا‏:‏ إن العوانس من النساء يزيد عددهن علي العوانس من الرجال بأكثر من مليون نسمة‏,‏ أي أن النساء يدفعن ثمنا نفسيا وجسديا واجتماعيا أكبر للأزمة الاقتصادية الضارية التي أخرت سن الزواج إلي ما بعد الخامسة والثلاثين‏,‏ وهذه إحدي سمات المجتمعات عندما يعتريها الضعف والوهن‏,‏ فتضغط علي مفاصلها الضعيفة كالمرأة والأقليات‏.‏
ثانيا‏:‏ عدد غير قليل من هؤلاء الفتيات لم يجدن العريس المناسب‏,‏ بعضهن جميلات ومستورات ماليا‏,‏ وتكاد تكثر الشكوي الآن من غياب أو ندرة هذا المناسب‏,‏ خاصة للفتيات المتميزات ثقافيا وعقليا ونفسيا‏,‏ فالرجل الشرقي مازال مترددا وخائفا من الاقتراب من المرأة ذات الشخصية القوية‏,‏ لا أقصد المتسلطة أو العنيفة‏,‏ ويهرب إلي النساء ضعيفات الإرادة‏,‏ المؤمنات بالطاعة العمياء‏,‏ القانعات بسلوك الجواري‏,‏ وإذا سألت شابا‏:‏ لماذا؟‏!‏ يرد عليك دون تفكير‏:‏ ياعم هو أنا ناقص وجع دماغ‏!‏
وأعرف ابنة رجل أعمال شهير ذات جمال وثقافة وعلم تدير جزءا مهما من أعمال والدها حول العالم وتضارب في البورصات الكبري بنجاح مذهل وتقترب من الثالثة والثلاثين دون زواج‏..‏ فكل العرسان الأثرياء الذين تقدموا لها إما لا يتحملون عقلها وشخصيتها فيهربون أو تافهون ترفضهم من أول لقاء‏.‏
ثالثا‏:‏ من المؤكد أن عددا من هؤلاء الإناث في سن الزواج‏,‏ ولم يعثرن علي ابن الحلال بعد‏,‏ قد حللن مشكلاتهن سواء بالزواج العرفي‏,‏ أو الزواج السري من رجال كبار السن لديهم قدرات مالية مريحة‏,‏ أو بالانحراف‏,‏ وهنا لا يمكن إغفال الطب النفسي‏,‏ وفي دراسة أجراها طبيب علي عدد من مريضاته العانسات‏,‏ إذا جاز هذا التعبير البغيض‏,‏ وجد أن الفتاة تكبت غريزتها الطبيعية وتحاول تطويعها في انشغالات كثيرة في فترة المراهقة‏,‏ وحين تكبر وتلح عليها الطبيعة‏,‏ فهي أمام موقفين‏..‏ إذا كانت ناجحة في عملها فهو يمتص طاقاتها إلي حد كبير ويساعدها علي تجاهل الإلحاح‏,‏ أما إذا كانت متوسطة النجاح ولديها وقت فراغ أطول فهي مضطرة إلي بذل جهد أكبر في غلق باب الغريزة بالضبة والمفتاح‏,‏ وثمنه توترات عالية وعصبية وفقدان شهية للطعام أو افراط في الطعام واضطرابات في النوم سواء بكثرة النوم أو الأرق‏,‏ وبالتدريج تفتقد البهجة في الحياة وتكتئب أو تتشدد في الدين باعتباره حبل الانقاذ لها من مغريات الدنيا وفتنتها‏,‏ فتلقي بالحياة خلف ظهرها في انتظار الجزاء في الآخرة حيث النعيم المقيم والمتع التي بلا حدود‏.‏ أما اللاتي يفشلن في غلق الباب جيدا لأسباب تتعلق بالضعف الانساني فيمكن أن ينجرفن إلي علاقات عابرة أو تفريغ الطاقة دون رجال حتي لا يحدث صدام مع التقاليد‏!‏
هذا عن النساء‏..‏ فماذا يفعل أكثر من‏5‏ ملايين شاب غير قادرين علي الزواج لأسباب كثيرة‏..‏؟‏!‏
الاختيارات محدودة للغاية ما بين الانحراف والتدين‏.‏
الانحراف‏..‏ طريقه مكلف وغير مضمون العواقب‏.‏
التدين الشديد طريق أسهل مأمون العواقب‏,‏ ومن هنا تخرج فتاوي‏..‏ بنطلون المرأة حرام‏,‏ الوجه والكفان عورة وعمل المرأة خروج علي الملة والنقاب هو الحل‏..‏ فهؤلاء الشباب في حاجة فعلا إلي التخلص من كل ما يذكرهم بالمرأة والغريزة‏,‏ وهم لا يستطيعون ذلك إلا باسترداد حالة التراجع العقلي التي كانت عليها الأمة أيام العثمانيين‏,‏ وشيوخ التفسير ودعاة الفضائيات جاهزون بكل ما يسجن المرأة خلف الجدران أو خلف الثياب‏,‏ المهم أن يختفي الإغراء والغواية المتمثلة في الأنثي‏.‏
نعم لدينا خمسة ملايين قنبلة موقوتة تمشي في شوارعنا‏,‏ تتحرك بيننا‏,‏ وقد يكرهنا هؤلاء الشباب العاطل عن الحياة‏,‏ ومن حقهم أن يلقوا بحجر المسئولية في وجوهنا أو يفكروا في الثأر منا‏..‏ هل لديكم تفسير آخر لظاهرة التحرش الجنسي في مجتمعنا؟‏!‏ ونحن رقم واحد علي العالم في هذا السلوك المشين السافل‏.‏
يبدو أننا أصبحنا قادرين علي صناعة الانحراف‏,‏ والخطر أكثر من قدرتنا علي صناعة التنمية‏..‏
المزيد من مقالات نبيل عمر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.